الثلاثاء، 8 أبريل 2014

القرار الأمريكي المعلق بين الغمزة وتغيير الاستراتيجية

عادة يبدأ شهر افريل بيوم الكذبة الشهيرة "سمكة ابريل"، لكن إذا كان هذا الشهر يبدأ بكذبة في العالم كله فإنه في الصحراء الغربية، ومنذ سنوات طويلة نسينا عددها، أصبح يبدأ بالتساؤلات حول قرار مجلس الأمن وتقرير الأمين العام والحل. العام الماضي – 2013م- طبع هذا الشهر الكثير من الترقب الذي دام أسبوعين، والذي كاد يؤدي إلى حبس الأنفاس انتظارا لمشروع قرار "نوى" الأمريكيون التقدم به إلى مجلس الأمن، ويروم توسيع دائرة صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية. مشروع ذلك القرار تمت اشاعته والحديث عنه عشرة أيام تقريبا – لا أكثر ولا أقل- قبل مداولات مجلس الأمن العام الماضي، وحين بدأت المداولات تم تقديمه ببرودة شديدة ثم، في الأخير، تم سحبه بنفس تلك البرودة قبل أن تتم قراءته.
وقبل التحليق بالتفكير بعيدا في سماوات بعيدة، وقبل التيه في مسارب سياسية أخرى حول لماذا تقدم الأمريكان بذلك القرار في اللحظات الأخيرة ثم لماذا سحبوه في اللحظات الأولى بتلك السهولة، هناك بعض الأسئلة تطرح نفسها:
- هل كان الأمريكيون، حقا، جادين في التقدم بمسودة ذلك القرار؟ متى كانت آلة الدبلوماسية الأمريكية العمياء ضعيفة إلى هذا الحد وهشة وهزيلة حتى يثنيها المغرب وحلفاؤه عن تقديم قرار وفرضه في مجلس الأمن؟ ماذا كان الأمريكيون يريدون إذن من التظاهر بتقديم ذلك القرار؟
في اعتقادي الشخصي أن الأمريكيين لو كانوا جادين- نسطر تحتها- في مسعاهم ذلك ما كان لا المغرب ولا الكرة الأرضية كلها ستثنيهم عن فرضه على مجلس الأمن. من جهة ثانية لو كانوا جادين فعلا في التقدم بذلك القرار، هل كانوا سيفصحون عنه عشرة أيام فقط عن مداولات مجلس الأمن، ولا يعطونه الفرصة الكافية كي يتم الترويج له على نطاق غير محدود.؟
إذن، المسالة فيها "إنَّ". هذا يقودنا إذا تحاورنا مع ذاتنا بتعقل ومنطق، إلى الوصول بسهولة إلى نتيجة بسيطة بساطة شربنا لكأس من الماء أو من الشاي، وهي أن التلويح بتقديم ذلك القرار، رغم أنه أسال العرق البارد على وجه الدبلوماسية المغربية، ما هو إلا بعث إشارة مزدوجة للصحراويين وللمغاربة معا على الموجة القصيرة والطويلة. الرسالة الموجهة للمغاربة هي أن أمريكا تستطيع أن تفرض على المغرب إن ينظم الاستفتاء ويقبل بالحل القانوني في ستة أشهر ولو خارج الأمم المتحدة، أما الجانب الثاني المهم من الرسالة الأمريكية الموجه للصحراويين – هذا هو الذي يهمنا- فهو نفس الرسالة الموجهة للمغاربة، لكن يضاف إليها: ما المقابل الذي يمكن للصحراويين وحلفائهم أن يقدموه لأمريكا النفعية التي لا تعترف إلا بالمصالح والعطشانة للبترول والغاز والمعادن، إذا كسرت أنف المغرب؟ بديهيا، الأمريكي لا يقدم شيئا إطلاقا ولا مجانا، ولا يهمه لا تقرير المصير ولا حرية الشعوب، لكن بالمقابل يهمه حق تقرير البترول وحق تقرر المصالح.
أما إذا تنازلنا عن بعض تشاؤمنا الأسود فيما يخص موقف أمريكا النفعي التاريخي من قضيتنا، وتركنا جانب المقايضة الامريكية المعروفة تاريخيا، وجانب الابتزاز فإن الشيء الوحيد – الوحيد- الذي يمكن أن يغير من موقف أمريكا ويجعلها لا تنظر إلينا بعين متمصلحة، هو إن أمريكا تكون –فقط تكون- قد فكرت احتمالا أن تغير من استراتيجيتها التي عمرها أكثر من خمسين سنة في منطقة المغرب العربي بصفة شمولية. معنى هذا إن أمريكا التي يقولون أنها تغير استراتيجتها ببطء و فقط كل أربعين سنة، يمكن إن تكون قد أحست أن تلك الاستراتيجية، خاصة شطرها الذي تعول فيه على المغرب، قد فشلت، ويجب تغيرها. هذا هو الأمل الوحيد – تغيير الاستراتيجية- الذي يمكن أن ننام عليه ونحن ننتظر قرارا أمريكياً يفرض توسيع صلاحيات المينورصو قد يتم تقديمه هذه السنة وقد لا يتم.
في العام الماضي تمت إشاعة أن أمريكا قد أجلت قرارها إلى هذا العام- 2014م-، لكن إلى حد الآن لم نسمع أي جديد ولم يعد يفصلنا عن المداولات سوى أسبوعان تقريبا. هل سيعاد تقديم مسودة أخرى هذه السنة، هل لزيارة كيري إلى الجزائر علاقة بذلك؟ هناك الكثير من الغموض في الموقف الأمريكي والكثير من الوضوح في المنطقة. في الحقيقة زيارة كيري إلى الجزائر كانت محتدمة لإنه من شبه المستحيل إن يبقى كيري يومين في دولة حتى لو كانت عطمى.
بقلم: السيد حمدي يحظيه

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر