الثلاثاء، 31 يوليو 2012

شهادة حية عن واقع السجون والمخابئ السرية المغربية

عبد الله الوالي أحمد لخفاوني من مواليد 1974 بمدينة العيون عاصمة وطننا المحتل
تعرضت للإختفاء القسري والإعتقال التعسفي عدة مرات في المخابئ السرية والسجون العلنية على خلفية قناعتي السياسية ومشاركتي في المظاهرات السلمية المؤيدة لجبهة البوليساريو والمطالبة بإحترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وإحترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.
بداية لايمكن بأي حال من الأحوال للمرء أن يحكي كل تفاصيل أو يصف كل ماتعرض له من تعذيب وإهانة داخل المخابئ السرية والسجون العلنية وأثناء ما يسمى الحراسة النظرية والإستنطاق، وبقدر المستطاع وبكثير من الجهد وبإختصار شديد أروي تفاصيل بعض ما تعرضت له في أماكن تابعة لأجهزة الدولة المغربية لأن ذلك لا يوصف بقدر ماهو يعاش.
الإعتقال الأول:
أعتقلت في إحدى الثكنات العسكرية المغربية المتواجدة بالقرب من جدار العار الذي يقسم الشعب الصحراوي وأرضه إلى جزئين ويمتد على طول 2700 كلم المدجج بملايين الألغام المضادة للأفراد والأسلاك الشائكة، إثر محاولتي الإلتحاق بجبهة البوليساريو رفقة ثلاثة رفاق "الليث الخليل والحسين بيروك والقاضي محمد" دام حوالي أربعة أشهر ونصف تعرضنا خلالها لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، ليتم ترحيلنا بعدها إلى مقر الدرك الحربي بمدينة الداخلة المحتلة قضينا به خمسة عشر يوما ليتم إخلاء سبيلنا دون توجيه لنا أية تهم أو محاكمتنا.
الإعتقال الثاني:تعرضت لعملية إختطاف من شارع السمارة بمدينة العيون المحتلة في واضحة النهار من طرف الأجهزة السرية المخزنية بواسطة سيارة سوداء اللون من نوع *فياط 132* كان على متنها أربعة أشخاص يرتدون الزي المدني وإقتادوني إلى المخبئ السري *البسيسمي* هناك مورس علي كل أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وأبشعها، دام شهرين ونصف وأنا مغيب ومجهول المصير، ليتم إقتيادي إلى محكمة الجور والحرمان بالعيون المحتلة رفقة خمسة أصدقاء "العروسي عبد الله وأعبيليل يحضيه، والبمباري السالك وداهي أحمد والسالك..." بتهم ترويج المخدرات وإهانة موظف دولة وغيرها من التهم الواهية التي عادة ما تحاول الدولة المغربية إستعمالها ضد المواطنين الصحراويين والمناضلين بصفة خاصة، وأصدرت علينا أحكاما قاسية جائرة تراوحت بين سنة ونصف وسنتين قضينا منها شهرين بالسجن لكحل بالعيون ليتم إطلاق سراحنا بفضل الضغوطات والتضامن الدولي. كان ذلك يوم 21 ماي 1996 تزامنا والذكرى الثالثة والعشرون لإندلاع الكفاح المسلح.
الإعتقال الثالث:يوم 25-9-2000 حيث تعرضت لعملية إختطاف من محطة البنزين المتواجدة بشارع مكة بمدينة العيون المحتلة على الساعة الحادية عشر ليلا من طرف أجهزة الدرك الحربي بواسطة سيارة حمراء اللون من نوع *مرسديس 240* كان على متنها خمسة أشخاص يرتدون الزي المدني حيث أقتادوني إلى مخفر الدرك بنفس المدينة تزامن ذلك وتخليدنا الذكرى الأولى لإنتفاضة العيون.
الإعتقال الرابع:على خلفية الهجوم العسكري الغادر والجريمة البشعة التي إرتكبتها القوات المغربية في حق الصحراويين العزل سكان مخيم أكديم إزيك، تعرضت لعملية إختطاف من ضيعة لأحد أبناء عمومتي الواقعة بجماعة فم الواد الشاطئ والتي تبعد عن مدينة العيون بحوالي 20 كلم إلى الغرب، من طرف فرقة خاصة *كوموندو* قادمة من العاصمة المغربية الرباط والمدججة بأحدث الأسلحة الخفيفة، حيث رموني من الطابق الأول قبل أن يقتادوني إلى مكان مجهول هناك مارسوا علي كل وسائل الأذى النفسي والجسدي وأبشعها. يشرف على سير التعذيب والإستنطاق جهاز الإستخبارات المعروف إختصارا ب : *ديستي* علما أنه يتمتع بإستقلالية مطلقة فهو لايقع تحت سيطرة أي من الوزارات في حكومات الإحتلال المغربي وبالتالي يقوم بإرسالك إلى مركز الشرطة أو الدرك لإعطاء صيغة قانونية لكل التهم الملفقة لك كونها هي المعتمدة أمام محاكم الإحتلال وفي حالة رفضت الإدلاء على نفسها التهم أمام الضابطة القضائية يتم إعادتك للتعذيب من قبل الجهاز نفسه أو تهديدك بذلك.
وما يشجع هذا الجهاز على الإستمرار بالعمل في هذه السياسية سواء تعلق الأمر بالإعتقال السياسي أو مجمل الإنتهاكات المغربية ضد المدنيين الصحراويين هو الموقف غير الجاد لبعض القوى الدولية وخاصة الدولة الفرنسية.
إن سياسة الإعتقال السياسي التي تنتهجها الدولة المغربية ضد المدنيين الصحراويين لا يتعدى كونه أول إجراء عقابي ضد الذين لا تثبت إدانتهم أو توجيه أي إتهام ضدهم. مارسوا علي أساليب متعددة من التعذيب والإهانة لمدة ثمانية أيام، أقتادوني بعد ذلك إلى المحكمة الصورية بتهم تهريب المخدرات والهجرة السرية وإهانة موظف وغيرها من التهم الملفقة التي لا علاقة لي بها ولا أساس لها من الصحة بتاتا في محاولة منهم لفت أنظار المنظمات والجمعيات التي تعنى بحقوق الإنسان عما يقع من إنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في الجزء المحتل من الصحراء الغربية، حيث أصدرت علي حكما جائرا بسبعة سنوات سجنا نافذة، 17 يوما بعد ذلك تمكنت من الفرار من السجن لكحل بالعيون المحتلة وفي محاولة مني الإلتحاق بمخيمات العزة والكرامة، ألقت قوات الجيش المغربي القبض علي بالقرب من جدار العار ليتم إقتيادي إلى نفس المحكمة حيث أصدرت علي خمسة سنوات سجنا نافذا بتهمة الفرار من السجن لتصبح 12 سنة سجنا نافذا قضيت منها حوالي أربعة أشهر بالسجن لكحل ليتم ترحيلي تعسفا إلى السجن المركزي بمدينة القنيطرة المغربية مرورا بعدة سجون *إنزكان وعين برجة بالدار البيضاء، الزاكي بمدينة سلا المغربية، قضيت منها حوالي خمسة سنوات وستة أشهر وثلاثة أيام ليتم وبضغط من المنظمات والجمعيات الحقوقية إطلاق سراحي وبالتالي أقروا رغما عني التوقيع على كل الأوراق والمحاضر المطبوخة والمجهزة سلفا.
أما وبخصوص ما تعرضت له داخل الثكنات العسكرية والمخبئ السري *البسيسيمي* والسجون العلنية من تعذيب جسدي ونفسي وإهانة وإستفزازت ومعاملة لاإنسانية وحرمان من أبسط الحقوق الأساسية والقانونية التي تنص عليها كل القوانين والمواثيق الدولية فتلك معاناة ومأساة حقيقية أيضا أعيشها بسجن سلا2 رفقة المعتقلين السياسيين مجموعة أكديم إزيك، بدءا بالإعتقال الإنفرادي وسوء التغذية ووصولا إلى الحرمان من عقيدتنا الإسلامية وقراءة كتاب الله القران العظيم مرورا بالتمييز والحرمان من الرعاية الطبية والعناية الصحية والكتب والجرائد والإتصال بالعالم الخارجي والزيارة وغيرها من الحقوق الأسياسية والقانونية أما بخصوص التعذيب النفسي والجسدي بالسجن المحلي سلا2 ووسائل الضغط والإستفزاز، فنتعرض مثلا:
- تغطية الرأس والوجه بكيس قذر مما يؤدي إلى تشويش ذهنك وإعاقة تنفسك.
- الشبح والوقوف ثم الجلوس في أوضاع جد مؤلمة لفترة طويلة وغالبا ما يتم إجلاسك على الأرض وتقييد يديك إلى الخلف والحرمان من النوم والحبس في غرفة ضيقة وكريهة الرائحة يصعب فيها الجلوس أو الوقوف بشكل مريح والحرمان من الطعام وجميع الوجبات الغذائية إلا بالقدر الذي يبقي السجين حيا،
- الضرب المبرح في كل أنحاء جسدك وعلى الأماكن الحساسة والصفع والركل والخنق والحرق بأعقاب السجائر
- التعرض للصدمات الكهربائية
- التهديد بإحداث إصابات وعاهات والعجز الجسدي
إرغام السجين على القيام بأمور من شأنها الحط من الكرامة الإنسانية مثل تقبيل أيادي وأحذية الجلادين والركوع لهم...
- الهز وبشكل منظم وبسرعة كبيرة بحيث يهتز العنق والصدر والكتفين الأمر الذي يؤدي بك إلى إصابة بحالة إغماء ناتجة عن إرتجاج في الدماغ،
- الإغتصاب والإعتداء الجنسي عليك
- تعريضك لمياه باردة وأخرى حارة وصب الماء العكر والتبول عليك،
- الحرمان من قضاء حاجتك الطبيعية
- إجبارك على القيام بحركات رياضية صعبة ومؤلمة مثل جلسة الضفدع لفترات طويلة وغير ذلك مرفوقا دائما بالشتائم والسب.
إن السجون المغربية ليست إلا مراكز لممارسة العنف ضد المدنيين الصحراويين ذلك العنف الذي يستهدف الإبادة ولكن عبر وسيلة أخرى غير حبل المشنقة وهي وسيلة التصفية التدريجية للإنسان جسديا ومعنويا لقد أراد لنا النظام الملكي المغربي أن نتحول في سجونه إلى حطام كائنات لا تمت للبشرية بأي صلة كائنات مفرغة من كل محتوى إنساني هذا المصير البشع هو ما رمى إليه وبالتالي فإن إختياره كوسلية لمعاقبتنا كبديل لحبل المشنقة لم يكن إذن بدافع إنساني أو حضاري بقدر ما كان بدافع لئيم مفرط في بشاعته ولاإنسانيته وهناك تتلخص كامل رحلة المعاناة والمأساة والآلام التي مر منها المعتقل السياسي الصحراوي في السجون والمعتقلات المغربية، لقد برز السجن في الدولة المغربية كمؤسسة توفرت فيها كافة الشروط المناسبة وتجهزت بكامل المقومات الضرورية لأجل تحقيق هذا الهدف اللإنساني والقذر بحق المعتقلين وما لم يكن بوسع السجن بشروطه المعيشية السيئة والتي لن تبلغ الحد الأدنى من حياة الإساسية بأي شكل من الأشكال أن يحققه حاولت المعاملة اليومية للسجان أن تحققه بأبشع الصور.
ثانيا هي سياسة مخالفة بشكل صريح للقوانين والأعراف الدولية وخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدينة والسياسية ولإتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب الصادرة عام 1949م
ومن المعروف أن الحق في محاكمة عادلة يعد من الحقوق التي لايجوز الإنتقاص منها وهو حق أساسي لكل معتقل ينبغي ضمانه وصونه في كل الأوقات وفقا لما نصت عليه إتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولات الملحقة بها، كما نصت المادة الرابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الفقرة 2) تنص على أنه لايجوز مخالفة أحكام المواد (6-7-11-16-17) منه التي بمجموعها تنص على أنه لايجوز إخضاع أحد للتعذيب أو العقوبة القاسية أو للمعاملة الغير إنسانية والحاطة من الكرامة كما نصت المادة (9) منه على أن لايجوز إعتقال أي إنسان أو حجزه أو منعه تعسفا.
وسائل وطرق التعذيب التي مورست علي يلجأ الجلادون المغاربة عادة إلى رشك بالماء البارد وسكب المياه المبردة داخل الثلاجة على جسمك وأنت عار تماما بهدف إلحاق أذى بليغ وينتج عن هذا الأسلوب الدنيء إرتعاشات حادة في كل أنحاء جسدك وشل تفكيرك
جلسة الضفدع خلال هذه العملية تمنع من ملامسة رأسك للجدار أو الإرتكاز على ركبتيك على الأرض بهدف إرهاق جسمك وخاصة عضلات القدمين أو الذراعين والكتفين والعمود الفقري
الجلوس على كرسي أطفال بأرجل قصيرة جدا ومغطي الرأس ومقيد اليدين إلى الوراء هذا الوضع لايسمح لك بأن تتحرك كليا وبذلك تقاسي الآم مميتة ورجليك منحنيتان إلى الأسفل ثم ضرب رأسك بالحائط وبعنف مع جدران غرفة الإستنطاق يهدف الجلاد من وراءه إلى إيصال رسالته الغاشية المتمثلة بالإعتراف أو الموت.
بطحك على ظهرك ويداك مكبلتان من الخلف بهدف إحداث آلام فظيعة في اليدين عبر ضغط الجسد على اليدين مع إستخدام الهراوات وثقل جسد الجلاد والضغط على أعلى صدرك للإعتراف تحت ضغط آلام المبرحة.
الحرق بأعقاب السجائر أسلوب يهدف إلحاق أكبر قدر من الألم بك لإرغامك على الإعتراف وهذه العملية تجري بطريقة مدروسة وتستهدف أكثر مناطق الجلد حساسية
التعرية الكاملة وتقييد يديك من الخلف أحد أحقر الأساليب التي يلجأ إليها الجلاد المغربي في أقبية الإستنطاق بهدف كسر وتحطيم روحك ومعنوياتك وزعزعة أيمانك وكسر صلابتك الأخلاقية والوطنية وكل القيم والمبادئ والمثل الإنسانية النبيلة التي تدافع عنها.
وكذلك أسلوب الضرب بالهراوات على صدرك ومعدتك يتم إلقائك على ظهرك وشد يديك أسفل الطاولة ويقوم الجلاد بتوجيه ضربات متلاحقة بالهراوات لمنطقة الصدر والمعدة وأسفل الرقبة مباشرة
الدجاجة المشوية والطيارة ناهيك عن الضرب المبرح والعشوائي في كل أنحاء جسدك والصعق بالكهرباء والإغتصاب والتهديد به و"الفلقة" (الضرب على الرجلين بالعصا) إضافة إلى الحرمان من النوم والحرمان من الأكل وغيرها من الأساليب الوحشية والحاطة من الكرامة الإنسانية التي مورست علي بأبشع الصور كل هذا يقع وعيني معصبتان ويدي مكبلتان إلى الوراء ودون أن أعلم ما سبب إعتقالي. كما أن الجلادين لم يمنحوني فرصة الإتصال بمحام أو حد أفراد عائلتي وفي ظل كل هذا لا زلنا لم نقدم للمحاكمة رغم النداءات المتكررة وتقارير المنظمات والجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان الوطنية والمغربية والدولية المطالبة بتقديمنا أمام محكمة عادلة تستوفي كل شروط المحاكمة العادلة في اجل معقولة أو إطلاق سراحنا.
لازالت الدولة المغربية مستمرة في تعنتها وإعتقالنا وإحتجازنا بالسجن المحلي سلا2 دون محاكمة أو تحديد آجال لها لأكثر من سنة ونصف علما أنها تنوي متابعتنا أمام محكمتها العسكرية بالعاصمة المغربية الرباط.
ثمت سؤال بديهي يطرح نفسه بألحاح: لماذا أجلت الجلسة التي كانت محددة في تاريخ 13 يناير 2012 إلى أجل غير مسمى يوم واحد قبل التاريخ الذي كان محدد لها سلفا دون علمنا أو حضور الأساتذة المحامون، ولماذا ترفض الدولة المغربية توسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة في الصحراء العربية مينورسو لتشمل حماية حقوق الإنسان ومراقبتها والتقرير عنها؟
وفي الختام هي دعوة كذلك إلى لذوي الضمائر الحية والشخصيات الشريفة عبر العالم والجمعيات والمنظمات الحقوقية الدولية إلى مزيد من الضغط على الدولة المغربية من أجل إحترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الصحراويين والكشف عن مصير أكثر من 500 مفقود والإفراج عن أكثر من 150 أسير حرب صحراوي
المعتقل السياسي الصحراوي عبد الله الخفاوني
من خلف القضبان بالسجن المحلي سلا2

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر