الأحد، 16 يونيو 2013

المعضلة الكبرى

إن المتمعن في نضال الشعب الصحراوي وفي كل ميادينه سوف يجده زاخراً بالإنجازات و الانتصارات رمزية كانت أم ملموسة وهو ماضٍ في مواصلة النضال و الكفاح إلى أن يتم دحر العدو خلف حدود الوادي ، ولن يجد الطريق معبد و مفروش بالأورد ولتحق...يق ذلك هو على أتم استعداد للتضحية بخيرة أبنائه الذين سخروا أنفسهم لخدمة هذا الوطن الغالي ، من أشد العوائق التي قد تساهم في كبح هذه السيولة الثورية هو ذلك الشرخ الحاصل بين الصحراويين ، لأنه و ببساطة هو العدو الأول للشعب الصحراوي..
تختلف الأسباب و الحيثيات و يبقى التأثير على القضية الوطنية سلبي إلى أقصى الحدود ، هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة بل هي إرث استعماري قديم زرعته القوى الخارجية و تمسك به المغفلون منا ، و بما أن الاختلاف سنة من سنن الحياة الفطرية سوف ننطلق من هذه القاعدة الهشة و التي استعملها البعض غطاء مطاطياً ليغطي على أفعاله الغير مسؤولة ، فنجد من الأسلحة الهدامة و التي بدأت تلغي بظلالها علي صيرورة العمل النضالي مثل القبلية ، الجهوية ، و مسميات أخرى مثل "أهل شرق" أهل المنطقة" هذه كلها نيران صديقة نقصف بها بشكل شبه يومي و كأننا في ريف دمشق .
"أنا" شخصياً تجربتي في الحياة النضالية قصيرة تماشياً مع عمري و لكن منذ أن بدأت العمل و الانخراط الفعلي في أدغال العمل النضالي كنت دائما ألاحظ هذه الظواهر المشينة و التي يعتبر المستفيد الأول منها العدو المغربي الذي أصبح ينميها و يساعد على إستمراريتها.
في ظل غياب الية حقيقية تحارب هذه الآفات يبقى المواطن الصحراوي أينما كان ضحية هذه الحساسيات السلبية التي يساعد على إشعال فتيلها بعض الصحراويين غير آبهين بخطورة هذه الكارثة .
سوف أتحدث عن تجربتي الشخصية في هذا الميدان من خلال دراسة معمقة لطبيعة التمييز و العنصرية التي يمارسها الصحراويين فيما بينهم مع سبق الإصرار و الترصد ، من المخيمات إلى المواقع الدراسية مروراً بأسبانيا وصولاً إلى فرنسا ، كل هذه التواجد للصحراويين كان عبارة عن وكر للعنصرية الخبيثة حتى ولو اختلفت نسبتها من مكان لأخر فهي موجودة و تجدر يوماً بعد يوم ، أكثر ما آثار سخريتي هو أن تتواجد تلك العقلية عند شبابنا المثقف او شباب النخبة و سوف أعطيكم أمثلة حية لهذه المعضلة ، سنة 2011 صادفه شاباً صحراوي ينحدر من مدينة طنطان الصامدة في محطة ساماميس بمدينة بلباو الاسبانية تبادلنا أطراف الحديث كان شاباً مثقفاً مشبع بتاريخ المنطقة و هو خريج جامعة مغربية ، بعد 10 دقائق من الحديث بادر بطرح السؤال من أين أنت و إلى أي قبائل الصحراء تنتمي ؟ ابتسمت قليلاً و أجبته أنا صحراوي من مخيمات العزة و الكرامة ... عندما سمع صاحبنا نصف الإجابة تبدلت ملامح وجهه بنسبة 180 درجة و أصبح قليل الكلام يستمع فقط و أبتلع لسانه ، تفطنت له و بادرت بسؤاله ما الذي جعلك تتراجع عن الحديث و أنت قبل قليل كنت تكاد لا تصمت ، قال لي هل تريد الصراحة ؟ فأجبته نعم فقط الحقيقة هو ما ابحث عنه ، أعتدل في جلسته و نظر إلى ساعته و تأكد أن الحافلة لن تنطلق إلا بعد 20 دقيقة قال أنا لدي انطباع عن سكان المخيمات و الذين أصطلح على تسميتهم بـ "كلمة لايسمح المجال بذكرها" ليسوا سوى اناس يجنون المال و المساعدات الإنسانية و نحن لا نجني سوى العصي .. و اخذ يسرد التهم التي لا يمكن الخوض فيها من باب الاحترام فقط ، هذه تجربة فقط واحدة من أصل مئة ، حتى نحن سكان المخيمات لطالما ظلمنا أهلنا في المناطق المحتلة من خلال تلفيق التهم و وصفهم بأبشع الأوصاف .
العنصرية تمتد لتلغي بظلالها على الجالية الصحراوية و تضعف من فعالية الجالية خصوصاً بفرنسا البلد الأوروبي الأكثر دعماً للعدو المغربي حيث يصبح الإتحاد ضرورة لا مفر منها و غايـة ملحة ، لكن تيار القبلية يسبح في الاتجاه المعاكس ، مؤخراً زرت ضواحي العاصمة الفرنسية باريس حيث تتواجد الجالية الصحراوية بكثافة كان قدوم إثر دعوة تلقتها جمعية وسط فرنسا بضرورة تمثيل الجمعية في حدث تاريخي وهو تأسيس رابطة شباب و طلبة الصحراء الغربية بفرنسا ، هناك اكتشفت الكثير و سمعت كلاماً يقشعر له الجسد ليس لطربه و إنما لركاكته و قلة حكمته نعم هناك في باريس يعاملونك من منطلق القبيلة الضيق و الذي يتم على أساسه توزيع الأدوار ، فالجمعية محسوبة على قبيلة و الهيكل متنازع من قبل القبيلة و الانتصار يحسب لقبيلة ... نــعم جدار القبلية هو المعيار الصادق
، هو شيء مؤسف حقاً حتى الشباب المثقف و الذي يعتبر ذخيرة و قدوة لعامة الناس أصبح أكثر تعصباً لهذه الآفة ...
ما وجب أن يقال:
الجدار الذي شيده العدو لم يكن فقط لصد هجمات الجيش الصحراوي بل هو وسيلة لعزل طرفي الشعب الصحراوي عن بعضهم ، منذ ذلك الحين و إلى يومنا هذا نجح الاحتلال و إلى حد كبير في إنشاء شرخ بين الصحراويين من ضفتي الجدار ، ولكي نتقلب على هذه المعضلة يجب فتح قنوات اتصال و استحداث مكانيزمات من شأنها دمج الصحراويين ، أما القبلية فقد قال تعالى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ، ليس لتتخالفو و تتباعدوا، هو إرث استعماري يجب على الفئات الشابة التغلب عليه.
 بقلم : محمد سالم عبدالله

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر