السبت، 18 مايو 2013

الترجمة تجهض البروتوكول….دبلوماسي/سياسي ويترجم!

في المؤسسات ذات الهيكلة يوجد اقسام تهتم بالصلاحيات المخولة لكل قسم أو كل مصلحة تتبع لتلك المؤسسة، وفي المناسبات الرسمية تباشر الاقسام برامجها في الاتجاه المتعارف عليه، لكن عندنا وتحديدا في المناسبات الرسمية التي تقتضي احترام البروتوكول نجد أن الصورة لا تعبّر عن وجود أي مظهر يوحي بأن هناك بروتوكول يحدد نسق التعامل مع جهات اجنبية تتمتع بمراتب سياسية أو حتى عسكرية، والطريف هو أن الدبلوماسي والسياسي هو المترجم والمرشد في الوقت ذاته، كما أن حامل الصفة الرسمية في امتدادات الحكومة الصحراوية أو حتى داخل جبهة البوليساريو يستمر في تعميم هذه الصورة الفريدة من نوعها.
ويشهد الكل أنه في المؤتمرات والمناسبات الرسمية السفير عليه أن يترجم، ويرشد وفد معين حتى يثبت الكفاءة من جهة والمسئولية من جهة ثانية، والتعدد في الخدمات من جهة ثالثة، يتحدث الرئيس أو الأمين العام، أو المسئول مهما كانت درجته ويليه في حديثه مسئول آخر يترجم ما تلاه من كلام حتى يفهم الحضور من غير العرب ما قاله.
وفي اسوأ الاحوال يترجم مسئول لمسئول آخر اقل رتبة منه، كما تجد مسئول يترجم لنفسه لعدم تحسسه بمن يمرر ما قاله للوفود التي تجلس امامه تنتظر لتصفق على كلمة لها مدلول قوي، وربما المدلول يغيب في الترجمة إذا لم يوفق فيما قال ترجمتا لأصل القول………..؟
داخل المجتمع الصحراوي صفة الدبلوماسية تتحدد من خلال مستوى الفرد في اللغة الاجنبية لأن القدرات الاخرى لا حديث عنها ما دام الكل في اتجاه واحد ويحفظ العبارة التالية “الصحراء الغربية هي آخر مستعمرة في إفريقيا، الشعب الصحراوي بحاجة لأن يقرر مصيره…”
كما أن اللغة الاجنبية هي التي تجعل للإنسان مكان خارج الحدود كي يعرب عن شعور الشعب الصحراوي في قالب معين، لكن في مقابل ذلك امتزج الدبلوماسي بالمترجم، وأصبحت المهنة غير مستقلة بأصحابها، وهو ما ادى إلى وجود مترجم دبلوماسي، ومترجم سياسي، وليس العكس لأن المهنة لصيقة للفعل الطريف.
في قانون الدول المترجم للجهات الرسمية، كمترجم الرئيس، أو الوزير أو غيره له امتيازات وصفات تجعله محلّف وصاحب مكانة لأنه حامل لمهنة تحتاج مسئوليات عديدة، وتحدد العديد من الدول قوانين تتعلق بالترجمة حتى يتم ضبطها كمهنة تترتب عنها مسئوليات معينة، لكن لدينا لا يوجد من ذلك سوى ما نص عليه القدر أي أن الترجمة ليست مهنة، وانما بادرة من سياسي أو دبلوماسي اراد الظهور امام الجمهور حتى يتيقنوا من قدراته المعرفية، لكن المقصود يصبح من وجهة المنظومة فاسدا.
ومع حلول الأربعينية، حاولت جبهة البوليساريو من خلال امتدادات الدولة الصحراوية بإخراج كوكبة من المترجمين، الذين لهم القدرة في ايصال ما تقوله القيادة السياسية اوقات المحادثات الرسمية، لكن ما أظهرته هذه الفئة في احتفالات 10 مايو/آيار اتاح الحديث بأن الفريق الفتي الذي انجبته وزارة الشؤون الخارجية لم يكن على استعداد لترجمة ما تلته الوفود الاجنبية المشاركة في الاحتفالات، كما أنه اظهر مشكل قائم يتعلق بالترجمة، فعامة الصحراويين تجدهم يتحدثون بالاسبانية لكن لا يعرفون اللغة الاسبانية في جوانبها الأخرى، وتجدهم يدردشون بغيرها من اللغات لكن مرحلة الاتقان لا يمتلكها غير السياسيون وأهل الدبلوماسية لأن الترجمة رصيد لمن له الرغبة في أن يكون سياسي أو دبلوماسي، وليس مهنة ذات درجة كبيرة من الأهمية، يقتضي ترقية مستواها من خلال عملية استغلال للطاقات الشابة، وتوجيهها وفق نهج يضمن تبعيتها في وقت لاحق.
لذلك يبقى القول الصائب هو “كونوا مترجمين حتى تكونوا سياسيين أو العكس”، وإن لم توفّقوا في أن تكونوا سياسيين ستبقون لمهنة الترجمة وهو ما نحتاج إليه، لأن الترجمة اجهضت البروتوكول، وجعلت مُحَمَّد يُحَمِّد، وَمُسَلَّم يُسَلِّم…
ومن جهة ثانية وفي موضوع ذي صلة جدير بالذكر إذا تمت الاشارة إلى أن أحاديث العديد من المسئولين الصحراويين لن تتم قرصنتها أو حتى الاقتطاع منها بسبب الترقيع والتكرار الذي يميز جل الكلمات التي تعود لبعض المسئولين (حقيقة، على كل حال، كل ما، ……) فكل هذه الكلمات وغيرها من الكلمات المشابهة تعم على حديث الساسة في اوقات الارتجال، وهو ما يساعد على ارجاع اصلها لساستنا، وطبعا في مراتبهم المختلفة.
وفي تكملة لذلك، الخطاب السياسي يحدد من خلال، الكلمات، طبيعتها، حجم التكرار في بعض المصطلحات، وغيرها من القواعد التي تمهد لدراسة ذلك الخطاب، وعندنا لا يوجد شي أهم من درجة الحماس التي تخرج من الخطاب أما غيرها فأهميته غير نافعة لأن جمهورنا يرد على الخطاب وهو يصفق، وهذا السلوك يعني أنه صاحب ردة فعل، وليس من الصنف الذي يجيب بشكل موضوعي على قيمة ذلك الخطاب أو تلك الكلمة البارزة في خطاب معين.
المصدر: المصيرنيوز

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر