الاثنين، 11 مارس 2013

لاماب المستقلة تطرح قضية للنقاش : في الذكرى المئوية الاولى لمعركة لقليب هل للتاريخ الصحراوي من يحكيه؟


يجهل الكثير من ابناء الصحراء الغربية تاريخهم الحافل بالاحداث الجسام والتواريخ المهمة التي تركت بصماتها على مناطق متفرقة من منطقة الساقية الحمراء ووادي الذهب بيد ان البعض يلخص تاريخ الشعب الصحراوي في محطات قليلة اغلبها بعد سنة 1973 وهو تاريخ تاسيس جبهة البوليساريو فماذا عن تاريخ الحملات الاستعمارية التي تعرضت لها المنطقة قبل الاحتلال الاسباني والاجتياح العسكري المغربي؟
وماذا عن تاريخ معركة لقليب التي نحن بصدد وضعها قضية للنقاش بمناسبة الذكرى المئوية الاولى لها؟
ماهي ملامح الحركة الجنينية لتحرير الصحراء التي قادها الفقيد سيد ابراهيم بصيري؟ وماذا عن ارهاصات تاسيس جبهة البوليساريو؟ وملامح الشخصيات التي ظلت غائبة او مغيبة عن التاريخ المعاصر رغم وضعها بصمات مهمة فيه؟ كل هذه الاسئلة تطرحها وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة للنقاش امام المؤرخين والباحثين والكتاب في سياق الحديث عن معركة قليب اخشاش التاريخية او قليب الفرتونة كما هو معروف عند البعضالتي كانت في شهر مارس 1913

ان مرور 100 سنة على الذكرى المئوية الأولى لاول معركة تاريخية لصد تغلغل أوروبي (فرنسي) في الصحراء الغربية، تحديدا في ظل المتغيرات الاقليمية و الجهوية الجديدة و التي في مقدمتها عودة الاستعمار الفرنسي من النافذة المالية جراء الفراغ الناتج عن عجز دولة افريقية عن القيام بمسئولياتها في حفظ الأمن و السلامة الترابية بعد أن عشعشت العصابات المنظمة سيطرتها على شمال مالين والذي يتزامن هذه السنة مع احياء البوليساريو لمرور 40 سنة على تاسيسها.ان مثل هذه العودة تطرح جملة من الاسئلة في مقدمتها لماذا تعود فرنسا لافريقيا هل حبا في عيون اهلها ام تراها "مرغمة" لحماية مصالحها في ظل الازمة الاقتصادية الجديدة كالتي وقعت في الثلاثينيات من القرن الماضي وتسببت في حربين عالميتين، خاصة وان القارة وبالذات مناطق النفوذ الفرنسي في مالي والنيجر غنية بمناجم الذهب واليورانيوم البترول
اضف الى هذا وذاك تحجيم دور باريس في صناعة القرار على مستوى عالمي امام زحف المصالح الامريكية والصينية في افريقيا والعالم
كيف دخلت فرنسا الى القارة ، هل جاءت لحماية حقوق الانسان والازدهار الاقتصادي ونشر الحضارة ومواجهة التخلف، وهي التي دخلت عبر المستكشفين الذين كان غطاءهم نشر المسيحية، في رحلة للبحث عن موطأ قدم في القارة البكر وحجزمناطق نفوذ جديدة، في صراعها وقتئذ مع القوى المنتفذة، بريطانيا، اسبانيا، المانيا، الولايات المتحدة، عندما دخلت للقارة من الجنوب والشمال
وهل فعلا تراها تقود حربا لا هوادة فيها افي ادغال مالي وتتزعم الجيوش الافريقية التي في معظمها قادمة من مستعمراتها القديمة في القارة، تريد "وأد" معاقل من تسميهم بالارهاب والعصابات الاجرامية وتخليص والمنطقة من شرهم، في اطار عمل خيري تقوم به خدمة للقارة وحبا في رخاء وازدهاء شعوبها ومن اجل ترقية ثقافة الديمقراطية وتحديث نظمها
بالتاكيد فان كل خطوة تقوم بها باريس لا تخرج عن سياق خدمة مصالح ضمن اجندة دولية جديدة تريد فرنسا ان تتبوأ فيها قيادة ضمن تقسيم الادوار كما كان الامر بعيد مؤتمر برلين لتقسيم تلك النفوذ وشاهدنا صراعات وحروب هنا وهناك، بعضها لازال متواصلا ولو بطرق اخرى
واذاكانت معركة اقليب اخشاش في الصحراء الغربية كانت فقط لمطاردة المجاهدين ومحاولة لضرب المقاومة في شمال غرب افريقيا، وهذا باعتراف من قائد تلك المعركة الكولونيا موريه في مذكراته، فان ما وقع لاحقا من تحالف بين اسبانيا وفرنسا والذي بلغ اوجه في معركة اوكفيون واراكون 1957 و 1958 ثم تصفية جيش التحرير من خلال التواطؤ المكشوف مع النظام في المغرب عبر اتفاقية وصفقات منها تسليم اقليمي الطنطان وايفني للمغرب في مقابل تجريد جيش التحرير من كل الاسلحة
واليوم نشهد محاولة عودة فرنسا للمنطقة من النافذة المالية، فانه حري بنا طرح السؤال ماذا تريد فرنسا فعلا بعد تدخلها غير الموفق في ليبيا ثم تورطها الراهن في مالي .. هل فعلا تريد مكافحة ما اسمته بالارهاب والجماعات المسلحة وتحرير شمال مالي من تلك الجماعات والمساهمة في تقوية الدولة الديمقراطية في مالي.. وهي التي وقفت في مجلس الامن ضد اية تنصيص على احترم تلك الحقوق في الصحراء الغربية،كما وقفت في دور المحامي عن النظام المغربي في وجه اية ضغوط دولية وفي مقدمتاه تنظيم استفتاء لتقرير المصير، هنا نتدكر ما اوضحته باريس في تقرير امانة الدفاع الفرنسية 1999 والذي تقول فيه بالحرف الواحد ان تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء الغربية معناه استقلال الاقليم وما يشكله من تهديد للعرش في المغرب وزعزعة استقرار المملكة
وتكرر الموقف الذي وصل تبني باريس للاطروحة المغربية رغم تغير الحكومات من اليمين الى اليسار
اسئلة من الاهمية الاجابة عنها ونحن على مشارف تلك الملحمة التاريخية التي دارت رحاها قبل مئة عام هنا على تخوم بلدة التفاريتي وما اعقبها من مؤامرات كانت فرنسا شريكا فيها، خاصة تقسيم المنطقة واقامة انظمة موالية لها في افريقيا الناطقة باللغة الفرنسية، وهنا اضيف الحنين الفرنسي القديم لنشر تلك اللغة وتلك الثقافة التي تجد الان نفسها محاصرة باللغات الحية من الانجليزية وغيرها في بعض معاقلها القديمة في افريقيا
ابرز ما ورد في اعترافات قائد معركة اقليب اخشاش الفرنسي
يقول قائد تلك القوة، الكولونيل موريه في تقريره المدون يوم 10 ابريل 1913: "لقد دارت المعركة يومي 9 و 10 مارس 1913 وشهدت مقتل لنقيب الفرنسي جيرارهارد".
كانت خسائرنا في هذا اليوم،10 مارس 1913 ترتفع في اليوم التالي الى 22 قتيلا ،27 جريحا .."
"لم يسبق لذاكرتنا كضباط، وضباط صف، رماة، ان شاهدنا، خصما مجهزا الى هذه الدرجة بالذخيرة.." يعترف الكولونيل الفرنسي في شهادته .
ويعزي أسباب الهزيمة والخسائر المرتفعة المسجلة بين قوته الى :" ضعف القوة المساعدة، تعطل الرشاشات (12.7ملم) .. لقد ذهبوا بحماس لم يعمر طويلا.." ثم أن أفراد القوة المساعدة ،عندما شهدوا خصما بمعنويات نادرة وتسليح متفوق في ظروف صخرية تختلف عن تضاريس الترارزة ، خيبت آمالهم وتراجع حماسهم .. وهم المزاجيون، انقلبوا الى النقيض .." بل هم " الأطفال الكبار والبدو غير المنضبطين .."
"انتهت المعركة التي بدأت مساء التاسع مارس وتواصلت منذ فجر العاشر مارس وحتى منتصف اليوم .. تم دفن الموتى ولم نترك أثرا احرقنا الصناديق الفارغة، السرجة، القرب .."
"إن العدو الذي كان علينا مواجهته، كان خصما نوعيا ولم يكن في حسباننا ان نجد هذا العدد بالشكل الذي ظهر عليه أمامنا .." يستغرب الكولونيل الفرنسي في مذكراته ..
"كان العدد الى جانب عدونا، التقديرات الأكثر تواضعا بالنسبة للاوربيين تشير الى تعداد ب 600، اما الاشواف (الاستطلاع) والأدلة فقط كانوا يقدرونه ب 700"
كان جليا ان تعزيزات العدو ليلة 9-10 مارس 1913، كانت لا تزال تصل تباعا"
"وحسب مصادر المجاهدين فان الغزى الذي شارك في المعركة ضم 900 مقاتل (..) وتشير مصادر أخرى إلى وجود الف مقاتل .."
ويقدر الضابط موريه هذا العدد ب 800 مقاتل كحد أدنى .. ويبرز مشاركة مختلف القبائل الصحراوية.
وخلص الى القول: " في النهاية وبالرغم من صعوبة تحديد الهدف العام للعدو، أقول ان هذا الرقم يصل الى 800 ولم استغرب، حين علمت انه يصل ألف أو يزيد (..) نسبة مهمة من هولاء المحاربين مكونة من عناصر معروفة أنها الأشد صلابة من قبائل المنطقة (..) وباعتبار "أدلتنا من أصل السكان (..) لم يتعرفوا على نصف الجثث التي ذهبنا للتعرف عليها وقالوا هؤلاء من سكان الشمال، نحن لا نعرفهم .." "الجريح الوحيد الذي استطعت رؤيته واستنطاقه وكان يحتضر، ينتسب لقبائل تكنة "
" لقد تفاجأنا عند طلوع النهار، بمدى كثافة نيران العدو وازدادت مفاجاتنا عندما لاحظنا ان العدو يواصل إطلاق النار وبكثافة ولفترة طويلة (..) حتى انه بعد خمس ساعات من الاشتباك استمر قادرا على إطلاق النار وبكثافة ولفترة طويلة"
ويكشف الضابط الفرنسي في اعترافاته: "حمالات الذخيرة الملتقطة من الجثث تعطي فكرة تقريبية لم نعهدها في حمل مثل ذلك العدد..ليس العدد الذي اعتاد رجالنا حمله .."
"العدو تزود بذخائر وأسلحة من مهاجمة مواقعنا السابقة في غزى القطارة من تشكيلة ومن ابيرات احميم ب 20 الف طلقة.."
في اليوم العاشر من مارس " اقدر مجموع الطلقات التي أطلقها العدو صوبنا ب 40 الف طلقة " ..(..)
"التفوق الأخير لخصمنا واحتلاله لموقع منيع جدا ميدانيا وفي كل خطوة داخل المنطقة التي كنا نجتازها، باستطاعته الحصول على مواقع أفضل وأكثر منعة .."
"وبالرغم من التفوق الذي لا جدال فيه، ترك العدو يوم اشتباك 9 مارس والمواجهة يوم 10 مارس 1913، 98 جثة في الميدان"
وعن المعركة وضراوتها يقول قائد القوة الفرنسية المغيرة "كنا نشاهد، خط المواجهة، عمليات نقل الجرحى، البعض يقفز على الآخر وينتزع منه السلاح .." وأشار الى استعمال السلاح الابيض في هذه المعركة ..!!
الأسير الذي ألقى عليه القبض، الغزى المضاد الذي شاهد مجموعات تعود لمخيماتها قال إن عدد الجرحى العائدين كان معتبرا "
" المرأة من جانبها التي استنطقها الفرنسيون، قالت انهم بعد وصولهم الى ذويهم، قام العدو بتفقد المفقودين وذكروا في ذلك الوقت، يوم 13 مارس، غياب 130 بين قتيل في المعركة أو متاخر او متأثر بجراحه .."
وعن خسائر القوة الفرنسية يسجل الكولنيل موريه: " القتلى: 1 ملازم أول، 14 من الرماة ، 4 حراس ، 5 مساعدين .. اما الجرحى فهم واحد نقيب، ملازم أول ، 3 رقباء، 20 من الرماة، 15 حراس واثنين من المساعدين.. إضافة الى 18 كانت جروحم خفيفة.."
"وخلال عودتنا تألمنا لموت النقيب جير هارد الذي كان مصابا بجروح بليغة إضافة إلى 4 من الرماة.."
"استهلكنا يومي المعركة 43 ألف و226 طلقة، 26 بندقية سريعة الرمي، واحد مسدس، 17 جملا وقعت بين أيدينا وفي مجموع الحملة استولينا على 33 بندقية، 2 مسدس، 50 جملا".
هذه القوة الفرنسية كان قوامها (402) موزعة على الشكل التالي: 9 ضباط، 8 ضباط صف فرنسيين، 148 رماة، 112 حرس محول، 116 قوة مساعدة، 9 مترجمين ودليل.. وعن هدف الهجمة الفرنسية الأولى إلى داخل زمور يوضح العقيد موريه: "الثار من الهجمات التي فوجئيت وحداتنا يوم 10 يناير 1913 بابيرات احميم، وهي تشكل جهدا كبيرا قطع مسافة 1800 كلم، و وتمكن لأول مرة من استكشاف مناطق لم يتم الوصول اليها من قبل"
وأضاف في توصيفه لما أراد من خلال هذه الهجمة: "أريد لهذه القوة أن تجعل هؤلاء السكان يعيدون النظر في تصوراتهم لأنهم كانوا على ثقة بأننا غير قادرين على دحرهم في عقر دارهم.. "تلك واحدة من عشرات الملاحم التي دارت على تخوم تلك البلدة..!!المصدر: لاماب المستقلة .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر