الأحد، 17 مارس 2013

الكتابة منظومة قيم



 عندما نقرأ لأحد أول مايتابدر إلى أذهاننا الخلفيات الثقافية والأخلاقية أو حتى الإجتماعية والسياسية التي تجعلنا نستخلص قراءات عدة سواء من باب ما أكتسبناه منه وما أضفناه إلى معارفنا أو من باب حكمنا عليه بشكل سلبي قد لايشجعنا فيما بعد على قراءة ما يكتب وقد نموقعه- نحن أيضا- بحكم وجهات نظرنا المعينة في خانة ما قد تكون إعدامه. ينطبق ذلك على كل أنواع الكتاب وأنواع الكتابة مهما كانت أدبية أو صحفية، من منطلق أن النص يحدد هوية صاحبه بلا ريب، ولهذا شمخ كتاب وأدباء وإعلاميون عبر التاريخ، لأنهم إختاروا الأسلوب الذي يعطيهم عمرا أطول من زمانهم، ويجعل أفكارهم وإبداعاتهم خالدة، تتبناها كل الأمم على إختلاف ثقافاتها وحضاراتها وانتماءاتها السياسية، لهذا تترجم أعمالهم إلى عشرات اللغات عبر العالم، وتتلقف تصوراتهم وتحاليلهم كبريات الصحف والقنوات العالمية لأنهم أسسوا لمصداقيتهم واحترموا ذواتهم معتمدين على منظومة من القيم السياسية والأخلاقية النبيلة والمقدسة في إختيار مرجعياتهم الفكرية أو خلق أخرى مستقلة يعرفون بها على غرار المدارس الفنية، كما يعتمدون على إختيار الأساليب الراقية لكي لايقعوا في مستنقعات الركاكة والإبتذال والأهم من ذلك حرصهم على عدم السقوط في أوحال" السيلان" الكتابي الذي غالبا ما ينحرف بصاحبه عن الهدف خاصة عندما يكون المقال محدودا والرسائل المبتغاة واضحة منذ السطور الأولى. 
إن أشد خطر على الكاتب هو التكرار والإسهاب في المعنى الواحد مما يجعله يدور في حلقة جوفاء من الكلمات والجمل المملة. 
كما أن الكتابة إبداع تماما كاللوحة الفنية، إما أن تكون بالألوان أو الظلال وقد تكون" كاريكاتورا" يختصر كل التحاليل والرؤى، لكن أن تجمع اللوحة كل تلك الأصناف فذلك أمر آخر له تفسيراته وقد يكون مستحيلا.
أقول ذلك لأن ما نلاحظه اليوم في عديد المواقع الإلكترونية وعلى صفحات الفيسبوك من مساهمات تجعلنا مطالبين بإعادة القراءة تفاديا للأسلوب المتردي والأخطاء الفادحة وتكرارها وحتى تكرار المواضيع مع تغيير بعض الكلمات أو المسميات الشيء الذي ينم عن فقر فكري وسياسي وثقافي كبير قد يؤدي إلى قطع نفس هذه المواقع مع الزمن أو يحكم عليها بالتفاهة إن لم يحكم عليها وهذا هو الغالب بالإنتماءات الدنيئة التي لن تصحح الأخطاء القائمة على أي مستوى كان ولن تخدم القضية الوطنية بقدر ما تسئ إلى تضحيات وعطاءات هذا الشعب المكافح، وتسوق لصور كارثية عن واقع صعب- أقل مايقال أنه واقع كفاح وصمود رغم كل الصعوبات والتجاوزات والإحتياجات وإلا ما معنى وصول الشعب الصحراوي إلى الذكرى الأربعين لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وإندلاع الكفاح المسلح.
أختم لأقول – إن الكتابة فن التواصل الممكن، وهي رسالة التصحيح والتغيير والنقد البناء، لكنها تتطلب كذلك شروط الكفاءة والمصداقية والجدية والوضوح والشجاعة في الطرح وتحمل المسؤولية في الأحكام.
فلا بد للكاتب أو الإعلامي من وجهة نظر مؤسسة وأسلوب معتمد ونظرة ثاقبة نحو المستقبل عكس ما نراه اليوم من " عجاج" الكتابة ونزيف العبارات ونوايا الرماية بلا هدف.
الكتابة لايقدم عليها إلا فرسان الكلمة المؤثرة والنص الخلاق الذي تزيده قراءتنا لمعانا وعمقا وتعطيه الأيام ديمومة لا من موقع الغرور والتسلط عند صاحبه، لكن من موقع القدرة والإحترام لنفسه.
بقلم: خديجة حمدي

1 التعليقات:

Unknown يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر