الأحد، 6 أكتوبر 2013

الجنرال جياب: العبقري العسكري الذي هزم الاستعمار


ودع الفيتناميون بحزن الجنرال “فو نغين جياب” أحد رموز استقلال الفيتنام من القبضة الأستعمارية و المخطط للهزيمة الفرنسية في “ديان بيان فو” في الخمسينيات جياب الذي توفي في المشفى العسكري في العاصمة هانوي أمس عن عمر يناهز 102عاماً يعتبر آخر شخصية من الحزب الشيوعي الفيتنامي على قيد الحياة وقد جمع بين الكريزما العسكرية ومحبة الناس حقق جياب شهرته كقائد عسكري في معركة “ديان بيان فو” في العام 1954 التي كانت بمثابة نهاية السيطرة الفرنسية على “الهند الصينية” وهي الحرب التي أسست لظهور الفيتنام في الحرب التي تلت ذلك بين الفيتنام والقوات الأمريكية وحلفائها في الفيتنام الجنوبية كان أيضاً في صفوف القادة حتى انتزاع الاستقلال واسترجاع سايغون في نيسان/أبريل 1975. كان الجنرال فو نغوين جياب واحدا من اعظم الاستراتيجيين العسكريين في التاريخ، حيث انه مهندس انتصارات فيتنام العسكرية المذهلة في معاركها ضد فرنسا والولايات المتحدة.
وقد ألهم هذا القائد العسكري الكثير من الشعوب الباحثة عن استقلال فالرجل وقف الى جانب الشعب الصحراوي في معركة التحرير الوطني ،والتقى الشهيد الولي مصطفى السيد في العاصمة الجزائرية 1976 بعد الغزو المغربي الموريتاني المشترك للصحراء الغربية ،وفي لقائه مع الشهيد الولي ابهر الاسطورة جياب بعبقريته كما اوردت الكاتبة اللبنانية ليلى بديع .."الصورة"
ولا ينازع الجنرال جياب على المكانة ولاحترام في فيتنام سوى القائد الثوري الراحل هو شي منه. وتعلم جياب، الذي كان استاذا للتاريخ، درسه العسكري الاول من موسوعة قديمة حول الية عمل القنبلة اليدوية.
ولد الجنرال جياب لعالم اكاديمي فقير، وكبر ليصبح الجنرال الذي هزم سادة فيتنام الاستعماريين في معركة ديان بيان فو في العام 1954 والتي شكلت نهاية الحكم الفرنسي في الهند الصينية، وبداية التورط الاميركي المباشر الذي قاد الى حرب فيتنام الشهيرة.
وخلال العقدين التاليين، قاد الجنرال جياب، الاب المؤسس لجيش الشعب الفيتنامي الذي الهمت تكتيكاته العسكرية التي تقوم على حرب العصابات، المقاتلين المناهضين للاستعمار في انحاء العالم، قواته مرة اخرى الى النصر مع سقوط سايغون في 30 نيسان/ابريل 1975.
وقال الجنرال جياب :“عندما كنت شابا، كان عندي حلم بأن ارى بلادي يوما ما حرة وموحدة .. وفي ذلك اليوم تحقق حلمي”.
وكتب الصحافي والمؤلف الاميركي ستانلي كارنو ان عبقرية جياب كاستراتيجي عسكري تضعه “في نفس المرتبة مع عظام القادة العسكريين” مثل الدوق ويلنغتون ويوليسيس غرانت والجنرال دوغلاس ماكارثر.
واضاف “ولكن على عكسهم فان انجازاته تعود الى عبقريته الفطرية وليس الى التدريب الرسمي”.
ولد جياب في 25 اب/اغسطس من العام 1911 في قرية في وسط ولاية كوناغ بنه. وكان معجبا بنابليون وصن تزو الا انه لم تكن تبدو عليه مؤشرات بانه سيصبح قائدا عسكريا عظيما.
وكان يتحدث الفرنسية بطلاقة، ودرس الاقتصاد السياسي في هانوي قبل ان يعمل مدرسا للتاريخ والادب في احدى الكليات، وعمل صحافيا سريا.
وتوفيت زوجة جياب التي بقيت في فيتنام مع ابنها الصغير، في سجن فرنسي. وكانت هذه بمثابة ماساة شخصية اشعلت غضبه ضد الاستعماريين.
وعاد مع هو شي منه الى غابات فيتنام الشمالية في 1941 ليدرب جيشا من الجنود الفلاحين الثوريين ويؤسس فيت منه.
واتبع جياب تكتيكات حرب الميليشات بالهام من ماو تسي تونغ. وركزت تلك التكتيكات على ضرورة الحصول على الدعم الشعبي وأهمية الكر والفر وتوفر العزيمة لخوض حرب طويلة.
وتمكن جياب من خلال هذه التكتيكات من تحقيق النصر على الجيوش الفرنسية والاميركية.
وكتب في احدى مذكراته العديدة “ان حرب العصابات هي حرب الجماهير العريضة في بلد متخلف اقتصاديا ضد جيش عدواني جيد التدريب”.
وقال “كل واحد من السكان هو جندي، وكل قرية هي حصن”.
واعلن هو شيه منه اول حكومة له في 2 ايلول/سبتمبر 1945 وعين جياب وزيرا للداخلية وقائدا للجيش وبعد ذلك وزيرا للدفاع.
واجبر الرجلان الثوريان على العودة الى الغابة عندما اعادت القوات الفرنسية فرض الحكم الاستعماري بعد الحرب العالمية الثانية، ما ادى الى اندلاع نزاع استمر تسع سنوات وانتهى بمعركة ديان بيان فو.
وقال جياب لاحقا “لقد كانت تلك اول هزيمة عظيمة للغرب .. هزت اسس الاستعمار وجعلت الناس يقاتلون من اجل حريتهم. لقد كانت تلك بداية الحضارة العالمية”.
وبقي جياب قائدا للجيش طوال النزاع مع الاميركيين ومع نظام فيتنام الجنوبية الموالي للولايات المتحدة، والذي تحول الى حرب شاملة بدأت في 1965 وادت الى مقتل 58 الف اميركي وثلاثة ملايين فيتنامي على الاقل.
وادى سقوط سايغون في 30 نيسان/ابريل 1975 الى اضفاء هالة اسطورية على جياب في العالم كاستراتيجي عسكري محنك، ما الهم العديد من الحركات التحررية في العالم. وقال رئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي في 2007 “اثناء نشأتنا مع نضالنا كان الجنرال جياب واحدا من ابطالنا القوميين”.
وتلاشى نفوذ جياب مع وفاة هو شي منه في 1969، وجرى تحييده على الهامش السياسي بعد ان تولى الحزب الشيوعي السيطرة على فيتنام الموحدة في 1975.
وبعد خمس سنوات من انتهاء الحرب، خسر جياب منصبه وزيرا للدفاع. وتم اخراجه تدريجيا من المكتب السياسي للحزب في 1982 وترك السياسة رسميا عام 1991.
الا ان كونه واحدا من اعظم القادة العسكريين في فيتنام منحه حق التحدث بصراحة. وحين كان في التسعين من عمره كان جياب لا يزال طليق اللسان بحيث كان يتسبب في اثارة المتاعب، وكان يكتب الرسائل المفتوحة و يستغل المناسبات السنوية لانتقاد كل شيء من الفساد الى استخراج مادة البوكسيت.
وخلف جياب، الذي عاشت سنواته الثلاث الاخيرة في المستشفى العسكري، وراءه زوجته دانغ بيتش ها التي تزوجها عام 1949، واربعة اولاد.
الجنرال جياب لم تهزمه المعارك وهزمه الموت.. إنها نهاية لبطل قضى 35 عاما من عمره في ميادين الحروب يقارع جبابرة الاستعمار الكبار، فرنسا وأمريكا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر