الأربعاء، 13 مارس 2013

الحكم المؤبد بين جبروت المخزن و انبطاح القيادة

 بينما اتابع النشرات الإخبارية العالمية خبر بخبر منذ ظهور "مخيم اكْديم إزيك" و الأحداث تتسارع عن هذا الحدث العظيم و المفاجئ، إلا و زادني هذا بشرى و أمل كبيرين بتقدم ملحوظ في القضية الوطنية، الذي لم يكن لقيادتنا المستهترة دور يذكر فيه، سوى التنديد المتكرر بجرائم العدو، و الذي خادعوا به اهالينا و زعزعوا ثقتهم في ممثلهم الشرعي و الوحيد الجبهة الشعبية، كمبادئ و ليست أشخاص بأعينهم كما يريد لها البعض.
لسنا من دعاة الحرب، و لا نؤيد من يقرع طبولها، و نعلم أن ويلاتها كثيرة، و ثمنها باهض، كما يقول أحد آبائنا الأوائل:
مانّا من كدَّايينْ لحْريكَ...... و لا نْكُولو هَحْ الْيكْدِيها.
لكن الشعب الصحراوي لا يمكن أن يموت بضربة قاضية، أحكامها جائرة في حق كل من انزاح للمخيم يومها، سوى الذين أطلق سراحهم المشروط (ال 150 ) أو أبطال الحرية المحكوم عليهم الأسبوع الفارط. إنه شعب يحمل في داخله، عوامل صموده و إنتصاره ..هذه العوامل تعيد الروح إلى منبع عزّه المتمثل في الكرامة و الشهامة، و التي ما إختفت طوال سنوات اللاحرب اللاسلم... و لكن تبقى تحت الرماد متقدة تنتظر من ينفخ فيها لتشعل نارا تحت أقدام الغزاة... ليتأكد العالم أن هناك شعب يسعى للنصر بنفوس عظيمة لا تقنع بالخمول إلى أن تغالب الحياة و تكتسب مجدها اكتسابا .
يبقى العدو على جرائم النهب و الغدر بحاضر دامي محاط بكل صور الدمار...إنه شعب يرفض تكرار الماضي في الحاضر "قصف أم أدريكة ـ تدمير مخيم اكْديم إزيك إلى الأحكام العسكرية القاسية" و أكثر من 500 مفقود يتحمل المخزن المسؤولية في إخفائها أمام العالم، ذلك مدعاة للإندفاع نحو النهوض للتحرر و إنسداد حوار الطرشان.
يعتقد المخزن المغربي الجبان أن بإستبداده و اصداره للأحكام العسكرية الجائرة، سيجبر الصحراويين على التراجع عن حقهم في قضيتهم، وانها احكام ترعيب و تخويف و تحذير لكل من يدافع عن الحرية و الإستقلال التام، بل العكس إنما يزيدهم إصراراً و إلتحاماً و ثباتاً على مواقفهم التي تنير مطلبهم في إسترجاع أرضهم المغتصبة.
و لكن خمول (القيادة الوطنية) و تراجعها في السنوات الأخيرة عن الأهداف النبيلة لشعبنا المغزي، خلق جيلا ً آخر من المناضلين الغيورين على وطنهم، الذين لا يعرفون الخوف، و لا يقدسون الحاكم، و لا يترددون أمام أي هدف ولا يتوانون عن مهاجمة أي كان يمس بمصلحة القضية و شعبها. ولا يعرفون منطق الهزيمة أو التراجع، و لا حساب عندهم لموازين القوى. و إنما يعتمدون على حقهم و قوة إرادة شعبهم. و هذا ما جعل العدو في حيرة من أمره، و حساباته متبعثرة لهذا الجيل الجديد، الذي ظنوا به الخيانة و الإسترزاق، و التآمر على وطنه و شعبه، الذي يعاني الأمرِّين إحتلال و تجويع.
أم هو الإستسلام؟!
إنه صفة من صفات الهزيمة، و التي لا ينعت بها الشعب الصحراوي إطلاقاً مهما تنكر العدو و تثعلب . بينما نراه خط مظلم تنجر قيادة البوليساريو نحوه رغبة في إستمرار شرعيتها في السلطة، و تماشيا مع مسلسل السلام "البهلواني" الوهمي، من إخراج حلفاء العدو و تمثيل هيئة الأمم المتحدة، تماديا في نهش (نخر) الجسم الصحراوي، كالسرطان دون توقف.
لكن هذا الإنجرار نحو المجهول البعيد أوصلهم إلى السكوت على زهق أرواح أهالينا في المناطق المحتلة دون ردة فعل تشفي غليل من ابلوا بلاءاً حسنا. فاستخلى المخزن باهالينا وفعل فيهم ما فعل، و جلس ساستنا الأمراء الأذلاء مع مفترس شعبهم على طاولة مفاوضات الإستسلام يوم كان شعبهم يذبح بدم بارد، حين تخلّوا عن اكثر من 25 ألف صحراوية و صحراوي عزل يواجهون جيشا جراراً، فجر الإثنين الأسود في الثامن من نوفمبر 2010. الأ يحز ذلك في نفس كل شهم أبي كان صحراويا أو داعية من دعاة التحرر و الانعتاق و حقوق الانسان في العالم:
الْخُو للخُو يوم أتْحكْ لحْكيكَ....و الْبَاعْ خُوهْ افْزَلَّ يندم اعْليها.
فعن من يتفاوضون إذن؟؟؟.
ام انهم كانوا يعلمون مسبقا بالحكم القاسي الذي صدر فجر الأحد الأسود الموافق ل 17 فبراير 2013 في حق ابطال صنعوا بالإحتجاج السلمي في 28 يوماً ما لم تصنعه المفاوضات التائهة في خط "الفزفاز" اكثر من 22 سنة!!.
اليوم يتفرجون على محاكمتهم عسكريا و على اعين العالم دون ان يحركوا ساكناً او حتى يهددوا او يتظاهروا بالحزن، او يقوموا بردة فعل و لو في قلوبهم، و هي اضعف التضامن!
نعم... لقد باعوا أكديم إزيك بثمن بخص، معركة كانت وقودها النساء و الأطفال و الشيوخ، و هم يفرون من شدة الهلع، النار و الأعداء من ورائهم، و العقاب أمامهم، و المفر...كـأنها نجدة كان يفترض أن يسمع صوتها قادمة من (الكوم الشركيين- حسب تعبير المناطق المحتلة) و ما ادراك ما الشركِيين!- فليس لتلك النجدة من شئ سوى رسالة تنديد إلى أمين عام الأمم المتحدة او مقابلة لرئيسنا و هو يرتدي ثوبا ابيضا في تلفزيون الجزائر الحليف، و كأنه لا يعلم بالحداد الذي اعلنه شعبنا في المناطق المحتلة، فلا تعزية و لا دعوة حزن يشكونها إلى الله على الفاجعة التي حلت بشعبنا.... فأعذرونا يا أهلنا في المناطق المحتلة لقد حرمونا من ان نحتسي من ثمالة الكأس التي تشربونها في يومياتكم ( بحكم الاحكام و المفاهيم التي تعزلنا عنكم من صناعة محلية، للاسف!).
وقد تكون هناك إتفاقيات بين الطرفين على هذه التصرفات، ونحن لا نعلمها!. هناك برودة اعصاب في التعاطي مع ملف اكديم إزيك وعائلاتهم منذ البداية ، حيث الأموال الطائلة التي تصرف في المهرجانات و المناسبات و الولائم و المهام الشرفية، و يبخل منها على تخفيف تكاليف عائلات المعتقلين الذين من المفروض ان يتكفل النظام الصحراوي بشؤونهم، لآن من كان يعيلهم حكم عليه بالسجن، والمؤبد أو الإقامة الجبرية.
و اين ذهبت ابواق القيادة و دعاياتها في تحريك الشارع، كما عندما يريدون لأمر فتقوم الساعة و تقعد، و من تقاعس فهو غير مخلص و فيه و به.
ام ان خيرات الوطن تستنزف دون توقف و اهله يقمعون يوميا و قيادة الرابوني ملتزمة الصمت و مكتوفة الإيدي، لأن الأمر لا يمس بالكراسي و شرعيتها المستمدة أساسا من 25 الف صحراوي، جلهم في إحصاء إسبانبا 1974، شيدوا عنوة مخيم أكديم إزيك على حدود العيون، لترى اسبانيا و العالم و الامم المتحدة بالرغم منهم، كم هي معاناتهم مع محتل ينهب ويقتل و حركة ثورية أوشكت على الاستسلام و الفشل بفعل قراراتها الاستسلامية، بدءاً من انسحاب موريتانيا من واد الذهب و ضمه من طرف المحتل دون عناء (بما ان توقيع وقف إطلاق النار بين موريتانيا و البوليساريو 1979 تم في عاصمة الجزائر!) ثم تفكيك حصار الزّاك، إلى وقف اطلاق النار 1991 دون ضمانات و حتى إستشارة الشعب!. و ما 3000 جندي غازي مغربي كان أسيرا لديها إلا دليل على سوء التدبيرعندما أخلت سبيلهم دون مقابل يذكر، اللهم الأحكام الجائرة و القتل في حق الكارحي و زملائه و تفكيك مخيم شرارة الربيع العربي. و أية تظاهرة صحراوية تقابل بالعنف المخزني، في الوقت الذي جمّدت فينا العنف الثوري الصحراوي المسلح!.
فمن الضحية؟ و من الخاسر الأكبر؟. أليس ابطال اكديم إزيك، مثال حي!؟.
ثم يطلقون تصريحات غير مبررة من قبيل " المغرب يحاول ان يجرنا إلى أن نكونوا السّباقين إلى تعطيل المفاوضات؟، و ستحملنا الأمم المتحدة مسؤولية ذلك!؟". و الطرف الآخر يفعل ما يطيب له، و ليست هناك امم تحمله جرائمه!. حتى انها يا للأسف، ليست مفاوضات مباشرة، إنها لقاءات غير رسمية ( لتباعد الافكار..!). بهذا الشكل تريد القيادة تقديم اعذار واهية ليتخيل المتتبع ان هناك مفاوضات فعلا!!!.
كان العالم ينتظر ردة فعل الأمانة الوطنية في تجمعها (الطارئ) الأخير، باستنفار كبير. و لكن العالم نسى انها عجزت عن حماية اكثر من 25 ألف صحراوية و صحراوي، فما بالك ب 24 معتقل في زنازن مظلمة، ذاقوا انواع التعذيب. ام هو تبرأ رسمي من الإنتفاضة السلمية، و بالخصوص من وقع في شباك الأَسر؟؟؟.
لا ارى لنا كصحراويين مقسمين بين الضفتين و الشتات سوى فتح حوار شامل لكل شرائح المجتمع الصحراوي، علّه ينجينا من غرق سفينة القوم، الذين اجحفونا و اتعبونا بتعنتهم على رأي لم تشرق شمسه بعد 20 سنة من التقزم، قبل ان يبتلعنا المحتل الذي اصبح يتفنن في اقصى الأحكام في استرخاء تام دون إزعاج و لا خوف ....
إن صمتنا على ما يحدث في المناطق المحتلة، لا يماثله إلا اتفاق الثيران مع ملك الحيوانات يوم اكل الثور الأبيض!.
و تستمر الإنتفاضة رغم انف الجبناء.
يا معتقل يا رفيق سنواصل الطريق.
بقلم :حمادي محمد بابيت

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر