الجمعة، 17 مايو 2013

إنها قوة الحق يا سادة!

"ما لا يريد أبو بكر الجامعي وعلي أنوزلا أن يرياه"
في مقال ـ قد أصفه ـ بالقراءة الجبرية، أنتج الصحفيان المغربيان الشهيران نظرية، لا تستقيم بكل بساطة:
حيث كتب الصحفيان: "عندما بدأ الشباب الصحراوي في التظاهر سنة 1999، كان يفعل ذلك بدون أعلام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وكذلك بدون مطالب استقلالية".
حسب الصحفيان المغربيان، " دمقرطة المغرب، ستجعل الشبان الصحراويين المولودين بعد المسيرة الخضراء أي الذين تلقوا تعليمهم في المدارس المغربية مساهمين في بناء حكم ذاتي ضمن المغرب؟".
وينتهيان إلى القول بأن " دمقرطة مؤسسات الدولة المغربية ستتيح الفرصة لانتزاع اعتراف دولي بسيادة المغرب على صحرائه وسيحصن ذلك وحدته الترابية".
إنهما يحاولان بذلك القول: بأن الأسباب الاقتصادية، والاجتماعية أو الثقافية هي التي كانت تدفع الصحرايين إلى الخروج إلى الشارع، حاملين أعلام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية!!
تجاهل الصحفيان عن قصد أو عن غير قصد ـ لكن ربما للسبب الأول ـ الأسباب الحقيقية والمعطيات التي تبرر للشباب وغير الشباب من الصحراويين الخروج للتظاهر حاملين "ازريقة" (علمنا الوطني ذي الألوان الزاهية).
ليس فقط عندما يخرجون إلى الشارع، وإنما منذ ولادتهم ترضعهم أمهاتهم روح المقاومة التي لا تقهر من أجل حرية واستقلال الصحراء الغربية. عندما يبلغون عمرا معينا، يصطدمون مع حجج محكمة العدل الدولية الدامغة لصالح تقرير المصير. يكفي النظر في أي خريطة عالمية معلقة على أي صفحة ويب في أي بلد من العالم، ليعلموا أن الصحراء ليست مغربية. وحين يدخلون في أي مكتبة، سيقرؤون أن المغرب يرفض الاستفتاء الذي كان يقبله بالأمس، وأكثر من ذلك سيجدون ما يلي:
المواقف الرسمية المعلنة من قبل المملكة المغربية فيما يتعلق بالصحراء الغربية:
1). ـ الدّيْ ولد سيدي بابا، مندوب المندوب إلى لجنة 24. (أديس أبابا 7 يونيو 1966) يقول:
"أطالب باستقلال الصحراء الغربية في أقرب الآجال الممكنة، ويجب أن يكون استقلالا حقيقيا، وعليه يمكننا تجاوز الجمود الحالي. وعندما يقرر لسكان الإقليم مصيرهم، يمكنهم أن يحققوا بكل حرية كل حقوقهم كمواطنين كرماء وواعين، وسيعملون لصالح سياسة تتماشى مع الأهداف الوطنية لشعبهم"
2).ـ محمد الشرقاوي، وزير خارجية المغرب، في كلمته أمام الجلسة 21 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 أكتوبر 1966، يقول:
"المغرب يؤيد استقلالا حقيقيا للصحراء الغربية، بوضع مستقبل الإقليم بين أيدي أبنائه، الذين في جو من الحرية سيختارون بكل استقلالية تقرير مصيرهم. وعليه فإنني أطالب بتنظيم عملية تقرير المصير وفقا للمراحل الآتية: انسحاب القوات العسكرية الإسبانية من الإقليم ونشر قوات تابعة للأمم المتحدة (...) انسحاب الإدارة الإسبانية وعودة اللاجئين الصحراويين من الخارج. هذه هي المسؤوليات التي يمكن للأمم المتحدة أن تتحمل بدعم من السلطات المغربية والإسبانية".
3).ـ الملك الحسن الثاني شخصيا، أوضح في ندوة صحفية في 30 من يوليو 1970 بأن:
"بدلا من الذهاب إلى المحاكم للمطالبة بكل تراب الصحراء الغربية، طالبنا بتنظيم استفتاء شعبي، وسيجري عندما تكون نتيجته الأولى خروج كل الذين ليسوا أفارقة ويتمكن شعب الصحراء الغربية من الاختيار بين العيش تحت الرعاية المغربية، او تحت رعايته الذاتية أو تحت أي رعاية أخرى". الندوة الصحفية للملك الحسن الثاني في 30 يوليو 1970، حولية إفريقيا الشمالية، 1970، CNRS. باريس 1971 ـ ص: 807.
4).ـ السيد بوطالب، ممثل المغرب في الجلسة 25 للجمعية العامة للأمم المتحدة (أكتوبر 1970).
"المغرب والبلدان المجاورة، منشغلون بالسلام في المنطقة، والتطور والتعاون فيما بينهم، وقد قرروا وضع حيز التنفيذ تسهيل تطبيق تقرير مصير إقليم الصحراء الغربية، بالتعاون مع المنظمة الدولية والقوة القائمة على الإدارة."
5).ـ السيد بن هيمه، في الجلسة 28 لجمعية العامة للأمم المتحدة (3 اكتوبر 1973) يعلن نيابة عن الحكومة المغربية:
"من المعروف أن بلدي طالب رسميا أمام سلطات دولية أخرى بتقرير مصير سكان هذا الإقليم الآيل إلى تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية."
6).ـ رؤساء دول: الجزائر والمغرب وموريتانيا
عبروا في نواذيبو وفي أغادير عن:
"التزام الذي لا يتزعزع بمبدأ تقرير المصير الحر وعزمهم على أن يطبق ذلك المبدأ في إطار يضمن التعبير الحر والصحيح لسكان الصحراء، وفقا لقرارات الأمم المتحدة حول الوضوع".بيان نواذيبو الثلاثي المشترك في 14 سبتمبر 1970 بموريتانيا، وفي 24 يوليو 1973 في أغادير (المغرب).
7).ـ كان المغرب خلال اجتماع مجلس وزراء منظمة الوحدة الإفريقية المنعقد بالرباط، عمل بهمة ونشاط من أجل أن يتبنى المجلس القرار 15, CM-RES. 272, 1972، الذي يطالب إسبانيا، كدولة قائمة على إدارة الصحراء الغربية بـ:
"خلق مناخ حر وديمقراطي يمكن شعب الإقليم من ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال دون تأخير طبقا لميثاق الأمم المتحدة"
8).ـ الملك الحسن الثاني ملك المغرب، بعد خطابه أمام الجلسة 37 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 27/09/1983، يعلن:
"المغرب يقول لكم بأرنه يريد الاستفتاء، المغرب يؤكد لكم بأنه مستعد بأن يتم هذا الاستفتاء غدا إذا كنتم أنتم تريدون ذلك، المغرب جاهز لتقديم كل التسهيلات لجميع المراقبين من أين أتوا من أجل أن يكون هناك وقف لإطلاق النار ومن أجل تكون هناك استشارة حرة، عادلة ونزيهة. وختاما، المغرب يلتزم رسميا باحترام نتائج ذلك الاستفتاء ويعتبر نفسه مجبرا على ذلك".
وليس هذا فقط، للمغرب مشاكل جدية، ليس مع الصحراويين، وإنما مع المجتمع الدولي في عمومه. المغرب هو البلد الذي يحتفل بأمر تأسف له المجموعة الدولية. لا بد أن هناك أمرا خطيرا، يجعل شعبا ما يقبل بأن يدفع من قبل حكامه للاحتفال بشيء هو في نظر باقي سكان المعمورة أمر يؤسف له أو عليه.
سنة بعد أخرى، يدفع المخزن المغربي شعبه للاحتفال بالمسيرة الخضراء. في حين أن المسيرة الخضراء كانت فعلا مؤسفا، ليس فقط بالنسبة للصحراويين، وإنما كذلك بالنسبة للمنتظم الدولي. يصعب أن أصدق، بأنه على هذا المستوى، لم يقم السيدان: أبوبكر الجامعي وعلي أنوزلا، بقراءة توصية مجلس الأمن 380 (1975)، أين يقول المجلس بكل وضوح بأنه:
1. يأسف على قيام المغرب بالمسيرة الخضراء.
2. يطلب من المغرب أن يسحب كل المشاركين في المسيرة فورا من أرض الصحراء الغربية.
إنه هذا الصنف من القرارات، أيها السيدين: الجامعي وآنوزلا، هو الذي يصلب ويرسخ قناعات الصحراويين، صحراويي اليوم، غدا وبعد غد، من أجل مواصلة الكفاح من أجل صحراء حرة. هل تفهمون ذلك الآن؟
في احتفالات المغرب، سواء كانت دينية أو وطنية، تتهاطل على المملكة تهان من الكثير الدول. لكن فيما يسميه المخزن "احتفالات المسيرة الخضراء"، لايجد المغرب من يهنيه أبدا. أليس الأمر محزنا، أن تعلن عيد ميلادك، حتى في صفحتك على الفايسبوك، ولا تجد من يتذكرك لتهنئتك.
مها أنفق المغرب في الصحراء الغربية، ومهما كانت مؤسساته ديمقراطية، فإنه لن يستطيع أن يزيح عن كاهله العزلة الدولية في موضوع الصحراء الغربية. وحتى لا يظل المغرب دولة منبوذة، ليس له إلا طريق ممكن واحد: تكييف سلوكه مع متطلبات الشرعية الدولية، بالاعتراف للشعب الصحراوي بحقه في تقرير المصير والاستقلال.
وعلى النخبة المغربية أن تكون طليعية في نشر هذه الأفكار، بدل ترديد الخطب النمطية للمخزن. وإذا رافع السيدين الجامعي وآنوزلا عن استقلال الصحراء الغربية بصورة علنية فإنهما في النهاية لم يفعلا سوى تأكيد المواقف المشرفة التي تبناها أسلافهم محمد الشرقاوي، والسيد بوطالب، ومحمد بن هيمه.
بقلم: حدامين مولود سعيد.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر