الأحد، 20 أكتوبر 2013

رسالة مواطن صحراوي الى السيد كريستوفر روس

السيد المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة الى الصحراء الغربية حللتم أهلا ونزلتم سهلا، وطاب مقامكم، نحن ضيف هنا منذ اربعين عاما! وضيف الضيف مرحب به ولا يثير الحرج، لأنه عندنا مثل يقول: “ضيف الكرماء يضيف”، فنحن في ضيافة الكرماء وحدث ولا حرج .. وإن الضيافة جزء، لايستهان بها، من كرامتنا ولذلك نقول لكم مرحبا وأهلا وتفضلوا بالدخول من بابنا الواسع والجلوس بكل زاوية من زوايا قلوبنا الموزعة وبيوتنا القماشية المرقعة ولكنها ضاحكة مستبشرة لمقدمكم وساخنة وهادئة وصامدة لا تركعها الزوابع ولا تزحزحها مؤامرات الطبيعة. ومرحبا بكم في قلب الوطن المحتل فكل بيت أصيل به يقول لكم”ويلكم” إنه بيتكم.
وبمناسبة كونكم ضيفا على ضيف آخر اسمحوا لنا ياسعادة المبعوث الشخصي أن نتوجه بخالص شكرنا وجميل عرفاننا الى مضيفنا الكبير وهو الجزائر الشقيقة التي لم تشعرنا في يوم من الايام بثقل وجودنا في بيتها طوال العقود. أما مضيفنا المحتل، فنشكره ايضا لأنه علمنا كيف يكون الانسان ضيفا، غير مرغوب فيه في وطنه.
ان مخاطبكم هذا مواطن صحراوي بسيط، ليس له في السياسة وجه ولا كرسي ولا في الدبلوماسية لباقة ولا ربطة عنق كما أنه لايد له على مكتب ولا موطئ قدم في مكان عمومي رسمي ومستواه في الصف الاول من تعليم الصحراء لذلك لاتؤاخذوني يا سعادة المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة في اللغة لا تتضايق من ضجر الحديث وتعثر الكلام وإن أنا لم أجامل أولم أتبع قواعد الشكل في الخطاب الرسمي، الذي يقابل به عادة أصحاب الوظائف الكبيرة وحملة المهام الدولية الثقيلة.
إسمحوا لي في البداية أن اتقمص صحفيا لأسألكم عن طبيعة هذا الذهاب والإياب المتكرر من جانبكم من والى المنطقة ماذا وراءكم فيه وعم تنقبون وماذا تفحصون؟ وهل هذا الذي تبحثون عنه في التراب تحت الرمل أم في الجو فوق الغيوم؟ واذا كان فوق الارض هل حصل مجلس الامن الدولى على مجهر لرؤية شئ؟ هل قطعتم المسافة بين الاذن والعين حتى الآن لمعرفة الحقيقة؟ اذا كان هناك حق يمكن رؤيته بالعين المجردة لحقيقة اسمها الشعب الصحراوي وكان هناك احتلال يبول على الحق وعلى القانون والكرامة الانسانية في الصحراء الغربية مالكم أنتم وهذا التثاقل والتباطؤ والتسلحف الدولي إزاء تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية؟ هل تطلبت مشكلة غزو الكويت مثلا على يد صدام حلا يأتيها مشيا على الاقدام عبر مسيرة اثنين وعشرين عاما؟
ماذا يعني هذا النعاس من طرف الامم المتحدة بعين واحدة فقط هي التي تلي الصحراء الغربية وحق شعبها في تقرير المصير؟ ما هذا الشد لعقارب الساعة الى الوراء في مسلسل تصفية الاستعمار من المنطقة؟ كأنه خوف من المستقبل! هل عندكم شك في حدود الصحراء الغربية؟ أو الصحراويين؟ أم هل تبحثون للمغرب عن براءة من الظلم والتوسع ومن” دم أبناء يوسف” بين ملايين الالغام حول جدارالعار في المقابرالجماعية في الرمال تحت أقدام الامم المتحدة في الصحراء؟ لايوجد في الصحراء الغربية ولا في المغرب ولا في العالم أجمع شاهد بالحق إلا ويشهد للدولة المغربية بالبراءة من الحق وليس من الظلم.
ان الضال في المغرب هو الحق والضال في الصحراء الغربية المحتلة هو الضال في المغرب. فما هي ضالتكم ايها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الى الصحراء الغربية؟وأين هي من هذا الضلال المغربي وهذا الاحتلال الذي ما بعده ضلال؟ هل جئتم لأداء التحية من الجو لحماة الحزام والالغام والاوهام من جنود المغرب في الصحراء؟ أم جئتم لزيارة المقابر الجماعية والترحم على الشهداء وتقديم التعازي والمواساة لأبناء وزوجات الضحايا؟ هل وضعتم اليد على حل يرضي المقابر ولايزعج الاحتلال ويقطع السنة الأطفال في اللجوء وفي المناطق المحتلة ويحفظ ماء الوجه لميقاق الامم المتحدة ويصون السلام للمنطقة ويضمن الأمن لمجلس الامن…؟! بماذا جئتم وبماذا ذهبتم يا سعادة ميستر روس؟
لقد جئتمونا هذه المرة في العيد ومن ومن يجئ في العيد لابد أن يأتي معه بالجديد فما هو جديدكم أنتم يا سعادة المبعوث الشخصي القدير والضيف الكبير المحترم؟
أظن أنكم قرأتمونا بجميع اللغات وراجعتمونا وحفظتمونا عن ظهر قلب وليس عندنا في الصندوق مخبأة عنكم يا وكيل القضية المحترم بيضاء ولا سوداء
إن رحلاتكم المكوكية ذهابا وإيابا من وإلى قلب ومحيط المنطقة الطويلة والثقيلة الغريبة مدة حملها بالمشكلة إذا ما أضيف إليها تغاضي أو تعامي البعض وتواطئ البعض الآخر وتآمر وتورط البعض الثالث ما قبل الأخير الذي لاحول له ولاقوة من دول مجلس الامن الدولي عن ومع وفي هذه القضية التي قد لايختلفون في كونها قضية حق لشعب في تقريرمصيره لاتوحي للملاحظ المتتبع سوى بالعجز الكلي والدوران على كرسي متحرك في حلقة صفر كبير من الحجم الدولي وهو في هذه الحال البند السادس من ميثاق الامم المتحدة.
إنه يا سعادة المبعوث الشخصي للأمين العام للامم المتحدة لايسقي من الماء ولا يغني من الظمأ وإنه لأشبه ما يكون بقاض بليد: صدقت أنت أيها المدعي وصدقت أنت أيها المدعى عليه اتفقوا على الحل الذي ترونه مناسبا بينكم وأنا سأصفق لكم! فهل من رحم هذا الصفر وحكم هذا القاضي سيولد الحل؟
إذا كنتم تنتظرون من الدولة في المغرب أن تعترف بالحقيقة وتعود الى الصواب وتنصاع للارادة الدولية بشأن حق الصحراء الغربية في تقرير المصير فإن دولة الدولة في المغرب تنتظر منكم أنتم ومن المجتمع الدولي وستحاول أن تفرض عليكم الانصياع لإرادتها هي في تكريس الاحتلال وفرض الامر الواقع وطمس الحرية وتحريف معنى الحق في تقرير المصير ومعنى الكرامة وماهية الآدمي ومفهوم العدالة في الصحراء الغربية.
وأن لاتراقبوها على حقوق الانسان ولا تحاسبوها على الجرائم المرتكبة التي تخرج ضحاياها عن الصمت من تحت المقابر الجماعية ولا تطلبوا اليها أن توافيكم بالاخبار والتقاريرالمفصلة عن النهب الممنهج لثروات المنطقة وعن الآثار الخطيرة والمدمرة للسرقات الكبيرة التي تقوم به الدولة على مستوى البر والبحر.
أريد أن الفت انتباهكم إلى امر خطير جدا هو أن حدود الصحراء الغربية غير معروفة بالنسبة للمغرب ومكتوبة بقلم الرصاص فقط شأنها شأن حدود المغرب نفسه وهي ملغمة سياسيا قديما وحديثا منذ عهد المسطرة الفرنسية للحدود مرورا بفترة الاستعمار الاسباني والى القوة المحتلة الاستعمارية المديرة للمنطقة حالا.
إن للمغرب “مطالب ترابية” بعضها منوم مؤقتا في ثلاث جهات من اصل أربع,هي الجنوب والشمال والشرق وهذه المطالب المزعومة هي سلاح لدى المغرب أصلا يستخدمه على مر السنين لقتل الجوع في البلد وشد انتباه المغاربة الى السماء عن المصائب في الارض وللتأمين على القصر من الجيش المشدود انتباهه بحبل “الدفاع عن الوحدة الترابية للملكة”. وسوف لن يقف المغرب عند حدوده الحقيقية الموروثة له عن الاستعمار لأن حدوده في الطمع والتوسع لاتقف هناك.
أما من يريد من الشعب الصحراوي أن يتخلى عن حقه في تقرير المصير وأن يخضع للاحتلال المغربي وأمره الواقع فإنه كمن يطلب الى الولايات المتحدة الامركية ان تركع للأرهاب وان تقدسه وتسبح بحمده في كل مكان, وأن تنزع تمثال الحرية من أرضها, وترمي جميع ما تملك من قوانين حماية الحريات وحقوق الانسان, وقيم الديمقراطية وصناديقها, في عرض البحر. متى ستفعل الولايات المتحدة ذلك؟
وأنقل لكم هنا ” مقترحا” جاد به عليكم بعض الكهول الصحراويين، عله يساعدكم في التوصل الى (حل يرضي جميع الاطراف) من داخل وخارج المنطقة
التسلل الى قلب العاصمة الفرنسية باريس وأخذ عصاهم الغليظة من هناك المسماة ب”الفيتو الفرنسي” ووضعها في صندوق بمكان ما تحت الارض على ان تحتفظوا بالمفتاح لغاية أن تأخذ العدالة الدولية مجراها للتوصل الى حل منصف يضمن الحق الثابت للشعب الصحراوي كاملا في تقرير المصير
إشعار بوتين بأن الصحراويين ليس لهم علاقة بالشيشان ولا بالمعارضة السورية. والتآمر على حقوق الانسان في الصحراء الغربية لن يعيد للروس مجدهم القديم ولن يرفع علما جديدا للشيوعية في العالم وليس عند المغرب فائض من شئ ولو قطرة واحدة من مياه الشرب لتنضاف الى ربع الاحتياط العالمي منها الذي يمتلكه الروس
إقناع الملك محمد السادس في المغرب بما كان قد حصل في الذهن عند أبيه قبيل وفاته. وهو ان السمك في محيط الصحراء بعد الاستقلال مضمون له وان الفسفاط كذلك (لايمل عندهم من الزيادة) والموارد الاخرى والرمال المتحركة والثابتة لاخوف للمغرب على شئ من ذلك مادام ان الشعب الصحراوي مجاور وقليل العدد ولايميل للعمل البدني بطبعه باستثناء الحرب عند الضرورة. وهوايته التفتح على الآخر وحب المساواة بين الجميع ونبذ التمييز العنصري والقناعة بالماء والصحراء والاكسجين مع الكرامة. فمن لهذه الثروات وهذا الفراغ اليدوي بعد اسقلال المنطقة غير المغرب وقوته العاملة المحتاجة، التي تنزع من الحفاة نعالهم؟..والاستقلال قادم لا ريب فيه. فلماذا يؤجل المغرب ما هو محتوم ولا بد منه ولا محيد عنه؟ ونتائج تعجيله أفضل من تأجيله. ولماذا يفضل المغرب الدخول الى “المائدة” في الصحراء من نافذة الاحتلال الضيقة والشائكة والمشوهة بدلا من الدخول إليها من الباب الواسع والمسموح به قانونيا وأخلاقيا؟. ولاخوف أيضا للمغرب على المصالح من منافس. فالجزائر غنية جدا وبعيدة ولاهم لها أبعد من الدفاع عن حرمة أراضيها والوقوف عند حدودها والى جانب الحق والعدالة في كل مكان وزمان. والدولة المورتانية ضعيفة ويكفيها ما عندها من الحيوانات والبيداء الواسعة وسوف تشكل مع الصحراء الغربية بعد الاستقلال سوقا جائعة الى المنتوجات واليد العاملة المغربية النشطة.
بامكانكم من جهة أخرى، التوجه الى الدولة التي باعت الاقليم لمحتليه الجدد هل يعرفون طريقا آخرى لمصالحهم، غير التي تمر بالمغرب؟
تدركون أن أهم عنصر في تدبير الشؤون العامة وتسيير القضايا المجتمعية والسياسية هو التنبؤ بما قد يحدث في المستقبل وانكم سوف لن تجدوا أفضل من الآن لتسجيل هدف نهاية اللعبة (إنتهى مقترح الكهول) وسننتظر رأي الاطفال في المستقبل فالوقت ماء الله
واذا لم يكن لديكم من الشجاعة ما تستطيعون به وضع اصابعكم في عين الحل وهو تحقيق الحق في تقرير المصير, الواضح قانونيا, والضروري سياسيا وأخلاقيا, للصحراء الغربية بسكانها الاصليين, وحدودها الموروثة عن الاستعمار, غداة رحيله عنها في السادس والعشرين من فبرائر سنة 1976 فلا تتثاقلوا ولا تتسلحفوا, ياسعادة المبعوث الشخي للامين العام, من العياء, ولا يأخذنكم الدوار من طول الدوران حول هدف أنتم عاجزون عن تحقيقه, ولاحول لكم ولا قوة تمكنكم من اللحاق به والقبض عليه, رغم ما لديكم من الحيلة وما تملكونه من القوة وما تتسمون به من الجرأة…!, سلموا عنكم هذه المهمة, التي تبدو وكأنها أكبرمن الامم المتحدة, وأصغر من الحل العادل المفقود لدى مجلس الامن الدولي, وسيأخذها, بدلاعنكم, من كانت عنده أصلا, وهو أجدر بالمسؤلية عنها وأقدر على حلها, إنه الانسان البسيط المؤمن بعدالة قضيته, العازم على أخذ حقه بيده, مهما كانت الظروف ومهما طال الزمن وبهض الثمن… إنه الآن الشعب الصحراوي, الصغير المسالم المعتدى عليه, الرافض للظلم والاحتقار, وهو صاحب الحق الذي لاغبار عليه, والذي يبدو, لقلة عدده, كأنه لايساوي ذرة واحدة من غبار هذا العالم, بالنسبة لمصالح المتآمرين عليه
ميستر كريستوفر روس,كانت رسالتي طويلة و”غاضبة”, لكنني نتفت منها, وقصصت كثيرا من شعرها الاسود, و وضعته على الارض, ليس جنونا, ولا اقتداء بفعل جنود المغرب مع النسوة في الصحراء, ولكن حفاظا على وقتكم . قد تقول بأنها لا تزال كذلك, وأنها مكررة المضمون, بالنسبة لكم, كما أنها لم تبعث لكم في اللحظة المناسبة من الزيارة… ولكن كل شئ اليوم طويل وممل, ومكرر في مكانه وزمانه, أنظر الى الساعة التي معك, في اليد أو الجيب, انها لا تتحرك! فما لكم أنتم على التطويل؟ ثم مالكم على التأخير والتأجيل؟ ألم يكن الدرس الوحيدة التي أخذناها عنكم في الامم المتحدة؟ أما التكرار فهو طابعكم اليومي على الارض, وهو حقيقتكم وعلامتكم المميزة..أو ألم أقل لكم إني لا أعرف المجاملة ولا التملق؟
أتمنى لكم عودة ميمونة, في افق السلام والامن, الى بيتكم المحترم, وان لاتنسوا عندما تصلون هناك, “موكلكم” في قاعة الانتظار, الجريح الممزق, المحروم من جرعات الدواء والماء والاكسجين. وفي زيارتكم القادمة (في العيد القادم), لاتنسوا ما فاتكم هذه المرة, أن تأتوا معكم بكبش, من حظيرة الامم المتحدة, نذبحه في الاضحى المبارك, وقطع من الحلوى الملونة لتفريح الاطفال في اللجوء, وتسجيلات عن الاسرى في سجون الاحتلال المغربي, وصور للمفقودين الصحراويين الكثر.
بقلم:ابراهيم باريك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر