الأربعاء، 30 أبريل 2014

مقترحات لتطويق سلبية قرار مجلس الأمن الأخير

قرار مجلس الأمن السلبي الأخير – لا يهمني رقمه ولا تاريخه- لا يمكن تفسيره إلا تفسير واحد، وهو إن العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول التي "تحارب" الإرهاب تجبر الصحراويين، كرها، على العودة إلى الحرب ولو بالحجارة. فمنذ أكثر من عشرين سنة والشعب الصحراوي يُشوى ويُسخن ويُسلخ ويُذبح، ونساؤه تُجر بشعورهن وتعفر وجوههن الكريمة بالتراب، وأطفاله يساقون إلى السجون مثل الجديان، وهو ساكت من اجل إنجاح العملية السلمية في الصحراء الغربية، لكن في النهاية، إذا نظرنا إلى كل الاتجاهات نجد السراب والأبواب موصدة، وفي الخارج الرياح تعوي تسخر من صبرنا ومن تضحياتنا ومن بقائنا لاجئين. كنا ننتظر بسذاجتنا البدوية والسياسية أن تفعل الأمم المتحدة شيئيا يحل الصراع بالتي هي أحسن، لكن لم يحدث أي شيء. تم تقديم التنازلات وقبول مخطط بيكر، وقبول إن يتم إدراج الحكم الذاتي في الأسئلة المطروحة في الاستفتاء، وقبلنا أن يبقى المغرب يسرق ثرواتنا، وتم ضبط النفس والأعصاب والدم والجنون، وتمت محاربة الشباب الداعي للحرب، وتم الوقوف بالكثير من الصرامة في وجه الجماعات الإرهابية التي كانت تناور حول مخيماتنا، وتم حشو أذهان الناس بكل ما يمكن إن يهدئ الأعصاب حول إن الحلول السلمية، والحلول السياسية، والاستفتاء هي الأحسن، لكن في الأخير ها نحن في الدار التي كنا فيها أمس وأول أمس.
الآن، نسال الأمم المتحدة، بماذا سنقنع أنفسنا أن لا نمتشق السلاح، ولا نحمل الحجارة والمقلاع، بماذا سنقنع شبابنا إن لا يعود للحرب وللعنف؟
هل نستطيع إن نقنع أحدا الآن، حتى لو كان مراهقا، إن الاستفتاء سيتم تنظيمه.؟ مستحيل؟ هل سنقول إن البعثة الأممية ستراقب حقوق الإنسان في المناطق المحتلة؟ مستحيل. هل سنقول إن أمريكا "ستستعقل"، وتتدخل بدون مقابل وتضغط على المغرب ليقبل الاستفتاء؟ مستحيل. لائحة المستحيلات طويلة ولا نهاية لها.
لقد تم تجريب كل المهدئات، وكانت في الطريق بعض المنارات التي كان من الممكن إن تجعلنا "نستعقل" وقتا إضافيا( المفاوضات، مراقبة حقوق الإنسان، تغيير الموقف الأمريكي)، لكن الأيام عرت كل شيء وأزالت عن الكلمات أقنعتها، وتركت كل شيء عاريا للريح في العراء.
القرار من الفه إلى ما وراء يايه يصب في بنك المحتل المغربي السياسي، ومن عواقبه الوخيمة أن العقال يمكن أن ينحل في أي وقت في المنطقة. هو قرار سياسي، ورغم إن كلمة تقرير المصير الميتة والجامدة في ثلاجة أرشيف الأمم المتحدة، تمت المحافظة عليها في القرار بدون حماس لتعزيتنا نحن، إلا أن العواقب على الأرض، خاصة في ملعب البوليساريو، يمكن أن تكون صعبة. فمن جهة يبدو إن هذه أخر فرصة كان الصحراويون ينتظرونها ليؤمنوا بما تبقى من كذبة السلام، وبالتالي، - هذا يجب أن لا يحدث- هذا قد يجعل البوليساريو تدخل في صراع داخلي ينتج عن بروز تيار ينادي بالحرب، وهذا ( أي نوع من الصراع أو الاختلاف ) غير صحي إطلاقا على مستقبل القضية وعلى الشعب بصفة عامة. الشيء الآخر، القرار يدفع البوليساريو الرسمية نفسها إلى أيجاد مبرر تقنع به شعبها حتى لا يبقى ينتظر في اللجوء مزيدا من السنوات. القرار سيجعل البوليساريو تقف أمام المرآة، ربما لأول مرة في تاريخها، ويجعلها تفكر وبسرعة في سياسة جديدة تقنع بها شعبها سياسيا. فتقلُّص الفرص والفرضيات والنظريات التي كان من الممكن أن تقنع بها البوليساريو شعبها، يفرض الحل\ الإجراء المستعجل. فحتى العودة إلى الحرب والدخول مع مجلس الأمن في صراع سيكون تأثيره على الحركة صعبا، وستظهر في عيون تماسيح وضباع دول مجلس الأمن أنها حركة عاصية مع المجتمع الدولي، وبالتالي سيكون موقفها صعبا أيضا ولو لبعض الوقت.
الحل\ الإجراء الاستعجالي
في الحقيقة لا بد من حل\ أجراء استعجالي لتجاوز الحمى اليت ستخلفها تأثيرات قرار مجلس الأمن السلبي داخليا، ووضع قطع من الثلج على الرؤوس الحامية بسرعة قبل الصيف الذي يبدو إنه سيكون صيفا ساخنا . هذا الحل يتكون- حسب تصوري الضعيف- من عدة نقاط يجب تطبيقها بالتوازي وهي:
- أن تتحلى البوليساريو بالشجاعة وتقف أمام شعبها وتقول له بصريح العبارة أن الحل السلمي فشل، وان الأمم المتحدة سوف لن ترد لكم حقكم، وتقنع دعاة الحرب أنها شبه مستحيلة في الوقت الراهن.
- النقطة الثانية، أن تقنع شعبها بالصمود، لكن بتوفير وسائله أيضا. مثلا، تحويل المخيمات الصحراوية إلى مخيمات على شاكلة المخيمات الفلسطينية بتمويلها وخلق مناصب الشغل وتحسين الحياة العادية للمواطنين، وجلب الاستثمارات من الدول الحليفة( هذا مهم).
- النقطة الثالثة، وهي العمل على حدوث انتفاضة كبيرة ذات زخم عالمي في المناطق المحتلة، تجبر الأمم المتحدة أن تُغير من سياستها وتأخذ بجد وضع حقوق الإنسان في السنة القادمة.
- النقطة الرابعة وهي الأهم، وهي إن تُعطي للأمم المتحدة مهلة عام واحد غير قابلة للتجديد، وفي حالة أن لا يكون هناك حل سياسي يتم طرد المينورصو والعودة للحرب. إن طرد المينورصو – حتى لو لم يعلن الحرب- ستجعل المجتمع الدولي يصبح مفروضا عليه التدخل لمعالجة الأزمة. ملاحظة: المجتمع الدولي عادة لا يتدخل إلا بعد حدوث فعل على الأرض.
- النقطة الخامسة، أن يتم استغلال القوة البشرية في مخيمات اللجوء لخلق مصاعب سلمية للمغرب عند الربط، أو في الانتفاضة أو في الاعتصامات.
إذن، الحل الاستعجالي يكمن في تزاوج هذه النقاط الثلاثة والعمل عليها في نفس الوقت، أما التفكير في شيء آخر فهو غير قابل للتطبيق في نظري.
بقلم : السيد حمدي يحظيه


0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر