السبت، 30 نوفمبر 2013

القيادة .. منظومة فساد 2

العدالة قيمة الحرية
يا كاتب التاريخ مهلاً فأنه للقضية دهران .. دهراً شامخ كله إنتصارات و مكاسب صنعه رجال صفتهم البارزة نكران الذات أعطوا للقضية من دمائهم و جيوبهم فصدقوا الله ما عهدوا عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر، ولن ننكر أنه تخللته إخفاقات لا يمكن أن نقفز عليها و بالأخص في جانب حقوق الأنسان ، أما الدهر الأخر "بعد 1991" فهو دهر الأنكسار والأنتظار و الأهانة و الفشل و الملل، هو الأخر صنعه رجال صفتهم البارزة حب الذات و صدقوا أنفسهم و شهواتهم ولم يترددو في النهب و الكسب على ظهر القضية حتى و إن إشتركت زمرة منهم في صنع الدهران فكان لهم شرف أن يوصفوا بالمخضرمين .
كثيراً ما نخلط في قرائاتنا للوضع و إنتقاده بين القضية و القيادة و هو خطء شائع يجب أن نقف عنده ولو للتنبيه ، وقد لاحظت ذلك من خلال متابعتي لأكبر تجمع صحراوي على شبكة التواصل الأجتماعي فيس بوك "منتدى الحوار الوطني الصحراوي البديل"
إن القضية الوطنية التي تسري في عروقنا جميعاً اشرف و أنزه أن تقارن بأي مخلوق مهما كان و هي فوق كل إعتبار وهي أكبر من ان تُختزل في شخص أو إثنان أو فئة معينة ، فهي حمل يقع على عاتقنا جميعاً و شرف نحمله أينما ذهبنا ، ولن نتقاعس يوماً عن التضحية من أجله ، لذلك من الأجحاف أن يربط أحدهم بين مصير شعب بأكمله بمجموعة معينة مهما كانت تمثل تلك المجموعة .
ـ الظرفية و الأستثناء
إن عذر الظرفية التي نمر بها و كونها ليست أرضية صالحة للتغيير و الأصلاح هو أمر سخيف ، و إن من يختبئ خلف أعذار واهية كهذه فهو كمن يخدر نفسه عمداً عن الوضع ، وبدل من أن ينظر إلى الوضع بكلتا عينيه و يسأل نفسه هل الظرفية تسمح لقيادتنا الموقرة بالعبث كما تشاء بكل مصادر رزق الصحراويين و تحويلها لأستثمارات شخصية بالمقابل تواصل تضييق الخناق على المواطنين الصحراويين مما يضعف مقومات الصمود، عن أي مقومات لصمود سوف نتحدث ؟ عن ظروف قاسية و شح في الدعم الأنساني الذي تأثر كثيراً بالأزمة الأقتصادية من جهة و بأيادي خفية من جهة آخرى ، أم سوف نتحدث عن إنعدام فرص العمل أم طوابير الخريجين ، كيف سنصمد إذاً؟ .
أما صمودنا إلى غاية اليوم فهو نتيجة طبيعية لشعب يضع نصب عينيه النصر و الأستقلال ولن يتأثر لا بسرقة هؤلاء ولا بأزمة اولائك.
هجرة الشباب و إنسداد الابواب .. هذا هو عنوان المرحلة و المشهد الملفت، فالهجرة إلى ما وراء البحار أصبح هو المنفذ للكثير من شبابنا المثقف، و أقرب مثال هو الكم الهائل من الكوادر الأعلامية التي وجدت في حقول زيتون إسبانيا من الرحمة مالم تجده في أروقة وزارة الأعلام ، ولم يقتصر نزيف الطاقات على الأعلاميين بل توسع ليشمل مجالات آخرى .
ـ أين البديل؟
نحن صحراويين الِفنا الحديث الذي يرافق جلسة الشاي فهو أفضل فرصة لتبادل الأفكار و الخوض في نقاشات تتعمق لتشمل كل المواضيع ، لكن يبقى أكثر موضوع يشغلنا هو احوالنا و تطورات القضية الوطنية ، و مما سبق ولمسته هو أنك عندما تتحدث إلى أحدهم عن القضية و القيادة و الفساد و قسوة الأنتظار .. قد تلتقي معه في العديد من النقاط و لكن عندما يصل الأمر إلى القيادة ... يتفجر في وجهك قائلاً نعم نعم .. لكن أين البديل ؟ سؤال بريء سوف يقودنا حتماً لسؤال أخر أقل براءة و هو من أين أتى الأصل ؟ من أين اتت هذه القيادة التي لا بديل لها ؟ هل بأرادة الشعب الصحراوي ، هل أتت عن طريق صناديق الأقتراع ؟ هل تمثل كافة أطياف الشعب الصحراوي ؟ الأجابة عن هذه الأسئلة لاتحتاج إلى دراسة لأنها أوضح من فساد القوم ، أما لمن يبحث عن البديل أقول ... إن الشعب الصحراوي قادر على قيادة مصيره و لديه من الرجال الكثير ممن يتوفرون على مقومات تؤهلهم لقيادة الشعب الصحراوي وحمل القضية على أعناقهم إلى بر الأمان و ليس كمن يحملونها اليوم في بطونهم لمكان نجهله جميعاً.
ـ مسلسل المحروقات
"لبريكة" و "السيتية" و "الزويرات" و "الدرك الوطني" و "المهربين" كل هذه العناصر شاركت في صنع دراما مسلسل المحروقات ، و إذا ما نظرنا إلى دور هذه المادة في حياة اللاجيئين الصحراويين سوف نجد أنها هي البورصة الرئيسية التي يتأثر بها الجميع فهي معيار للنقل و بذلك لسيارة الأجرة مما يجعل تأثيرها على حياة المواطن مباشر ، و بالمقابل نجد أن الأتجار فيها كان هو المخرج للكثير من الشباب حتى أن أكثر من نصف شباب ولاية العيون كانوا يعملون في مجال نقل المحروقات من تندوف إلى المخيمات ولا يخفى على أحد أن عائدات هذه المهنة كانت تخفف من معاناة المواطنيين ، لكــــــــــن كل هذا المسلسل هو جزء ثاني من هذه الدراما ، لأن جزئه الأول بطله وزير الدفاع الذي كان يغرق مدينة أزويرات بذهبه الأسود هذا و كان السباق لبيع المحروقات ، فمن منا لم يسمع و يرى "شوايل وزير الدفاع" أي الصهاريج التي لا يخلو منها الطريق الرابط بين مخيماتنا و مدينة المعادن ، و إذا اخذنا بعين الأعتبار هذه المعطيات سوف نتوصل إلى نتيجة أن الحملة التي قادها الرجل لم تكن ضد المهربين إنما كانت حملة قذرة لضرب منافسين في السوق .
ـ النقد.. حق أم مساومة
من العبث أن تزور المخيمات لمدة يومين و أنت ترتدي "دراعة" و تضع على عنقك "راية" و تتنقل من وليمة إلى آخرى وتحضر ندوات من إخراج القيادة و تعود في طائرتك التي لم تدفع ثمن تذكرتها من جيبك و تكتب أن المعارضة للقيادة لا تجوز لأنهم لم يخونو الامانة بعد ...! هل تنتظر إلى أن يتم ذلك حتى توجه سهام نقدك للقيادة ؟
لماذا لا تستوعب قيادتنا و جمهورها أن النقد هو رياضة صحية ، و الهدف منه ليس خدمة الأحتلال كما تدعي هذه الفئة إنما يهدف إلى تصحيح الأمور و تقويم الأعوجاج لأن من يخدم العدو هو من يظن نفسه ملاك لا يخطئ ابداً ، و إذا اعدنا الأستماع إلى شريط الشهيد الولي الذي أكد فيه أن تحول القيادة إلى حمل على ظهر القاعدة الشعبية و سقوطها في فخ التكسب و مراكمة الثروة حينها وجب علينا هزها نعم .. هزها ، و إلى أن تتوفر عوامل الهز تلك سوف نبقى ندعو الله لهم بالهداية ولنا بصبر.
و مما يدعو للخرية أن تواصل السيدة الأولى و وزيرة الثقافة تقديم دروسها عن القيم و الأخلاق النبيلة و المبادئ مع العلم أن هذه أبرز العناصر المفقودة في تسييرها لشوؤننا هي و زملائها في الحكومة ، و فاقد الشيء لا يعطيه.
بقلم : محمد سالم عبد الله

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر