الاثنين، 16 سبتمبر 2013

موقع لكم : المغرب و'هيئة الإنصاف والمصالحة' كذبا في موضوع وفاة 4 صحراويين في سبعينات القرن الماضي


متابعات - كان مرتديا قميصا أزرق.. ! هذا ما قاله محمد دافا للمحققين بعد 37 سنة، وذاكرته ترحل به إلى 12 فبراير 1976، حيث كانت آخر مرة يرى فيها أخاه ذا الأربعة عشر ربيعاً. وبتفاصيل أدق تصف السالكة محمد مولود حالة أبيها حين اختفى في اليوم ذاته "لقد كان يضع على عنقه مسبحة خرزها من الحجم الكبير ".
تمكن فريق بحث إسباني، بقيادة خبير الطب الشرعي فرانسيسكو إيتكسبيرياFrancisco Etxeberria من جامعة إقليم الباسك، من اكتشاف ونبش مقبرتين جماعيتين يوليوز الماضي في الصحراء. لقد عثروا على القميص الأزرق والمسبحة ذات الخرز الكبير. وبين ثنايا الرمال والعظام عثر الباحثون كذلك على الرصاص الذي استعمله الجيش المغربي في قتل الصحراويين بعد ما سألوهم بإلحاح عن مكان تواجد عناصر البوليساريو.
لقد عاين الطفل ذا الثلاثة عشر ربيعاً الحادث المأساوي برمته، وبعد 37 سنة أخبر به الفريق الإسباني، الذي قدِم بناءً على طلب من جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين. في حدود الثامنة جاءت سيارة "الجيب"، نادى العساكر على محمد مولود أولاً، وهم يسألونه: أين البوليساريو؟
أنكر محمد مولود علمه بأي شيء يخص الثوار الذين يقاتلون الاحتلال المغربي في الصحراء الغربية، بعد انسحاب إسبانيا سنة 1975. قام أحد العساكر برميه بالرصاص الحي من مسافة قريبة على مستوى القلب، وبعدها تمت المناداة على عبد الله رمضان والسؤال نفسه: أين البوليساريو؟ ليخر بعدها صريعاً بعدما اخترق الرصاص الحي قلبه. واستمر أبا علي سعيد الداف الذي لم يتجاوز عمره آنذاك 13 سنة في الشرح قائلاً: كان يملك العسكري مسدساً لكنه استعمل البندقية لإطلاق النار.
كذب المغرب حين قال بأن أربعة من الضحايا توفوا بعد اعتقالهم
وثيقة بالإسبانية عثر عليها في مكان الحفريات يعتقد أنها تعود لأحد الضحاياعثر فريق إيتكسبيريا Etxeberria على الجثث في اليوم الثامن من يونيو، بمكان يسمى "فضرة لكيعة" بمنطقة السمارة، التي تبعد عن مخيمات اللاجئين الصحراويين بحوالي 400 كيلومتر.
خلال ثلاثة أيام، فتح الخبراء الاسبان مقبرتين تحتويان على رفات ثمانية ضحايا من بينهم قاصرين اثنين. وقد بينت نتائج الاختبارات الجينية التي أُجريت بجامعة إقليم الباسك أن من بين الجثث اثنتين لأب وابنه القاصر.
لم يرى أبا علي سعيد الداف عمليتي القتل الوحشي الأخيرتين، لكنه سمع السالمة الداف السالك البشير تتوسل العساكر لترك ابنها. لكن لا التوسل ولا عمر الطفل جعل القتلة يعدلون عن فعلهم الشنيع.
ومن بين ما عثر عليه فريق البحث، بطاقتي هوية إسبانية بين الرفات. واحدة لمحمد عبد الله رمضان تحت ترقيم A -4131099) ) والأخرى لمولود محمد لمين (A-4520032) .إضافة إلى جثة ثالثة مازالت تحتوي على محفظة بداخلها بطاقة تموين السكر باسم سلامة محمد علي سيد أحمد.
كنا أطفالا سعداء ،جاء العسكر وقتل أبائنا وطردنا من أرضنا
وحسب تقرير أعده كل من إيتكسبيريا Etxeberria وعالم النفس كارلوس مارتن بيريستين Carlos Martín Beristain ، من المعهد الدولي لدراسات التنمية والتعاون، فإن المغرب رفض تقديم شروحات رسمية لعائلات الضحايا.
في سنة 2004، أسس محمد السادس هيئة الإنصاف والمصالحة لتسليط الضوء على الجرائم المرتكبة في عهد الحسن الثاني، وجبر ضرر الضحايا. وفي سنة 2006، قدمت هذه الهيئة لائحة تضمنت أسماء أربعة ضحايا من هؤلاء الذين تم اكتشافهم حديثا في المقبرة الجماعية. وهذا ما يتعارض كذلك مع تقاريرها بخصوص الضحايا، والذي جاء فيه "تم اعتقالهم من قبل الجيش المغربي يونيو 1976 بالسمارة، وأخذوهم بعد ذلك إلى إحدى القواعد العسكرية، ثم ماتوا وهم رهن الاعتقال".
لقد أثبت فريق الخبراء الاسبان بأن المغرب كاذب. وهذا ما يِؤكده تقريرهم الذي جاء فيه "جرى اعتقال الضحايا في اليوم نفسه ولم يتم أخذهم إلى أي مكان، بل تم إعدامهم في اللحظة ذاتها"، وهذا ما أثبتته التحاليل الجينية للعظام.
يقول إيتكسبيريا Etxeberria بأن تقارير المغرب الكاذبة بخصوص الضحايا الأربع تثير أسئلة حول مصداقية كل الوثائق المقدمة من قبل المغرب.
ولهذا فنحن ذاهبون إلى جنيف والولايات المتحدة لمطالبتهم بالتدخل في هذا الشأن. وقد طلبنا عقد لقاء مع وزير الخارجية الإسباني ، خوسي مانويل غارسي José Manuel García ، لأن الضحايا صحراويون يحملون الجنسية الإسبانية ونتمنى أن يقول شيئا بهذا الخصوص.
وبما أن المقابر تتواجد في مكان تحت إشراف المينورسو (بعثة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية)، فرفات الضحايا تُركت تحت حمايتهم وتم تمييز المكان لتسهيل العمل بالنسبة لبعثة رسمية للتحقيق والتي يجب أن تزور المكان في أقرب الآجال لتسليم الرفات لعائلات الضحايا وفرض تدابير حراسة للمقابر الأخرى .
ويضيف تقرير الخبراء الإسبان " هناك أكثر من 400 حالة لصحراويين ضحايا الاختفاء القسري ". ويعتزم هؤلاء الخبراء العودة إلى نفس المكان بعد شهرين، لكن هذه المرة رفقة مراقبين دوليين، لاستخراج الرفاة وتسليمه لعائلات الضحايا.
يعد إيتكسيبيريا Etxeberria خبير محنك متخصص في الطب الشرعي، عُهِدَ إليه بنبش أزيد من مائة مقبرة جماعية في إسبانيا تنتمي لعهد فرانكو، وشارك كذلك في استخراج رفات الشاعر الشيلي بابلو نيرودا، كما قام بتشريح جثة كل من الزعيم الشيلي السابق سالفادور أليندي والمغني الشاعر فيكتور خارا. إضافة إلى استخراجه رفات الضحايا السبعة عشر الأولى للديكتاتورية الشيلية. وللتو عاد من الصحراء متأثرا بما رآه هناك.
يقول في إحدى شهاداته: "في ذلك المكان البعيد القاسي، يعتريك نفس الإحساس حين تم النبش في المقابر الجماعية لضحايا الحرب الأهلية في تيريول Teruel أو استخراج الرفات في غواتيمالا أو الشيلي ، إنه نفس الإحساس بالظلم السرمدي، إنها الضرورة لمعرفة حقيقة ما جرى لفلذات أكبادهم، إنه الحداد الذي لا يعرف نهاية..."
قال لنا ابن أحد الضحايا الصحراويين الذين تم العثور على رفاتهم في الصحراء "لقد كنا أطفالا سعداء أبناء رعاة الغنم، نعيش في سلم وسلام حتى جاء العسكر وقتل والدي وطردنا من أرضنا. منذ ذلك الوقت لم يتبقى لنا شيئا سوى ذرف الدموع والتحسر على ما جرى".
سبق لإيتكسيبيريا Etxeberria أن سمع بقصص مماثلة في اسبانيا لضحايا نظام فرانكو حيث الآباء والأطفال والأحفاد يخترقهم الشعور بالأسى والألم نفسه الذي ينتاب هذه العائلات الصحراوية الثمانية.
بقلم : ناتاليا جونكويرا
ترجمة : مراد دموكَي
عن إليباييس 13 سبتمبر 2013

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر