الثلاثاء، 13 مايو 2014

وداعا فرانك رودي

فرانك رودي هو سفير أمريكي سابق توفى مؤخرا، ومن الممكن أن تكون أمريكا أو جزءا منها، وخاصة عائلته، أحست بفقدانه، لكن نحن أيضا، كصحراويين، يجب أن نحس بفقدانه ونتذكره ونتعرف عليه ولو مدة دقيقة وفي سطور قصيرة. والذي يجعلنا نحس بفقدانه ونتذكره ونُذكر الأجيال الصاعدة به هو أنه عمل ذات مدة قصيرة كنائب لرئيس لجنة تحديد الهوية التابعة للمينورصو في الصحراء الغربية بين سنة 1993م، لكن لم يطول به المقام وتم التخلص منه من طرف عصابة بطرس غالي بسبب وقوفه في وجه المغرب وتسلطيه للضوء على المسرحية التي حاول المغرب تمثيلها أثناء تحديد الهوية.
فرانك رودي يكشف الوضع للكونغرس الأمريكي
حين بدأت المينورصو المرحلة الأولى من تحدد هوية الناخبين الصحراويين تحضيرا للاستفتاء في سنة 1993م، عمل المغرب على تمييع العملية برمتها وجعلها تبدو أقرب إلى مسرحية منها إلى عملية تحديد هوية جدية. فعلى مستوى المينورصو، قام المغرب باختراق عناصرها الأكثر تأثيرا في الميدان مثل رؤساء المراكز والموظفين المفصليين، أما على مستوى التعامل مع الناخبين فقد أغرق المدن بالمغاربة وجعلهم يحتشدون يوميا أمام مراكز تحديد الهوية لتمييع العملية برمتها وجعلها تبدو شبه مهزلة، ولخلق نوع من الضغط على المينورصو. نجح المغرب في اختراق عناصر المينورصو، وفرض حصار إعلاميا على المنطقة وبدأت المسرحية الدرامية. لم يعجب الأمر فرانك رودي، الأمريكي، نائب رئيس لجنة تحديد الهوية فطلب بوقف العملية حتى يتم تصحيح العلمية برمتها. كتب إلى رئيس اللجنة وإلى رئيس البعثة بكاملها، لكن كان كمن يكتب للريح. فحتى رئيس البعثة رفض الرد عليه، لإنه هو الآخر كان متورطا، بطريقة أو بأخرى، في العلمية القذرة ومثَّل دوره مثل بقية الممثلين. في الميدان حاول رودي أن يقف في وجه تهور المغاربة وراح يهددهم أن الأمر سوف يصل إلى الولايات المتحدة، لكن كل ذلك لم ينفع بسبب أن قيادة لجنة تحديد الهوية كانت تقف ضده. ووصل به الأمر مرات عديدة إلى نزع العلم المغربي الموضوع فوق البناية التي يسكنها عناصر المينورصو في العيون واستبداله بعلم الأمم المتحدة، لكن فشل أيضا. أصبح مزعجا للطرفين: المنورصو والمغرب فتمت معاقبته بجعله يذهب إلى عمل آخر. حين خرج من اللجنة لم يسكت ولم يتعب. بدأ يجري أتصالاته في الولايات المتحدة الأمريكية حتى تمكن من إقناع بعض أصدقائه في الكونغرس أن يتم الاستماع إلى شهادته بخصوص الوضع في الصحراء الغربية آنذاك. بعد جهد كبير تم السماح له وقدم شهادته يوم 25 جانفي 1995م أمام لجنة من الكونغرس. كانت تلك الشهادة ضربة مؤلمة تم توجيهها للمينورصو وللمغاربة معا. فحسب رودي، فإن المغاربة كانوا يتعاملون مع الوضع مثلما تتعامل عصابات المافيا، وأنهم يعاملون الصحراويين مثلما كان يعامل نظام الأبارتييد الأبيض السود في جنوب إفريقيا.
في يوم 26 نوفمبر 1997م، شارك فرانك رودي في ندوة دولية حول مخطط السلام تم عقدها بمدرسة 27 فبراير، وأقترح أن ينظم ندوة صحفية يقدم فيها شهادته حول ما يحدث في الصحراء الغربية، لكن تلك الندوة لم يتم تنظيمها وتم الاكتفاء بإعطائه الكلمة مثل باقي المتدخلين في الندوة وسط فوضى عارمة لا تترك أحدا يسمع ما يقول الآخر.
ويتحدث عن سبب استقالته قائلا لنا ونحن خارج القاعة:" سرعان ما قرأت أن الأمم المتحدة سوف لن تكون قادرة على إجراء الاستفتاء بسبب تهور المغرب.
فالمغرب هو مافيا بكل المقاييس. فحينما زرت الإقليم كنت أنتظر أن يكون أحسن كثيرا مما يصفه به المغاربة، لكن وجدت انه أسوأ كثيرا من ذلك.." ويربط فرانك رودي الوضع في الصحراء الغربية بالوضع في غينيا الاستوائية، أين تدعم واشنطن واحدا من أشرس الديكتاتوريين في العالم بعد اكتشاف البترول في سواحل البلد.
ورغم أنه غادر بعثة الأمم المتحدة إلا أنه بقى وفيا للصحراويين ولقضيتهم العادلة، وظل يستغل أي منبر يعبر عنه مدافعا عن قضية الصحراء، وسماه البعض حتى اسم" الصحراوي الأبيض". كان يكتب عن الصحراء ويتدخل ويذهب إلى كل منبر يتحدث عن قضايا تقرير المصير ليتحدث عن قضية الصحراء الغربية. كتب في الجرائد والمجلات وبعث الرسائل في كل الاتجاهات، خاصة إلى أي رئيس جديد للولايات المتحدة. الان نتذكر فرانك رودي، لكن فقط لإنه توفى تاركا ثقبا كبيرا في ذاكرتنا قد لا يملأه أي صديق آخر في المستقبل القريب.
بقلم : السيد حمدي يحظيه


0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر