الثلاثاء، 28 مايو 2013

موريتانيا و الحياد الأيجابي‎

لطالما كان النزاع في الصحراء الغربية وهي أخر مستعمرة في القارة السمراء محل جدل لدى الكثيرين و ظل ورقة يساوم بها البعض و خاصة دول الجوار التي تباينت مواقفها منذ نشوب النزاع بين جبهة البوليساريو و المملكة المغربية و إنقسمت مواقفها حسب المتغيرات الدولية و موازين القوى ، وكانت في مجملها كالتالي ، الجمهورية الجزائرية الشقيقة إتخذت موقفها منذ الوهلة الأولى وكان موقف موازي لمبادىء ثورة أول نوفمبر المجيدة وظلت الجزائر متمسكة به طول فترات النزاع وذلك من خلال دعواتها المتكررة إلى ضرورة تمكين الشعب الصحراوي من حقه المشروع في تقرير مصيره ، أما الجماهيرية اليبية فقد تباينت مواقفها حسب مزاج العقيد امعمر القذافي الذي لطالما حاول المتاجرة بورقة الصحراء الغربية تارة وفق مصالحه الضيقة و تارة آخرى للرد على خرجات المخزن ، أما فيما يخص تونس ماقبل الثورة والتي إتخذت من السياسة الفرنسية ظلاً تسير تحته فلا غريب أن تكون بوغ مروج للأطروحة المغربية و هي الأن تعيش حالة من اللإستقرار في ظل حكم المنصف المرزوقي الذي لم ينصف الصحراويين ، أما الجارة موريتانيا فهي تختلف عن كل الدول السالفة الذكر سواء من حيث الطبيعة المكونة للشعب الموريتاني الذي تربطنا به علاقات تفوق المواقف السياسية المتأرجحة و تتجسد تلك الروابط في الثقافة البيظانية و اللهجة الحسانية و نمط العيش لدى سكان المنطقة ، اما الموقف الموريتاني الرسمي فمنذ أن تراجعت عن الأتفاقية المشؤمة التي دفع بها المغرب إلى التوقيع عليها إنتهجت ما يسمى بالحياد الأيجابي
حيث أعلنت أنها ستقف على نفس المسافة من الطرفين رغم أن الكثير من الموريتانيين يرون أن هذا الموقف لا يمثلهم ولا يشرفهم و يطالبون بتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره .
إلى هنا تبدو الأمور طبيعية و المعطيات تقول أن أجندات سياسية هي التي تحرك الملف و تزحزح المواقف ، لكن المعضلة الكبرى تمثلت في تخلي موريتانيا عن حيادها المزعوم فلم تبادر بفتح سفارة للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على قِرار المملكة المغربية ، كما أن تحول القوة السياسية فيها إلى لوبيات تحركها يد المخزن القذرة ، و لم تتوقف هذه الظاهرة عند السياسين بل إمتدت لكي تشمل فيئات اخرى من المجتمع الموريتاني من فنانيين و صحفيين و مثقفين والذين تسابقو لنيل مباركة المغرب طول الفترة الماضية.
لكن ما جعلنا ننبش هذه الملفات في هذه الفترة الحساسة هو تزايد الأصوات المتكالبة على حق الشعب الصحراوي الغير قابل للتصرف ، فمنذ فترة أبرز بعض المثقفين و اشباه الصحافيين الموريتانيين عن خبث نواياهم و تخلوا عن المبادىء والقيم من أجل دراهم المغرب و كسب وده ، فذهب بعضهم إلى إعداد تقارير كاذبة و منافية للصحة عن تاريخ المنطقة ورسم حدود وهمية تعكس الرغبة التوسعية لدولة الأحتلال ، و إستمات بعضهم في الدفاع عن الأطروحة المغربية أكثر من الخطاب الرسمي للمخزن نفسه مثل المدعوا الشيخان ولد الشيخ الذي تطاول على مقدسات شعبنا العظيم و سبقه لذلك كل من الأخت فاطمه بنت شيخنا و الدكتور اعل الشيخ ، كلهم تفننو في الكذب و تزوير الحقائق من اجل التقرب من خزينة القصر الملكي .
تزامنت هذه الأستفزازات مع بعض الأشارات القادمة من نواكشوط و التي تجلت في حدثين بارزين وهما إقدام قوة موريتانيا على إرغام برج المراقبة الصحراوي على تغيير مكانه و طرد بعض تجار المحروقات الصحراويين من منطقة "لبريكة" و من جهة آخرى ما جاء على لسان والي ولاية نواذيبو العاصمة الأقتصادية لموريتانيا فيما يخص وضع مدينة لكويرة الصحراوية حين ما قال أنها ليست مغربية ولا صحراوية و يتواجد بها الجيش الموريتاني في إشارة منه إلى أنها ضمن السيادة الموريتانية .
الشيء الذي يمكن أن نستخلص من هذه المعطيات أن أكذوبة الحياد الأيجابي لم تعد مقنعة في ظل هذه التجاوزات و بدأت ملامح هذه الظاهرة منذ زيارة السفير الموريتاني بالرباط الشيخ العافية ولد محمد خونه لمدينة لعيون الصحراوية سنة 2009 ما شكل انحرافا عن الموقف الذي اتخذته كل الحكومات الموريتانية المتعاقبة منذ 1979 علي الحكم في موريتانيا ، هذا ما اعتبره البعض تجاوزا مدانا لواحد من أهم ثوابت سياسة موريتانيا الخارجية والتي تقضي بالحياد الإيجابي في الصراع بين المغرب وجبهة البوليزاريو، والتمسك بالشرعية الدولية التي تعطي الشعب الصحراوي الحق في تقرير المصير عن طريق الاستفتاء الشعبي .
السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا هذه الطعنات المتتالية من الجار الأستثنائي؟ ، ولمـاذا التصعيد في هذه الفترة بالتحديد ، بينما إتفق العقلاء في العالم على عدالة قضيتنا الوطنية بينما يبقى بنو جلدتنا في موريتانيا ينقسمون بين متاجر بقضيتنا و من فضل الصمت على قول الحق و كلاهم ظلم الشعب الصحراوي المكافح.
بقلم: محمد سالم عبد الله

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر