الاثنين، 30 سبتمبر 2013

من الليسانس الى " ليسانس "

عبارة قد تختصر جسم المقال ، فتشابه الحروف واختلاف معنى الكلمتين يعلنان الرغبة ويفتحان شهية الكتابة لمعرفة الاسباب الكامنة وراء مشكل جعل الكثيرين ينسحبون من المشهد تحت مبررات عديدة ، ويتدثرون خلف عوائق الحياة ومشاكلها اليومية ، والتي تتفاقم يوما بعد يوم دون ان نشعر بعجزنا أمام متطلباتها ،التي تحرق جيوبنا وأجسامنا ، رغم عنادنا واجتيازنا لامتحاناتها الصعبة .
في احدى الايام التقيت احد الاصدقاء القدامى ، ممن كنت ارى فيهم نموذجا للتفاني والجدية في الدراسة ، بل وحتى نادرة زمانه في الذكاء والطموح لتحقيق المستقبل والمساهمة في بناء الوطن .
لقيت صديقي وليتني ما كنت القاه منزويا في اجدى المحلات لبيع مادة "ليسانس "، يعمل بشرف عله يجد ما يتعفف به عن مساءلة الناس ، قرأت تفاصيل خارطة وجهه المتعب والتي تحمل معالم اجتاز بها ايام الدراسة الصعبة ، ورأيت من خلال تلك التجاعيد طفولة لم تشخ بعد رغم قساوة " لحمادة " اللعينة .
قال لي : من الليسانس الى ليسانس وماذا بعد ماذا حصلنا نحن ؟حتى انت لست افضل حال مني ، لقد تعبنا طوال هذه السنوات وكانت النتيجة صفر ، انظر الى " احيمد " " التبتاب " ذلك الكسول صاحب الكرسي الاخير في القسم ، وكيف كان يعجز عن تصريف الفعل etre هل تتذكر كلام استاذة الفرنسية حين قالت انه تلميذ غبي و لا مستقبل له ! لو علمت به الان لا شك انها ستغير موقفها منه ، لقد جمع رغم جهله ثروة طائلة بعرق جبينه ، في حين عجزنا نحن رغم " اكرايتنا " عن تحقيق اي حلم سوى ورقة ملونة بزخرفة ذهبية مكتوب عليها شهادة الليسانس والتي لم تعد تسقي من الماء في الدول المتقدمة مقارنة بالشهادات العليا .
كان كلامه ونبرته يوخز داخلي ويتسلل الى اعماقي مشكلا جبالا ثقيلة اعجز عن حملها ، ظللت واقفا كالتمثال أمامه اتخيل واقع كثيرين مثله ، يعجز الوطن ان يتسع لهم ، وعجزوا هم عن ايجاد مكان وليس مكانة حتى لا يفهمني اصحاب المناصب خطأ كما هو الحال دائما ادمغة كثيرة ....اما ان تهاجر فيستغلها الغرب ، وإما انت تأكل افكارها شمس لحمادة الصدئة وتتبخر مع مطلع قرص كل يوم ، دون ان نلتفت اليها وان نحتضنها او نمنع بقايا الفشل من التسلل اليها حتى لا يصبح تسللا نعجز عن معالجته ، وان نبتعد قليلا عن واقع كثير من دول العالم الثالث التي تمتلك الثروات والقدرات ولكنها تفتقر الى الذهنيات التي تستثمر الادمغة لصالحها ، والتي لا شك تقود الدولة الى بر الامان .
بقلم: محمود خطري 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر