السبت، 23 نوفمبر 2013

الشباب الصحراوي: سمعة على المحك

الشباب الصحراوي جزء من المأساة التي عاناها ويعانيها الإنسان الصحراوي على مر العصور، لكن التجربة التحريرية التي يخوضها الشعب الصحراوي منذ السبعينات تحت أضواء منارة جبهة البوليساريو جعلته يحظى بأهميته ومكانته مثل بقية مكونات المجتمع التي وجدت فرصتها للتلاقي والالتحام والإحساس بالذات بعد سنوات من التشتت والتيه والضياع. ومن البديهي أن تكون سنوات الحرب مريرة على كل الفئات وعكرت الأجواء بالنسبة للكل ووقفت عائقا ضد صقل التجربة مع وضع في الاعتبار أنها شكلت عاملا أساسيا ومهما في تصليب عود المنظمة التحريرية بشكل عام وإمتداداتها وحتى الروح الوطنية للإنسان الصحراوي.
ليس من الهين الخوض في تجربة التنظيم الوطني الثوري بسبب الغياب الواضح للتأريخ من جهة وما يمكن تسميته “إحتكار” المعلومات من طرف من ساقتهم أقدارهم لتولي تسيير وإدارة المراحل المتعاقبة من التجربة الوطنية، ولكن يمكن تناول مسيرة الشباب بشكل غير معمق ومشاركته في مسيرة الثورة. ولا يمكن البدء في الموضوع دون الإشارة إلى أن شرارة الثورة الصحراوية بذاتها كانت على أيادي شابة حملت على عاتقها مسؤولية تنوير وتعبئة المجتمع وهدايته إلى طريق الحرية.
ومع إعلان الدولة الصحراوية ـ في تطابق نادر المثيل مع التنظيم السياسي ـ وجدت المنظمة الشبابية نفسها تتعايش مع الظروف الصعبة والمعقدة التي يشكلها عاملين هامين هما التحرير والبناء، ولا يغيب على أي ملاحظ النجاح الباهر الذي حققه الشعب الصحراوي في المجالين إبان سنوات الحرب ولا يمكنه أن يتجاهل العثرات والمطبات والأخطاء التي شابت المسار خلال السنوات الطويلة من وقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي يدعو إلى القول أن الحرب كانت كالليل الذي يخفي كل ويل.
كانت المشاركة الشبابية في مسار التحرير واضحة وبينة ومدعاة للفخر كباقي فئات المجتمع وتتضح في الانخراط الطوعي والجماعي في صفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي، والتمسك المتين بعروة الوحدة الوطنية والتعلق القوي بالحق في الإستقلال وتقرير المصير، أما في ميدان البناء فيمكن القول أن فئة الشباب كانت أكثر فاعلية في سنوات الرصاص والحرب وتجلى ذلك في الإنصهار التام في مكونات التنظيم الوطني الثوري من فروع وخلايا سياسية وما تقرره من برامج وفعاليات لتقوية اللحمة الوطنية والسعي وراء إستكمال التحرير. أما في زمن صمت البنادق فبدا أن الأمر بالنسبة لفئة الشباب قد سلك دروبا أخرى لا تتجه جميعها صوب الطريق الصحيح والمسؤولية في ذلك متقاسمة بين مكونات الفئة الشبابية والتنظيم الوطني الثوري. وهناك مؤشرات قليلة وبارزة جدا مثلت فخرا للشباب منذ وقف إطلاق النار مثل إشعال المقاومة في المناطق المحتلة والفعالية المؤثرة في تقوية الحركة التضامنية خاصة في إسبانيا بالإضافة إلى إستمرار الالتحاق بصفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي، وبالمقابل هناك عثرات مشينة وبقع تلوث جمال الثوب مثل توجه مجموعات من الشباب إلى المناطق المحتلة بما يفرضه ذلك من تعاطي مع إدارة الإحتلال، وتفرغ الأغلبية من هذه الفئة لمعركة الحياة والخبز ـ وهذا ليس عيبا ـ ولكنه سيكون أفضل لو مزج بالعطاء من أجل التحرير بالإضافة إلى ما يشوب إنتخابات القيادة الشبابية في المؤتمرات المتعاقبة لإتحاد شبيبة الساقية الحمراء من تعلق وتمسك بالقبلية ولو بالمكياج المقرف، وضلوع الكثير من الفئة في مستنقع القبلية النتن والذي يتضح في الاصطفاف والتبعية في معمعة الصراعات العفنة سواء ما تعلق منها بامور إجتماعية أو سياسية وايضا لجوء بعض المواقع الالكترونية الى الانتقاد الانتقائي وكأن الفساد لدينا محصور فقط عند مسؤولين بعينهم بينما لم تنتبه تلك المواقع واقلامها للأسف للروائح النتنة المنبعثة من مكاتب ابناء العمومة. وبهذا يكرر الشباب أخطاء الاباء وبشكل حتما لن ينفع القضية الوطنية……وحتى لا نظلم الفئة نقول أيضا أنه لا دخان بدون نار ويجب أن نستحضر ما يحدث في مؤتمراتنا الشعبية العامة من ممارسات مشابهة، وكأن الشباب يريد أن يقول هكذا وجدنا أباءنا.
وفي شاردة ذات صلة هناك ملاحظة لاتخفى على العميان وهي أن الشباب لم يجد طريقه إلى الترقي والصعود داخل المنظمة التحريرية ورائدة البناء وهو ما تفرضه مسلمة الاستمرار والبقاء والتواصل، وبقي محصورا في المستوى المتوسط في سلم وهيكلة الحركة وواضح أنه هناك جدار يفصل بينه وبين الارتقاء وبالقطع أن هذا الجدار العازل لا يوجد في أدبيات التنظيم السياسي ولكنه موجود وصلب صلابة الاسمنت المسلح على الأقل إلى حد الآن، ولم يفلح في تجاوزه من فئة الشباب إلا قلة ممن أحسنوا التعاطي مع مكونات الحائط وخبروا متطلبات التغلغل في ثناياه ومن الواضح أنهم في الاغلب ليسوا الأكثر كفاءة ولا الأوفر مؤهلات.
نحن الآن على مرمى حجر من عقد المؤتمر العام لإتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب، ويفترض في هذه المحطة الهامة أن تكون مرآة لكل الصحراويين وعلى الشباب الصحراوي دون غيره من الفئات أن يدرك أنه آن الأوان ليصنع الفارق في مسيرتي التحرير والبناء، وأنه الآن أمام الأنظار ومحاط بالكثير من علامات الاستفهام وسمعته (كفئة حساسة) موضوعة على محك الإختبار الآن أكثر من أي وقت مضى، فأما أن يثبت لنفسه أولا وللشعب الصحراوي وللعالم أنه مؤهل وكفء وجاهز لمتطلبات المعركة أو يعطي الإشارة والانطباع بأنه جزء متآكل من القطع التي أتلفتها أضراس ورحى الحرب.
بقلم: حمادي البشير.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر