السبت، 24 مايو 2014

تفاصيل مثيرة تنشر لأول مرة حول قضية إختفاء السيد : الخليل أحمد


تحقيق خاص بمجلة المستقبل الصحراوي
من إعداد الصحفي : ميشان إبراهيم اعلاتي.
*في الصورة الزميل ميشان إبراهيم أعلاتي برفقة البروفيسور الخليل احمد ، التقطت في حدود الساعة الواحد ليلا من يوم 26/12/ 2008 بمنزله الكائن بمخيم ولاية العيون .
1 ـ حيثيات اللقاء الأخير :
التقيته على هامش فعاليات مهرجان الثقافة والفنون الشعبية في طبعته 16 بولاية أوسرد اين كان مشارك ضمن ورشة حقوق الإنسان بصفته مستشار برئاسة الجمهورية مكلف بملف حقوق الإنسان ـ وهو ذات الملف الذي لن ولم ينصفه بعد إختفاءه ـ تحدثنا في كثير من القضايا ذات الشأن الوطني و لأني كنت مرافق للوفد الصحفي فقد ألح علي بضرورة أن أزوره برفقة الزملاء الصحفيين بمقر خيمته فاجبته بأن المسألة ترتبط بمدى توفر الوقت الكافي و في حالة وجود أي فرصة سأعمل على ذلك، أتذكر بأنه يومها سجل معه مجموعة من الصحفيين بعض اللقاءات الصحفية حول واقع حقوق الإنسان بالمناطق المحتلة وتطورات القضية الصحراوية نشر بعضها وبعضها الأخر لم ينشر ؟؟؟ ...
عشية إنتهاء المهرجان تلقيت مكالمة من الأمين العام لرئاسة الجمهورية يخبرني بموافقة رئيس الجمهورية على إجراء حوار مع أحد الصحفيين وبأنه على احضار الصحفي و المصور في حدود الساعة 7:30 مساءا إلى مقر رئاسة الجمهورية لتسجيل الحوار كما أخبرني أن رئيس الجمهورية و الأمين العام للجبهة قرر إقامة مأدبة عشاء على شرف الوفد الصحفي و انه علي إحضارهم في حدود الساعة 9:30 من ذات الليلة .
رتبت أموري و بالتنسيق مع الزملاء الصحفيين الجزائريين أعددت برنامج ما قبل الساعات الأخيرة وكان ذلك يوم 25/12/2008 لأن بعضهم كان على إرتباطات مهنية مع بعض القيادة الوطنية و المسؤولين من اجل اعداد حصص وحوارات صحفية.
إنطلقنا من ولاية أوسرد في حدود الساعة السادسة مساء ووصلنا إلى الرابوني في حدود الساعة السابعة، ولأنه كان لزاما عليا أن أحضر الصحفي المعني بحوار الرئيس دون غيره ـ بسبب بعض الحساسيات بين الصحفيين ـ فقد قررت توزيع بقية الفريق ما بين وزارة الإعلام ـ لمن يريد العمل و إرسال المادة الإعلامية ـ و السوق الشعبي بالرابوني "المرسى" ـ لمن يريد التبضع وشراء بعض الهداياـ تركتهم أحرار دون مرافقة و أخبرتهم بموعد اللقاء على الساعة 9:00 ليلا أمام مقر رئاسة الجمهورية لحضور مأدبة العشاء.
تم تسجيل اللقاء و في تمام الساعة التاسعة التقينا جميعا امام مقر الرئاسة و كان في الإستقبال الأمين العام للرئاسة و المكلف بالبروتوكول .
في حدود الساعة 9:30 بدات مراسيم مأدبة العشاء و أتذكر أنه كان برفقتنا بعض الصحفيين و الكتاب الأجانب التقطت بعض الصور ولكن كان لافت للإنتباه ان يطلب مني رئيس الديوان حينها و السفير الحالي بدولة جنوب السودان أن اتوقف عن التصوير على الأقل إلى غاية إنتهاء وجبة العشاء ونزولا عند رغبة صديقي السفير فقد توقفت عن التصوير و اكملنا العشاء.
في هذه الأثناء كان هناك بعض الزملاء الصحفيين يستفسرني بين الحين و الأخر عن لقاء الخليل أحمد و قبل ذلك كنت قد تلقيت إتصالات من الخليل أحمد نفسه يذكرني بضرورة الزيارة و لا أخفيكم سرا بأن الموضوع بدأ غريب جدا بالنسبة لي خاصة و انها المرة الأولى التي أرى فيها إلحاح بهذا الشكل مع العلم أن عملي مرافقا ومرشد للوفود الصحفية بدأ مع سنة 2005 وكانت مع أكثر من فريق اعلامي .
وبصراحة بدأ الفضول يشغل بالي و بدأت أفكر جديا بتخصيص وقت للزيارة و لأن موعد إقلاع الطائرة كان محدد على الساعة 2:00 ليلا فقد حاولت أن أنهي مأدبة العشاء و التزاماتنا البروتوكولية في أسرع وقت ممكن حتى يتسنى لنا زيارة الخليل أحمد بخيمته وكان ذلك في حدود الساعة 12:00 ليلا، ـ في تلك الليلة كان أخر لقاء لي مع الصحفي الصحراوي "أحمدو بمبة" الذي حضر برفقة تقني من الإذاعة الوطنية لتغطية مأدبة العشاء وعلمت في ما بعد بأنه فر إلى احضان الإحتلال المغربي ـ .
ودعنا رئيس الجمهورية و أخذت الفريق المرافق و أتجهنا صوب ولاية العيون عن طريق تيندوف و عند الوصول لنقطة التفتيش الثانية بين تيندوف و ولاية العيون تمت عرقلتنا بسبب إنتهاء صلاحية ترخيص البعثة الإعلامية " أورد ميسيون" و مكانه المحدد في ولاية أوسرد فقط، بعد أخذ ورد مع جندي الحراسة نزلت من السيارة بإعتباري مسؤول عن البعثة و منحته بطاقتي المهنية و طلبت لقاء القائد، أمر بركن السيارة على جانب الطريق ورافقني إلى الداخل أين التقيت القائد المكلف و بعد التحية و السلام شرحت له الموضوع و اخبرته بان مهمتنا تكمن في زيارة مجاملة و لن تتعدى ساعة من الزمن و أنه علينا العودة قبل الساعة 2:00 ليلا بسبب موعد إقلاع الطائرة، طلب مني الإنتظار لدقائق و أجرى بعض الإتصالات مع المطار و "السكتور" و عاد بموافقة على ان أتعهد بالعودة قبل 2:00 فأجبته بان الأمر حتمي و مصيري خاصة و ان علينا جميعا السفر إلى العاصمة و ان التذاكر محجوزة في وقت واحد وعلى ذات الطائرة اليتيمة .
خرجنا سالمين غانمين و اتجهنا إلى ولاية العيون وماهي الا 10 دقائق حتى دخلنا الولاية أتصلت بالخليل أحمد ليعطيني العنوان لأني لا أعرف أين يقطن بالضبط ، بعد 5 دقائق من البحث وصلنا الخيمة ووجدناه في إستقبالنا برفقة زوجته، دخلنا الخيمة ومعنا هاته المرة سائق السيارة وبعد إعداد كأس شاي و أخذ ورد قدم مجموعة من الهدايا للإعلاميين ـ لباس تقليدي صحراوي و بعض الملصقات و العطور ـ و قدم لي شخصيا هدية عبارة عن كتاب بعنوان " حوار إيديولوجي مع الفيلسوف المغربي عبد الله العروي حول المسألة الصحراوية والقضية الفلسطينية" تأليف عبدالله شريط، وقعه بإهداء خاص على اول صفحة، وكان بين الفينة و الأخرى يحدثني عن صداقته وعلاقته بالوالد الشهيد إبراهيم اعلاتي و سرد بعض ذكرياتهم .
خلال اللقاء ركزت على كل شيء الحركات، اللقاءات الثنائية، المواضيع المثارة و النقاشات، كنت أحاول من وراء ذلك أن أفهم سبب إلحاح الخليل و إصرار الصحفيين على هذا اللقاء ولكن بصراحة كل شي كان عادي جدا ولم يكن هناك ما يدعوا للريبة او يثير الإنتباه، في غضون ذلك أخبرني بانه سيسافر إلى العاصمة الجزائرية مع مطلع الشهر القادم أي في جانفي 2009 لذا اتفقت معه على اللقاء بالعاصمة الجزائرية كما العادة حال ما يصل ووعدني بذلك وبأنه سيتصل بي عندما يصل العاصمة لبرمجة لقاء جماعي مع الزملاء الصحفيين .
بعد هذا اللقاء الذي دام ساعة ونصف تقريبا إتجهنا في طريق العودة من مخيم ولاية العيون إلى مطار تيندوف و بعد إتمام إجراءات السفر توجهت الكوكبة إلى الجزائر العاصمة على متن ذات الطائرة اليتيمة، كانت هذه تفاصيل أخر لقاء جمعني بالخليل أحمد .
2 ـ حيثيات مغامرة البحث و التحقيق :
قبل الحديث عن عملية البحث وجب القول بأني ساتحدث بالمختصر المفيد في هاته النقطة لأن الموضوع شائك و فيه الكثير من التفاصيل والحيثيات التي لا يجب نشرها على الأقل في الوقت الراهن بسبب حساسيتها .
بعد وصولي للعاصمة الجزائرية يوم 26/12/2008 اتجهت الى السفارة الصحراوية و بقيت هناك الى غاية 05/01/2009 في هاته الفترة كنت انتظر اتصال من الخليل وبصراحة لم اتلقى أي اتصال ولم أعلم بقدومه الى العاصمة بل بعض زملائي الصحفيين كان يتصل بين الفينة و الأخرى ليستفسر عنه، حاولت الإتصال به في هاته الفترة ولكن هاتفه كان خارج مجال الخدمة وبعد إنتظار ممل قررت مغادرة العاصمة للتفرغ لشؤوني الخاصة .
بعد مرور 4 شهور تلقيت الخبر من مصدر موثوق قال فيه "هل علمت بإختفاء الخليل احمد" وكان الخبر صادم كالصاعقة، حاولت الإستفسار من بعيد ولكن دون جدوى ولا احد يمتلك معلومات عن الموضوع و حيثياته الأمر الذي خلق لدي العديد من الشكوك و الغموض .
مع مطلع فصل الصيف وفي شهر جوان 2009 رجعت للعاصمة الجزائرية وبدأت أولى خطوات عميلة البحث التي كانت شبه مستحيلة تقريبا، ولأن الموضوع يحتاج حل بعض الألغاز و البحث عن رأس الخيط كان لزاما عليا إعادة تفكيك وربط لكل التطورات و الحيثيات و المعطيات.
في ذات الوقت تلقيت إتصال هاتفي يتضمن تكليفي بمهمة ضمن البعثة الإعلامية الصحراوية المكلفة بتغطية المهرجان الإفريقي في طبعته الثانية و المقام بالجزائر العاصمة من من 6 إلى 20 يوليوز 2009، ومن المفارقات العجيبة الغريبة ان يكون ضمن ذات البعثة المتكونة من 7 صحفيين الأخ البشير الخليل أحمد "جمبلة" نجل الخليل أحمد .
وكانت هاته فرصة ذهبية للتواصل مع نجله عن قرب و للإستفادة من جميع المعلومات المتاحة و التي يمكن ان يقدمها "جمبلة" الذي رافقني لقرابة شهر كامل بأيامه و لياليه، وكانت فترة كافية لجمع ما يكفي من المعطيات سواء من لدن نجل الفقيد او من مصادري الخاصة وكلها معلومات مفيدة و قيمة ستكون بمثابة المدخلات الحقيقية للدخول في مغامرة محفوفة بالمخاطر والعقبات .
بعد إنتهاء المهرجان غادرت البعثة الإعلامية بمن فيها جمبلة نجل الخليل العاصمة وبقيت هناك لإرتباطات مهنية إضافة طبعا لإصراري على خوض التجربة مع سبق الإصرار و الترصد مع علمي بخطورتها على حياتي الشخصية ولكن شغف البحث والوفاء للعهد و لمهنة المتاعب كان الدافع للإنطلاقة.
اتمت مهمتي التي كانت تربطني بالمركز الإعلامي الصحراوي من خلال تأدية ما علي من واجبات، و للإنطلاق في "المهمة المستحيلة" قررت أن أقيم في فندق بسيدي فرج لم يكن إختياره إعتباطيا ولا صدفة و إنما لأن نقطة المركز ورأس الخيط لابد و ان تكون من ذات الفندق الذي يقطنه عدد كبير من الصحفيين و الكتاب الجزائرين مرفقين بعائلاتهم إلى جانب عدد من الحرس الشخصي للإطارات المسؤولة بالدولة الجزائرية، وكذا قربه من الضاحية التي كان يقطنها الخليل أحمد من خلال استئجاره لبيت هناك ...
إقامتي بالفندق دامت حوالي شهر ونصف يومها كنت أعمل صحفي متعاون مع عدد من الصحف الجزائرية إضافة إلى دراستي الميدانية في معهد خاص للصحافة بالعاصمة .
إقامتي كانت بشكل غير دائم حتى لا أثير الإنتباه وتزامنت مع شهر رمضان الكريم، في هاته الأثناء بدأت عملية البحث بمحاولة التقرب أكثر من أهم الأشخاص الذين ربطتهم علاقة خاصة بالأستاذ الخليل احمد وعلى رأسهم الصحفية "ك" بعد عدة لقاءات متتالية على مدار أسبوع كامل نجحت العملية ولكن لم تكن ذات نتائج بسبب تفادي المعنية الخوض في الموضوع و بعد أن أدركت هدفي و إصراري على معرفة كل التفاصيل الدقيقة بدأت تتهرب من لقاءي وهنا كان لزاما علي مراجعة العملية من جديد لذا غادرت الفندق صوب السفارة الصحراوية .
إبان إقامتي بالسفارة و بعد أيام تلقيت إتصال هاتفي من لدن صديق قديم وهو ضابط في المخابرات الصحراوية يشغل منصب رسمي في الحكومة الصحراوية يدعوني فيه لزيارته من اجل وجبة إفطار رمضانية و للدردشة خاصة وبحسب قوله أننا لم نلتقي منذ فترة طويلة، قبلت الدعوة على الفور ودون أي تردد ـ مع علمي بأن اللقاء و الدعوة ليست صدفة و بأنه قد تلقى معلومات حول ما أقوم به ـ وبعد ان ارسل سيارته مع سائقه الخاص قادني هذا الأخير لمنزل "معالي الوزير" و بعد إنتهاء وجبة الإفطار سهرنا معا و لكوننا كنا لوحدنا وجدت أن الفرصة متاحة لفتح الموضوع مع إدراكي بمنصبه المخابراتي و مهمته الوزارية في آن، وقد كان صريح معي و أطلعني على بعض التفاصيل المتعلقة بالمحاكمة العسكرية السرية بالعاصمة و أخبرني كذلك بأنه تم الحكم عليه بالمؤبد و بأنه يقضي فترة عقوبته بأحد السجون العسكرية بالبليدة، كان لزاما ان أسأله عن السبب فأخبرني بأنه متهم بالتجسس لصالح دولة أجنبية معادية للجزائر و بأن هاته الدولة لها مصالح و إرتباطات وثيقة مع الإحتلال المغربي، وبدافع الفضول و التشويق لم تنتهي الأسئلة هنا ولم يتوقف الحديث إلى غاية وقت السحور و موعد أذان الفجر.
عندما خلدنا للنوم لم أستطيع ان أنام وكنت افكر بإعادة المحاولة من جديد مع تغيير الإستراتيجة في العمل بقيت ساهرا في محاولة لربط المعطيات الجديدة مع ما لدي من معلومات سابقة وتصحيح بعض المعطيات و تفكيك بعضها الأخر، بقي الحال كذلك إلى غاية بزوغ شمس الصباح، حينها أتجهت صوب السفارة وبعد مرور ثلاثة أيام بالتمام و الكمال ـ فترة المراجعة ـ حزمت بعض الأمتعة والملابس و إتجهت مباشرة إلى فندق سيدي فرج الذي سبق و ان أقمت فيه، بدأت البحث من جديد ولكن هاته المرة كان عن طريق الإتصال بكل الزملاء الصحفيين الجزائريين كلن على حدى و الإستفسار عن كل صغيرة وكبيرة في ما يتعلق بعلاقتهم وصداقتهم مع الخليل احمد والإستفسار أيضا عن أهم الملفات و القضايا التي كانوا يثيرونها و يناقشونها مع الخليل.
دامت عملية البحث حوالي أسبوعين ولكن دون نتائج نهائية بل ان الأسئلة بدات تتكاثر و تتولد و بدأت المعلومات تتضارب ودخلت بذلك في دوامة من الشكوك وعدم اليقين خاصة مع تزايد حساسية العملية وخطورتها وكلما توغلت اكثر في البحث كنت اجد تعقيد وغموض اكثر خاصة عندما تلقيت معلومة شبه مؤكدة بأن الخليل احمد ربما قد تعرض لخيانة ومؤامرة من قبل المقربين منه في الجزائر العاصمة؟؟؟ و بأنه خضع لعملية غسل الدماغ بالسجن المذكور؟؟؟، عندها قررت أخذ وقت مستقطع من أجل غربلة المعلومات المتحصل عليها و إعادة تفكيك الخيوط و ترتيب النتائج المستخلصة من جديد.
عند عودتي إلى مقر السفارة الصحراوية بالجزائر أخبرني بعض الموظفين بأن مديرية الأمن بالسفارة الصحراوية بالجزائر تكون قد تلقت رسائل و شكاوي حول ما أقوم به من بحث و تحقيق و "أشياء مريبة على حد وصفهم " ولكن لم أعر الموضوع أي إهتمام طالما أن المسؤول المباشر عني و طاقم السفارة الصحراوية لم يخبروني شخصيا بالموضوع، مع علمي اليقين و إدراكي بأني تحت الرقابة خاصة في ما يتعلق بكل تحركاتي ما بين الفندق و دار الصحافة الطاهر جاووت بشارع بشير عطار، و ما بين السفارة و المركز الإعلامي بشارع ديدوش مراد ...
نوفمبر 2009 و في صباح يوم هادئ و بعد مضي 3 أشهر على إنطلاق عملية التحقيق كنت جالس بأحد المقاهي العاصمية أرتشف قهوة الصباح مع "كرواسو بالشكولاطة" وعصير برتقال طبيعي، أتصفح الجرائد اليومية بشارع ديدوش مراد بالعاصمة الجزائرية، لأتفاجأ في حدود الساعة 11:30 بشخصين يرتديان بدلات رسمية يجلسان بالقرب مني وعلى ذات الطاولة المستديرة التي كنت اجلس بها بمفردي، للوهلة الأولى لم يثيرا انتباهي لأني أعتقدت بأنهما لم يجدا طاولة فارغة مما أضطرهما للجلوس معي على ذات الطاولة إضافة إلى أن أنتباهي كان مركز على الصحيفة التي أطالعها ولكن ما إن نطق احدهما إسمي قائلا "ميشن" حتى أدركت بان الأمر يتعدى الصدفة حينها انزلت الصحيفة التي اطالعها و التي كانت تحول بيني و بينهم و أبتسمت إبتسامة عريضة مع "موطس" لأني ساعتها أدركت بان للموضوع علاقة بما أقوم به، بعد حديث ودي ونقاش دام لنصف ساعة تقريبا كان مضمونه "التحقيق" طلبا مني صراحة التوقف عن ما أقوم به من عمل لأني و بحسب قولهم أزجج بنفسي في موضوع كبير و خطير و لا يعنيني لا من قريب ولا بعيد، ولا زلت اتذكر ما قاله أحدهم في ختام الجلسة حين قال و بالدارجة الجزائرية " ميشن خطيك من الخليل عندو اللي إسقسي أعيه، هذا الموضوع اكبير أعليك"...
إنتهى اللقاء هنا و لكن بحثي لم ينتهي و إنما الظروف هي التي أنهته خاصة عندما وجدت نفسي بعد أيام مدعوا للحضور رسميا بالرابوني بحجة توظيفي بوزارة الإعلام كرئيس للقسم السياسي ومكلف بالحوارات بجريدة الصحراء الحرة بدل من مركز الإعلام بالجزائر العاصمة، أدركت ساعتها بان كل شيء قد تم إعدادها في الخفاء و بان تواجدي بالعاصمة أصبح غير مرغوب فيه و ان وضعيتي القانونية قد حسمت خاصة بعد الإقامة لمدة 5 أشهر كاملة وهي فترة كافية لتأكيد ما لديهم من شكوك حول مهمتي "التطوعية" و "مغامرتي الصحفية" أي عملية البحث و التحقيق التي كنت أقوم بها بدافع غريزة صحفية وضمير مهني لوجه الله ، و يبدو ان هاته المهمة كانت تشكل إزعاجا للبعض خشية كشف الحقيقة و المستور .
إنقضى الأمر المحتوم وعدت إلى المخيمات وبعد عدة شهور من العمل الصحفي حاولت ان يكون موضوع الخليل احمد حاضر دائما ضمن لقاءاتي الصحفية مع القيادة والمسؤولين الصحراويين وإن لم يكن بشكل علني قابل للنشر بإستثناء لقاء مع ماء العينين لكحل الذي يعتبر من أقرب الأصدقاء الصحراويين للخليل أحمد ووجدت في اللقاء فرصة لفتح الموضوع علنا و على منابر الصحافة الوطنية وهي خطوة جرئية جدا لم يفهمها الكثيرين في حينها و لم يمنحها الزملاء الصحفيين حقها من النشر و النقاش و الإثارة و الإثراء، الحوار السالف الذكر كان بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير وتم تسجيله ونشره في بداية شهر ماي 2011 ( من المفارقة بما كان ان يكون سفري أو بالأحرى "تسفيري" للخارج مباشرة بعد إنتهاء فعاليات الجامعة الصيفية جويلية 2011 مع ما رافقها من مشاكل و مناوشات و إستفزازرات للحرس الشخصي للجنرال عطاف ؟؟؟ ) ... و إليكم نص السؤال المتعلق بالأخ ماء العينين لكحل :
ـ لننتقل إلى الجوانب الشخصية، ربطتك صداقة أخوية بالأستاذ الخليل أحمد، ومنذ سنوات قمت بمجهود لمعرفة مصيره، إلى أين وصلت تلك الجهود؟ وأين هو الآن بنظرك؟
- ماء العينين : هذا موضوع شخصي كما قلت وليس هذا مقام مناقشته، وقد قمت فيه بما أملاه ولا زال يمليه علي ضميري، ولن أبخل فيه مجهودا إن أمكنني ذلك. ولكن لا معلومات دقيقة لدي أستطيع تقديمها في هذا المقام. أما عن صداقتي بالخليل فهذا أمر يعرفه القاصي والداني ولست أخجل منها قطعا.
ـ المفاجئة التي لم تكن في الحسبان هي قدوم الصحفية "ك" إلى المخيمات لتغطية فعاليات تأسيس الجمهورية ضمن فعاليات ذكرى 27 فبراير 2011 وذلك بعد إنقطاع دام عامين، وحينها كان بالإمكان ربط لقاء ثنائي بين الصحفية المعنية و الأخ البشير الخليل "جمبلة" ولكن خشية حدوث ما لا تحمد عقباه و تفاديا للدخول في مشاكل حساسة جدا حاولت أن أبقي الصحفية بعيدا عن المتناول مستغلا في ذلك مرافقتي للوفد الصحفي وفي الحقيقة لقد كانت مختلفة تمام عن ما كانت عليه في السابق فقد أصبحت منطوية ومعزولة و اكثر حساسية و تكتما من ذي قبل ...
و بالعودة إلى مسألة محاولات إثارة الموضوع داخل الساحة الوطنية فقد التقيت بالبشير "جمبلة" نجل الخليل أحمد عدة مرات و استجمعنا معا المعلومات التي يمتلكها كل منا مع المستجدات و التطورات و خرجنا بعدة خلاصات من شأنها أن تساعده حينها و تساعد عائلته في مواصلة البحث عن الحقيقة المفقودة و المصير المجهول للبروفيسور الخليل احمد، مع الإتفاق مسبقا على عدم نشر أي موضوع له علاقة بذات الملف إلى حين قدوم الوقت المناسب .
3 ـ خلاصة :
ما اود قوله هنا انني تكتمت على الموضوع بناءا على رغبة عائلة الفقيد وعلى رأسهم الأخ البشير الخليل و مع نشر الموضوع المتعلق بالخليل أحمد بقلم نجله رشيد فقد وجد بأن الوقت قد حان لإعادة إثارته لذا أتخذت القرار بنشر بعض التفاصيل الممكنة و المسموح بها و التي من شأنها أن تفتح وتثير و تفيد في الموضوع، كما أود القول أنه في بداية البحث و التحقيق دخلت بإصرار في مغامرة خطيرة لإيجاد إجابة حول سؤالين أثنين وهما :
ـ أين أختفى الخليل احمد ؟ .
ـ و لماذا تم إختطافه بالعاصمة الجزائرية ؟ .
و في الحقيقة إن كنت قد نجحت في الخروج بإجابة عن مكان تواجده ـ بعد تأكيدها من عدة مصادر صحراوية و جزائرية ـ إلا أنني لم أستطيع أن أجد إجابة شافية و كافية عن أسباب و خلفيات هذا الإختطاف أو الإعتقال، بل أكثر من ذلك بدل الإجابة عن السؤالين السابقين وجدت نفسي وبعد عملية التحقيق في متاهة و دوامة لا متناهية من المتناقضات أبحث عن إجابات ضائعة لمئات الأسئلة المحيرة أحتفظ لنفسي بها و بفرضياتها بسبب حساسيتها وخطورتها خاصة إذا علمنا بأن الموضوع يتعلق في جوانبه وبعض خيوطه بتورط مشترك للعديد من الفاعلين السياسيين من مختلف الجنسيات و الحساسيات وذوي المصالح المشتركة ومن مصلحتهم جميعا أن يبقى الخليل أحمد في ذمة المصير المجهول وهنا يكمن السر في الموضوع المشؤوم.
ـ ملاحظة :
للدكتور الخليل أحمد العديد من الدراسات و البحوث و المحاضرات بعضها منشور على شبكة الأنترنت و بعضها محفوظ في الإرشيف الإعلامي والوطني وكلها تتناول تحليل نزاع الصحراء الغربية بالتفاصيل و الحجج و البراهين مما لا يدع مجال للشك في مسيرته النضالية بل أكثر من ذلك تفيد معلومات شبه مؤكدة بأنه و إبان أيامه الأخيرة التي تزامنت مع إختفائه كان يشرف على إعداد كتاب كتاب بحجم الموسوعة التاريخية المتخصصة في تاريخ النزاع حول الصحراء الغربية بمعنى موسوعة شاملة تعتمد على العديد من المصادر و الترجمات.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر