الجمعة، 26 أبريل 2013

القيادة الصحراوية وسياسة "العرظات" في ظل الازمات


منذ ان تم الاعلان عن مشروع القرار الامريكي الخاص بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو والمقدم الى مجلس الامن الدولي اعلن العدو المغربي عن حالة الاستنفار القصوى وشكل خلية ازمة وارسل وفوده الى موسكو وبكين ولندن ومدريد ونويورك، واقام الدنيا ولم يقعدها واستخدم كل اوراقه بما فيها علاقاته العسكرية مع الولايات المتحدة الامريكية، وحرك لوبياته النائمة وترسانته الاعلامية من اجل الدفاع عن اكاذيبه وتزييف الواقع المزري لحقوق الانسان في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، بينما كان النظام الصحراوي خارج مجال التغطية وانصب اهتمامه طيلة الايام الماضية على برنامج "العرظات" برئاسة الجمهورية وكأن مؤسسة الرئاسة تعيش في كوكب أخر بعيد عن التطورات المتسارعة للقضية الصحراوية، مع العلم ان برنامج "العرظات" بالرئاسة يكلف كما هو معروف مبالغ خيالية من ميزانية الشعب الصحراوي الذي يعاني الامرين بالمناطق المحتلة ومخيمات اللاجئين الصحراويين.
ورغم ان كل المؤشرات والتحليلات كانت تقول ان قضية توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية اصبحت مسألة وقت و كانت الامور تسير في صالح الشعب الصحراوي حتى ذهب البعض الى التفكير في مرحلة مابعد توسيع صلاحيات المينورسو، بحكم ان القضية اصبحت شبه محسومة لصالحنا. لكن يبدو ان دبلوماسية اللحظات الاخيرة وحالة الاستنفار الي اعلنتها الدبلوماسية المغربية استطاعت ان تعيد ترتيب الاوراق من جديد وهو مايفتح المجال للتساؤل :
اين كانت القيادة الصحراوية عندما تركت العدو وحيدا في ساحة المشهد الاعلامي والدبلوماسي؟
لماذا لم يتخذ حاكم الرابوني قرارا بإرسال ممثل الى العاصمة الامريكية واشنطن خاصة وان وضعيتنا في الايام الماضية كانت اشبه بالوحيد الذي لاحول له ولاقوة في اكبر عاصمة عالمية ؟، بينما اوفد المغرب كل ألته الدبلوماسية للاستقرار بمدينة نيويورك الامريكية للتأثير على مجموعة اصدقاء الصحراء الغربية ومن خلالهم على قرار مجلس الامن الدولي.
لماذا لاتولي البوليساريو اهتماما للعواصم المؤثرة عالميا مثل الاهتمام الذي توليه للسفارة الصحراوية بالجزائر؟. وهي السفارة التي لايستطيع النظام الصحراوي الاستغناء عن خدماتها ليوم واحد خاصة إدارة المالية .
ايهما اكثر اهمية على مستقبل القضية الصحراوية، قرار مجلس الامن الدولي ام انتخابات رؤساء الدوائر؟
وهل ستكون للنظام الصحراوي استراتيجية مختلفة مستقبلا خاصة وان احتمال تكرار هذه القضية لازال ممكنا في المستقبل؟.
اسباب ماجرى في الوقت بدل الضائع
ان ماجرى من اجهاض لمشروع القرار الامريكي في اللحظات الاخيرة سببه وبكل بساطة غياب الطرف الصحراوي كطرف مؤثر في القضية خاصة وان مشروع القرار قدمته مندوبة امريكا بالامم المتحدة واعلنت عنه مؤسسة كينيدي واعترض عليه المغرب وايدته إسبانيا وفرنسا. في ظل غياب تام للطرف الصحراوي الذي تصرف وكأنه خارج المعادلة باستثناء بعض التصريحات الروتينية التي لن تزيد الا من احراجنا في المشهد الدولي لان هذه التصريحات يرددها قادتنا منذ العام 1991 دون ان ننفذ اي منها على الارض.
لقد بذل اصدقاء الشعب الصحراوي وعلى رأسهم مؤسسة كينيدي اكثر من المطلوب منهم لصالح القضية الصحراوية لكن لايمكن لمؤسسة واحدة ان تجابه عمل اللوبيات المساندة للرباط اضافة الى ترسانة دبلوماسية وفر لها العدو كل الامكانيات من اجل اجهاض مشروع القرار الامريكي. في ظل غياب اصحاب القضية الذين يفترض بهم ان يكونوا اول مدافع عنها.
مبررات شغور تمثيلية الجبهة بواشنطن
سبق وان نبهت مجلة المستقبل الصحراوي وفي عدة مناسبات الى الاضرار الدبلوماسية لشغور تمثيلية الجبهة الشعبية بالعاصمة الامريكية، لكن يبدو ان مستشاري

"اسمع اكلام لمظحكينك" بالكتابة العامة لم يقتنعوا ان المستفيد الاول هو المحتل المغربي الذي يجد نفسه وحيدا دون منافس قد يحد من حركته في دوائر صنع القرار الامريكي وهو ماحدث في الايام الماضية عندما عمل المغرب بكل اريحة مستفيدا من غيابنا عن المشهد في العاصمة الامريكية.
ولاندري ماهي المبررات التي قد يقدمها محللي النظام لاقناع الرأي العام بمبرر شغور مكتب البوليساريو بواشنطن لان السبب ببساطة لايخفى على اي كان، وهو ان سيد الكتابة العامة لازال يبحث عن شخص مطيع من ابناء النظام تتوفر فيه الشروط الضرورية من توازن قبلي ورضى نظامي يمكنه ان يشغل ذلك المنصب.
لكن نذكر حاكم "البيت الاصفر" ان الشعب الصحراوي استطاع ان ينجب الكثيرين ممن تتوفر فيهم مقاييس تمثيل جبهة البوليساريو بالولايات المتحدة الامريكية ويتقنون لغة "شيكسبير"، لكن المعايير الخاصة والانانية من "تقديم لفروض الولاء والطاعة" و"نفاق" والتي يشترطها الرئيس في اعضاء السلك الدبلوماسي الصحراوي هي التي تحول دون اعادة الروح لتمثيلية الجبهة الشعبية في اكبر عاصمة عالمية.
السياسة الداخلية اولى من التطورات الخارجية في نظر النظام
تزامنت قضية توسيع صلاحيات بعثة المينورسو مع انتخابات رؤساء الدوائر وهي انتخابات لها اهمية خاصة لدى مهندسي السياسة النظامية لعلاقتها المباشرة باستقرار كرسي الكتابة العامة، بسبب التخوف من نجاح بعض الاصوات غير الملتزمة بالتعليمات "النفاقية".
كما شهدت الايام الماضية حفل تنصيب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو رابع اكبر حليف للبوليسارو خارجيا والذي تغيب عنه الرئيس الصحراوي دون مبرر مقنع، وينضاف هذا الخطأ الى الغياب غير المبرر للرئيس الصحراوي عن جنازة الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز الذي عرف بمواقفه المؤيدة للقضية الصحراوية. وهي هفوات سندفع لامحالة ثمنها خاصة وان البلدان الاخرى تقيس علاقاتها الخارجية بالسنتمتر وليس "بالسويرتيمتر" كما هو الحال في الرابوني.
هل النظام متحمس لتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو؟
توسيع صلاحيات بعثة المينورسو كانت تعني دخول القضية الصحراوية في مرحلة جديدة مفتوحة على كل الاحتمالات. لان وجود بعثة مراقبين دولية مكلفة بملف حقوق الانسان في الصحراء الغربية يعني الحد من السيادة المغربية المزعومة على المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، ولكن يبدو كذلك ان القيادة الصحراوية لاتفضل الدخول الى هذه المرحلة المجهولة النتائج خاصة وانها قد تؤثر على مشاريعها المستقبلية كا إستثمارات العقارية بتندوف الجزائرية والمدن الموريتانية والاسبانية. كما ان التجاوزرات التي تتم في الرابوني ستصبح تحت رقابة المنتظم الدولي. وهي امور تحد لامحالة من سلطة الحاكم الاوحد بالرابوني.
اللامبالات التي ابداها النظام الصحراوي مع قضية توسيع صلاحيات بعثة المينورسو. قد تدل ان هناك مايخشاه لان هذه القضية قد تعيد ترتيب اوراق السياسية الداخلية في الدولة الصحراوية المبنية على اساس الولاءات الشخصية لهرم السلطة الحاكمة. كما قد تعطي حقوقا للمواطنين للاحتجاج على المسرحيات النظامية وعلى رأسها مسرحية المؤتمرات الشعبية التي انتجت لنا اقدم نظام في القارة الافريقية. لذا يرى مستشاري الكتابة العامة ان الامر لايستحق التضحية خاصة وانه قد تترتب عنه عواقب هم في غنى عنها.
من يتحمل المسؤولية؟
قبل ان نلوم مدريد او باريس او المنتظم الدولي علينا ان نلتفت الى مكمن الخلل بالرابوني وتحديدا بمبنى الكتابة العامة. التي نجني اليوم ثمن تخبطها وسياساتها التدميرية التي تتم وللاسف باسم الوحدة الوطنية والنضال والشرعية الثورية.
ان تحول الانتصار الى نكسة تتحمل وزره رئاسة الجمهورية التي لم تحرك ساكنا طيلة الايام الماضية، وبدل مجابهة العدو في الميدان كانت القيادة تقيم مأدبات الغداء والعشاء على شرف الوفود الرسمية وكأن الوقت وقت "عرظات".
اننا نجني اليوم ثمار دبلوماسية "التصفاق الاعمى" للكتابة العامة وهي دبلوماسية هدفها ضمان رضى فخامة الرئيس الذي لازال يوظف كل شيء لصالح استمرار حكمه غير ابه بانعكاسات ذلك على مستقبل الشعب والقضية.
فرصة توسيع صلاحيات بعثة المينوروسو تنضاف الى فرص كثيرة اهدرها النظام الصحراوي منذ احداث مخيم اكديم وماقبلها وهي فرص قد لاتتكرر خاصة في خضم تسارع الاحداث على ساحة المشهد الدولي.
ماحدث وبغض النظر عن الاداء السلبي والضعيف للنظام يشكل انتصارا لصمود الشعب الصحراوي خاصة بالمناطق المحتلة بعد ان أظهر ان العلاقات المغربية الامريكية هي علاقات ورقية اكثر مما هي علاقات استراتيجية. كما ان ملف حقوق الانسان سيكون محل اهتمام المنتظم الدولي . ومانتمناه هو ان لايعيد النظام الصحراوي نفس الهفوات التي ارتكبها في هذه القضية وان يضع حساباته الشخصية الضيقة بعيدا عن ماتقتضيه مصلحة الشعب والقضية وان يسارع بحل مشكلة مكتب واشنطن قبل اي مواجهة قادمة يكون مسرحها الهيئة الاممية. والمطلوب من الشعب الصحراوي في المستقبل القريب هو مواصلة النضال والتركيز على الملف الحقوقي والجانب الاعلامي من اجل احراج المغرب امام المنتظم الدولي.
المصدر: المستقبل الصحراوي .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر