الأربعاء، 15 مايو 2013

التلفزيون الوطني ... إحدى طريحات الفراش !!!

الكتابة عن أمور الفساد الذي يستشري في مؤسساتنا الوطنية ، تعد في نظر البعض وبالأخص المسئولين تمردا أو نشرا للغسيل، وهذا طبعا هو رأي من به مقصد، فالحقيقة السيئة للمرء مرة في آذانه، ولهذا فكشف المستور يظهر الأشخاص على حقيقتهم رغم إيهامهم للغير بما ليس فيهم من وطنية وصدق ونزاهة، ومن هنا وجب تشكيل الحروف لتنطق بشكل صحيح .
يدرك الجميع أن المصلحة العامة أصبحت مجرد مصطلح يستعمله الفاسدون ويكررونه للتضليل والتمادي في الفساد، ولهذا سوف لن أدوس على مكابحي ثانية بعد مرات عديدة من التردد، وسأطلق العنان لبناني ليكتب عن الحق الذي نطالب به للسير في الاتجاه الصحيح، وعن الحقيقة التي نراها في واقعنا الحالي مجافية لاستمرار دولتنا ولمستقبلها الموعود .
وبما أنني صحفي من التلفزيون الوطني فسأنطلق من القول القائل : قل الحق ولو في نفسك، ولعل نفسي هي هذه المؤسسة الوطنية التي التحقت بالركب الذي لم ينج من قطاع الطرق والانتهازيين .
التلفزيون الوطني مؤسسة كانت فتية عندما كثرت في غرامها الأسماء، ولم تعد جميلة الجميلات، رغم ما رصد لها من مهر فاق مهور عشرات الحسناوات ممن يقعن في حب الذين أثروا الثراء بدل الوفاء للعهد وخدمة المصلحة العامة قبل الخاصة.
وكونها أصبحت "أم التركة" فإن الغواني الصغيرات تغلبن عليها وأصبحن أولى منها بكل شئ، ولتذهب هي وأبناؤها إلى الجحيم ، المهم أن من نصب نفسه أبا لأبنائها استأثر بالمال وحجز مقعده في نادي الفساد ، ويا له من رجل أخل بعهده لعائلته ، وشذ عن طقوس أبوته لأبنائه !!! ويا للدولة التي ربتهم وعلمتهم وتركتهم في الأخير عرضة لمن يخمد مؤهلاتهم ويشل قدراتهم رغم ما يقدمونه من جهد للرفع من شأنها ، لكن وإرضاء لبعض الأشخاص المتسلطين بالمحاباة والذين لا حدود لطموحاتهم ونزواتهم الشخصية حتى وان كانت على حساب جهد الأشخاص والمتاجرة بالإمكانيات العامة ، كانت الدولة بقوانينها وإجراءاتها تصم الآذان وتغمض العيون ولا تحبذ أن تسمع أو ترى إلا ما يقوله ويتظاهر به من يمثل سلطاتها في مختلف المجالات ، وهذه هي الحال مع من يديرون مؤسساتها ، وهاهنا يمكننا القول أن هذا الجرو ابن ذاك ابن آوى .
التلفزيون مؤسسة يأمل منها الكثير والكثير، ولكن مع حسن الإدارة والتسيير، والتوظيف الجيد لإمكانياتها المتواضعة ، غير أنها اليوم وبعد ما اشتد ساعد مديرها وصلب عوده بالتظاهر المزيف والنفاق البين نتيجة " لطول الكيد" رمى رفاقه جانبا لتتحول كل الانجازات باسمه وهو الذي لعب دور الممحاة في تبديد الكثير من الأعمال الصحفية الناجحة التي تعب على إعدادها غيره من موظفي هذه المؤسسة ، والتي كانت ستخدم القضية الوطنية أكثر مما يردده هو من ركاكة في بعض تلفيقاته وخرجاته التلفزيونية التي لا تتعدى كونها زوبعة في فنجان ، علما بأنه ليس من الصحافة في شئ ، حيث تنقصه الحبكة في تقاريره والقراءة الجيدة لحيثيات الواقع وأبعاده ، مثلما تنقصه الرؤية الثاقبة عند تعليقه على الأحداث ومناقشتها ، الرجل مفطور فقط على عبارات لاكتها الألسنة ، وتكرارها في كل مرة بأسلوب سخيف هو مدعاة للتقزز والغثيان ، ولا ينم حتى عن شخصية محترمة ولا عن إنسان يتمرس ليكون محترفا .
التلفزيون أمي كصحفي نطق أولى كلماته بين أحضانها ، يؤسفني حالها وهي طريحة الفراش ، ولا أحد يسأل عنها أو يتفقد أحوال وظروف أبنائها ، وان سألوا عنها دون معاينة ، فلا مجيب يعتد بقوله ، غير ذلك الشخص الذي ينمق وضعها بانجازاته الكاذبة ، وبصرامته الطفيلية العمياء ، وأنانيته المفرطة التي كبحت جماح كل ارتقاء أو تطور مقصود لهذا الصرح ،الذي هو من الشعب وللشعب ، وبالتالي يجب أن يخدم هذا التلفزيون رأي هذا الشعب في أمور شتى ، لا رأي الأشخاص المتخاذلين في حدود نزواتهم الشخصية وداخل دائرة النفوذ السلطوي ، فهل المدير هاهنا نبي كلامه حكمة وسيرته مثل ؟ وهل بقية الموظفين ليسوا إلا تحفا طينية تزين أروقة التلفزيون ، وان سقطت أو كسرت فلا أحد يلام وبالأحرى يحاسب على سبب تضررها ؟
إن من نصب نفسه أبا ، عليه أن يهتم بعائلته أولا ، لا أن يخسرها ويفقد احترامها في لحظة غرور وهوس ، تجعل منه زير نساء فاسق ، وباحثا عن المال بطرق غير شرعية ، وساعيا إلى السلطة والنفوذ بالمحاباة والتملق ، متى تكون العلاقة وطيدة بين أفراد الأسرة الواحدة ؟ أليس عندما يملأها التآلف والتآزر والوفاء خدمة لهدفها المنشود ؟ في مثل هذه الحالة متى كان التشجيع من صفات هذا المدير المعتوه بداء الاحتكار والاستحواذ على كل شئ ؟ متى كانت النزاهة والاستقامة من خصاله ؟ ومتى كان نكران الذات والتواضع من شيمه ؟ متى كان مدافعا عن من يصفهم بأبنائه واضعا في الاعتبار ظروفهم ، ومثمنا في الميدان أداءهم وحريصا على حقوقهم في وقت انعدم فيه التكريم وكثر فيه التغاضي عن الحقوق عندما كانت الواجبات تنجز على أكمل وجه وتخفى عنوة وحسدا ؟
إن هذا الأب ـ وهو ليس كذلك ـ أفرط في الأنانية إلى حد أصبح لا يرى فيه إلا نفسه ، مهما أخلص الآخرون وأجادوا وأبدعوا ، فهو المتنكر لمجهودات من يسميهم أبناءه ، والتي رفعت من شأنه وغطت على عيوبه الكثيرة ، وبالتالي كان جزاؤهم عنده كجزاء سنمار، الذي أتقن البناء لصاحبه ، وخوفا من أن يبنى مثله لغيره دفعه مالك البناء من أعلى ليتخلص منه ومن مهاراته ، وهذا ما حدث بالفعل مع كل من تعاقب على التلفزيون من الكفاءات ، وكان المسئول عن هجرانها واختفائها هو مدير مبنى التلفزيون هذا .
في التلفزيون أيضا هناك ما يسمى بمجلس التسيير ـ الذي لا يحمل من هذا التسيير إلا اسمه ـ وهو بالمناسبة الابن الأكبر الذي لم يكن بارا لأمه ، والذي سار على ملة أبيه المغرور ، وأغلبه ممن ضلوا سواء السبيل ، وجعل منهم مدير هذه المؤسسة مجرد قطط سمان تجول في مطبخه وتنمو مع ما يتبقى من فضلاته ، ولا يهمها إلا ما يدور في هذا المطبخ العفن وما يفتح أسارير من يطبخ الولائم داخله ، لقد أصبح هذا المجلس مجلسا للعرائس حسب أدائه ، ويعود ذلك إلى الخيوط المربوطة إلى كل دمية منه ، فهذا مربوط بالاستيلاء على نقود ، وذاك بالاستحواذ على سيارة ، وأخر على شاحنة ، وغيره على أجهزة ، والبعض مده المدير بكعكة هي طعم في صنارته ، وغيره لديه نصيب في الاختلاس لصالح هذا المدير ، وأغلب أعضاء هذا المجلس تحت الضغط ويتحكم فيهم هذا المدير بمثل هذه الخيوط المحكمة ، ومن على مسرح تزينه أضواء النفاق الملونة ، وغمزات الخديعة البراقة ، وهكذا في كل مرة يبدأ العرض " لأطفال التلفزيون " من خلف طاولة تغطيها ستائر الفساد . وإذا كان هذا الكلام مجافيا للحقيقة ، فبماذا نفسر تواطئهم معه وسكوتهم على الانتهاكات الماسة من حقوق من يتبع لهم من موظفين؟ ، وهم يحملون اسم رؤساء أقسام ، ومعهم إداري هو المدير الفعلي لأعمال الرجل ، وينفذ أوامره كما لو كانت تعطى لجهاز الحاسوب ، لماذا لم يحرك مجلس الدمى هذا ساكنا في وجه مختلف الإجراءات والقوانين المجحفة التي يسنها من هو على رأسهم وطبقا لبنات أفكاره، ورغبات من يديرون اللعبة من ورائه ؟ مع أن ذلك يحدث في تجاهل قانون يجب أن يكون واضحا وصريحا في اختصاصه بأحوال الموظفين والعمال ، وفي ظل غياب تام للقانون الإداري الذي يجب أن يردع مختلف التجاوزات والهفوات الإدارية ، وكان من الأفضل أن تسهر على تطبيقه أداة فاعلة تفاديا للظلم والغبن وهضم الحقوق وأي تعسف إداري مهما صغرت أو كبرت أضراره المادية والمعنوية .
في ظل هذا الوضع الهلامي المفتوح ، لماذا لا تتنحى هذه القطط الجائعة جانيا وتترك الفريسة لصاحبها مثلما فعل بعض الزملاء عندما تأففوا من رائحتها المغرفة ؟ وعلى ذكر القطط الجائعة هنا ، أذكر أن من لا كرامة له لا يمكن أن يحظى بتقدير واحترام وعلى نفسها جنت براقش كما يقال .
إن ما يتم التعامل به اليوم في مؤسستنا على أنه قانون ، هو فقط مجرد أشياء ملفوظة ومطاطة يمددها يعقوب لحاجة في نفسه ، والطريقة هذه وكما هو في الحال ، يطبقها كل مسير من رأس الدولة وحتى ساقيها ، ليتحمل كل العبء والثقل قدماها الحافيتين ، ومن هنا يغيب التقييم العادل والدقيق لأداءات الموظفين والمستخدمين ، وفي الأخير لن تكون هناك قناعة بمدى التقصير الذي على ضوءه تتخذ الإجراءات العقابية ، لأن كل ما يحدث في هذا الصدد هو عبارة عن لف ودوران ، المستفيد منه فقط أولئك الذين يتلون آيات الفساد والنهب صباحا مساءا .
لو أن التلفزيون هذه المؤسسة المتعبة ، تعني شيئا لمجلس العرائس هذا، لكان على قلب مخلص واحد ، ولتحرك بدون الخيوط المربوطة في كل دمية منه ، ولسعى إلى كل ما من شأنه صيانة الحقوق في ظل قانون الغاب السائد حاليا ، ولعمد إلى تسيير جيد يتسم بالجدية والموضوعية والنزاهة ، بعيدا عن الميول إلى الأطماع والوقوع في المصائد والكمائن التي قد تؤدي إلى أسر الضمير ووقوعه خلف قضبان الخسة والنذالة .
لو أن ما صرف للتلفزيون من مبالغ وإمكانيات مختلفة وظف بشكل جيد لكانت في أحسن حال ولاستغنت عن المطالب التي يقدمها ويلح عليها من صدق فيه المثل القائل : "جهد أنبيح الكلب أللا أعلى راسو" .
على من يتظاهرون ويتبجحون بوطنية زائفة ، ورعاية كاملة للمصلحة العامة ، أن يتذكروا أن الشهيد الولي مصطفى السيد صنع مكاسبا عملاقة لهذا الشعب الذي عاش ويلات الظلم من المحتل ، ومازال يعيشها بعد أن تضاعفت بغبن وعبثية الانتهازيين منه . فوطنية الرجل لا غبار عليها ولا ضباب من ورائها ، كونه بر يمينه ومات على عهده مقدما نفسه غربانا لرفعة هذا الشعب وعودته إلى دياره ، ولو كان حيا لعمل بالمثل القائل : " الماهو أمعاك لا ايحمي أعليك أنهار" . وها نحن في عز الحر ، نكتوي بنار العدو من جهة وبنيران الخونة المفسدين من جهة أخرى في ظل دولة قد تصبح مؤسساتها مشلولة تماما عندما تنصهر إمكانياتها وحقوق من فيها في جيوب الانتهازيين والمفسدين بائعي القيم والمبادئ الإنسانية في سوق النخاسة .
إن من جاء على عهد وينكثه بعمل مخالف ، يعد خطرا داهما ، إن عم على ما تبقى من هذه الدولة فستكون أضراره بليغة ، وسيأتي على هذه الزهرة المتفتحة التي لولاها ما رأى الصحراوين النور وما تنفسوا الصعداء ، وفي الأخير يجرؤ البعض على احتكارها وامتصاص رحيقها ظلما وغبنا للآخرين ، وهذا لعمري هو الظلم والمنكر بعينه ، وهو الخطر الذي تجلت بوادره في ملكية مؤسساتنا الوطنية ملكا حصريا لمسيريها وتلك هي بداية الخراب والسقوط المدوي لا سمح الله .
التلفزيون الوطني اليوم هو ملكا لربوت مبرمج على سيمفونية النفاق ، وعلى ترنيمات التخاذل التي لا تشنف إلا أذان الفاسدين والمفسدين في بعض المؤسسات الوطنية وفي العديد من المهام والوظائف المختلفة في الدولة ، لقد افتقدت مؤسسة التلفزيون المتعبة بالهموم والمشاكل بريقها وكل حروف جمالها مع مرور الوقت ، حين دأب مديرها وأصحابه على بيع أقراطها وكل حليها وكحل عيونها ، لتبقى في الأخير مجرد وجه مشوه ، وصوت تتخلله الحشرجة من آثار الفساد والتسيير الهدام .
ما زالت هذه المسكينة طريحة الفراش تئن ولا من مغيث ، وهاهم أبناؤها مصابون باليأس والإحباط ينعونها رغم ما يبذلونه من جهد ، ويخفونه من ألم نتيجة لكل ما تم ذكره ، ولا من متفقد أو سائل يسمع من أفواههم آهاتهم وأوجاعهم ، فإلى متى التجاهل وغض الطرف عما يكابدون ويعانون في ظل فساد جعلهم ومؤسستهم يتخبطون في وضع مخزي لا يخدم الغرض المتوخى من هذه المؤسسة وبالشكل المطلوب ؟
لا يسعني في هذا المقال وكل من شاطرني ويشاطرني الرأي من صحفيي هذه المؤسسة إلا أن أناشد كل وطني غيور وخاصة في هذا الظرف الذي نحن أشد فيه ما نكون إلى هذا الوسيط الإعلامي لتغطية الأحداث بالصورة والدليل القاطع ، وبالصوت الواضح والصادق ، وفضح مختلف الممارسات القمعية والهمجية التي يرتكبها المحتل الغاشم في مدننا المحتلة ، مع علمنا أن هذه المؤسسة لم يكتب لها أن تعمل بكافة طاقاتها المفترضة لأسباب يمكن استخلاصها مما سبق ، لكن والحالة هذه ، لا ينبغي السكوت إطلاقا على كل ما من شأنه فرملتها وتوقيفها دون أن تقوم بما هو منوط بها على أكمل وجه ، وخاصة في هذه الواجهة من الصراع التي أتقن فيها العدو فن الفبركة والتضليل في ظل ما تشهده قضيتنا من محاولات التعتيم المقصودة ، والحصار المفروض في وجه الصحافة الدولية والعالمية ومنعها من الدخول في أتون هذا الصراع المرير الذي شهدته منطقة الصحراء الغربية حربا ، وتشهده اليوم سلما .
إننا نخاطب في هذا المقام عظمة الشهداء عند الوطنيين الأوفياء ، وعناء الثكالى عند المخلصين ، ولوعة المعذبين من هذا الشعب الذي جفت شفاهه عطشا لرؤية دولته حرة مستقلة على كامل ترابها الوطني ، أتمنى وزملائي خالصين أن تأخذ هذه الصيحة بعين الاعتبار، وأن يكون التأمل في وضع شعبنا ودولتنا إرشادا ومخرجا لنا مما لا يفيد في الدنيا والآخرة ، ومن لا يخشى قصاص الله لن يخشى قصاص العبد وبالأحرى إذا كان متساهلا أو متواطئا ، والله وحده على كل شئ قدير .
بقلم: صحفي من التلفزيون الوطني.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر