السبت، 10 مايو 2014

اتحاد المغرب العربي:بين رهان القمّة الشكلية وقمّة الانطلاقة الفعلية

عادت إشكالية عقد قمة اتحاد المغرب العربي. لتطرح بإلحاح أمس. بمناسبة أشغال المجلس الوزاري للاتحاد في دورته العادية الثانية والثلاثين بالعاصمة المغربية الرباط.ويبقى طرح الفكرة شيئا ايجابيا على اعتبار انه لا يعقل أن يبقى تكتل بحجم اتحاد المغرب العربي دون لقاء بين قادته منذ عشرين عاما. لتقييم المسيرة ووضع أسس الانطلاقة لفترة تعاون جديدة.
وهي من هذا المنظور أمر حتمي أيضا إذا راعينا عمل التكتلات الجهوية والإقليمية الأخرى التي ما انفكت تعمل على توحيد مواقفها السياسية. وسياساتها الاقتصادية لمواجهة تداعيات عولمة اقتصادية لم تعد تؤمن بالدولة الواحدة بقدر ما تأخذ بحجم التكتلات الكبرى في مختلف مناطق العالم.
وعندما أكد منجي حامدي. وزير الخارجية التونسي أمس، بالرباط، أن بلاده مستعدة لاحتضان قمة رؤوساء اتحاد المغرب العربي شهر أكتوبر القادم، فذلك يبقى أمرا طبيعيا ومنطقيا لتكتل تطمح دوله لأن تكون كيانا موحدا له كلمته في الترتيبات التي أفرزتها التحولات التي يعرفها العالم منذ عشرين سنة تقريبا.
غير أننا إذا عدنا الى واقع الحال المغاربي، ندرك أن المسألة ليست بتلك السهولة التي تصورها الوزير التونسي، على اعتبار أن التئام قمة في تونس، أو في غيرها من العواصم المغاربية ستكون قمة برتوكولية لاعتبارات عدة.
أولها أن السلطات المغربية التي احتضنت اجتماع وزراء الخارجية أمس، تبقى في نظر الكثيرين عقبة في طريق تحقيق وحدة شمال إفريقيا المنشودة منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي، بسبب محاولاتها اعتبار النزاع في الصحراء الغربية انه نزاع بينها وبين الجزائر، رافضة الإقرار بأن تواجدها في الصحراء الغربية استيطاني، ونزاعها مع شعب يسمى الشعب الصحراوي.
وتصر الرباط على مثل هذا الموقف رغم أن الجزائر، أكدت في كل مرة أنها تتعامل مع هذه القضية من منطلق مبدئي تحرري، كما أن الزعم مردود عليه إذا سلّمنا بنصوص لوائح الأمم المتحدة التي أكدت أن النزاع في آخر مستعمرة في إفريقيا قائم بين المغرب وجبهة البوليساريو.
والأكثر من ذلك فإن التئام أية قمة لدول مهما كان وزنها الاقتصادي، ومهما كان نطاق تواجدها الجغرافي يبقى مرهونا بإرادة أطرافها، وهو ما لا نجده لدى السلطات المغربية التي جعلت من الاتحاد المغاربي مجرد غطاء للتمويه على سعيها السري والعلني من اجل الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، ولكنها فشلت في تحقيق حلم راود الملك الراحل الحسن الثاني، ومازال يدغدغ رغبات نجله الملك محمد السادس.
وقد تأكدت عدم رغبة الرباط في تحقيق الوحدة المغاربية عندما التقفت قبل سنوات فكرة الانضمام الى مجلس التعاون الخليجي رفقة المملكة الأردنية، بمجرد أن عرضت عليها في تصرف وصف في حينه على انه طعنة في ظهر الاتحاد المغاربي، وفضح مزاعمها في رغبتها في إقامة فضاء مغاربي موحد.
ثم هل يمكن لدول الاتحاد الخمس أن تعقد قمة شهر أكتوبر القادم، كما اقترح ذلك الوزير التونسي بعد جفاء عقدين كاملين سعت المغرب طيلتهما إلى تحميل الجزائر مسؤولية هذا التعثر المتلاحق؟ مع أن الجزائر بقيت تضمن رئاسة الاتحاد الى غاية سنة 1994، العام الذي قررت فيه التخلي عنها بسبب عدم جدية بعض أطرافه في تحقيق التقدم الذي يستدعيه بناء اتحاد بحجم دول المغرب العربي جميعها.
بل إن التصرفات المغربية العدائية تجاه الجزائر بالمناسبة وبدونها تؤكد على إصرار مغربي لعرقلة انعقاد هذه القمة، ولا أدل على ذلك مئات أطنان المخدرات التي يتم حجزها يوميا على طول الحدود الغربية للجزائر، والتي أكدت على أن السلطات المغربية لجأت الى طريقة “الإدمان” ضمن مخطط مغربي مهيئ ومقصود لزعزعة استقرار الجزائر.
وفي مقابل ذلك فإن الرباط لا تجد حرجا في انتقاد إصرار الجزائر على عدم فتح حدودها البرية المقفلة منذ صيف 1994، مع أنها هي التي كانت السباقة الى الدفع باتجاه إغلاقها، وهي الآن تجني ثمار قرار غير مدروس العواقب والتبعات.
ثم هل في استطاعة الدول المغاربية التي فشلت في عقد قمة لها منذ سنة 1994، عندما كانت تعيش الاستقرار والرفاه أن تعقدها في الوقت الراهن وفي ظل الظروف التي تمر بها ليبيا مثلا، وحتى تونس بعد ثورتي الياسمين و17 فيفري؟
ولذلك فإن عقد قمة مغاربية بعد غياب طويل يستدعي تحضيرا متأنيا ومدروسا، بعيدا عن أي تسرع وبما يحتم توفير الأجواء التي تجعل القمة السابعة قمة لانطلاقة أقوى، وعلى أسس أكثر صلابة وليس لاجترار المشاكل والعراقيل وتعميق الخلافات أكثر مما هي عليه الآن.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر