الثلاثاء، 11 مارس 2014

حقوق الانسان تولد مبتورة الرأس في الدولة الصحراوية..


في البداية نود تذكير اولئك الذين يوزعون صكوك الوطنية ان ملف حقوق الانسان لاعلاقة له بالمفاهيم السائدة بالرابوني لان هناك مفاهيم كونية لحقوق الانسان تختلف عن معايير الرابوني التي اخلطت بين الضحية والجلاد واصبح الجلاد مناضل والضحية "مندس" في مفارقة عجيبة.
اصدر رئيس الدولة والامين العام للجبهة مرسوما رئاسيا رقم 05/2014 لانشاء اللجنة الصحراوية لحقوق الانسان ولم يحتوي المرسوم على اكثر من هذه التفاصيل مع ديباجة مرفوقة بالخبر حول تسلم رئيس الدولة تقرير مفصل حول عمل مجموعة العمل المكلفة من طرف الامانة باعداد تصور لألية لكيفية ترقية حقوق الانسان كان ينتظر ان تقدم خلاصات عملها بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الانسان 10 ديسمبر من كل عام . غير ان ذلك لم يتم، ويطرح نص المرسوم المبتور من كل التفاصيل المتعلقة بكيفية انشاء هذه الهيئة الجديدة وطرق عملها والشخصية الحقوقية التي سيوكل لها مهمة ادارة الملف الاصعب بحكم ماسيحمله من تحديات كل هذا يطرح العديد من التساؤلات الجدية.
انشاء لجنة مكلفة بملف حقوق الانسان من قبل النظام الصحراوي المتهم بانتهاك حقوق الانسان يثير الكثير من التساؤلات منها :
هل يمكن لنظام لازال يحتفظ بمجرمي سجون "الرشيد" و"اعظيم الريح" و"الذهيبية" ان يتجرأ على تشكيل لجنة ستؤتمن على ملف حقوق الانسان؟
كيف لنظام صدرت مذكرة توقيف في حق بعض اعضائه ولم يتخذ اي موقف بتحريكهم من مناصبهم السياسية تفاديا للاحراج ان ينشىء لجنة لحقوق الانسان؟
لايخفى على اي متابع لهذا الملف ان النظام الصحراوي اعتمد في السنوات الماضية على منظمة "افابريديسا" لادارة ملفات حقوق الانسان، ورغم المجهود الكبير الذي بذله منتسبي الجمعية الا ان دورها المحدود في الساحة الداخلية وعجزها عن اغضاب النظام الذي يتولى تمويل الجمعية جعلها غائبة عن الملف، وهو ماترك المواطن الصحراوي من دون اي غطاء حقوقي يقيه بطش النظام الصحراوي في منطقة معزولة عن وسائل الاتصال العالمية خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، ويضع الاعلان عن ميلاد اللجنة الجديدة علامات استفهام اضافية عن مستقبل منظمة افرابريديسا ودورها في هذا الملف بعد ان اصبح للنظام الصحراوي منظمته الخاصة التي انشأها على مقاييس الكتابة العامة وهي مقاييس تختلف بطبيعة الحال عن القوانين المعمول بها دوليا في المجال الحقوقي .
مفارقة كبيرة ان يتجرأ النظام الصحراوي على تكوين لجنة لحقوق الانسان والمستشار السابق لحقوق الانسان برئاسة الجمهورية لايزال موقوف لدى السلطات الامنية الجزائرية دون اي تهمة رسمية، وتشير المعلومات المتعلقة بقضية اعتقاله انه ربما تكون اطراف فاعلة في النظام قد ضحت بالرجل الخبير في الامور المتعلقة بالتسيير الامني لجل الملفات السابقة خوفا من نشره غسيل الملفات السوداء التي تدين حيتان كثيرة وقد تطول رأس الهرم ذاته، لذلك فضل النظام الصمت حين تم توقيف المواطن الصحراوي ورجل المخابرات الاسبق من قبل اجهزة الامن الجزائرية طالما ان ذلك يشكل انفراج من كابوس قد يفجره الرجل المثقف حين يريد، سيما وان الرجل الموقوف شوه كثيرا من طرف النظام وازلامه ومن حقه الرد اذا قدر له الكلام.
قد يبدو مفاجأ خاصة للاجيال الجديدة إن قلنا ان المستعمر الاسباني كان اكثر رحمة بالشعب الصحراوي من نظام "الرابوني" لان المستعمر الاسباني وعلى مدى اكثر من قرن من الزمن لم يقتل ماقتله نظامنا الحالي من افراد شعبه الابرياء. حيث اعترف النظام بعد احداث 1988 بانه قتل 49 ضحية من الابرياء واقنع عائلاتهم بان هذا الملف لن يفتح الا بعد الاستقلال لاضراره المحتملة على سمعة القضية الوطنية. وتم ادماج 49 ضحية في لائحة الشهداء فيما لازالت اللعنة تلاحق المجرمين الذين تسببو في هذه المأساة، وبعد الجمود الذي تمر به القضية الصحراوية وتلاشي الامل في اجراء استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي قد يفضي الى الاستقلال الوطني حان الوقت لاثارة الملفات السوداء للنظام الصحراوي ومحاسبة المجرمين الذين تلطخت اياديهم بدماء الصحراويين ولازالوا يتمتعون بحصانة رئاسية ويعيشون وكأنهم اوصياء على المشروع دون الغير، يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة باعتبارهم المالك الحصري لاسرار الملفات السوداء واي استغناء عنهم من قبل الرئيس قد يعني اثارتهم للمفات التي تدين الرئيس اكثر من غيره. باعتبار ان كل الانتهاكات التي حدثت كانت في عهد الرئيس محمد عبد العزيز وليست في عهد الشهيد الولي رحمه الله.
قد يبدو غريبا كذلك تجرؤ النظام الصحراوي على الحديث عن حقوق الانسان وهو الذي عجز عن القضاء على ظاهرة العبودية بالمجتمع الصحراوي خوفا من ان يخسر ود طبقة "الشيوخ" التي توفر الغطاء القبلي للرئيس الصحراوي باعتباره اكبر مهندس قبلي في تاريخنا الحديث. لكن يبدو ان النشطاء ضد ظاهرة العبودية اجبرو النظام وبالاسلوب الذي يفهم الى الاعتراف بالظاهرة والتعهد بالقضاء عليها، وهذا بعد ان وصل غضب النشطاء الى حد اجبار رئيس الدولة والامين العام للجهة على الخروج من الابواب الخلفية بعد ان رفض الاصغاء لاساليبهم السلمية التي لم يثنيهم عنها حملة التشويه التي شنها النظام الصحراوي في الاوساط الشعبية، وهي الحملة التي لم تأتي باكلها ليرغم النظام ممثلا في رئيسه الى الاصغاء لمعاناة المتضررين من الظاهرة واتخاذ ممثليهم الشرعيين كمحاور رئيس من اجل ايجاد حل للقضية.
اللجنة الجديدة لحقوق الانسان لايمكن اخراجها عن اطار المثل الشعبي "تحكاك الحلمة اعلى الشراطة" لان نظامنا وفي حربه الحقوقية مع المحتل المغربي وان كان قد نجح في كسب النقاط الاولى للمعركة الا ان النتيجة كانت في صالح المحتل المغربي وخير دليل مذكرة التوقيف التي اصدرتها المحمة العليا الاسبانية في حق بعض المناضلين والمخلصين لنظام الرابوني وعلى رأسهم وزير التجهيز والمستشار برئاسة الجمهورية .
اذا كان النظام الصحراوي جادا في الاهتمام بملف حقوق الانسان عليه اولا تطهير نفسه من المجرمين الذين شوهوا صورة النظام والقضية الصحراوية في المحافل الدولية. ونذكر نظامنا بضرورة الابتعاد عن حقوق الانسان حتى يحترمها اولا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر