إن نجاحات أي أمــة في قضية أو مخطط مستقبلي مرهون بإيمان أفـراد هذه الأْمــة واقتناعهم العميق بضرورة العمل والإجتهاد للوصول الى الهدف والغاية من هذه القضية أو المشروع ،وبما أن القناعة هي المحرك الرئيسي والخزان الذي يعتمد عليه الشعب في تحمل المسؤولية واستكمال المسيرة حتى آخر نفس ، فان الحكومات اصبحت تعتمد على الاستثمار في العنصر البشري وتتكفل بتوفير كل الإمكانيات اللازمة التي من شأنها خلق مواطن واع بأهميته ودوره المنــوط به في مجتمعه وأمتــه، فهو الثروة والخامة التي لاتنضب ، ومن حسن حظ الشعب الصحراوي أنه شعب يعتمد على القناعة والإيمان كركيزة أساسية في القيام بأي عمل نظرا لفطرته البدوية وعقليته المصقولة بتراكمات عادات وقيم وأخلاق نبيلة راسخة ومتأصلة أصالة شعبها في عبق التاريخ { الإقدام، الشجاعة، المروءة،الشهامة، الدفاع عن العرض وحماية الارض }، لذا لم تكن هناك صعوبة أوجهد كبير في إقناع الصحراويين بحمل السلاح والجهاد ضد الإحتلال الرازح على الأرض والمغتصب للعرض. فالأرضية كانت مهيأة سلفا، لمثل هكذا تحد جماهيري ،وقد قاتل الصحراويون ببسالة وإقدام،وقد كانت الملاحم والبطولات التي خاضها أبطال جيش التحرير الشعبي الصحراوي دليلاعلى أننا شعب عصي على التطويع والإبتلاع ، رغم ضخامة الجيوش الجرارة وموازين القوة الغير متكافئة ،إلا أن قوة الحق والعزيمة واليقين في نفسية الصحراوي كانت هي سر التفوق والحلقة المفقودة في سلسلة هزائم العدو، ونقطة الحسم في أي ملحمة ،وكان الشعب معطاءا وسخيا وكريما في تقديم خيرة أبنائه وفلذات أكباده قربانا للحرية والكرامة في حرب إثبات الوجود وانتزاع المفقود، تيمننا بقول شهيد الحرية والكرامة الولي {إذا أردت حقك، يجب أن تسخى بدمك}، ولأن كسب المعركة المصيرية مرهون بطول النفس وصبرالشعوب. فقد وجد الصحراويون أنفسهم مرغمين على خوض معركة من نوع آخر بعد التوقيع على وقف إطلاق النار. إنه وطيس مخطط السلام أو الإذعان في حلبة المجتمع الدولي لجلب الإعترافات والتحالفات للقضية الوطنية، باعتبارها قضية عادلة وشرعية تستمد شرعيتها من أصالة وعراقة وزنفة حامليها ، متسلحين بكل اللوائح والقرارات الدولية التي تعترف بحق تقرير المصير وتستنكر إخضاع الجزء المحتل بقوة السلاح من طرف المغرب. إذن ميدان المعركة والنزال هو المنتديات والمحافل والهيئات الدولية ،فالمقاتل والجندي في هذه المعركة، هو الدبلوماسي الصحراوي بالدرجة الاولى ويأتي المواطن في الدرجة الثانية، فكل صحراوي مهما كان انتمائه أو مكان تواجده يعتبر سفيرا غير معتمد للقضية ، وإذا أجرينا جــردا ســريعا للمــكاسب والإعترافات بالدولة الصحراوية، نجد أنها بكل أسف في تناقص مستمر بدل أن تكون في تزايد. فالتغيرات الجذرية في العالم بعيد توقيع الإتفاق على وقف إطلاق النار، كانت تصب في صالحنا، إذا نظرنا الى لعبة المصالح المشتركة ولعاب الثروات الذي تتربع عليه المنطقة المتنازع عليها،وإذا أحسنا التعامل مع شروط اللعبة، بأقل خسائر ممكنة،وهنا الحكم على المسؤول، متروك للتاريخ. ولأننا في رقعة من هذا الكوكب المترامي الأطراف، كان لزاما علينا الإنخراط والمبايعة إجباريا تحت مستعمرة العولمة ومملكة التكنولوجيا التي لم تترك للحقيقة ظلمة،وأزاحت جدار الصمت وفصمت عروة العدو، لما يقوم به من إنتهاكات جسيمة وفظيعة في حق أبناء شعبنا في المناطق المحتلة، هذه الإنتهاكات المستمرة،التي قد تكون مفتاحا للكثير من الأبواب الموصدة في السابق لحامل القضية والمدافع عنها، وإذا نظرنا الى نتائج التعيينات الأخيرة للدبلوماسية الصحراوية، فإننا لا نكاد نلمس تغييرا في السياسة أو أسلوب الأشخاص الموكل لهم الأمر، بل وتكاد تنعدم التحركات على المستوى الخارجي، اذا استثنينا منها رغبة بعض المعينين الجدد، في تحريك المياه الراكدة،وضخ دماء جديدة في بعض الأماكن،ونحن نحسب لهم ذلك،ونشيد وننوه بعملهم الدؤوب هذا، وبشعورهم بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.
وبما أن فتيل الربيع العربي،كانت شرارته من مخيم أكديم إزيك، فقد أثبت الصحراويون المشاركون في المنتدى العالمي بتونس ، أنهم قادرون على إنارة شموع ثورة الياسمين التي طمست في ظلام النظام السابق،حق الصحراوين وتنكرت لعدالة قضيتهم. فبهذا الحضور المتميز والمشاركة الفعالة في الورشات،بإنشاء لجنة تضامن، وتضمين البيان الختامي، لحق شعبنا في تقرير المصير والاستقلال عن العدو المغربي، أثبت المواطن والشاب الصحراوي المشارك، أنه بمستوى التحدي، وأنه قادر على حمل نيشان السفير للقضية بامتياز، فقد أسقط نظرية التخوف من المشاركات الواسعة، بهذا الكم، ودحض فكرة المكاسب على قدر المناصب.وإلى أن يستجيب العدو المغربي للنداءات الدولية المتكررة بضرورة الرضوخ الى الشرعية، والتوقف عن الإنتهاكات الجسيمة في حق الصحراويين، والتخلي عن سياسة التعنت والمماطلة الممنهجة، في ظل سبات دولي،وتغاض عربي مخجل، وتراخ في الموقف الرسمي، نقول أن الشعب الصحراوي،سوف يظل متمسكا بحقه في الحرية والكرامة والعيش الكريم،فوق أرضه، مستعدا، في الوقت نفسه، لكل الخيارات المتاحة والمكفولة له، لانتزاع حقه، بما في ذلك الكفاح المسلح، لرد الإعتبارلكرامة الصحراويات،اللاتي يتعرضن للتنكيل والترهيب والإهانة والتحرش في أزقة وأحياء المدن المغتصبة، من قبل كلاب الليل ومفلسي الضمير،وبلطجية النظام المخربي،الذين هم غير مبالين، بأن أعراض الصحراويات،خط أحمر، لا يمكن لنخوة الإنسان الصحراوي السكوت عنها، ولا غض الطرف، دون أي ردة فعل. فللــــصبر حــــدود،ومـــعظم النـــار من مستـــصغر الـــشرر.
بقلم : مجيدي عبد الصمد .
0 التعليقات:
إرسال تعليق