السبت، 20 ديسمبر 2014

وزير بلا وزارة



وزارة المناطق المحتلة والجاليات والريف الوطني هي واحدة من وزارات الحكومة الصحراوية التي تم تشكيلها بعد المؤتمر الثالث عشر لجبهة البوليساريو. الا ان هذه الوزارة لها وضع خاص يختلف عن بقية الوزارات. بعد ان تحولت الى ما يشبه دولة داخل الدولة بسبب السلطات الواسعة لبعض مسئوليها والتي اضحت اكبر من سلطة الوزير نفسه.
فملف المناطق المحتلة له وزيره الخاص الغير خاضع لرقابة البرلمان، والذي يتلقى الاوامر مباشرة من الرئيس دون المرور على الوزير ، وهذه السياسة متوارثة منذ زمن الراحل الخليل سيد امحمد عليه رحمة الله، حيث ان الكلمة الاولى و الاخيرة في ملف الارض المحتلة تأتي من “كناريا” وليس من “الرابوني”.
وهو ما أثر سلبا على اهم عامل من عوامل انتفاضة الاستقلال وهو عامل العفوية ، بعد ان احكمت “كناريا” قبضتها على تسيير شؤون الانتفاضة وحولتها من انتفاضة شعبية عارمة الى ما يشبه المسرحية المملة، وخير مثال هو عدد المشاركين في الوفود السياحية الذي اصبح يفوق بكثير عدد المشاركين في الوقفات السلمية، وهي نتيجة منطقية للسياسة الكارثية الكنارية التي وصلت سطوتها وسياساتها العنصرية حتى إلى داخل السجون المغربية وبالتحديد سجن سلا 2 حيث يقبع ابطال مجموعة اكديم ازيك الذين فشل المحتل في تفريقهم بينما نجحت “كناريا” في اذكاء نار الفتنة بينهم بعد ان تم توزيع المجموعة الى فريقين، فريق مهمش، وفريق تأتيه تعليمات مباشرة من كناريا دون الفريق الآخر، حسب ما افادت به شهادات من داخل الزنزانة. دون ان ننسى الاشارة الى التهميش الذي يعانيه بعض المعتقلين والنشطاء الاعلاميين الصحراويين الذين ينشطون خارج رعاية وتمويل كناريا، و إذا ما عرجنا على طريقة فرز حالات علاج المصابين من جراء التدخلات الهمجية لقوات الاحتلال المغربية من المناطق المحتلة في مستشفيات خارجية فالفرص المتاحة اصبح الكثير منها حكرا على أناس لا يعرفون ميادين الانتفاضة إلا في التقارير الإعلامية ولن نذيع سرا عندما نقول ان الكثير من ملفات المصابين على خلفية تفكيك مخيم اكديم إزيك عام 2010 لازالت تنتظر فوق مكتب وزير كناريا إلى ما بعد الاستقلال!.
اما دوره السلبي في حشد المشاركين في الوقفات السلمية فيكفي فقط اجراء مقارنة بين مظاهرات 4 ماي 2013 التاريخية والتي شارك فيها ألاف المتظاهرين بالعيون المحتلة دون أي تدخل من مكتب كناريا وبين المظاهرات التي تتم تحت رحمة كناريا.
ولا يختلف ملف الجاليات عن ملف الارض المحتلة بعد ان اصبح هناك وزير بلا حقيبة ، يتخذ من العاصمة الاسبانية مدريد مقرا له ولأعماله النضالية و التجارية ، مهمته هو اخضاع جمعيات الجالية الصحراوية وجمع اكبر قدر ممكن من الضرائب من جيوب افراد الجالية الصحراوية دون مراعاة ظروف الازمة الاقتصادية العالمية. والمشكلة ان وزير مدريد لا يخضع بدوره لرقابة البرلمان كما ان مداخيله من العملة الصعبة لا تخضع لأي رقابة ولا يعرف ان كانت توجه الى الخزينة العامة ام لأغراض خاصة. ولا يخفى على احد التأثير السلبي لتدخلات وزير مدريد على مسار نضالات الجالية الصحراوية باسبانيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر سجل المراقبون في السنوات الاخيرة انخفاض كبير في عدد المشاركين في المظاهرات السنوية بالعاصمة الاسبانية مدريد من 30 الف مشارك قبل سنوات الى 3 الاف مشارك هذا العام اي بنسبة تراجع بلغت 90 في المئة من عدد المشاركين، كما ان العديد من المبادرات الشبانية التي شهدتها اسبانيا في السنوات الماضية اختفت في السنوات الاخيرة بسبب تدخل مكتب مدريد في كل صغيرة و كبيرة بما في ذلك التدخل حتى في شؤون الجمعيات المدنية المرخصة من وزارة الداخلية الاسبانية في تحدي صارخ لقانونها الداخلي. حيث كانت آخر إخراجاته السلطوية إصدار أوامره المطاعة لجالية مدينة بيتوريا ببلاد الباسك لعدم حضور الاجتماع الذي اعلنته الجمعية لتتسلم مهامها رسميا من المجلس المنصرف، بحجة انه اجتماع غير تنظيمي، رغم حضور ممثل جبهة البوليساريو بإقليم الباسك، وهذا تدخل آخر في وزارة الخارجية، ويأتي هذا بعد رسالته الكارثية التى دعا فيها الجالية الى عدم المشاركة في المظاهرات التي نظمت امام مقر الامم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية في شهر مارس 2014 والمطالبة بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان، رغم ان المظاهرات جرت بالتنسيق مع مكتب جبهة البوليساريو بسويسرا .
اما قسم الريف الوطني فهو قطاع تتقاسمه عدة وزارات اضافة الى الوزارة الوصية، منها وزارة اعمار الاراضي المحررة ووزارة الدفاع الوطني وحتى وزارة الثقافة، وهو ما يعني ان وزير المناطق المحتلة والجاليات والريف الوطني يعيش بطالة مقنعة، في ظل استمرار حكومة الظل في مدريد وكناريا والتي وصل نفوذها الى حد توزيع صكوك الوطنية على اهالينا في المناطق المحتلة وعلى افراد الجالية الصحراوية، فاي مبادرة هادفة الى دعم القضية الوطنية لا تأخذ ترخصيا من كناريا أو مدريد سيتهم اصحابها بالخيانة والعمالة وتهديد الوحدة الوطنية رغم ان السياسة الخفية التي يعتمدها اصحاب مدريد وكناريا هي سياسة قبلية مبنية على اذكاء النعرات ونشر الاشاعات لضرب وحدة الصف الوطني.
لكن يبقى السؤال المطروح، هل سيواصل مكتب الجالية بمدريد نضاله المزعوم في حال انقطاع مردود الوثائق التي يبيعها بأسعار مضاعفة لأفراد الجالية؟ ، وهل سيستمر عمل مكتب كناريا وتدخله الكارثي في امور الانتفاضة لو تم قطع مداخيله الخيالية؟.
نشير في الاخير ان الوزير محمد الوالي اعكيك وفي إطار جولته الاولى على بعض مكاتب الجالية باسبانيا اكد عدم إلتزامه بتنفيد اي مطلب من المطالب التي قدمت له، لحاجة في نفسه، و لكي لا يقال ” راهو الوزير اكذب” حسب تعبيره، وهو اعتراف غير مباشر ان الوزير لا يتحكم في مفاصل الوزارة.
نرجوا في الاخير من السيد رئيس الجمهورية ان يتدخل لوضع حد لهذا الواقع الغريب الذي تمر به واحدة من اهم الوزارات في الدولة الصحراوية، لان اي تقاعس عن تصحيح الخلل يعني اطلاق رصاصة الرحمة على انتفاضتنا المباركة، وقتل عنصر المبادرة الهادفة للدفاع عن القضية الوطنية في صفوف الجالية الصحراوية باوروبا، كما نرجوا من وزير القطاع ان يسترد سلطاته حتى لا يصبح دوره في الوزراة مثل “شاهد ماشاف حاجة”.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر