الأحد، 7 أبريل 2013

إلى رويدة مروة

بعد التحية والسلام 
أريد أن أحدثك رغم متاريس الخلاف ، واحتفاظ بعضنا في حق الدفاع عما يراه صائبا ، ورغم هذا لا يجب أن نهدم بالمعاول ما يمكنه أن يساهم في بناء الثقة ، وكشف النقاب عن الحقيقة حتى تزول الغشاوة عمن ضلوا أو ضللوا بفعل أو بأخر .
أريد أن أحدثك من مخيمات اللجوء ، حيث عرق المنفى وقساوة الطبيعة ، من هنا حيث يتواجد أناس طيبون ، معجونون من البساطة والتواضع ، ويراودهم الحلم في العودة إلى وطن ممزق بفعل الاحتلال المغربي وحصاره.
أخاطبك لأنك من لبنان ، البلد المتفتح والمثقف ، بلد الحرية والتعايش ،البلد العربي الأول الذي احتضن الشهيد الولي مصطفى السيد ، الشاب الصحراوي الأسمر الحالم بوطن صحراوي مستقل ، ففتحتم له الباب كي يعقد مؤتمرا صحفيا للتعريف بقضية شعبه المنهك ، وحدكم من تفهمتهم الصحراوي الثائر ، في حين كانت أجهزة المخابرات العربية تترصده في كل مكان وتوصد الباب دونه تحالفا مع المغرب.
أخاطبك ...ببداوتي العربية ،وعليك أن تعلمي أن الصحراوي حين لا يرد على شخص فتلك مدعاة لاحتقار ذلك الشخص ، وان رد عليه فذلك يعني انه يتوسم فيه الخير ، وقد شاهدت بعينك ذلك الشاب الصحراوي في ملتقى تونس ،وهو يرفض الحديث للمغاربة لإدراكه المسبق ، بمخاطبة أناس مبرمجين على قضية بالخطأ ودرسوا التاريخ بصورة مشوهة ، ويعرف المخزن كيف ينتقيهم بعناية فائقة للمشاركة في هكذا فعاليات .
جميل أن تدافعين عن حقوق الإنسان ، والأجمل أن يكون هذا الدفاع حقيقة لا خيال ، فالكثير من الأمم والأشخاص يقيمون التماثيل لأشياء يفتقدون إليها.
إنني لا أخالك قارئة بليدة للنزاع في الصحراء الغربية ، وما تعرض له الشعب العربي الصحراوي من بطش وقتل وتشريد ، سبب يدعو المهتمين بحقوق الإنسان ، أن يرفعوا أصواتهم للتضامن مع هذا الشعب المنكوب ، فهل تحركت ضد ما يقع للصحراويين من اعتقال ومصادرة للحقوق ودوس للكرامة ؟
هل قرأت ـ وليس بعقلية ويل للمصلين ـ ما يصدر من تقارير عن منظمات دولية يعكس سوداوية الوضع في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية ، أم انك تؤمنين ببعض الكتاب وتكفرين ببعض ؟
هل هزتك مشاهد خوذات العسكر والأمن المغربي ، وهي تسحل عصافير السلم الصحراوية في شوارع العيون المحتلة ؟ هل تحركت فيك مشاعر المرأة ورقتها ، فتثورين ضد اغتصاب المرأة الصحراوية وجرها بملحفتها دون مراعاة لمشاعر الناس وحقوقها ؟
إن الصحراويين مثلي على الأقل ، يتساءلون ماذا فعلوا لرويدة مروة ، كيف تقف ضدهم مثلما ماذا فعلوا لباريس كيف ترفع الفيتو ضد قضيتهم العادلة ؟
ها قد فهمنا أن فرنسا تعاقبنا لأننا وقفنا ضد مشروعها وراء البحار ،لكن ماذا فعلنا لك كي تجوبين المنابر للنيل منا وتشويه نضالنا ؟
شيء واحد قد تعتذرين به ، وهو أن المغاربة ضللوك بالقضية ، وقد ضللوا الكثيرين قبلك ، بالمال وطقوس حسن الضيافة لشراء موقف .
ومع هذا أدرك جيدا انك صديقة للمغرب ، ولكن الصديق في بعض الأحيان يجب مصارحته بالحقيقة ، لاشيء غير الحقيقة ، فمن يعتنق مذهب الدفاع عن حقوق الناس ، يسخر نفسه للذود عنهم ، فمن يراك تدافعين عن " ضحايا " البوليساريو بصوت جهور ، ولا يكاد يجد لك صوتا في الدفاع عن حقوق شعب مسلوب العرض والأرض والكرامة ، يتوصل بسرعة فائقة إلى ضبابية الصورة التي تريدين إظهارها للغير ، انه التناقض بكل تجلياته .
من يشاهدك تلتحفين علم لبنان ،ثائرة ضد الطائفية فيه ، يندهش حين يراك في الصحراء الغربية تعملين على زرع بذور الفتنة بين الصحراويين ، لترجعي بنا إلى ما قبل الإعلان عن الوحدة الوطنية ، فمن يشجعك على هذا السلوك المشين هو لا محالة يدفعك لخوض حرب بالوكالة عنه.
ومن يراك تتقلدين الأوسمة والشهادات في عملك الإنساني ، يصدم وهو يراك تأخذين صورا أمام ملك يجمع العالم على منحه شهادات في القتل والتعذيب ، يتوصل إلى أن حقوق الإنسان عندك مجرد كلمات جوفاء لا قيمة لها .
قد لا نتفق كما يقال ، ولكن على البعض أن يدافع عن حق الأخر في الاختلاف ، قد تكونين معهم ولكن هل حلال عليهم انتهاك حق الإنسان وحرمته ؟
فنحن كلنا عرب ومسلمون ، ومن يحتلنا للأسف عربي مسلم ، وعانينا من صلف العرب وصدهم عنا ، وننام على جراح غائرة ، فان لم تقفي مع الشعب الصحراوي المظلوم فرجاء ـ فقط للشهامة العربية ـ قفي على مسافة من الحياد بيننا وبين من يحتلنا بفعل صاحب أفعال لا ماضغ أقوال .
فالشعب الصحراوي هو صوت يصدح للحقيقة ، أما رجال المخزن فهم غربان ناعقة ، تجرك لمخطط مخزني مشبوه يوشك أن تقعين فيه ولك الخيار بين الصوتين .
والى أن نلتقي في العاصمة العيون حرة مستقلة ، سنصفح عنك ، ولكن هل فكرت ما قيمة الاعتذار أمام حجم عذابات شعب وجراحه؟ ومهما يكن ثقتنا كبيرة في أن تدركي الحقيقة كاملة ، وحينها قد يهدم الإيمان ما شيد الكفر.
والسلام على من اتبع الهدى
بقلم: محمود خطري .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر