الأربعاء، 5 يونيو 2013

فلتقنعنا الحكومة بجدوى الاستثمار ولتطمئننا من مخاطره

المادة (46): "بعد استكمال السيادة الوطنية يصبح اقتصاد السوق وحرية المبادرة معترف بهما. كما يسمح بالاستثمار العام والخاص والاستثمار الأجنبي الذي ينظمه القانون".
المادة (31): "حق إنشاء الجمعيات والأحزاب السياسية معترف به ومضمون فيما بعد الاستقلال".
هاتان مادتان دستوريتان تشيران صراحة ان تفعيلهما او تفعيل ما تشيران اليه من حق في استثمار و استغلال الثروات او إنشاء الجمعيات والأحزاب السياسية مؤجل إلى غاية تحقيق الاستقلال الوطني، وهو رأي على قدر كبير من الوجاهة ، غير ان الحكومة العتيدة نفد صبرها فيما يخص المادة (46) من الدستور فهي تريد ان تباشر الان استغلال ما هو متاح من ثروة في الأراضي المحررة وفتحها امام الاستثمار الاجنبي او ربما العام وحتى الخاص وقد ابرمت او هي بصدد ابرام صفقات مع شركات استثمارية أجنبية بهذا الخصوص.
لقد قدمت الحكومة امام المجلس الوطني في دورته التشريعية السابقة طلبا في الموضوع كمشروع رفضه غالبية اعضاء المجلس حال عرضه لعدم دستوريته أولا ولتخوفهم من شبهات الفساد ثانيا، ثم تقدم به الان عدد من النواب- في اطار توزيع الأدوار بين الحكومة ونوابها داخل البرلمان- كمقترح قانون غير ان الرفض كان مصيره أيضا مرة اخرى ولم يفلح ممثل الحكومة المنسق مع المينورسو الوصي على ملف الثروات الطبيعية بكل ما أوتي من بلاغة وحجة في إقناع غالبية أعضاء المجلس في المصادقة على مقترح القانون والسبب كما قلت عدم دستوريته وتخوف النواب من شبهات الفساد التي سترافق ملفا كبيرا وخطيرا كهذا لاسيما والكل يعرف حجم الفساد المستشري في مفاصل الدولة وسوء تسيير موارد الصدقات والمساعدات الإنسانية ، فما بالك بملفات أخرى تشمل المعادن قد يكون البترول من ضمنها و لك ان تتخيل عمولات ورشاوى بملايين الدولارات وما حديث سوناطراك عنا ببعيد، سوى ان الجزائر بها قضاء يتابع. او على الاقل وزرائها المتورطين في الفساد يعزلون ويهربون خارج البلاد، خلافا لنا نحن الذين نخشى جرح مشاعر الفاسد ولص المال العام، فنقدم مبررات ومصوغات تافهة تتساوى مع الفساد والسرقة في انعدام الشرف.
طبعا ليست هذه نهاية المعركة فالحكومة قد تعول على المادة(59) من الدستور والتي تقول: "لرئيس الجمهورية صلاحية اصدار مراسيم و اوامر بمثابة قوانين ما بين دورتي المجلس اذا كانت هناك ضرورات استعجالية تقتضيها ضرورات التشريع او في حالة حل المجلس الوطني او انتهاء عهدته او حالات الطوارئ القصوى او تجميد الدستور .
فقد يلجأ الرئيس الى إصداره كمرسوم رئاسي ما بين الدورتين ويسري به العمل فور صدوره في الجريدة الرسمية قبل ان يعاد الى المجلس مرة اخرى في دورته التشريعية القادمة وقد لا يتمكن معظم أعضاء المجلس الحالي من مناقشته لانه في ذلك الوقت تكون عهدتهم قد انتهت وتشكل مجلس اخر قد يصادق على المرسوم و قد يرفضه فالمؤكد ان الحكومة ستسعى بكل الطرق لاقرار هذا المشروع وسوف تستعد جيدا لمعركتها القادمة .
سأقول فقط ان الحكومة او الجهاز التنفيذي في الجبهة والدولة بصفة عامة كان بامكانه تفادي مثل هذه الازمات لو انه تحلى ببعض الجدية او لنقل الذكاء وعدل المواد المثيرة للمتاعب خلال المؤتمر الماضي مادام المؤتمر يمتلك سلطة تعديل الدستور او بعض مواده ، ومادام الامر لم يحصل والتمني لن يفيد، فأقله يحترم الشعب ويقدم له للاستفتاء عليه ومنه يكون أي امر اشكل علينا نتجه به الى الشعب الذي هو صاحب السيادة الاول والأخير، وسأضيف أيضا معترفا ان ما سعت اليه الحكومة من اجل تفعيل المادة (46) من الدستور ليس شرا مطلقا بل قد يكون له من المسوغات والاهمية الشيء الكثير وقد يحمل فوائد جمة مادية ومعنوية للدولة وللقضية غير ان ضعف القضاء وعدم اهليته لهكذا موضوع و تغول الحكومة المبالغ فيه والصلاحيات المطلقة التي بيد الرئيس كلها عوامل تجعل الرفض اسلم من القبول. وعليه وجب شكر النواب الذين أسقطوه .
هذا فيما يخص المادة (46) والتي لو فعلت - وقد تفعل في القريب العاجل- لوجب ايضا تفعيل المادة (31): التي تقول ب "حق إنشاء الجمعيات والأحزاب السياسية معترف به ومضمون فيما بعد الاستقلال" وهو امر لا احد يحبذه الان لاسباب عديدة يطول شرحها والكل يعرفها، ما اريد قوله في الاخير ان ننتهي من القراءة الانتقائية للدستور فهي تسيء اليه و تسيء للحكومة ايضا كما ان الشعب يستحق معاملة افضل من هذه وثقة اكبر به وعدم التعالي عليه.
والان فقط صار يمكن للمواطن ان يطمئن لوجود مجلس وطني يتحمل ثلثا اعضائه مسؤوليتهم امام الوطن والتاريخ.
بقلم: اسلامه الناجم

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر