الأحد، 6 أكتوبر 2013

بين الغزو و مضايقات الجيران ..حرية الصحراويين رهان الوجود

كتب الكثير عن الصحراء الغربية ، عن تضاريسها، عن مناخها، عن قساوة الطبيعة والظروف، عن الحرارة، عن ندرة المياه، عن الترحال، عن الصمغ العربي، عن الجمل ، وسالت الأقلام بكثير من ذلك عن الإنسان الصحراوي ، عن كرمه، عن شجاعته،عن سمو قيمه، وقبل كل شي عن تعلقه بالحرية...
نفس الظروف و نفس القيم لازالت قائمة، و ما تحقق من تقدم و تعليم ومعرفة و ممتلكات لم يبعد الصحراويين عن أصالتهم و لا عن مرجعيتهم : الحرية ولا ركوع لغير الله...
المؤسف وبعد أزيد من 38 سنة من المعاناة و الحرمان أن هذا الشعب الأبي صاحب الحضارة الشريفة لازال يعاني الأمرين، و هذه المرة ليس على يد غزاة أوربيين طالعين من وراء البحار، بل على يد جيران تجمعهم و هذا الشعب ما لا يحصى من روابط الأخوة و الدين و اللغة و الجغرافيا و المصير و المستقبل.
فتحت ذريعة الأمن يضايقهم و يطاردهم النظام المغربي و لا يبخل جهدا في تجميعهم قسرا فيما أصبحت المدن الصحراوية اشبه بالسجون الجماعية خلف الحزام و محاطة بالعساكر و الألغام... ومن الشقيقة، الشقيقة جدا موريتانيا يطاردون تحت ذريعة الأمن من أراضي تحمل أسماء كل أبارها تسميات لقبائل ظلت و لقرون طويلة وحتى الآن أوكارا و أطلالا و مراعي أمنة و نقية لهؤلاء كما كانت بالأمس لأجدادهم ...
و تحت نفس الذرائع و الحجج تراهم كذلك عرضة للمضايقات و للحبس و مصادرة الممتلكات من طرف عناصر فاسدة من الحليف و الحليف جدا الجزائر المضيافة الداعمة بكل مقدراتها لكفاح الشعب الصحراوي و في سبيل حريته و كرامته، مضايقات في محيط المخيمات و على الحدود و في "اقيدي" و "لكحال"...
فأين المفر؟.. الجار من الشمال واضح، عقيدته التوسعية يمارسها و بأبشع الصور ضد الشعب الصحراوي.
أما أن تأتي المضايقة و الابتزاز من الأشقاء فذلك ملفت للنظر، خاصة و أن الضحية لهذه العراقيل هم أفراد و أسر في ارقي درجات البراء، كونهم ظلوا منذ القدم و إلى يومنا هذا ليس لهم من نمط حياة أو وسيلة للعيش غير ما تتيحه البادية.
الدولة الصحراوية و رغم محدودية الوسائل، و رغم المصاعب تبنت سلوكا أخر و سياسات أخرى ، وقررت ترك حدودها مفتوحة تماما و دون قيد أو شرط أمام الأشقاء البدو القادمين من موريتانيا و الجزائر، أكثر من ذلك تساعدهم و تقدم لهم الإعانة بالأدوية للأفراد و للمواشي التي كثيرا ما تأتي مصابة بأوبئة و أمراض خطيرة.
هذه المضايقات، و هذه العراقيل، و التي هي في مجملها قرارات فردية بالكامل و غير واقعية، لا تساهم لا في الأمن و لا في لاستقرار، و هي التي تجعل كثير من المواطنين يتساءلون أين المفر؟ و ما البديل ؟ ،و هل قرر هؤلاء الجالسين في مكاتب مكيفة و بأحلامهم و عيونهم الراصية نحو حضارة الغرب و نمط حياته، هل قرر هؤلاء اجتثاث ما تبقى من حضارة البادية و المساهمة كما يساهم الجفاف في قتل الحي منها... أنها معاناة و حرمان ومضايقات و عراقيل و جرائم أحيانا في حق أفراد و أسر و رعاة أبرياء...
بعضهم يتساءل: هل يفيد في هذا تقديم شكوى إلى المنظمات الحقوقية الدولية؟ أو ما العمل لحماية هذا الإرث الإنساني و الحضاري؟.
الحل بالتأكيد ليس المضايقات و ليس الطرد الغير مبرر و ليس الحرمان و ليس الابتزاز من خلال سلسلة الإجراءات الجمركية و ليس احتقار مجتمعات و حضارتها، الحل يكمن في التحلي بالحكمة و الواقعية و الدراسة المتأنية لظروف هؤلاء الرحل،وهذا الفصيل من الحيوانات: الإبل ، رمز حضارة الصحراء المعرض للإبادة، ومد لهم يد العون و مؤازرتهم أمام محنتهم، وليس دفن نعمة ما عرف عن الجزائر و موريتانيا من كرم و حسن ضيافة، كقيم راسخة و أزلية و عدم تشويهها بإجراءات لا تمت بشي للأمن.
و فوق هذا و ذاك المساهمة في تأمين تواصل و نمو هذه الحضارة بكامل قيمها ووسائلها و رموزها بما فيها البدوي و الجمل و الترحال و الحرية و كل قيم الصحراء مهد قيم النبوءة و البطولة. 
بقلم محمود البشير.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر