السبت، 23 نوفمبر 2013

لاجئون، معْدومين الجنسة او، ببساطة، مواطنين الج٠ع٠ص٠د؟

بعد الاعلان عن تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في ليلة السادس و العشرين من فبراير في العام 1976 فقد تحولت الدولة الحديثة النشأة الى المظلة التي ستغطي تحت ظلالها جميع الصحراويين و التي ستتمكن من ضمان جميع حقوقهم في ظروف افضل بكثير من تلك التي ستؤدي بهم الى التوسل كل بمفرده تحت عنوان “لاجئ في الدول المجاورة”.منذ 31 اكتوبر 1975 حتى 26 من فبراير 1976 و السكان الصحراويون الذين اضطرو الى الهرب نظرا للاجتياح، هم عبارة عن لاجئيين تقنيا… الاشخاص الذين يتركون بلدهم الذي كان بمثابة مكان عيشهم الطبيعي و يأتون الى دولة ثالثة (الجزائر) نظرا لكونهم مطاردين بسبب جنسيتهم. هذه هي حالة الصحراويين الاوائل. سواء في الجزائر، أو في مالي او في اي مكان آخر، هناك الكثير من المآسي التي كانت ينتظرهم. لقد اضطروا للوقوف امام سلطات البلد المحتضن لهم و الطلب منهم الاعتراف بكونهم لاجئين لكي، بعد ذلك، يصبح بامكانهم الطموح في ان تقوم تلك البلدان المحتضنة لهم بتوفير القسط الادنى من الحقوق (الامن الشخصي، السكن، التغذية، الصحة، التعليم، الخ…). اي، انهم سيتحولون الى مواطنين من الدرجة الثانية في الجزائر، مالي او حتى في موريتانيا مع اواخر السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي.
قد يكون من دواعي النفاق ان ينكر اي كان حقيقة ان الدولة تضمن لمواطنيها الكثير من الحقوق و ظروف أفضل بكثير من تلك التي تقدم بعض الدول المجاورة لمواطنيها الاصليين.
في تلك الليلة، تحول الصحراويون من كونهم لاجئيين الى مواطنين بدولتهم، اي انه في تلك الليلة قد تم انشاء رابط قانوني ما بين الاشخاص و الدولة. ذلك الرابط يسمى الجنسية. بسرعة فائقة و تحت ظروف اللجوء، بدأت الدولة الحديثة في العمل كدولة حقيقية و دأبت على ضمان كافة الحقوق لمواطنيها و من بين تلك الحقوق، القدرة على التجوال في الدول المجاورة محملين بوثائق قد تم اصدارها من طرف الدولة الحديثة. وسريعا كذلك بدأت الاعترافات الدولية تتوالى ولاحقاً حظيت الدولة الحديثة بمقعد كدولة كاملة السيادة في الاتحاد الافريقي.
لهذا، عندما يخرج الصحراويون من مخيمات اللاجئيين ينطلقون و هم مرفقون بوثائق تعبر عن انتمائهم للدولة الصحراوية و ليس كلاجئين. اي ان الدولة المضيفة لهم تعتبرهم مواطنين من دولة مجاورة و ليس كلاجئين مقيمين على ارضها.
خلاصة ذلك هو ان في مخيمات اللاجئين الصحراويين لا يوجد و لا لاجئ واحد. جميع المواطنين ينتمون الى دولة تسمى الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية (الجمهورية الصحراوية). في الحقيقة لم يأتي قط و لا صحراوي واحد الى حدود احدى الدول المجاورة و هو يعاني من المطاردة بسبب الجنسية. في المقابل، جميع الصحراويين اينما تواجدو قد يلجؤون الى هذه الدولة المسماة الجمهورية الصحراوية في حالة شعورهم بفقدان الامن.
هذه الظروف هي التي تجعل عدم وجود اي صحراوي معترف به كلاجئ رسميا. لن تعترف اية دولة و لا منظمة دولية بلاجئ ينتمي كمواطن الى الجمهورية الصحراوية. فرادا لن يعتبر اي صحراوي كلاجئ، أما جماعة فسيعتبر جميع الصحراويين(دولة في المنفى) كلاجئين.
وخلاصة القول ، ان وضع اللاجئ مرتبط مباشرة بفكرة المطاردة. و ليكون في علم الجميع انه لا توجد اية حالة مطاردة في مناطق الجمهورية الصحراوية.
كي يتم الاعتراف بالصحراويين كلاجئيين بشكل فردي، على المنظمة السامية لغوث اللاجئيين(ACNUR) ان تقوم بتسجيل و احصاء كافة الصحراويين المتواجدين في مخيمات اللاجئين. هذا هو بالضبط ما يطمح له المغرب حين يقوم بمطالبة ACNUR باجراء عملية احصاء للسكان القاطنين بمخيمات تندوف. بهذه الطريقة يطمح المغرب الى اسقاطنا من حالة مواطنين ذي دولة الى لاجئين تحت رحمة المنظمات الدولية. ان الامر يتعلق بموضوع خطير جدا نظرا لكون الهدف الاساسي الذي يختفي وراء المطلب المغربي هو محو من الوجود اكبر مكسب دبلوماسي حققه الصحراويون في ليلة 26 من فبراير 1976. بهذه الطريقة، بدلا من مواجهة مجموعة من الاشخاص “مواطنين” في دولة تسهر على حماية همومهم الخاصة و الجماعية، قد يصبح المغرب في مواجهة مجموعة من “اللاجئين” يعتمدون على المنظمات الدولية التي تسهر يوميا على توفير لقمة عيش لكل واحد منهم. انظر الى الفقرة 72 من تقرير بان كي مون بتاريخ 08/04/2013.
و اذا لم يكن الصحراويون لاجئين فهل يمكن اعتبارهم عديمي الجنسية؟ لنرى.
في العام 1972 قرر الديكتاتور الاوغندي عيدي أمين طرد اكثر من 50.000 آسيوي هم عبارة عن هندوس وبنغاليين قد تم جلبهم من طرف المستعمر الانكليزي الى اوغندا خلال فترة الاستعمار. وبغض النظر على انه مر اكثر من عشرين سنة على استقلال كلا البلدين(الهند و بنغلاديش) في تلك اللحظة، الا انهم كانا يعانيان من الاكتظاظ السكاني و الفقر، مما جعلهما لا يرغبان في قبول رعاياهم المطرودين من اوغندا.
انجلترا -انجلترا المنحرفة- لم تكن ترغب، هي ايضا، في تواجد آلاف الهندوس و البنغاليين و الباكستانيين على اراضيها. بعد وجودهم محاصرين في اوغندا، ظل أولئك المطرودون غير مرغوب فيهم، لا احد يرغب فيهم. ليس لديهم اي رابط مع اي كيان حكومي قد يمنحهم ابسط اشكال الحماية، إنهم معدومين الجنسية… في النهاية، انتهى الموضوع برضوخ انجلترا و قبولهم فوق اراضيها.
ان حالة بلا جنسية، فوق اعتبارها اي حق من الحقوق الاساسية فهي مصيبة في حد ذاتها. انها شيئ اسوأ من اللجوء نظرا لكون الشخص لا يحظى بدولة اصلا كي تطارده. في ما يخص النطاق القانوني فهاتين الحالتين: بلا جنسية و لاجئ لا تعتبران حق يطمح له و قد تسهر الدول على توفيره لمواطنيها، بل انهم عبارة عن حالتين او وضعيتين خاصتين قد يقع فيهم بعض الاشخاص لسوء الحظ.
في البلد المضيف الشخص اللاجئ له دولة لكن لا يرغب في الرجوع اليها نظرا لامكانية تعرضه للخطر مما يجعله يلجأ الى طلب الحماية (الاقامة القانونية, العمل، الخ…) في ذلك البلد المضيف، في المقابل، الشخص بلا جنسية لا يحظى حتى بدولة، ولا يوجد من يطارده، و لنقل ان مطلبه الاساسي هو ان توفر له دولة ما وثائق تمكنه من تحديد هويته و الاعتراف به في باقي الدول. هذا هو همه الاول.
اي صحراوي متواجد في بلد لا يعترف بالجمهورية الصحراوية يمكنه، فعلا، تقديم الطلب-بعنوان شخصي دائما- و الحصول على الاعتراف بوضعيته كشخص بلا جنسية. لكن ما يحدث في الواقع هو ان الدول عادة ما تتصرف بتردد شديد قبل منح هذه الوضعية اداريا، الشيئ الذي يفرض على الاشخاص اللجوء الى المحاكم للحصول عليها. في اسبانيا، على سبيل المثال، الادارة قد دأبت و ستستمر في رفض اغلبية الطلبات خشية ان تنهال عليها طلبات أكثر. لهذا على الصحراويين الذين يطمحون الى الحصول على وضعية “بلا جنسية” اتباع نفس الخطوات الادارية و القانونية التي اخذها الصحراويون الآخرون الذين تحصلو على الاعتراف بوضعية ” بلا جنسية” “. لحسن حظهم، فان العقيدة القانونية للمحكمة العليا الاسبانية تضمن الرد الايجابي لجميع الطلبات التي تصل للمحاكم في هذا الاتجاه.
علاوة على ذلك، فان الدول الموقعة على الاتفاقية حول وضعية بلا وطن لا تتجواز الثمانين دولة، اي، ان الوثائق التي تمنح لعديمي الجنسية لا يعترف بها الا في تلك الثمانين دولة، ومن بين الدول التي لم توقع على الاتفاقية المذكورة يمكننا ذكر الولايات المتحدة، الصين، كندا، الشيلي، كوبا، اثيوبيا، الهند، موريتانيا، الباراغواي، البيرو، جنوب افريقيا، فنزويلا، الخ…
في جميع الحالات، لن يتمكن اي صحراوي من الحصول على وضعية بلا جنسية في تلك الدول التي تعترف بالجمهورية الصحراوية.
في جزيرة “فورموزا” يوجد هناك بلد اسمه “تايوان” يقطنه عشرون مليون نسمة. ولكن ”تايوان”، عكس الجمهورية الصحراوية، لا تتمتع الا باعتراف اثنتان و عشرون دولة عضو في الامم المتحدة (دول صغيرة مثل بوركينافاسو، هايتي، الباراغواي، توفالو و السنغال التي سحبت اعترافها في 2005). عكس الجمهورية الصحراوية و التي هي عضو في الاتحاد الافريقي، فان “تايوان” لا تحظى بعضوية اي منظمة دولية. مؤخرا طلبت “تايوان” رسميا الدخول كعضو في الامم المتحدة لكن هذه الاخيرة قامت برفض الطلب. على سبيل المثال، في العام 2003 و في خضم الازمة العالمية المثارة حول “انفلونزا الطيور” و التي ضربت القارة الآسيوية، واجهت منظمة الصحة العالمية مشاكل خطيرة في ميدان التعاون و التنسيق الاقليمين نظرا، بالضبط، لعدم وجود “تايوان” كعضو في المنظمة، و في بعض المنافسات الرياضية لا يمكن لتايوان ان تشارك إلا تحت مسمى “تايبيه الصين”. على سبيل المثال، لا يستطيع اي من رؤساء تايوان ان يضع قدمه في بلد اوروبي. و ختاما، فان تايوان توجد في مأزق قانوني دولي حقيقي. بالرغم من ذلك، لا يوجد اي تايواني يطالب بوضعية بلا جنسية فما بالك بوضعية لاجئ. جميع التايوانيين فخورون بدولتهم بالرغم من انها بالكاد تحصل على اعتراف اثنتين و عشرين دولة و بالرغم من ان وثائقهم ليست لها قيمة الا داخل حدودهم او في تلك الدول الاثنتين و العشرين.
اخيرا و نظرا لكون الظروف الاقتصادية الداخلية السبب الرئيسي الذي يجعل مواطنينا يلجؤون الى طلب الاقامة او الجنسية الاسبانية، أو الحصول على وضعية بلا جنسية، أو لاجئ، أو على الجنسية الموريتانية في بئر ام اقرين، أو الجنسية الجزائرية في ام العسل و حتى اللجوء الى المغرب، فانه يتعين على سياسيينا اعادة النظر في الفرص المؤاتية للقيام باسغلال الثروات الطبيعية التي تختفي في مناطق مثل “لمطارگ”، “آڭرزرز”، “اڭليبات البركة”، الخ…و الواقعة جميعها داخل نطاق المناطق المحررة.
بقلم: حدمين مولود سعيد.
ترجمة: ازروگ اللولة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر