الخميس، 10 أبريل 2014

النقيب الطاهيري الطاهر، أول أسير مغربي

إلقاء القبض على أول أسير مغربي كان سهلا، بدون تعقيدات ميدانية، وبدون خطة. لم يكن، أيضا، جنديا بسيطا، عاديا ومهزوما إنما كان نقيبا يقود قوة كبيرة. لم يتم القبض عليه في اشتباك ولا في معركة إنما خدعته الصحراء فتاه فيها، وسلمته للمقاتلين الصحراويين دون إطلاق طلقة واحدة. حتى الصحراء، الأرض، كانت عدوة للمغرب وساهمت في هزائمه الكثيرة.
حبيب لحويمد، أحد أبطال مجموعة ال( 66)، كان من بين الذي كتب لهم التاريخ القبض على أول أسير مغربي.
حين كان حبيب لحويمد يناضل في مدينة العيون جاءته أوامر، وهو و80 مناضلا أخرا، أن يبقى في المدينة ليواصل النضال، لكنه هو كان يرسم في ذهنه خطة أخرى. كان يريد أن يلتحق بالمقاتلين وبالجبال ليقاتل. البقاء تلك الأيام- أيام دخول الغزو- في المدن والنضال السلمي كان بالنسبة للشبان يرقى إلى درجة الجبن. كان القتال هو الموضة، وكان كل الشبان الصحراويين قد بدؤوا يسألون، سريا، عن مراكز التدريب السري في الساقية وتوكات ليتسللوا إليها. كانوا يتركون كل ما عندهم ثم يلتحقون بالجبال في سرية تامة. بعضهم، بهدف التمويه، كان يترك متجره مفتوحا ويترك سيارته متوقفة في الشارع ثم يكتب رسالة لوالديه من الجبل يخبرهم أنه أصبح ثوريا مقاتلا. كان حبيب من هؤلاء. تحايل حبيب على أوامر التنظيم الذي طالبه بالبقاء في العيون، وأنطلق ليحمل السلاح. يوم 17 اكتوبر 1975م، أنطلق لينضم للجيش في مراكز التدريب السري. ذهب إلى مركز معروف في تلك الفترة في الأرجمية، ثم التحق، بعد ذلك، بموقع آخر في بنزكة. بعد شهر، يوما بيوم من التحاقه بالجيش، تم توجيهه إلى تافودارت. في الطريق، حين كان، هو ومجموعة معه، ذاهبين إلى تفودرات يوم 17 نوفمبر 1975م، التقوا مع مجموعة أخرى من المقاتلين تستريح وتصلح بعض اعطاب سياراتها وتُصينها. ذلك اللقاء في ذلك المكان سيجعل حبيب وكل أفراد تلك المجموعة يشاركون في حدث هام في حياتهم وفي تاريخ الشعب الصحراوي. حين كانوا يتحدثون ويُصلحون السيارات اكتشفوا سيارة جيب مغربية مرتبكة تدخل بينهم. سدد الذين كانوا مسلحين منهم – هم قلة- بنادقهم نحو السيارة فتوقفت، ورفع الرجل الذي كان بداخلها يديه. كان رجلا سمينا بدينا بشرته بيضاء وفي هيئة جيدة. عرفوا انه مغربي، لكن الذي أدهش المجموعة أنه كان وحيدا، ولم تكن ترافقه قوة أو حراسة. حين أسروه وسألوه، أخبرهم أن اسمه طاهيري الطاهر، وانه نقيب، وكان يقود قوة مغربية منطلقة من وادي الساقية الحمراء متجهة نحو السمارة لمحاصرتها واحتلالها. حين كان الطاهيري يُسرع متوجها نحو السمارة، نحو حلمه، ابتعد عن قوته وانفصل عنها وتركها خلفه. لمَّا تفطنت تلك المنطقة أنه غبي ولا يعرف أسرارها وتعاريجها قادته، دون إن يتفطن، إلى دورية من المقاتلين فأسروه دون أن يطلق طلقة.
يبدو إن الطاهيري الطاهر كان يحلم أن يعلق على صدره أكبر عدد من الميداليات والنياشين في الصحراء، وكان يُسرع نحو السمارة كي يحتلها، ويكتب مجدا في كتب التاريخ المغربية أنه هو الذي أحتل السمارة، المدينة التي قهرت في الماضي الفرنسيين، وانه هو الذي رفع فوقها العلم المغربي. لكن يبدو أن ذلك الحلم تحول إلى كابوس. بدل أن يكتب ذلك المجد في السمارة ويقيم معرضا للنياشين على صدره، احتفل بعيد ميلاده الموالي في السجن، وسيقضي فيه أكثر من عقدين من الزمن.
النقيب الطاهيري الطاهر هو أول أسير مغربي وقع في يد المقاتلين، وسيفتح لائحة طويلة من الأسرى المغاربة الذين بلغوا الآلاف. في أقل من يومين تناقلت وكالات الأنباء والجرائد والإذاعات، خاصة إذاعة ال BBC، خبر أسر الطاهيري الطاهر. بدأ الصحفيون من كل أنحاء العالم يتسابقون كي يصوروه ويعرضوه على صفحات الجرائد بصفته رمز للجندي المغربي الأسير عند البوليساريو.
المقال القادم: يوم فرار الغجدامي
السيد حمدي يحظيه
الفيس بوك: السيد حمدي يحظيه أو sid hamdi yahdih
Email: Sidhmadi@yahoo.es

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر