الأربعاء، 2 أبريل 2014

لا يوجد بترول ولا ماء في بئر لحلو

في سنة 1945م حين أكتشف الأسبان الفوسفات في الصحراء الغربية قال أحد الشيوخ:" اردموا هذا المنجم لإنه سيعرض اولادنا للحرب في المستقبل." وصدق الشيخ، فقد غزانا المغرب وفرنسا والعالم كله بسبب هذه الثروات.
في السنة الماضية عندما قدَّم الأمريكان، بالكثير من الكسل، وببعض الريبة في صدق النية، وسخ (مسودة) مشروع قرار يطلب من مجلس الأمن أن " يراقب" وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، ظن المغرب إن القيامة قامت، وان السماء ستسقط، وأن الزلازل ستفجر الكرة الأرضية، وان رعدا سياسيا سيحدث، لكن حين لم يتم " قبول" المسودة الأمريكية، وظهر إن السيدة رايس كانت تمزح فقط، وأنها "هددت" إن تعود في السنة القادمة- 2014م- بتقديم نفس المشروع، بدأ المغاربة يفكرون في كيفية يلوون أو يكسرون بها قرون أمريكا القوية. في الأخير توصلوا إلى نتيجة وهي أن أسهل طريقة لمسك قرون الثور الأمريكي هي السمسرة مع الشركات البترولية الأمريكية نفسها لإنها هي الدولة، وهي التي توجه السياسة وتوجه الهواء والمال وتأخذ برقاب عباد رب العالمين إلى حيث تريد. منحُ المغاربة رخصة وتصريح على بياض لشركتين أمريكتين قويتين لتنقبان عن الذهب الأسود السائل في بحر بوجدور الصحراوي المحتل، وأكثر من ذلك رفعوا الضرائب عن تلك الشركات كي يجعلوا لعابها يسيل ويتدفق ويختلط مع البترول ومع ماء البحر المالح. الصفقة مع تلك الشركات التي لا تعترف بالقانون ولا بحق تقرير المصير، وإنما بحق وقانون" يفعل، يمر"، كانت إشارة واضحة لأمريكا السياسية ولاوباما أن الشركات ستقف ضده إذا أراد إن يقدم ورقة أخرى في السنة القادمة، وستقطع لسانه إذا ذكر حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.
هذا كان مفهوما وواضحا ولا يحتاج إلى من ينبه الناس له.
منذ أيام سمعنا إن جبهة البوليساريو\\ الجمهورية الصحراوية وقعت عقدا مع شركات بريطانية لتنقب عن النفط أو عن المعادن في منطقة بئر لحلو وما جاورها، وأن تلك الرخصة أثارت بعضا من الكلام الداخلي بين الذين يقولون إن البرلمان كان قد رفض مشروع من هذا النوع مرة ماضية، وان الرئيس له الصلاحية في التوقيع على مثل هكذا مشروع، وان وان وان. وبدون الخوض في هل هذا قانوني، وأين هو دور البرلمان الصحراوي، وصلاحية الرئيس وكذا وماذا مما هو سطحي، أنا أعتقد أن القضية مادامت لا تضر بالمصلحة العامة، ولا يضر تنفيذها من عدمه أو من موافقة البرلمان عليها من عدمه أو من مرسوم رئاسي، فهي لا تحتاج كل هذا النقاش الذي كاد يصبح مفتوحا على عدة جبهات.
في كل الحالات، قد يقرأ المحللون إن التوقيع على اتفاقية مع شركة بريطانية للتنقيب عن المعادن أو عن البترول أو عن الاستقلال أو عن الماء في المناطق المحررة، وبدون الخوض فيما خاض فيه الناس من شرعية ذلك من عدمه، هو، سياسيا، من زاوية أخرى، رد على سماح المغرب لشركات أمريكية بالتنقيب عن البترول في شاطئ بوجدور. بلغة أخرى نحن نقول للمغاربة: "انتم تنقبون عن المعادن في المناطق المحتلة، نحن أيضا ننقب عن المعادن في المناطق المحررة. انتم سمحتم للأمريكان، العضو الدائم في مجلس الأمن أن ينقبوا عن البترول، نحن أيضا سمحنا للبريطانيين، عضو آخر دائم في مجلس الأمن، أن ينقبوا عن البترول في المناطق المحررة."
هذا ما يمكن أن نقرأه من ما بين سطور اتفاقية التنقيب عن البترول التي وقعتها الدولة الصحراوية مع الشركات البريطانية مؤخرا.
على الأرض سوف لن يعثر الأمريكيون في بوجدور على بترول جيد سهل الاستخراج، ومن جهة ثانية، لن يعثر أصدقاؤنا البريطانيون، جزاهم الله خيرا على صداقتهم معنا، على أي بترول في منطقة بئر لحلو، لأنه أصلا لا يوجد، أو يوجد لكننا نريد إن لا يتم كشفه حتى لا يغزوننا. لا نريد أن نصبح دولة بترولية لإنهم سيهجمون علينا، وبدل إن نصبح كويتا نصبح صومالا. لقد سبق لأسبانيا في سنوات الستينات إن مسحت تلك المنطقة سريا، ولمدة أربع سنوات، بفريق من الشركات الأمريكية، لكنها لم تعثر على بترول صالح، وكلما عثرت عليه هو خزان واحد وغير جيد في منطقة "وديات مركبة" إذا كنت لا زلت أتذكر.
إذن، على الشركات البريطانية إذا حفرت ولم تعثر على البترول في منطقة بئر لحلو، عليها، على الأقل، أن تستخرج الماء الصالح للشرب لإن تلك المنطقة عطشى تاريخيا وينقصها الماء. وحتى إذا كانت ستقول لنا أنها هي جاءت بحثا عن البترول فقط، فيمكن أن ننزع من العقد كلمة " التنقيب عن البترول" ونضع مكانها التنقيب عن الماء. " أما إذا نقبت عن الماء ولم تجده فما علينا إلا أن نرفع أيدينا للسماء نطلب رب الماء المطر والحل.
بقلم : السيد حمدي يحظيه .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر