الأربعاء، 1 مايو 2013

الخـــــــــليـــــــــل


حاولت جاهدا ان اجد عنوانا لهذه الاسطر التي اذرف فيها دموع حزن و اسى على فقيد القضية و الشعب و شهيد الواجب المقدس الاب و الاخ و الصديق المرحوم الخليل احمد سيدامحمد، فلم افلح في ايجاد عنوانا مناسبا يفي بالغرض ، افضل من اسمه :
الخليل اسم كبيراختزل في اعماقنا و في وجداننا معان سامية ،
اسم ظل صاحبه و بات و امسى و اضحى حاضرا بعمله المتفاني ، بفكره النير و بسلوكه المثالي،
اسم طبع ملحمة التحرير الوطني و ترك بصماته الخالدة في مختلف مراحلها و في عديد اوجهها.
اسم يقترن عند ذكره و يتلازم وعدة خصال و صفات قلما تتوافر لغيره :
الخليـــل ينبوع الوطنية العذب المتدفق الصافي و شلال التفاني و الصدق و الاخلاص
الخليـــل مدرسة الصبر و العطاء و التواضع و نكران الذات
الخليـــل شلال الانسانية و الاحساس بالام الشعب و معاناته ، و الرفق و حب الخير للغير
الخليـــل قمة جبل شامخ من الترفع عن الصغائر و عن الاحقاد و من السمو و بعد النظر
الخليـــل فكر متقد و تحليل و استشراف و خلق و ابداع حلول و قهر للمستحيل
الخليـــل جماع شمل و موحد صف و جاسر هوة
الخليـــل باعث امل و مستنهض همم و مقوي عزائم
الخليـــل شعلة ظلت تحترق لتتوقد القضية التي اعطاها روحه و قلبه و عقله ووقته و اهداها قلبه.
الخليل اسم عظيم تقمص القضية و اسكنها روحه و عقله و وجدانه و قلبه حتى اخر نبضة.
و كيف لي ان احصي مناقب او ان اعدد صفات رجل عظيم بوزن الخليــل.
رجل بعث الهمة في نفوس الشباب غير الشباب و هو كهل و شيخ
رجل اعطى الامل و قوى الثقة بالنصر فينا جميعا و وقف بالمرصاد لليأس و القنوط ان يتسللا الى نفوسنا و هو المريض
رجل ظل ماسكا بشراع السفينة ان تميل دون ملل اوكلل ، واضح امامه الهدف لا يحيد عن الاستقلال
رجل اعطانا و اعطى القضية كل شيئ و لم يأخذ شيئا لنفسه او عائلته او عشيرته ، و رغم ذلك تحمل بقلب كبير جحود و جهل و قصر نظر و عدم معرفة بعضنا بل و سامح
رجل لم يفزع يوما لجزع و لم يهن أو تخر قواه بل ظل واقفا في صبر و جلد و ثبات كالطود العظيم.
عرفت المرحوم و انا صبيا ابان فترة الاجتياح المغربي و بالضبط في منطقة قلتة زمورعندما كان مسؤولا للتنظيم بها ، كنا حينها نختبيء في احد الاودية تحت الاشجار ـ اتشابولا ـ والدي رحمه الله كان حينها أسيرا بعدما جرح في معارك لقويرة التاريخية، كان الخليـــل يزورنا بين الفينة و الأخرى و يطمئن على احوالنا و كان رحمه الله يمازح جدتي ـ رحمها الله ـ و التي كانت تخفي كل شيئ خوفا من الطيران المغربي و امرت حتى بذبح كل ما نملك من غنم لنفس السبب .
عرفته بعد ذلك واليا و انا طالب و خاصة في برامج محو الامية و حملات التثقيف الشعبي ، و عرفته لاحقا و هو وزيرا للتعليم و عملت معه واليا و استمرت علاقتي به حتى وفاته رحمه الله. خلال هذا و ذاك عرفت الخليل الانسان و عرفت الخليل المناضل و عرفت الخليل الاطار و المسؤول و القائد.
عرفت انسانا بسيطا متواضعا حتى في خيمته و مع عائلته و مع كل الناس افضل وجباته الارز
عرفت انسانا ناكرا لذاته مضحيا بها و بعائلته و اقاربه
عرفت انسانا رهيف الاحساس رحيما بالضعفاء و خاصة جرحى الحرب و عائلات الشهداء
عرفت انسانا لا يوجد في باله و لا في تفكيره و لا في مشاريعه الا قضية واحدة ووحيدة هي الوطن و القضية ، لا يرى الا من خلالها و لايفكر الا فيها و بها و لايزن او يقدر الاشياء الا من خلالها .
عرفت انسانا ـ و اقسم بالله العظيم على ما اقول ـ لا يعرف حتى ان يميز بين النقود
عرفت اطارا فذا من اطارات المشروع الوطني الصحراوي قلما ستلد النساء له مثيلا .
و اعرف كل المعرفة انني و غيري و مهما قلت و كتبت و عددت مناقب الرجل فلن نفيه حقه علينا و هو الذي افنى زهرة شبابه و كهولته و شيخوخته للشعب و للقضية .
عزائي فيك ايها الغالي انك تركت مجدا سيذكره لك كل الصحراويين ما وجدوا و حيثما كانوا بالمخيمات و الاراضي المحررة، بالارض المحتلة و جنوب المغرب ، بالجاليات و في الشتات .
و عزائي فيك انك حي في وجداننا و لن تموت
و عزائي الكبير فيك انه قد صدق فيك حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم عندما مرت به جنازة رجل شهد له المسلمون بالخير ، فقال ص: قد وجبت له الجنة
و من منا لايشهد للخليل بالخير
كلمة حق في لم اقلها و انت على قيد الحياة و رأيت ان اقولها بعد وفاتك اعترافا بفضلك و اعتبارا لمنزلتك و اجلالا و تعظيما لروحك الطاهرة . و تأسيا بذلك الشيخ الذي أقسم الا يستعمل هاتفا نقالا ما بقي من حياته لانه ابلغ خبر وفاة الخليل عبر هاتفه النقال.
رحم الله الخليـــل و اسكنه فسيح جنانه و الهمنا في فقدانه الصبر و يسر علينا السير على نهجه و نهج الشهداء الابرار رحمهم الله اجمعين ، قولوا امين. 
بقلم: ابا لحبيب باهية بوزيد

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر