الاثنين، 8 أبريل 2013

خرافة استثناء نظامنا السياسي (2)

يعتمد نظامنا السياسي في الحكم، صيغة النظام المختلط، أي الذي يمزج بين الرئاسي والبرلماني، هذا من حيث الشكل، أما المضمون فمتاهة خرافية. واعتقد أن الدافع إلى الاختيار، ليس نابعا من قناعة سياسية، لدى القيادة،لموائمة هذا النظام ومتطلبات الدولة والجبهة الظرفية، كما انه ليس نابعا من اختيار شعبي، يتمثل في هيئة تضم سياسيين ومثقفين وفقهاء دين وقانون، تولت إعداد دستور يحدد شكل الدولة الصحراوية، على المديين القريب والبعيد، والاعتقاد الذي استقر عندي انه استنساخ رديء للطبعة الجزائرية – خاصة أيام الحزب الواحد- لهذا النظام المأخوذ أساسا عن الجمهورية الفرنسية الخامسة دستور 1958.
اتبع نظامنا "قراية ولد دحي" لهذا الشكل من الأنظمة الذي يعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات وسلطات تنفيذية واسعة، غير أنه تغافل عن إدخال الآليات التي تضبط ممارسة الرئيس لسلطاته والتي تضمن وجود رقابة على أدائه ، ولم يسمح بانتخابه من قبل الشعب في اقتراع مباشر، أو من خلال استفتاء شعبي عليه باعتباره مرشح الجبهة، وهو أمر ممكن ولا يمنعه وجود حركة/ حزب وحيد . ومن أمثلة "قراية ولد دحي" نجد النظام كغيره يقر بمسؤولية الحكومة ورئيسها أمام البرلمان، إلا أنه اضعف السلطة التشريعية إلى حد جعلها مستأنسة تماما، وتحت رحمة السلطة التنفيذية، والا كيف نفسر انه وسط كل الفساد والاهمال والتهاون الحكومي، لا نسمع بحجب ثقة عن وزير ما فما بالك بالحكومة؟ وانا اقصد كل الفترة الممتدة بعد حكومة المرحوم المحفوظ اعلي بيبا الى الان. اما عن امتهان النظام للسلطة القضائية وتهميشها وهدره لكرامة القضاة فحدث وانت من سيتولى الحرج .
مما تقدم وبالعودة ايضا إلى الدستور الصحراوي ومقارنته مع دساتير الدول التي تأخذ بالنظام المختلط نكتشف ان نظامنا ليس بدعا من الأنظمة، بل هو يتبع نظام حكم له قبول وانتشار في العالم، لكن البدعة تكمن في خصوصية مزعومة، هي مجرد شماعة للحفاظ على مصالح طغمة، متمثلة في ما يسمى الأسرة الثورية + توزان قبلي كاذب .
إذن هي خصوصية لا مبرر لها في واقع الحال، والذين يحتجون بواقع الثورة، ادعوهم إلى قراءة التاريخ، الذي يحدثنا عن تداول سريع للسلطة خلال الثورات، وعدم استقرار في المؤسسات وغيرها، وليس العكس، وحالنا نحن ولله الحمد يمتاز بالاستقرار، فحالتنا ومنذ إعلان الجمهورية هي دولة لا ينقصها غير سيادة على ارض الوطن، لها جيش، وتجبي الضرائب، وتدفع الرواتب، عضو بالاتحاد الإفريقي تدفع له بانتظام اشتراكاتها، و يعترف بها عديد الدول، لها سفراء و وزراء لهم امتيازات وتشريفات وحصانة.......الخ ، لكن الحقيقة التي يريد البعض منا حجبها بحجج واهية، وشعارات ديماغوجية، هي أن شهوة الحكم، وسحر السلطة ونفوذها، والهروب من المساءلة وتحمل المسؤولية، هي عوامل اخترعت وهم الخصوصية، والتاريخ نفسه -وليس أفضل من التاريخ معلم وحكم- ، يحدثنا عن أمثلة لا حصر لها، من أنظمة دول تذرعت بهذا الشعار الزائف والمخادع، وادعت استثناء المرحلة، لتستمر في الحكم، الذي هو الغاية والهدف، رغم زوال الأسباب، وكلها دون استثناء طالها التغيير بكلفة مرتفعة في الإنسان والاقتصاد، بل إن بعضها تحول عن طريق شعار الاستثناء الزائف، إلى توريث النظام والدولة إلى الشقيق حالة كوبا، أو إلى الابن حالة سوريا، ويقال إن مصر واليمن وليبيا وحتى تونس كانت دول مرشحة، لولا أن خرجت شعوبها إلى الميادين، بعد أن نفد صبرها، لتقول بصوت واحد كفى، وعليك ان تتذكر ان هذه انظمة جاءت من خلفيات ثورية!او شرعيات استثنائية! .
لا جديد تحت الشمس كما يقولون، فطباع البشر واحدة بغض النظر عن الدين والثقافة والعرق، لابد لها من المتابعة والمحاسبة ،مثلما انه لابد لها من الإشادة والمكافأة ، وإلا تداعت جميع العلل الاجتماعية عليها وأولها الفساد والاستبداد، فالذي يزعم خصوصية في النظام، عليه أن يوفر خصوصية في البشر أيضا لهذا النظام! وطالما الامر مستحيل!!، فعليه إتباع سنة خلق الله، الذي جرب قبلنا كل أنواع الحكم، من الحق الالاهي، إلى الشرعية الثورية، إلى مختلف الشعارات والمبررات، التي كلها دون استثناء، غايتها واحدة، السلطة المفضية بداهة إلى التسلط ، ثم تجاوزها نحو دولة المؤسسات .
هذه القراءة الانتقائية للنظام وللحكم، يجب أن تتوقف قبل أن نحصد نتائجها الوخيمة على قضيتنا ومستقبلنا، فعقلية أبي فراس رغم شاعريته" اذا مت ظمانا فلا نزل القطر" لا تبني الدولة، ولا تؤسس لمستقبل ولا تقرر مصير، بل تكشف عن أنانية مريضة،وقصر نظر، فلا يمكن فرض كوطة للنساء رغم أهميتها، دون فرض أخرى للشباب، ولا يمكن أيضا التمترس وراء الشرعية الثورية في الحكم في مواجهة أي دعوة للإصلاح، ثم فتح الفرص في ذات الوقت أمام الزوجات أو الأشقاء أو الأبناء بحجة حقوق المواطنة، وهي حقوق تكفلها الدولة "الطبيعية" وليست دولة الاستثناء وحتى الدولة "الطبيعية" تمنع -عرفا وليس قانونا- هذه الاصناف من ممارسة هذه الحق خوفا من شبهة استغلال النفوذ.
لا شك عندي في أن اغلب الوزراء والمسؤولين، قد زاروا العالم عملا أو سياحة، ورأوا بأم العين كيف تتقدم الشعوب، وأيقنوا أن قوة مؤسساتها القضائية والتشريعية والرقابية والإعلامية، والتداول السلمي على السلطة، أهم أسباب هذا التقدم، ومع ذلك لا يشعر أي منهم بالخجل من نفسه ومن شعبه، فيترك لغيره مكانه أسوة بما يجري في العالم،إن حس انه مقصر- وجلهم كذلك- أو انه قدم طاقته القصوى في العمل والإبداع والنضال، بل إن معظمهم يذهب هناك استجماما، ويعود هنا للوظيفة والشعور بالذات، لأنه مجرد أن يغادر موانئ ومطارات الجزائر يغدو نكرة .
في ذكراها الأربعين، آن للبوليساريو ان تدخل منظومة تشريعية وقانونية ودستورية، تطمئن الصحراويين على حاضرهم، وعلى مستقبل دولتهم، وتكون كذلك رسالة الى العالم الخارجي، بان الدولة الصحراوية، هي اضافة مفيدة للعالم، ومثال يحتذى، وليست دولة فاشلة اخرى، تضاف الى اعباء العالم. 
بقلم :اسلامه الناجم

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر