الأحد، 1 سبتمبر 2013

المصالحة مع الكتابة

شهران تقريبا مرا علي وأنا اعاند الكتابة ،اتجبر عليها وأقسو علها تهرب مني لتنجو من قسوتي وعنادي، وقبل هجري لكتابة المقال في هذه الاشهر كنت قبله قد هربت من كتابة الشعر وأعلنت القطيعة المؤقتة معه ، وحين يعلن الشاعر التمرد على القوافي والعلل والأوتاد ، فمعنى ذلك انه يقفل جميع المنافذ عن مسامات الاوزان ويمنعها من التغلغل في اعماق الوجدان ، ويجبر عواطفه على الكبت والكذب على الواقع .
وعندما تعلن عن ترك القلم فأنت تشبه الى حد بعيد من يتنازل عن شيء ثمين .. عن كنز محل تقديس تحيطه هالة من الرهبة والخشوع ...عن شيء يسكنك بالدوام ولا تستطيع الجوارح ان تمنعه من التحليق بكل حرية بعيدا في سماء الابداع وعالمه المليء بجمال الصورة وروعة المكان .
ان تترك القلم معناه انك تتنازل عن اخر قلاع الشرف فيك ، وتعطي سيفك لعدوك دون ادنى مقاومة وتوقيع اخر صكوك الاستسلام .
ان تترك القلم امام واقع تعيس يجبرك على امتطاء اي شيء ،ورفع الراية البيضاء في وجه الكتابة اللعينة والإقلاع عن تناول سم الشعر الناقع ،وتسقي كأسه لأخر الشعراء حتى يكف عن قوله بصفة نهائية.وتدعو كاتب المقال او القصة او غيرها الى تناول حبوب منع الكتابة حتى يصاب بقحط ابداعي مزمن .
ومع كل هذا ترفض ان تنبطح امام هذا المشهد السييء وتقاوم بشراسة كل اغراء ، والمشدوهين حوله والمجمعين على ضرورة استمراره حتى لا نغير الواقع.
اعود اذن للكتابة بعد ان شعرت بضرورة المصالحة معها ، وعودة الشرعية الادبية اليها حتى يكون لمن يمتهن الكتابة معنى ويتقمص انسانيته من جديد ، فالابتعاد عن الكتابة يشعرك بنوع من الغربة الادبية ، وإفراغ طاقتك في لا شيء .
الكتابة بالنسبة لي هو ان تشعر انك تنفق دمك ، في سبيل هدف يستحق التضحية ، والذود عن حوض أشياء ترى قيمتها في وجودك ، وتتجلى عظمتك في ان تظل وفيا لها بكل ما تملك وقدر ما تستطيع.
بقلم : محمود خطري حمدي

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر