الثلاثاء، 11 يونيو 2013

لهما نكتب

هناك اختلاف في التقويم الفلكي "الحسبة" حول تقدير وقت حدوث الانقلاب الصيفي، لأنه في الوقت الذي يرى فلكيونا المحليون "أن الماء يحل" (أي يحل أو يحين سقي الإبل) في نهاية شهر مايو بين قائل بيوم 18 وآخر يؤكد أنه يوم 30 من نفس الشهر، إيذانا بدخول فصل الصيف وفق تقويم الاجداد، في حين يتفق علماء الفلك على يوم 21 يونيو كبداية للفصل الحار، ولذا هو في نظرهم الشهر الأخير من فصل الربيع الذي في نهايته يبدأ الانقلاب الصيفي.
بين نظرية وأخرى يلوح تاريخنا الوطني كصلة وصل بين النظريات القائمة ـ تقليدية وحديثة ـ حيث نجد ان الشهر يمزج بالنسبة لنا بين ربيعنا الذي دشنته انتفاضة 17 يونيو1970، وبداية صيفنا الذي أعلنا فيه تمسكنا بحلول فصل الارتواء من منابع الحرية والانعتاق من نير الاستعمار في 20 ماي 1973.
ربيعنا الذي بدأ قبل 43 سنة، ما زال يزهر كل عام ولم يأفل ، تتفتق أزهاره ناثرة أرواحها ومهجها لتزدان وردة الحرية رونقا وجمالا، ويتوسع انتشارها وتعبق رائحتها في كل أرجاء الوطن الغالي، وكلما ظن الاستعماريون ـ قدماء وجدد ـ أننا سنرتكن للراحة، أو أننا تعبنا أو مللنا، يفاجئهم ربيعنا بازدهار الانتفاضات تلوى الانتفاضات هنا وهناك..
أنظر الى ما أصابهم من ذعر يوم 21 مايو 2005 المشهود عندما ألقت المدن والقرى بلفذات الأكباد في أتون معركة غير متكافئة، ورفرفت الأعلام الزرقاء خفاقة تعانق السحب حتى حجب الرؤيا وأعمت عيون الاستعمار المغربي وجلاديه وأجهزة مخزنه العفن، مكررة بصوت أصم آذانهم "لا بديل، لا بديل عن تقرير المصير"، وحين رجت بهم الأرض رجا وما تزال تمور من وقع ملحمة اكديم إزيك البطولية التي أينعت زهراتها في أكتوبر 2010 قبل أن تدعسها جزمات العسكر، وتبعثرها القنابل المسيلة للدموع، وتقمعها هراوات البوليس والجندرمة البغيضة في الشهر الموالي، ومع ذلك تحدتهم وتحدت حصارهم لتشكل شرارة للربيع العربي.
أما صيفنا الذي تتواصل ارتفاع حرارته منذ فجر 20 ماي 1973، بتفجر بركان الوطنية الرافضة للخنوع والاستكانة، نافثة حممها الحارقة ضد الاحتلال والتوسع والجشع، فقد ظلت متقدة تتصاعد عبر ملاحم جيش التحرير الشعبي الصحراوي وما زال وهجها ولهبها يحرق الغزاة بشتى الطرق والوسائل، لتأتي مظاهرات العيون في الرابع من مايو 2013 مؤكدة أن عطشنا للحرية لم يرتو بعد، وأن وقائعنا الكفاحية سواء منها العسكري أو السلمي، هي محطات نجدد فيها العهد ونرص الصفوف ونشحذ العزائم للمضي قدما على درب من عطروا بدمائهم الزكية ثرى وطننا الحبيب.
لذا نكتب لهما، نكتب لمايو لأنه الشهر اللذي استيقظت فيه أوائل ورود وطننا من سبات الاستعمار وظلماته، بعد أن زغردت بنادق ثورة الـ 20 في سماء الساقية الحمراء ووادي الذهب معلنة انتهاء عهد الانحناء.. وليونيو نكتب لأنه شهر زفاف قائدنا وملهم نضالنا ومفجر ثورتنا، ثورة الـ 20 ماي الخالدة، الشهيد الولي مصطفى السيد الى الخلود، ذلك القائد الذي أكد لنا بأفعاله قبل اقواله بأن الوطن اغلى وأسمى من كل شيء، حيث هو عنوان الوجود وسر الكرامة، وأن العزة والكرامة وانتزاع السيادة الوطنية لها شروط في مقدمتها وجود شعب واع ومنظم، موحد وملتف حول مشروعه الوطني.
09 يونيو 2013.
بقلم : مصطفى الكتّاب.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر