السبت، 4 مايو 2013

تراجع مكانة العدو المغربي في السياسة الأمريكية

شكل التصعيد المغربي الممنهج منذ سنوات في حق الصحراويين العزل المطالبين بحقهم في تقرير المصير و الإستقلال داخل المناطق المحتلة من الصحراء الغربية تراجعا كبيرا في العلاقة الثنائية المغربية الأمريكية، توج بالقرار الذي تقدمت به سوزان رايس وقامت لاحقا بسحبه بشأن قوات المينورسو مفاجأة للغاية للسلطات الإحتلال المغربي، لأنها صادرة عن الدولة الأمريكية، وبقيت التحاليل السياسية من داخل و خارج الإحتلال المغربي قاصرة عن فهم هذا التطور الذي يعتبره البعض مفاجئا في حين أن القلة القليلة المطلعة على التطورات في السياسة الخارجية الأمريكية ترى أنه كان مرتقبا، بفعل الحصار العسكري و الإعلامي و البوليسي على المناطق المحتلة من الصحراء الغربية و ما ترتب عنه من قمع و إعتقال و تشريد و تعذيب و إنتهاك لكل الحريات و حقوق الإنسان .
وذهبت الكثير من التحاليل الى تحميل العنف الذي ينتهجه العدو المغربي المسؤولية الكبيرة في إصدار القرار الذي تقدمت به سوزان رايس، ويرى المغرب الرسمي أن هذه اللقاءات كافية لترميم العلاقات الثنائية بين البلدين واستعادة مستواها السابق، الأمر الذي يبقى غير صحيح، ما لم يقف الأمريكين على جدية الإحتلال المغربي في إعطاء الصحراويين حقهم في الحرية و التعبير من خلال تقرير المصير، و التوقف عن تعذيب الصحراويين في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، ولعلى خروج الاف الصحراويين بعد سحب القرار كان مؤشرا كبيرا على إعطاء حقوق الإنسان في الصحراء الغربية حقها المكفول أمميا.
وعليه، يؤكد أكثر المصادرأن سوزان رايس لم تتخذ لوحدها قرار تكليف قوات المينورسو بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية بل كان قرارا دبلوماسيا وتمت إحالته على البيت الأبيض الذي لم يعترض عليه لأن المغرب لا يدخل ضمن اهتماماته الرئيسية. فالخارجية الأمريكية ترسم استراتيجية جديدة نحو القارة الإفريقية لتفادي تغلغل الصين، وتتخذ موقفا من الملفات الحاضرة في أجندة الاتحاد الإفريقي وتخاطب الدول المؤثرة والتي ستزداد تأثيرا مستقبلا، وكل هذا يجر للتساؤل بشأن الموقع الذي سيحتل المغرب مستقبلا لدى الخارجية الأمريكية.
وعمليا، ساهم استقبال البيت الأبيض لوفد العدو المغربي ثم لقاء هذا الوفد بجون كيري في تفهم للموقف المغربي، لكن المثير في الأمر أن الخارجية الأمريكية لم تصدر بيانا حول اللقاء ولم تكن هناك ندوة صحفية، وهذا يؤكد أنه لم تتضح معالم المكانة التي سيحتلها العدو المغربي في مشاريع الخارجية الأمريكية تجاه إفريقيا.
لكن تبقى كل الوقائع تؤكد التوجه الأمريكي في مخططات معينة مثل مكافحة الإرهاب وتوقيع اتفاقيات التبادل التجاري الحر لمحاصرة فرنسا في منظمة التجاربة العالمية وكذلك رسم خريطة جيوسياسية للشرق الأوسط الكبير، وعندما لم يعد المغرب يحتل مكانة في أجندتها، اتخذت موقفا قويا هز العلاقات الثنائية.
وعلاقة بإفريقيا ونزاع الصحراء الغربية ، فقد تأثر الرئيس الأمريكي باراك أوباما برؤية نيلسون مانديلا للقارة الإفريقية ومنها رؤيته للنزاع في الصحراء الغربية. وتأخذ الخارجية الأمريكية الآن بعين الاعتبار في استراتجيتها نحو القارة السمراء أجندة الاتحاد الإفريقي وأجندة بعض الدول المؤثرة التي أصبحت قوة وأساسا جنوب إفريقيا و الجزائر التي تعترف بالجمهورية الصحراوية.
ومن نتائج هذا التطور القرار الأمريكي بتكليف قوات المينورسو مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، والتي رغم سحبها فقد وضعت سقفا عاليا لحقوق الإنسان على المغرب احترامه وهو ما يجري حاليا نسبيا، إذ يكفي أنه بعد اسبوع من التظاهرات والمواجهات و بفضل الضغط الدولي إكتفى الإحتلال المغربي بصد المتظاهرين بالقوة و العنف ، عكس ما كان يقوم به من إعتقالات، لكن الموقف الأمريكي مستقبلا من الصحراء الغربية سيتضح أكثر على ضوء المكانة التي سيحتلها العدو المغربي في رؤية الإدارة الأمريكية نحو القارة الإفريقية.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر