الجمعة، 7 سبتمبر 2012

ماذا بعد وقف إطلاق النار و معركة حقوق الإنسان؟



لم يكن أحد يتوقع أن حركة تحرير قد تتخلي عن الكفاح المسلح مجانا في ضعف بعد قوة و النصر قاب قوسين أو أدنى ، حيث و بعد الإتفاق المعلن بين البوليساريو و الإستعمار المغربي لوقف إطلاق النار ، و الذي وجد معارضة كبيرة أنذاك من طرف عسكرين كانوا ولا زالوا لايرون في غير الحرب خيارا للتحرير ، غير أن البوليساريو و بدعم من أصحاب القرار المتنفذين في السلطة و تحت ضغوط دولية و محلية ، إستطاعوا أن يقنعوا الشعب الصحراوي و جيشه البطل في الدخول في مرحلة السلم التي كانت نتيجة لذلك الإتفاق .

عندها عمد أنصار وقف إطلاق النار في البوليساريو إلى تجسيد واقع السلم في الحركة ، حيث أنكب النظام الصحراوي على القاعدة الشعبية و المؤوسسات و بناء الدولة الصحراوية ، و السير في خيار السلم المفروض على الشعب دون إستقتاء يختار فيه الشعب العودة أم التخلي عن الكفاح المسلح .

و بعد عقدين من خيار و قف إطلاق النار ، دخلت البوليساريو في ما أصبح يعرف اليوم " معركة حقوق الإنسان " ، ذلك أن النظام الملكي يعتمد أساسا على التعذيب و إنعدام حقوق الإنسان .

فعمدت البوليساريو إلى إطلاق سراح جميع أسرها الذين تم أسرهم في الحرب التي دار رحاها بين البوليساريو و الإحتلال المغربي و الذي عان فيها الكثير ، كأرضية حقوقية للهجوم على الإستعمار المغربي الذي تكتظ سجونه بالإنتهاكات الجسيمة و التعسفية والظلم .

لكن الإحتلال المغربي لم يفهم الدرس ، بل سارع في الأوقوع في الفخ المنصوب له ، متخذا من القمع أسلوبا للقمع و القضاء على الضمير الصحراوي المطالب بالعيش الكريم و الإستقلال ، وهو ما أعطى البوليساريو نوع من القوة ، كانت السبب المباشر في إستمرار البوليساريو لفضح المغرب في مجال حقوق الإنسان ، حتى وصل بها المطاف إلى إنتفاضة الإستقلال المباركة ، عندها و اصل الإحتلال المغربي أخطائه القمعية و التي كان أبرزها ملحمة المناضلة أمنتو حيدار و ملحمة الأبطال السبعة أوصولا إلى ملحمة أقديم إزيك التي نسفت الحكم الذاتي الذي ولد ميت ، حيث لم يبخل المغرب في تسويقه إلى العالم على أنه الحل الوحيد .

وبفعل بطلان حجة المغرب القمعية و كذبه المتواصل و تزيفه للحقائق إعلاميا و فشله في تسويق الحكم الذاتي، هذه السياسات الممنهجة المرافقة للقمع أدخلت الإحتلال المغربي دوامة الإرتباك و التنصل من المواثيق الدولية .

كل ذلك ساهم في فضح كذب الإحتلال المغربي في طرحه أمام العالم و تقوية حق البوليساريو المشروع في الحرية و الإستقلال .

و بعد أن تأكد الجميع أن التقرير الأخير هي الحقيقة الدامغة التي سلط عليها الضوء بعدما أراد مجلس الأمن أن لا يأخذها بعين الاعتبار ويطمسها، وأصبح يعامل الظالم على أنه مظلوم، و أن منظمة كيري كيندي و غيرها من المظمات تقول عبر تقاريرها للعالم كفى عبثا، ما يقع في الصحراء الغربية جريمة نكراء، وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك ويأخذ الوضع بعين الاعتبار، و أن منظمة كيندي شاهدت بعينها مباشرة ما يجري في العيون ونقلت ما شاهدته، لكن الحكومة المغربية تريد أن تشوه كفاح الشعب الصحراوي، وهذا ليس بجديد على الدول الاستعمارية'، و أن هيومن رايتس ووتش وفرونت لاين والكثير من المنظمات الدولية أكدت من قبل على نفس الحقائق التي جاءت في تقرير منظمة كيندي.

و في ظل تنصل الإحتلال المغربي من الشرعية الدولية و الذي كان رفضه المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء الغربية كرستوفر روس السهم الذي مزق الطرح المغربي الكاذب ، و بين للعالم أن الإحتلال المغربي كان يراهن على المفاوضات لربح الوقت و اليوم هاهو يساهم في إبطال حقيقته الكاذبة التي لا يرى غير الحكم الذاتي أرضية لها .

مرة أخرى تنجح البوليساريو في ضرب المغرب بعصى حقوق الإنسان أمام العالم ، ذلك أن كل ما يعانيه الإحتلال المغربي من إرتباك و فشل و غيبوبة رغم تأثير الربيع العربي عليه ، كان بفضل رصاصة حقوق الإنسان .

و بذلك تكون البوليساريو قد نجحت في كل المعارك العسكرية و الحقوقية منها .

و هنا يتسأل التغيير عن ماذا بعد وقف إطلاق النار و معركة حقوق الإنسان ؟، و هل من الممكن أن تستمر البوليساريو في هذه المعركة الحقوقية بعد أن يفتح الباب أمام المنظمات الدولية في مجال حقوق الإنسان ؟

و في ظل المفاوضات المتعثرة من جانب المغرب بنيته الصادقة في تجاهل المواثيق و المقررات الدولية ، هل من الممكن أن تبقى رصاصة حقوق الإنسان الرصاصة القوية ؟، و إلى متى سيظل المغرب صامدا أمام ضربات البوليساريو دون أن يلجى إلى طرق أخرى تدعمه في إستعماره للصحراء الغربية ؟ ، و ما تفسير تخلي فرنسا عن الإحتلال المغربي في صد ضربات البوليساريو الموجعة ، أم أن فرنسا تعاني هي الأخرى من نزيف داخلي يفرض عليها حليفها التقليدي في الساحل الإفريقي ، أم أن قوة أكبر من فرنسا دخلت الموضوع لرسم خارطة جديدة للحل تكون أرضيتها كشف جرائم الإحتلال المغربي و عدم إحترامه للحقوق الإنسان ؟

أم أن الموضوع تمويه باطني يجهل الجميع مضمونه ؟ و أن الأمر لا يعدو جرعات مسكنة للبوليساريو لفرض عليه أي خيار لا يحقق مطلب البوليساريو المشروع في الحرية و الإستقلال ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر