الأحد، 2 يونيو 2013

أرشيف القيادة .... وتاريخ الشعب الصحراوي



ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة التي يطرح فيها سؤال جوهري يتعلق بالذاكرة الجماعية للشعب الصحراوي، هذه الذاكرة التي يفترض ان تكون ملك لكل الصحراويين بدون استثناء مع وجوب تحريم اي استغلال لها في المنابر الاعلامية والسياسية. لكن يبدو ان لقيادة جبهة البوليساريو حكاية اخرى مع الذاكرة الجماعية للشعب الصحراوي، ونظرتهم لها لاتختلف عن نظرتهم المادية لمؤسسات الدولة الصحراوية، فلا ضرر في نظر القيادة من الاحتفاظ بالذاكرة الجماعية لاستثمارها سياسيا بغرض خداع القاعدة الشعبية المغلوبة على امرها.
يتذكر متتبعي قناة التلفزة الصحراوية ان خطاب الشهيد الولي الذي يعرض على شاشة القناة لايتعدى بضع كلمات "باسم الله وبعون من الله وتجسيدا لارادة الشعب العربي ووفاءا لشهدائنا الابرار وتتويجا لتضحيات شعبنا، سيرتفع اليوم على ارض الساقية الحمراء وواد الذهب علم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" ، ربما لم يسأل احد نفسه اين بقية أجزاء الخطاب؟ ولماذا لم تعرض التلفزة الصحراوية سوى 29 ثانية فقط؟، رغم ان خطاب تأسيس الدولة الصحراوية لايعقل ان يختصر في ثواني معدودة، الاجابة ببساطة وبحسب مصدر مطلع من داخل التلفزة الوطنية هو ان المالك الحصري للشريط الخاص بحدث اعلان الدولة الصحراوية هو وزير الاعلام الاسبق سيداحمد بطل الذي جاء في احد الايام الى مبنى التلفزيون في سنواته الاولى رفقة مدير التلفزة او مالك التلفزة الوطنية محمد سالم لعبيد وقام بوضع الشريط الخاص بالخطاب في الجهاز المخصص للتسجيل وسمح لهم بتسجيل تلك الثواني المعدودة من الخطاب ليسحب الشريط ويذهب به الى ارشيفه الخاص الغير خاضع لاي رقابة نظامية.
حكاية وزير الاعلام الاسبق مع خطاب الشهيد الولي لاتختلف مع حكاية وزيرة الثقافة التي قدمت يوم الاثنين الماضي إلى مدير المتحف الوطني للمقاومة البندقية التي كان يتسلح بها مفجر ثورة 20 ماي، الشهيد الولي مصطفى السيد.
وقالت السيدة الوزيرة في حفل تسليم البندقية "ترددنا كثيرا في تسليم هذه البندقية التي تحمل الكثير من الدلالات الرمزية بالنسبة للصحراويين ولكننا اقتنعنا أن مكانها الحقيقي هو المتحف الوطني للمقاومة التابع لجيش التحرير الشعبي الصحراوي.
يبدو ان قيادة جبهة البوليساريو لايعترفون بالخطأ الا بعد عقود فبعد اكثر من 22 سنة اعترف احد الوزراء الشباب ان قرار وقف اطلاق النار كان اكبر خطأ ارتكبه النظام الصحراوي، وبعد 37 سنة تقريبا من استشهاد الشهيد الولي اقتنعت وزير الثقافة أن مكان بندقيته الحقيقي هو المتحف الوطني للمقاومة.
قبل ان تقتنع السيدة بمكان بندقية الشهيد الولي عليها ان تراجع المكانة والاهمية التي تحظى بها داخل النظام الصحراوي وهو النظام القائم على تقديس الكتابة العامة ومشتقاتها. والدليل هو حضور عدد من أعضاء الأمانة والحكومة وإطارات مدنية وعسكرية سامية بالإضافة إلى وفود من الجزائر والمينورسو ووسائل الإعلام الوطنية والأجنبية للحفل الذي سلمت فيه بندقية الشهيد الولي.
رحلة بندقية الشهيد من "بنشاب " الموريتانية اين قاد الزعيم آخر عملية بطولية ضد موريتانيا الدادهية قرب عاصمتها انواقشوط الى ان وصلت البندقية يد الوزيرة تبدو رحلة غريبة محملة باللغاز غامضة الاجيال في حاجة لمعرفتها، هل اوصى القائد الشهيد للمرأة بالبندقية؟ وباي وجه حق إستولت عليها؟ ولما صمتت كل هذه السنين؟، والخوف الاكبر هو ان نكتشف بعد اربعين سنة ان البندقية المسلمة للمتحف ليست حقيقة مجرد تقليد "جوطابل" تريد به المرأة ايهام الناس ان وزارتها باتت وصية حتى على كنوز الذاكرة الصحراوية. وبغض النظر عن الرمزية التاريخية للبندقية اللغز التي لم يتسنى التأكد من صحة نسب ملكيتها للقائد الشهيد من اي مصدر مستقل وطبل لها اعلام الجبهة كأنها فتح تاريخي، ينبغي التساؤل المشروع : هل يحق لمواطن مدني في الدولة الصحراوية حيازة سلاح غير مرخص لاكثر من 37 سنة بحكم ان المرأة الوزيرة من خارج المؤسسة العسكرية ؟.
وقبل هذا يذكر الجميع كيف اخرج رئيس اول حكومة صحراوية في ملتقى الامناء والمحافظين بولاية الداخلة رسائل خطية للشهيد الولي يحتفظ بها الرجل لنفسه في ارشيفه الخاصة رغم اننا نمتلك ارشيف وطني بمواصفات عالمية تابع لوزارة الاعلام يشتغل فيه خيرة الاطارات الصحراوية المختصة والتي تعمل ليل نهار لجمع وحفظ الذاكرة الوطنية التي وصفتها وزيرة الثقافة "بالكبة" اثناء جولتها في رواق الصور المعروضة بمدرسة 27 فبراير ايام تخليد الذكرى الاربعين لاعلان الجبهة الشعبية بحسب معلومات دقيقة حصلت عليها المستقبل الصحراوي من مصادر موثوقة .
يبدو ان حفظ ذاكرة كل الصحراويين بحاجة اولا للحفظ من قرصنة بعض القيادات الصحراوية وسرقتها للارشيف الوطني قبل البحث عن جمعها . وهنا يجدر بالبرلمان الصحراوي اصدار تشريع ملزم باسترداد الارشيف وتقديم المحتكرين له الى العدالة وتجريمهم بتهمة سرقة الذاكرة الوطنية وهي تهم يعاقب عليها القانون في الدولة التي تحترم نفسها .
قضية بندقية الولي التي استولت عليها الوزيرة وكذا مقتنياته الشخصية من سواك وساعة ورسائل التي يحتفظ بها وزير الاعلام الاسبق كما اثبتت ذلك تلفزة المدير في شريط لها حول استشهاد الزعيم الخالد، تفتخ التساؤل حول من ينبغي له ان يحتفظ بالارشيف ويحتكره لنفسه دون الجميع؟، واين المحافظة السياسية لجيش التحرير وامانة الحركة وهما الجهتين اللتين يفترض انهما الحارسين المؤتمنين على حفظ الذاكرة الوطنية من الطمس والاستلاب .
وبينما يعاني الارشيف الصحراوي الفقر في المادة التاريخية بحكم التهريب الممنهج لبعض القادة تبدو القيادة الصحراوية غير آبهة بجرم العمل الذي تقوم به محاولة منها للي عنق الحقائق وطمر تاريخ كل الصحراويين نتيجة رغبة جامحة في التسلط والاستبداد . مايفرض تاسيس مرصد وطني صحراوي لحماية الذاكرة ليس من العدو المغربي بل من تصرفات القادة الرعناء.
المصدر: المستقبل الصحراوي.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر