الاثنين، 4 مارس 2013

أربعينية البوليساريو ... هلامية الحركة وهيمنة الشخصنة

تحل بعد أشهر قليلة الذكرى الاربعين لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو)، وهي فرصة من بين العديد لتقييم الذات ومراجعة الاساليب ومضاعفة المنجزات ولكن الأهم من كل ذلك قياس المسافة التي لا زالت تفصل الحركة عن تحقيق الهدف الذي أسست من أجله وهو تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير.
في الطريق نحو التوصل الى هذا الهدف أعلنت البوليساريو عن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية لتصبح العملة بوجهين ولكن بالطبع قطعة واحدة، وفي مسار المحاولة تعمقت البوليساريو في ثنايا الشعب الصحراوي وطياته وأعلنت منذ اللحظة الاولى أنها الممثل الشرعي والوحيد له لتصبح المعادلة بذلك ثلاثية المحاور (المحور فيها) أو مقام المعادلة هو الشعب الذي بنيت الدولة على ظهره بينما تتربع البوليساريو الحركة فوق الدولة، فالبوليساريو بإختيار الشعب أو بدونه فوق كل شئ، ولا يمكن لاي كان من الصحراويين في الوقت الراهن على الاقل أن يعلن عن ذاته خارج إطار هذه المعادلة. وللإنصاف على الصحراويين أن يدركوا أن في ذلك صالحهم ولو إلى حين.
ووصلنا الى اربعين عاما، مرت منها سنوات عجاف لا يمكن للواحد منا فيها أن يعبد الله كما يجب خوف ان يوصف بالخيانة، ثم تلتها سنوات مضطربة لا يستطيع الواحد منا فيها أن ينتقد علنا خوف أن ينعت بالعمالة للعدو ونحن الان في سن لاندري هل نعتبرها سن النضج أم سن اليأس فالزمن وحده وأجيال أخرى حتما ستحدد ذلك، ولكنني أعود الى الموضوع السابق الذكر والذي من خلاله يمكن الحكم ولو مؤقتا على طبيعة المرحلة والنضج من عدمه، وهو تحرير الارض من خلال تقرير المصير، والحال واضح للعميان أننا لم نستكمله بعد.
بسط الموضوع بهذا الشكل ـ البوليساريو أساس لكل شئ ـ يفتح الشهية للعديد من التساؤلات المشروعة للإنسان الصحراوي من بينها: هل البوليساريو تنظيم مؤقت للصحراويين أي الى حين تحرير الصحراء الغربية وينتهي أمرها؟ هل البوليساريو تعني طقمة معينة من الصحراويين وبقية الشعب أتباع؟ أم معناها الحقيقي هو الشعب الصحراوي برمته؟ أين هي من شتات الشعب الذي تمثله خاصة الجزء المضطهد من قبل الإحتلال، والجاليات أينما تواجدت ومدى تمثيل هذه الفئات في طليعة الحركة؟ هل البوليساريو هي الدولة الصحراوية أي أن أعضاء القيادة السياسية هم وزراء الدولة بالضرورة؟ هل البوليساريو حركة تحرير ولدت من رحم الجماهير أم حركة تحرير ولدت بدهاء اشخاص وبنيت على ظهور العامة؟ هل تقبل البوليساريو بمراحل النمو التي مرت بها أعتى الحركات واقواها أم أنها إستثناء؟ هل تصلح البوليساريو بشكلها الحالي لتكون عمودا فقريا لدولة ناشئة أكثر من نصف أرضها محتل؟ هل للبوليساريو عمليا شكل حالي أم أنها هي هي منذ أربعين عاما؟ ما معيار الحكم على الحركة بأنها خاضعة للتغيير الطبيعي أو أنها جاثمة في مكانها؟..... وتكثر الاسئلة وتطول معها التحاليل والاجوبة.
إن المتأمل أو الدارس لحياة البوليساريو، هو متأمل ودارس لحياة الشعب الصحراوي بالضرورة، وهي ـ البوليساريو ـ لا يمكنها الخروج عن القاعدة الطبيعية للأنظمة ففيها طبعا قمة وبنيان واساس، أو راس وجسم وأقدام مهما يكن الحال ففي الأجزاء الثلاثة يكمن النمو والقوة والإنسجام ولا يجب وفقا لمعايير الصحة السليمة أن ينمو جزء على حساب الآخر، فهل إمتثلت البوليساريو وتماشت مع تلك المعايير، هل الحركة واضحة المعالم بمعنى هل القيادة السياسية العليا تمارس مهامها دون عقد أو عراقيل أم هناك في الخفاء أو مغمض عنه ما يعيق ذلك، هل إستفادت الهيئات القيادية العليا من زمن التحرر هذا أم إختارت المصلحة الضيقة على حساب نبل المهمة وجسامة القضية....هل الرأس يكبر بالقدر الذي لا يثقل به على البدن والأساس؟ هل البدن اصبح عريضا فوق اللزوم وأثقل هو والرأس كاهل الأساس؟ إن كان الأمر كذلك فستغوص الأقدام في الأرض ولن تبرح لا الحركة ولا الدولة ولا الشعب المكان. هل البوليساريو واضحة الهيكلة، عمليا وليس على الورق، هل تشارك الهيئات في صنع القرارات الحاسمة خاصة قرار العودة الى الحرب أم هو من إختصاص هيئة قيادية أو شخص واحد؟ إننا نجد في مؤسساتنا موظفين مؤهلين عملوا في مؤسسات وطنية مدة تفوق الثلاثين عاما في نفس الصنف اي أن الموظف المسكين لم يرقى الى مرتبة إنسان فهل هذه هي الحركة التي نريد؟ هل هذه هي الدولة التي نريد؟ إننا نغبن أنفسنا عندما نقول للعالم أن وزيرنا للخارجية عمل في المنصب لمدة تفوق العشرين عاما؟ ويزداد الغبن عندما نرجع لذواتنا ونراجع سجل هذا الوزير؟؟؟؟ حتى الهيئات التي يخضع سلمها الاول للإنتخاب يدوم عندنا مسؤلوها لأكثر من خمسة عشر عاما، لا عهدة ولااستكهال ولا حياء ولا هم يحزنون ...هو هو وكأن الامهات الصحراويات عقم لا يلدن وإذا كان "والحديث رمزي، لجهلي به" المراد ترقيع قبلي فهل تختزل القبائل في أشخاص بذواتهم؟ وبإختصار فنحن ننجر تحت إمرة تقريبا نفس الاشخاص منذ اربعين عاما، فهل في الامر صالحنا؟ الواقع يغني عن الكلام.
بلغنا الاربعين وهي فرصة لنا جميعا وكل موقعه لأن نعيد النظر والتأمل في حالنا، لا اعتقد أنه لدينا ما نخسره فقد أخذ منا الزمن عتي العمر وأخذ منا المنفى بقيته، والتهم الاحتلال زين شبابنا وعذرية نساءنا، والمتبقي تكفلت به ديار الغربة والتسول لدى بلدان الغير، يجب أن لا نتلاهى بتعليق الاعلام والبالونات واليافطات ونهتف ونزغرد بحلاوة الوانها وننسى غبار المنفى ونتانة الاحتلال ومذلة الغربة.
الحديث له شجونه والامه ومختصره أن البوليساريو أو الدولة الصحراوية أو الشعب الصحراوي لم يجد بعد ضالته والله وحده يعلم كم يفصله عنها مادام أمرها غير مباح ولا يمكن الخوض فيه مع أمور كثيرة، أعتقد أنه على التوقف عن الكتابة حتى لا انعت بشبهة جاهزة لا ادري ما هي، فلم يبق ينقصنا إلا أن نتهم بالشبهات لأننا نناضل بالاقلام، بعد أن تعذر النضال بالعمل.
  بقلم : حمادي البشير

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر