الأحد، 2 مارس 2014

البرلمان وتجديد نواب الحكومة


في العالم تأتي كل انتخابات برلمانية جديدة بسياسات جديدة و تتقدم أحزاب و تترجع أخرى ، لكن في واقع كالذي نعيشه تقوم سلطتنا العتيدة و العنيدة في كل مرة بتجديد نفس الأشخاص بما يحملون من فكر و طرح شاخ خلال أربعة عقود من رفض التجديد و كأننا نشاهد فيلم وثائقي يروي قصة فشل ديمقراطية المؤتمرات الشعبية السوفياتية.
و مع فرض رجوع رئيس المجلس المعين بالأصبع و نواب الحكومة الأوفياء في حماية و تشريع الفساد ،من قبل سيد المركزية، يصبح البرلمان ركح مسرح تهان فيه إرادة الشعب و تمارس على منصته جريمة رفض التجديد الذي نحن بحاجة ماسة إليه ، انتهى اللغط وظهرت نتيجة الانتخابات التي لم تأتي بالجديد و إنما كرست القديم باستمرار إعادة مسرحية الدوران حول الاشخاص مع تركة ثقيلة تعج بإرهاصات المرحلة الصعبة و وميض أمل أبانه بعض الشرفاء الاحرار أماطوا اللثام عن الفساد المستشري في سبيل تطوير رؤية برلمانية فاعلة تقوم على تقييم أداء الحكومة و كشف و محاربة الفساد و المفسدين و تذر الرعب في نفوس من لا يكترث لطموحات و آمال و كرامة المواطنين البسطاء و مسارهم التحرري.
اللجنة التحضيرية التي تشكل ورقة ضمان و طمأنينة عند هرم السلطة فشلت ندواتها في التحضير الجيد من خلال العزوف الشعبي الكبير عن الانتخاب و نسبة المشاركة الضعيفة و تدخل السلطة القبلي في إقصاء و تشويه الرافضين للفساد من نواب و طاقات شابة تحضيرا للمؤتمر الشعبي العام الذي يعد نموذجا موسعا لمسرحية الاستحقاقات الانتخابية المختلفة و كذا عدد الأوراق الملغاة في كل دائرة انتخابية و استفحال نمط المشاركة التقليدي الذي تسيطر عليه القبلية و التحالفات الخبيثة رغم اختيار غالبية الشعب خيار الديمقراطية إلا أن ضعف الندوات و آليات الدولة في انتاج مشاركة وطنية تروم التعدد و التنوع رسخ في الماضي كما الحاضر و المستقبل منطق القبلية الذي بنيت على أركان سلطة ما بعد الحرب.
إن البرلمان الذي تحول في السنوات الاخيرة إلى مجال للاسترزاق و التملق رغم احترامنا الكبير لكوكبة قليلة من النبلاء نجحت السلطة إلى حد كبير في ترويضه و إسكات سفراء الشعب فيه و تعطيل دوره في التشريع و الرقابة و محاسبة السلطة على أدائها الهزيل المستند إلى عبارة (تعزيز) تبركا بالعزيز صاحب السلطة و التي ينطوي تحت مفهومها كل أنواع الفساد إذ لا يخلوا برنامج عمل وطني من كلمة “تعزيز” التي لا تعدو حبرا على ورق أريد به باطل.
إن تجديد الثقة في أمناء الحكومة النواب المخلصين شيبا وشبابا من الذين إحدودبت ظهورهم وطاردهم شبح السوابق المشبوهة في ضرب وحدة و تماسك الشعب و النواب داخل البرلمان بمثابة الزئبق الذي يوجه بوصلة الرقابة إلى ما تشتهي المركزية التي تمتلك مفاتيح الحل و الربط في أي تحرك برلماني سليم نحو مصلحة المواطن وحده، ما يفقد البرلمان الذي يحاول النظام الاستثمار في اعلامية نسبة الشباب والنساء والخريجين فيه، التراكمية والقدرة على زعزة عرش الفساد المتجذر في بعض المؤسسات التي باتت تدعم حملات بعض النواب لتحصينها من المساءلة والعقاب.
إن المجلس الوطني يعد المتنفس الوحيد للشعب الصحراوي الذي يحقق له بعض الرجاء في تصفية المشروع الوطني من الفساد، فإن اغلب باب هذا الرجاء بجهل النواب لصلب عملهم ،اغلقت كل الابواب امام الاصلاح وهو ما يهدد المشروع برمته ويحول النواب من مدافعين عن حقوق قاعدتهم الشعبية الى متسولين أمام الحكومة وبالتالي جيوب اضافية لممارسة الفساد والاصطفاف الى جانب الوزراء وحمايتهم من المساءلة .
لقد تأكد لعامة الشعب أن البرلماني الصحراوي يعيش تراجع رهيب لا يتناسب مع تطلعاته، كونه البوابة الوحيدة المتبقية للإصلاح الذي طغت عليه قوة الفساد مما يحتم ضرورة أن يبتدع النواب الأحرار نهجا قويما يتخذ اسلوبا جديدا يروم تحصين نفسه من تهديدات سلطة المفسدة المطلقة التي لا تبخل في إفساده و دفعه إلى الهاوية، والعمل على استرجاع الاستقلالية المفقودة و إكتسابها شيء فشيئا في مواجهة أعداء التجديد و جزئيا على الأقل في مواجهة مكامن الفساد، ذلك أكبر تحدي يواجه البرلمان.
و مع نهاية المسرحية يكون النظام قد اكتفى بفلكلور تنصيب البرلمان مؤجلا الحركية التي تشكل مجالا اخر يشغل المواطن و الرأي العام في ظل الأزمات الداخلية و الاحتقان ، لكن ما يدعو للتفاؤل ان ثمة كتلة وطنية تتشكل ببطء تعيد تعريف الوطنية من جديد وتؤمن بالدولة وبالديمقراطية كأداة لقوة الشعب والحركة معا.
بقلم: الصالح ابراهيم الصالح.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر