الأربعاء، 5 مارس 2014

الحركية الاخيرة مسكنات لخلط الاوراق والهاء القاعدة الشعبية

بعد تخبط في ادراة الأزمات التي طفحت على السطح، وتصاعد مد الغليان الشعبي وتسرب اليأس الى النفوس جراء سياسة الترقيع وسنين الفراغ السياسي وانشغال المسئولين في إبرام الصفقات في الدهاليز المظلمة لبيع احلام الشعب والتضحية بالقضية الجامعة لكل الصحراويين، العجز في تحريك الجمود وغياب الارادة السياسية وانحرافها عن الهدف الذي يحفظ للصحراويين المكاسب والتضحيات التي ضحوا من اجلها وسقط على أعتابها الشهداء الابرار، يخرج الرئيس الممسك بكل الصلاحيات في الحركة والدولة ويحمل كل الألقاب والنياشين رئيس الدولة، الامين العام للجبهة، القائد الاعلى للقوات المسلحة ،القاضي الاول في البلاد …الخ محولا المشروع الوطني الصحراوي الى مقاولة قبلية، يشتري فيها رضى الموالين ويعاقب المعارضين، ويعطي لمن يشاء ويمنع عمن يشاء.
ومع تقدم الزمن اصبحت تتحكم في مختلف التعيينات والحركيات التي يجريها الرئيس تحقيق المحاصصة القبلية في مختلف أبعادها التي يدركها النظام في حساباته اكثر من غيره، وإن كانت الحركية الاخيرة اكدت جزء منها ربما بسبب الاوضاع الاجتماعية، التي فرضت نفسها واجبرت النظام على التحرك ولو بذر الرماد في العيون، الى جانب صعوبة تحريك وزير الدفاع المسؤول المباشر عن حماية السجون، وكاتب الدولة للتوثيق والامن المسؤول عن الفوضى الامنية والتغاضي عن اباطرة المخدرات.
فكان لابد من التضحية بالحلقة الاضعف والتي كان في مقدمتها مسؤول امانة الفروع وبالرغم من عودته لبعث الروح في جسم التنظيم السياسي الذي افرغه النظام من جوهره ومحتواه، والعزلة التي فرضت على مسؤوله الاخير لاخضاعه لسلطة غريمه التاريخي بالوزارة الاولى، وما صاحبها من تشويه خلال الاشهر القليلة التي كان يخاطب فيها الخصوم عبر بوابة الحركة على شبكة الانترنت، ما جعله يدفع ثمن شغبه السياسي وميول كفة معارضيه لدى الزعيم.
يتبعه وزير الداخلية المطيع الاعمى لنظام ولد عبد العزيز والذي لم تشفع له محاولاته الجادة في النهوض بالشرطة وتأسيس مدرسة وطنية لها واستقطاب الخريجين للتكوين في نفس المجال مع خطوات ملموسة في الادارة، ومركزة الوزارة، ووقف فوضى بطاقات السياقة والرمادية التي كانت تشكل استثمارا تجاريا لبعض الايادي الخفية، إلا انه دفع ثمن الاخطاء التي ارتكبها الكبار الذين لم تشملهم الحركية بسبب عصمتهم من المحاسبة والعقاب في نظام يحمي الفاسدين الكبار ويقدم الصغار كباش فداء للتستر على اخطائه.
قد يكون الرئيس استفاد جزئيا من تجربة وزير الداخلية المنصرف والصعوبات التي اعترضت طريقه مع بعض الاطراف النافدة في النظام، ما جعله مكبلا عن تغيير معادلة اللعبة والبقاء في حلقة مفرغة.
ولادراك استحالة تعاطي وزير الدفاع وكاتب الدولة للتوثيق والامن مع وزير الداخلية الجديد لاعتبارات يدركها النظام، ما جعل الرئيس يحد من صلاحيات الرجلين ويسلم وزيره الجديد مفاتيح الاجهزة الامنية، ما يضع الاخير امام اختبار صعب في تحقيق الاستقرار الذي يضمن للزعيم البقاء والبقاء لله.
وزير العدل والشؤون الدينية السابق الذي نجح في تسوية مشكل القضاة المضربين، وحل بعض الإشكالات العويصة، إلا ان المنصب الجديد قد يكون اكثر فاعلية له بحكم تجربتة العسكرية بخلاف وزارة تتداخل صلاحيات إدارتها اكثر من جهة ما جعله يخفق في التغلب على حالات الفرار المتكررة من السجون التي تشرف على حراستها وزارة الدفاع.
ومن المفارقات التي حملتها حركية الرئيس ترقية مدير الامداد الشريك الفعلي لوزير الدفاع والمالك الحصري لارصدة شركة الامداد بتعيينه قائدا للناحية العسكرية الاولى بعدما جفت مخازن الامداد في زمنه واغلق الباب في وجه صهاريج الوقود التي تسببت في تراجع العلاقة مع الحليف.
بعض المشمولين بالحركية طلبوا في وقت سابق الاعفاء من مهامهم بسبب المرض إلا ان الزعيم يرى في الحفاظ عليهم وهم عاجزون عن اداء مهامهم، جزء من تركيبته المعقدة، واستمرارا للمصالح المشتركة لنظام يخشى من التحديث والتجديد في صفوفه.
والي ولاية الداخلة القادم من وزارة العدل تحسب له تجربة لا يتسهان بها، بحكم المهام التي مر بها من مستشارا قانونيا بالرئاسة الى رئيس اللجنة القانونية في المجلس الوطني فامينا عاما لولاية الداخلة وبعدها وزارة العدل، كما خاض غمار تجربة سحب الثقة من حكومة سابقة، ما جعله يحال على العقاب لسنوات طويلة، قد يجد في المنصب الجديد طريقا لتجسيد طموحه السابق في محاربة الفساد إن لم يتأثر بالواقع العام.
اما خلفه بوزارة العدل فقد كان الاكثر حظا من بين المحالين على البطالة من برلمانيين سابقين وامناء منظمات جماهيرية، ومدراء، إلا ان طبيعة الرجل وميوله الى الرزانة والحكمة قد تساهم في حل بعض المشاكل التي تتطلب الحوار في وزارة اغلب موظفيها مثقفين.
ويرى المتابعون للشأن العام ان الحركية لم تحمل اي جديد سوى تحريك نفس العناصر في مهام اظهرت عجز اغلبهم مما يبدد اي امال تعلق على ادائهم في اللاحق من المهام، كما ان الحركية حافظت على مصالح النظام في شموليتها للمؤسسات ذات العلاقة بالامن والجيش وغضت الطرف عن القطاعات الاجتماعية ذات العلاقة بالمواطن، بالرغم من التردي الواضح في مجالات الصحة والتعليم والمياه والبيئة وفضيحة صهاريج المياه التي بيعت في وضح النهار، وارتفاع اسعار المواد الغذائية مع ضعف القدرة الشرائية، والفساد الذي ينخر المؤسسة الاعلامية ويعيق اداء رسالتها الملحة في المرحلة الحالية، وضعف الخارجية عن مواجهة المد المغربي وتسويق بضاعته الفاسدة، وفشل وزارة التعاون في الحفاظ على الارضية
السابقة للتعاون واستقطاب متعاونين جدد بسبب ملفات الفساد التي كان اخرها المبالغ المالية التي كشفت ندوة الخارجية الاخيرة المصير التي الت اليه ….؟
ومالم تتغير العناصر السلبية في النظام وتغير من منظومة الحكم وتقبل التداول على السلطة ورعاية انتقال سلمي لها يحفظ للصحراويين مكاسبهم في الوحدة ودولة القانون، قبل فوات الاوان، فإن اي حركية مجرد مسكنات لخلط الاوراق والهاء القاعدة الشعبية الغارقة في مشاكلها.
بقلم : عابر سبيل

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر