الأحد، 27 أبريل 2014

هل سيعترف المغرب بالجمهورية الصحراوية؟


يبدو ان المغرب يتبنى سلوكا انفصاميا تجاه الجمهورية الصحراوية بحضوره الرسمى جنبا إلى جنب مع الوفود الصحراوية بالمنتديات العالمية، بينما مازال يواصل الضغط في الخفاء على دول أخرى لمنعها من الحضور الى جانب الصحراويين في مثل هذه المنتديات.
فللمرة الثالثة على التوالى فى أقل من أربعة أشهر، شاركت الحكومة المغربية فى حدث تشارك فيه الجمهورية الصحراوية كدولة مستقلة. وقد كان ذلك خلال أشغال الاجتماع رفيع المستوى الثانى للشراكة الأفريقية الاوروبية فى مجال الطاقة المنعقد ما بين 11 و 14 فبراير 2014 فى اديس ابابا بأثيوبيا. وبالفعل، شارك وفد صحراوى برئاسة سفير الجمهورية الصحراوية بالاتحاد الافريقى واثيوبيا جنبا إلى جنب مع وفد مغربى من وزارة الطاقة والمناجم والبيئة والمياه. وقد تبدو هذه المعلومة عادية لمن لا يعرف درجة حساسية المغرب من اي منتدى جهوي، أو دولي، أو قاري يشارك فيه ممثلون عن الحكومة الصحراوية.
المغرب يعترف ضمنيا بالجمهورية الصحراوية:
المغرب الذى مازال يحتل اجزاءا من الصحراء الغربية، ويرفض الاعتراف بالجمهورية الصحراوية (العضو المؤسس للاتحاد الافريقى)، شارك ايضا فى حدثين آخرين كانت مشاركة الجمهورية الصحراوية بارزة فيهما. تمثل الحدث الاول فى مراسيم تأبين الراحل نيلسون مانديلا فى جوهانسبيرغ أواخر ديسمبر ، والثاني يوم 11 ديسمبر فى كينيا خلال الاحتفال بالذكرى الخمسين لاستقلال ذلك البلد الافريقى.
الحدثان مثل المغرب فيهما شخصيات رسمية رفيعة المستوى، حيث مثل المغرب في الأول من قبل الأمير رشيد ، الثالث فى النظام الملكي المغربي رفقة الفاسى الفهري ، الصديق المقرب والمستشار الحالي للملك المغربي محمد السادس ، والرجل الذى تعتبره النخب المغربية وزير الشؤون الخارجية الفعلي للمغرب حتى وان لم يكن يشغل المنصب.
ويمكن اعتبار الحضور المغربى جنبا الى جنب مع الجمهورية الصحراوية نوع من الاعتراف الضمني بالجمهورية الصحراوية، لأن المغرب لا يمكنه تجاهل الجمهورية التي تفرض نفسها كحقيقة سياسية، خاصة فى افريقيا. ويجب التذكير هنا بأن الرباط تعيش على ما يبدو معضلة حقيقية، فمن جهة تصارع، ولو فى بعض الاحيان بأستخدام طرق غير مناسبة، للعودة إلى الاتحاد الافريقي، ومن جهة اخرى، تصطدم بحقيقة تجذر الجمهورية الصحراوية في هذه المنظمة القارية التي تتمتع فيها القضية الصحراوية بدعم قوي.
وللتذكير فإن الرباط كانت قد انسحبت من المنظمة الافريقية سنة 1984، بقرار أحادي، وفى فترة حاسمة من مسار الوحدة الافريقية، وفي تحدٍ صارخ لقرارات المنظمة الافريقية واستخفاف بدعم هذه الأخيرة لاستقلال الصحراء الغربية.
ويجب التذكير ايضا بأن بعض المغربيين الرسميين يعبرون باستمرار عن حرص بلادهم على العودة الى الاتحاد الافريقي ، ولكن بالطبع بالشروط المغربية غير الواقعية، كالبحث عن تجميد عضوية الجمهورية الصحراوية بالمنظمة الافريقية، غير أنه من المستحيل تلبية هذا الطلب المغربي ، لأن القانون التأسيسي للمنظمة الافريقية لايسمح به. أضف الى ذلك أنه لو حصل سيكون موقفا غير لائق سياسيا، بل أن مجرد مناقشته علنا ستسيء لصورة ومستقبل الاتحاد الافريقى.
الرباط تحاول تسجيل نقاط:
بينما يواصل المغرب مطالباته ومضايقاته لدول أخرى، محاولا اقناعها بعدم السماح بمشاركة الجمهورية الصحراوية فى الاجتماعات التى تنظم خارج افريقيا، وخاصة الشراكات الافريقية مع القارات والكيانات الاخرى، فإنه يبدو مستعدا، من جهة أخرى، للتنازل فى الوقت الحالى ، والمشاركة فى بعض الاجتماعات حتى بحضور الجمهورية الصحراوية كدولة مستقلة.
ويود المغرب ربما، تسجيل بعض النقاط لصالحه، ببث الغموض وخلق المصاعب لبعض منظمي هذه المنتديات الذين يطالبون الجمهورية الصحراوية – مثلما فعلوا في مناسبات سابقة - أن تمتنع إراديا عن المشاركة في اجتماعات أفريقية مع الدول العربية واوروبا وغيرها. ومن جهتها، كانت الجمهورية الصحراوية دائما تتبنى قرارا سياديا بالامتناع عن حضور مثل هذه الاجتماعات لتسهيل انعقادها، وحتى لا تظهر بصورة المعرقل لشراكة الاتحاد الافريقي مع الآخرين. ومع ذلك فإن الجمهورية الصحراوية تستطيع قانونيا، أن تحتفظ بحقها السيادي في المشاركة في أي حدث للاتحاد الافريقي بغض النظر عن المنظمين من الشركاء، وستحظى بدعم حلفائها والبلدان القوية في الاتحاد.
انشغالات حول الحرص المغربي على العودة للاتحاد الافريقي
عبر عدد من البلدان والرسميين بالاتحاد الافريقي عن تذمرهم من السلوكات المغربية المتناقضة وطرقه الخفية. وتميل الآراء إلى التذكير بأن المغرب قد تخلى عن الأفارقة حين كانوا فى أمس الحاجة إليه فى الثمانينات، ولا يمكنه أن يعود اليها الآن في وقت اصبحت فيه قوية، ويحاول فرض شروطه على الاتحاد الافريقي ، ويواصل عرقلة التكامل الافريقي بسبب فشله فى احترام الشرعية الدولية والقرارات الافريقية المتعلقة بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية.
ويجب التذكير بأن القانون التأسيسى للاتحاد الافريقي واضح فى اهدافه التى تشمل على سبيل المثال "احترام الحدود الموروثة عن الاستقلال" والاستعداد الأفريقي "للدفاع عن السيادة، والتكامل الاقيلمى واستقلال كل الدول الاعضاء" وتعزيز وحماية "حقوق الانسان والشعوب وفقا لمواثيق الاتحاد الافريقي الخاصة بحقوق الانسان والشعوب وكذلك آليات أخرى ذات الصلة بحقوق الانسان"، إضافة إلى "الارادة فى التسريع بتحقيق تكامل سياسيى واجتماعي واقتصادى للقارة".
عائق افريقيا نحو الاستقلال والتكامل
ويتفق الجميع على ان الحاجة الى "تحقيق تكامل سياسي واجتماعي واقتصادى" للقارة لا يمكن انجازه ما لم يتم احترام القوانين الافريقية، والمواثيق والمعاهدات بشكل شامل ودقيق ومن قبل كل الدول الافريقية، وكذلك من قبل المجتمع الدولي عامة. لكن المغرب مازال يواصل رفضه أي خيار لحل مغامرته الاستعمارية فى الصحراء الغربية، ويواصل خلق المشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية لجيرانه، خاصة منهم الجزائر واسبانيا، بل وكل شمال أفريقيا (المنطقة الافريقية الوحيدة التى فشلت فى التوحد كإقليم من أقاليم الاتحاد الافريقي).
اصوات افريقية اخرى تعتبر في نقاشات فكرية داخلية بأن المغرب لا يستطيع مواصلة عرقلته الاستقلال السياسي الأفريقي عبر لعب الرباط دور مكبر الصوت لسياسات بعض القوى الغربية المعروفة فى افريقيا. وفى الواقع ، الكل فى الاتحاد الافريقي يعلم أن نجاح أفريقيا فى وحدتها يحتاج منها أن تواجه تلك السياسات والاجندات الاجنبية التي تتسبب فى الإجهاض المتواصل لجهود المنظمة الافريقية لتحقيق استقلال واندماج سياسي واقتصادي وامني حقيقي. فكل هذا ممكن اذا ما اخذنا بعين الاعتبار قوة وامكانيات أفريقيا الآن ، وما ستكون عليه مستقبلا كقارة ناشئة خلال السنوات القادمة.
خلاصات
يبدو ان وعي المغرب بأهمية الدور الذى يمكن ان يلعبه الاتحاد الافريقى في ايجاد حل لآخر قضية تصفية استعمار في افريقيا يزداد باضطراد. فلقد تبنى الاتحاد الأفريقي ، كما هو معروف، مواقف قوية تجاه حق الشعب الصحراوى فى الاستقلال ، كان آخرها فى الإعلان الرسمى للذكرى الخمسين للاتحاد (مايو 2013)، وخلال مناسبات مختلفة أخرى في السنة الأخيرة (قمة يناير 2014).
كما عبر الاتحاد أيضا عن هذه المواقف بوضوح خلال الاتصالات الثنائية لمفوضية الاتحاد الافريقي مع الامم المتحدة والاتحاد الاوروبى . في حين أن بعض هياكل الاتحاد الافريقى ومؤسساته الاخرى قد عبرت هي أيضا عن تلك المواقف بخصوص القضية الصحراوية، خاصة خلال القمة الافريقية الاخيرة، كمجلس السلم والامن الافريقي ، وبرلمان عموم افريقيا، واللجنة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب.
الرباط وبعض حلفائها الاوربيين يحاولون التأثير على كل الدول الافريقية التى يمكنها تبنى مواقف معادية للجمهورية الصحراوية، ولهذا نرى احتدام المعركة الديبلوماسية بين المغرب والجمهورية الصحراوية خاصة فى العقود الاخيرة، والتي كانت آخر مظاهرها على سبيل المثال "تجميد" جمهورية موريس اعترافها بالجمهورية الصحراوية في شهر يناير من جهة، ومن جهة اخرى فتح الجمهورية الصحراوية سفارة جديدة بكينيا فى فبراير من نفس السنة
غير أن الغريب حقا وما يستحق الانتباه، هو مواصلة الرباط هجومها على أي دولة أو هيئة تستدعي الجمهورية لنشاط ما أو تصرح بدعمها لها. الرباط تتوسل أيضا للدول الاخرى "لتجمد" اعترافها بالجمهورية الصحراوية، في الوقت الذي لا يتورع فيه ممثلون رسميون مغربيون رفيعو المستوى عن المشاركة فى انشطة تكون الجمهورية الصحراوية حاضره فيها.
أكثر من ذلك، ألا يجلس الوفد المغربى للتفاوض وجها لوجه مع الممثلين الرسميين والقادة الصحراويين تحت اشراف الامم المتحدة؟ وبالفعل لا يمكن وصف هذا الموقف المغربي إلا بحالة من الانفصام وقلة الاحترام لسيادة الدول الاخرى وحريتها في اتخاذ القرار.
بقلم: ماء العينين لكحل
ترجمة: محمد احمد ابراهيم
المصدر: شبكة نشطاء الاخبارية

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر