الجمعة، 3 مايو 2013

الملتقى الثلاثون للصحة………النقائص الحاضر الأول



انعقد الملتقى الثلاثون للصحة مع نهاية ابريل/نيسان 2013 بمشاركة وزير الصحة، اطر بالوزارة، والمتعاونين الاجانب الذين يمنحون المساعدات الطبية من حين لأخر، الملتقى ناقش العديد من المسائل، اهمها النقائص التي يعاني منها القطاع، وكان مجال التسوّل هو الذي اخذ الحيز الاكبر في الملتقى.
ويعاني قطاع الصحة العمومية في الوقت الراهن من عدة مشاكل اهمها النقص الحاصل في الادوية، وغياب رعاية صحية تحول دون التنقل الى اماكن اخرى، هذا اضافة إلى انعدام اخلاقيات المهنة داخل العديد ن المؤسسات الاستشفائية.
وبالنسبة لنقص الأدوية، فلا يوجد في الصيدليات إلا القليل من الادوية مثل الادوية التي تحمل في تركيبتها مادة البراستمول، اما الادوية الاخرى خاصة العقاقير فمكانها ليس الصيدليات العمومية، بل التنقل واجب إلى صيدليات اجنبية وتحمل كلفة الشراء مع انه جل المواطنين لا يمتلكون دخل مادي ثابت بل يعولون على ما يجود به القدر احيانا.
أما الرعاية الصحية، ترتبط بما تقدمه السلطات لفائدة مواطنيها من خدمات، سواء تلك التي تتعلق بالمتابعة الدورية للأفراد أو من خلال البرامج التي تقدمها وزارة الصحة العمومية الصحراوية تلبية لحاجات المواطنين، وفي هذا الاتجاه يمكن الحديث عن قدرة الحكومة من عدمها في معالجة الكثير من القضايا خاصة موضوع الامراض المزمنة، مثل السكري، السرطان وغير ذلك، وبالنسبة لمرض سرطان الثدي الذي اصبح من اكثر السرطانات انتشارا، فالسلطات المعنية لم تعتمد اسلوب إلى حد الساعة في التعامل مع الموضوع رغم أن نسبة الرضاعة الطبيعية تراجعت بشكل كبير في السنوات الاخيرة. اما البرامج المفترض تقديمها فهي غائبة إلى حد الساعة، فلا توجد مثلا برامج تعمل على ضمان متابعة جيدة لصحة الأفراد، ومن الأمثلة مشكل المياه وطريقة استغلاله، هذا اضافة إلى عدم تقديم رؤى علمية حول موضوع الولادة عن طريق العمليات القيصرية التي اصبحت في تزايد، وكذا ترشيد الاستهلاك.
وبالنسبة لموضوع اخلاقيات المهنة، فيمكن القول أن المؤسسات الاستشفائية في مخيمات اللاجئين لم ترقى إلى المستوى المطلوب، ليس استنادا إلى النقص الذي فرضه الواقع، ولكن انطلاقا من واقع قابل للتغيير بشكل فورين فتجد في امستشفيات اشباه ممرضين، تجدهم بزي عادي، ويرتدون النعل، والهيئة تبعد بكثير عن هيئة الممرض في حالته المطلوبة، وفي المستشفيات، الممرض، والموظف، والمدير… تجدهم يشربون التبغ، وهو مظهر يخل إلى حد ما بسمعة هذا النوع من المؤسسات، والطريف انه في المستشفى تسمع الشتم والسب، وكأنك في إدارة عادية وليس في مؤسسة ذات طابع انساني، تحكمها الطيبة في تعاملاتها مع الزائرين.
ومن جهة ثانية يطرح موضوع هجرة الاطباء قضية اخرى وهو ما يطرح التساؤل التالي: اطباء مهاجرون ومستشفيات تعاني….هضم للحقوق ام تملص من الواجب ؟
تعيش المستشفيات الوطنية ازمة تغطية صحية خطيرة يدفع المواطن البسيط ضريبتها ، فبين طبيب مهاجر باحث عن ثروة ومال وظروف عمل احسن في الخارج وبين سياسة حكومية فاشلة في ادارة مشكل هجرة الاطباء تعاني المستشفيات غياب الكوادر الصحية وهجرتها ويعاني المواطن حتى بعد السنة الاربعين .؟
فمن المسؤول وماهي البدائل ؟ وهل توجد استراتيجية وطنية لاعادة الاطباء بصيغة ترضي الجميع لحل المشاكل التي تعصف بالخدمة الصحية؟
الخدمة الصحية تتراجع والمواطن يهرب للخواص :
يطرح موضوع تراجع مستوى الخدمة الصحية نفسه في ظل واقع مرير تعيشه المستشفيات الوطنية ولا يجد المواطن البسيط من حلول سوى الدفع من ماله الخاص لقاء الخدمات الصحية خارج المخيمات من شراء للادوية واجراء الفحوصات الطبية في ظل النقص الفادح للادوية وانعدام المساواة وتكافؤ الفرص في الحصول على العلاج بالخارج وتردئ الخدمة الصحية داخل المستشفيات بفعل غياب اطباء الاختصاص.
هضم للحقوق ام تملص من الواجب :
بعد المجز الكلي والضخم لاربعين سنة من التأسيس في ثورة كلية من اجل البناء تظهر احصائية اكثر من 500 طبيب صحراوي كرقم مخيف ليس لضعف الرقم بقدر ماهو الوجود الفعلي لهذا الرقم داخل بنية العمل الوطني ، فالمستشفيات الوطنية تعاني من قلة وجود الاطباء واصحاب الاختصاص وتظهر اشكالية الحق والواجب كواحدة من اهم الاشكالات المطروحة لتبرير الهروب والهجرة ، ويرجع اغلب الاطباء المهاجرون سبب الهجرةالى هضم الحقوق وضعف الراتب وانعدام افق العمل بما يضمن مستقبل افضل لهم وغياب شفافية تسير داخل الوزارة والادارات الصحية ووضع عام غير مستقر ،كل هذا يدفع بهم الى اختيار الهجرة كسبيل لتعويض المفقود.
فإذا كانت كل المطالب المعيشية للأطباء حقيقية ومطروحة رغم من يخالفهم في الرأي باعنبار حالة الاستثناء التي نعيشها وصعوبة توفير شروط عمل افضل مقارنة بالاخرين ـ فإن سؤال الواجب يطرح نفسه ايضا وماهو مستوى القدرة على التضحية المطلوب من الاطباء كجزء اساسي من الواجب لرد بعض الجميل لمن كان السبب في ماهم فيه ام ان اطبائنا ومسؤولينا لايعرفون من الشعارات غير شعار نفسي نفسي ومن بعدي الطوفان في تملص مفضوح وغير اخلاقي من الواجب الوطني والانساني .
فشل ذريع للسياسات الحكومية :
ان ما تعيشه المستشفيات الوطنية من حالة سيئة مرده الطبيعي الى الفشل الذريع في تدبير ملف الصحة العمومية الذي شكل اولوية وطنية في برامج العمل الوطنية منذ المؤتمر الاول ، فغياب الشفافية وحالة الفساد المستشري داخل الوزارات وانعدام التأطير كضمانة تحصين عقائدي كانت السبب الرئيس في هجرة الكوادر الطبية كما شكل غياب استراتيجية تربوية وتعليمية وغياب رؤية واضحة المعالم ابرز التحديات التي فشلت الحكومات المتعاقبة في تجاوزها وكان التخبط في ادارة ملف الصحة واضحا وجليا كلما اسندت الوزارات الى غير المؤهلين واهل الاختصاص مما فاقم وضعية الاداء الخدمي للقطاع الى ان وصل الى ما وصل اليه كنتيجة طبيعية للسوء التدبير تجتاج الى توافر جهد الكل من اجل البحث له عن حلول عملية لخلق القطيعة مع سوء التسير وانعدام ثقة الكوادر الطبية في الجهات الوصية لضمان عودة طوعية للاطباء المهاجرين بصيغة تراضي يكون الاطباء مشاركين في وضعها.
نحو حلول عملية :
ان تفاقم وضعية القطاع الصحي وتداعيات الهجرة الكبيرة للأطباء على الاداء الخدمي للقطاع يدفع بنا الى ضرورة الوقوف عند المشكل الخطير الذي افرزه الوضع القائم والبحث له عن حلول من اجل تجاوز المشاكل المطروحة وذلك بوضع استراتيجية وطنية يشارك في وضعها الجميع دون استثناء ، فالمسؤولية مسؤولية الجميع والضحية هو الجميع وتشكل الاسرة والخلية نقاط التماس المجتمعية لبناء استراتيجية تستهدف الذهنيات لتستكمل بدور التنظيم السياسي والاعلام كأطراف علاقة متكاملة لمعالجة ما امكن.
ان التملص من الواجب غير مبرر مهما كانت المسببات والحلول موجودة اذا وجدت النية الصادقة .
وفي الاخير يبقى من الضرورة ادراج توصية للجهات المعنية، وهو أنه اصبح يتعين معالجة المشاكل القائمة وفق نهج يضمن لها الحلول بشكل سريع، ووضع آلية لمتابعة أداء المؤسسات الاستشفائية حتى تتقيد بالمنظومة الداخلية لسير المؤسسات العمومية.
يذكر أن التغطية الصحة في المخيمات كانت افضل مقارنة مع بلدان مستقلة في افريقيا والشرق الأوسط، وكان الدعم الانساني في السنوات الماضية سبب في ذلك، وقامت منظمات عديدة بإدخال اجهزة طبية متطورة لم تكن موجودة في بلدان الجوار، لكن حرم منها القدر الذي تجسد في اللامسئولية التي طبعت سلوك بعض القيادات المركزية في جبهة البوليساريو سابقا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر