الأحد، 3 نوفمبر 2013

من ابوجا هل نجحنا في ركوب الموجة؟


لحاجة في نفوس أكابر القوم عندنا ظلت الموجة موجهة باتجاه التنسقيات الأوربية، وما تقدمه من فتات إنساني، في وقت كانت فيه إفريقيا الرسمية والشعبية تشرع أبوابها في وجهي دبلوماسيتنا لتسرح وتمرح وتفعل ما تشاء داخل المجمع المدني الأفريقي، لكن دبلوماسيتنا ” المعمرة و المدمرة” قدر لها تاريخيا أن تجيد التسول في أوربا أكثر مما تجيد التوغل في أفريقيا، التي ظلت علاقاتنا فيها اوفقية على مستوى الأنظمة ولم تتجه يوما قبل إعلان ابوجا عموديا باتجاه الشعوب والتنظيمات المدنية
أتمنى أن لا يكون قد فاتنا القطار في إفريقيا ومواقفها، لقد ضيعنا الكثير من الوقت نتسول الدعم الأوربي،
مخطئ من يصدق تقارير الإدانة الأوربية ، فظاهرها إنساني تضامني وباطنها لعب ادوار بين مؤسسات الاتحاد ودوله لتبرير وتمرير استثمارها الرخيص في معاناتنا،
لقد تقزمت أحلامنا أمام الأوربي من تقرير المصير إلى مجرد تقرير عن الوضع العسير، وهذا ليس بجديد بل امتداد لأخطاء مخطط التسوية 1991 الذي حولنا من جبهة للتحرير إلى “جبهة للتقرير”
متى نمتلك الشجاعة لنرمي ببيانات التنديد في وجه الأوربي ونصرخ عاليا نريد مواقف شجاعة لا بيانات جوفاء نريد عائدات ثرواتنا لا صدقات المنظمات التي أفرقت القضية من جوهرها التحريري واختزلتها في المشهد الإنساني حينها أصبحنا غرض يرمى في يد عرابة هذا التوجه الأوربي اسبانيا التي تبخل علينا بالمواقف الرسمية و تشتري ودنا بفتات ما يسمى مشاريع الدعم الإنساني، لكن لا ضير فقد وجدت من يجاريها عندنا، نحن من حولنا ” الثورة إلى ثروة”
ينظر لنا في أوربا على أننا محمية بشرية تقصد للفرجة وللتجريب والتخريب، فيما يعتبروننا الأفارقة وصمت عار في جبينهم ما لم ننعم بحرية الوطن كغيرنا من شعوب القارة التي عانت كثيرا من الاستعمار والميز العنصري
ولأننا لا نملك رصيد ولا نجيد الاستثمار في المواقف السياسية المعلنة بقدر استثمارنا في بناء الدور والقصور من عائدات الدعم الإنساني, أفقنا من الغيبوبة متأخرين وصبحنا “نتهبز” كحاطب ليل، وبالكاد أدركنا انه آن الأوان لتوغل في أوساط تنظيمات المجتمع المدني العالمي وستشعرنا طفولتنا السياسية في العلاقات المبتورة مع الولايات المتحدة الامركية و التي كان يمكن أن تبدأ من زمن السيد بيكر الذي كان صدقا معنا
عندما يقدم أكبر بلد أفريقي تنوعا وكثافة سكانية “160 مليون” نسمة على احتضانك وتجنيد أفريقيا الرسمية والشعبية للدفاع عن حقك في الحرية والاستقلال وهو على عتبات مجلس الأمن ويتضمن ” إعلان ابوجا” الفريد آليات عملية لمحاربة الاستعمار لا قبل للمحتل المغربي بمواجهتها إن جسدت على ارض الواقع، يعني ذلك دق أخر مسمار في نعش الاستعمار المغربي ، الأمر هنا يتجاوز حدود البيانات الشكلية التي اعتاد الأوربيون تضمينها في تقاريرهم المعدة لحفظ ماء الوجه “إدانة الانتهاكات ونهب الثروات” إلى فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية ودبلوماسية كما حدث سابقا مع نظام الابرتايد في جنوب أفريقيا. وعجلت بنهايته
عندها يمكننا تصديق كلمة لطالما تشدق بها أصحاب ” ربطات العنق الفاخرة ” عندنا حتى سارة أضحوكة نتندر بها ” المغرب في عزلة…و القضية تتقدم”…
علينا أن نثمن الانتصارات التي صنعها لنا الغير ونعد أنفسنا لنكون في مستوى استعاب التحول الأفريقي والحفاظ عليه في منحنى تصاعدي مستقبلا
لغة التصعيد الإعلامي والدبلوماسي في السجال الأخير اعتبرها سحابة عابرة في سماء علاقات بلدين لها رصيد ممتد لسنوات طويلة في التجاذبات لها ما يبررها حسب الزمان والمكان والخطاب السائد
لكن طريق الألف ميل التي بدأت من نيجيريا بعثت بسهام حادة أصابت الاحتلال المغربي في مقتل، استشعر تنامي الخطر من أن ” ابوجا ” سيكون لها ما بعدها في ” كوطونو، البنين” العام القادم والحبل على الجرار
هذا التوجه الأفريقي الجديد يسد الطريق أمام أحلام ” المحتل المغربي” داخل أفريقيا بتجاوز سياسة المقعد الشاغر التي أدرك بإعاز من فرنسا أنها أدخلته في عزلة خانقة على المستوى الرسمي إقليميا وقاريا، عند ما ” أفهم” أن التغير يبدأ من الداخل
وأخيرا بدأنا نرى النور في نفقنا المظلم، لكن لا تتصوروا العدو بالغباء الذي يمكن أن تصفعه المقاومة السلمية في الداخل على خديه الأيمن ثم يدير لنا خده الأيسر لتصفعه أفريقيا دون أن يحرك ساكنا
جبهتنا الداخلية مستهدفة بالدعاية والتشويه، لدرجة تجاوزت حدود المتعارف عليه ومهما حاولنا من حصر محاور الاستهداف فلن نعدد منها سوى رأس جبل الجليد وما خفي كان أعظم، فبالتوازي مع شراء الذمم وتوريطنا في المخدرات والإرهاب وتسميم العلاقة مع الحليف، يعمل العدو على نشر ثقافة اليأس في نفوس الشباب وشحنه بالإحباط المزمن، وهنا تكمن الخطورة لان العدو في حساباته ينطلق من حقيقة يهودية طبقت في الصراع العربي الاسرائلي تقول ” لا تهزم عدوك فقط، بل حول الهزيمة إلى ثقافة يشعر معها انه لا آمل في النصر مجددا”
هذا الشعور يغذيه في واقعنا المعاش يوميا، وجود طبقة كادحة وأخرى” سائحة” متمسكة بأهداب السلطة في تجسيد ابدي لمقولة ” يا حبذا الإمارة ولو على الحجارة” تقف في وجه إرادة جيل يشكل نسبة 70 بالمئة من المجتمع لم تمنح له الفرصة ليقول كلمته، تحت جملة من العناوين الغير مبررة، يصبح الحديث عنها هنا اجترار للماضي وجلد للذات وتقليب للمواجع ليس في محله، لكن من باب التذكير لا التنفير
أدري أن من مثلنا في “ابوجا” يدرك أكثر من غيره حاجتنا إلى استثمار هدا الانتصار وعكسه على مستوى القواعد التي سئمت سماع خشبيات “دان ، ندد، استنكر” مصاحبة لصور ” أقتحم ،اغتصب، سحل” وأصبحت تتطلع ما بعد إعلان ابوجا إلى مرادفات أفريقية بامتياز من طراز ” قاطعت، سحبت رفضت،”
وإذا كانت نيجيريا البداية رجاء أن لا تتكرر مهزلة النشيد الوطني الذي سقط سهوا من أجندت المنظمين فردد خافتا باردا بصوت أخجل الحضور وأولهم الوفد الرسمي، أقول هذا مع تقديري الكبير لجهود الطرف صحراوي في إنجاح الندوة
تأسيسا على ما ورد في الإعلان الختامي فنحن بصدد ركوب موجة جديدة تبدأ من ” ابوجا” على طريق التضامن الإفريقي العمودي باتجاه الشعوب وتنظيماتها المدنية ورهاننا هنا على النقبات العمالية لأننا نروم تشكيل إجماع دولي قبل أن يكون أفريقي، يجرم الاحتلال دوليا ويشل حركته الاقتصادية ويضيق الخناق عليه من كل المنافذ وحشره في قفص الإدانة الدولية
نظريا يبدو الأمر في المتناول لكن المشهد بتعقيدات الجيو بوليتك أو الجغرافيا السياسية يتجاوز حدود وقدرة دول ” أفريقيا جنوب الصحراء”، فهو مرتبط بمصالح أوربا والدول الغربية المتنفذة في السياسة الدولية التي تقف وراء شركات نهب الثروات المعطلة لجهود الحل السلمي
هنا تطرح قوة التنظيمات المدنية والنقابية الأفريقية على المحك وقدرتها على تجنيد رأي عام أوربي بمقدوره مقاطعة السلع والشركات المتعاملة مع الاحتلال، إلى جانب الضغط على الحكومات، أو تكون سند قوي داعم للذين يقفون داخل البرلمان الأوربي ضد عدم تجديد اتفاقية الصيد مع المغرب،
كلنا يحذنا الأمل في تفعيل بنود إعلان ابوجا، فمن السخف تحويله إلى مساحة للظهور الإعلامي أمام الجماهير، علينا أن ندرك أن المحطة بداية والأمور بخواتمها، وليس من حق أي كان مهما على مقامه أن يستغل الموقف على انه نصر تحقق على يده، صحيح فتحتم الباب لكن الغرفة أمامكم مظلمة والتحدي الذي ينتظركم هو الوصول إلى الهدف بخطوات ثابتة ومدروسة
لا تدعوا الإعلان تأكله الرطوبة في أدراج سفارة “ابوجا” لقد منحتنا أفريقيا الرسمية والشعبية الضوء الأخضر للحركة، لكن تأكدوا أنها لن تكن ” ملك أكثر من الملك” إذا لم نلزم الأفارقة بتنفيذ الإعلان و نتحرك على محاور العواصم الستة الراعية لحركة التضامن الإفريقي، سنثبت لنظرائنا الأفارقة أننا نظام فاشل لا نستحق إقامت دولة، صحيح ستعزون الوسائل والرصيد والتقاليد لكن ” أن توقد شمعة خير من تبيت تلعن الظلام” وحتى لا نصبح في أعين الآخرين أمة ضحكت من جهلها الأمم
بقلم: الناجم لحميد

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر