السبت، 3 مايو 2014

قضية أبريل!!


بما أن الرهان عندنا أصبح فقط على أمور خارج سيطرتنا و ليس لدينا أي قدرة على التحكم فيها، و ذلك منذ أن تركنا كل شيء في يد الامم المتحدة التي كانت ثقتنا و لا تزال فيها عمياء و قد تصل حد الإفراط و المبالغة، مع علمنا أن هذه الهيئة صنيعة غربية و لا تتحرك إلا بأمر آمر من الدول التي تقف وراءها ، فإن هذا الرهان حتما سيؤدي إلى النتيجة التي نعيش تكاليفها اليوم، بعد أن تنازلنا عن كل شيئ و قبلنا لعب دور الحلقة الأضعف في النزاع ، هذا هو الذي أدى بقضيتنا إلى أن تصبح قضية يأتي الإهتمام بها فقط بصفة موسمية و بالتحديد في شهر أبريل و ذلك فقط لأنه الشهر الذي يقدم فيه الأمين العام للأمم المتحدة تقريره السنوي عن المنطقة لمجلس الأمن ، و تمدد فيه مهلة ـ بعثة الأمم المتحدة للسياحة و الإستجمام في الصحراء الغربية ـ بعد أن أصبح إلصاق كلمة الإستفتاء بها مدعاة للسخرية .
لهذه الأسباب فقط تناقش قضيتنا على مستوى الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي و إلا لمرت السنوات دون أن يولوها أدنى عناية و هو أمر منطقي إذا ما اخذنا بعين الإعتبار أن الأولوية عند هولاء هي لتلك القضايا التي تفرض نفسها بإلحاح و هي القضايا التي تشكل لهم إزعاج عن طريق إحداث ما من شأنه أن يضر بالإستقرار العام لمناطق نفوذهم و هو الشيئ الذي تقف له هذه الدول بالمرصاد لأن من أبجدياتها أن مصلحتها تبقى فوق كل إعتبار، بعيدا عن الشعارات الجوفاء التي لا يؤمن بها و لا يصدقها إلا السذج من أمثالنا!.
لا تشكل قضيتنا أولوية دوليا لسبب بسيط هو أن إستمرار الحال على ما هو عليه يخدم الدول التي لديها مفاتيح الربط و الحل، و هي نفسها التي تعد المستفيد الأول ـ إقتصايا طبعا ـ من إحتلال بلادنا ، هذه الدول لا يهمها إستمرار النزاع أربعين سنة أخرى و إستمرار المعاناة الناجمة عنه بقدر ما تهمها المكافآت و القرابين التي يقدمها لها المغرب مقابل صمتهم و تغاضيهم عن ما يقوم به من تجاوزات على الأرض.
في ظل لعبة السياسة غير الأخلاقية هذه ، نبقى نحن و تبقى ديبلوماسيتنا “المحترفة” و ذات التجربة الطويلة نغرد خارج السرب و نعيش خارج العصر، و تفوتنا دروس التاريخ دون أن نتعلم منها و نأخذ العبرة، لقد وصل بنا العجز إلى أن أصبحنا نتسول الدعم عند ألد أعداءنا و هو دليل أخر على رهاننا الفاشل على ما هو خارج عن سلطتنا، فتارة نراهن على صعود اليسار في فرنسا ، و تارة نطبل لراخوي و حزبه في إسبانيا ، و إذا إستمر بنا الحال على هذا النحو فمن يدري قد نراهن غدا على سقوط حكم “آل خليفة” في البحرين أو تغلب “رياك ماشار” على غريمة”سالفاكير” في جنوب السودان؟!.
كما كان متوقع تم التصويت على القرار الأممي السنوي الخاص بالصحراء الغربية ، و الذي لم يأتي في جوهره بالجديد ، و هو أمر منتظر نظرا لإعتبارات عدة أهمها أن الدول المكلفة بإعداد مشروع القرار في غالبيتها هم حلفاء للمغرب، و إذا كان هذا الاخير إستطاع في السنة الماضية التغلب على مشروع القرار الأمريكي القاضي بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، و ذلك بعد ثورة ديبلوماسية قام بها في اللحظات الأخيرة إستطاع من خلالها أن يتفوق على مشروع قرار مقدم من أمريكا و التي بدت غير متحمسة أصلا للموضوع كما يبدو أنها قامت بتلك الخطوة لحاجة في نفس يعقوب لم تكن مصلحة الصحراويين رأس الغاية من وراءها و إلا لما كان ما حدث.
إذا كان هذا قد حصل مع توصية مقدمة من طرف أقوى دولة في العالم فما بالك بفقرة وردت في تقرير بان كي مون الذي لا يملك حولا و لا قوة فيما يخص القضية الصحراوية و التي تعنى بها دول أخرى في مجلس الأمن وصفها الصحفي الإسباني “ميغيل أنخيل” بدقة حين سماهم “مجموعة أصدقاء المغرب” .
المؤسف حقا هو أن جهودنا و التي بدأت تتغير وجهتها حيث يبدو أنها إنصبت كلها على ضرورة تحقيق مطلب “التوسيع” قد ذهبت كلها أدراج الرياح ، و سنعود كعادتنا من هناك بخفي حنين دون أن نأخذ العبرة و نستفيد من الدرس و نمارس بكل جد أحد أهم مبادئنا ” النقد الذاتي” علنا نستفيق من سبات عميق أصابنا.
مشكلتنا كصحراويين أو مشكلة من يتولون أمرنا بمعنى أدق أنهم صدقوا أوهام مخطط التسوية بل و إعتبروه مكسبا، في الوقت الذي شكل هذا المخطط أكبر إنتكاسة في تاريخنا المعاصر، لذلك فإننا ما لم نقم بمراجعة حقيقية للسنوات العجاف التي قضيناها في مطاردة السراب، و ما لم نقم بتقييم جدي لخياراتنا الوطنية و نقوم برسم معالم المرحلة القادمة بما يضمن لنا تحقيق أهدافنا فإن دار لقمان ستبقى حالها و سنواصل في تلقي الضربات و النكسات و ربما قد نستفيق و قد فات الأوان.
بقلم: المحفوظ محمد لمين بشري.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر