الأربعاء، 20 فبراير 2013

نأسف لكوننا عاطفيين أكثر مما نحن واقعيين... ولكن!





لا أسمع، لا أرى، لا أتكلم، شعارات وصف بها ثلاث قرود وضعت على رؤوسهم قبعات الأمم المتحدة للتنديد بتحركاتها الخجولة تجاه الشعب الصحراوي بالرغم من أن التسوية الأممية تنص على مراقبة وقف إطلاق النار بين جبهة بوليساريو والمملكة المغربية والعمل على تنظيم استفتاء تقرير مصير الصحراء الغربية لا غير، وساهم الجميع في ذلك ضدا على اتفاقية التسوية بين جبهة بوليساريو والمملكة المغربية بمنطق العاطفة لا الواقعية التي تلزم بما هو منصوص عليه في مضمون ما تم التوقيع عليه من قبل طرفا نزاع الصحراء الغربية تحت إشراف الأمين العام السابق خافيير بيريس دي كويلار.
بمنطق العاطفة المعقلنة، وجب العودة لجوانب من تاريخ الإندفاع نحو رفض المنطق الواقعي في إطار التقييم من أجل التقويم ولو جزئيا لمنظورنا الفكري الذي انبنى أساسا على عاطفة الانتماء للوطن الجامع لكل قبائل الصحراء الغربية، إن لم نقل وقبائل البيظان أيضا إذا ما صح التعبير. تلك الواقعية التي أتت بمعاهدة تقسيم الصحراء الغربية هي التي فرضت على الصحراويين تصويب جام غضبهم على إسبانيا لخيانتها لهم، فلعنوها من منطلق العاطفة كحالة الشيخ أسويلم ولد عبد الله ولد أحمد ابراهيم رحمه الله الذي قال بالحرف حينها في جزر الكناري (يحرك بيها اسبانيا باعتنا يحرك بيها) رافضا هو ومن معه من الشيوخ الانتقال من وضعهم البشري (العاطفي) إلى وضعية أحد من القرود الثلاثة (الواقعيين) ليلتحقوا بصفوف الثورة نتيحة لإحساسهم بالغبن، فاندفعوا باسم قبائلهم نحو الوحدة الوطنية المنظمة (عاطفيا طبعا) تحت لواء الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب من أجل إسعاد كل أنثى تزينها ملحفة وإزار وتكريم كل ذكر يفتخر بدراعته ولثامه الأسود.
هي العاطفة إذن، التي شحذت الهمم حينها(القيادة والشعب) ودغدغت المشاعر باستمرار (الذكرية والأنثوية) فأرخت العنان للتحرك بحرية صوب تحقيق الهدف المنشود - الذي لا زال معلقا- بالخطط العاطفية البسيطة رغم تواضع وسائل الفعل الواقعية في زمن لم يكن العالم الآخر على دراية لا بالوجود الواقعي للشعب الصحراوي ولا سبيل له للاعتراف بتنظيمه السياسي- العسكري الجبهة الشعبية. ولأن العاطفة كانت حاضرة في كل عمليات مقاتلي جيش التحرير الشعبي وخطط القيادة السياسية الثورية فرض على الدول والأمم المتحدة الاستماع لمطالب الشعب الصحراوي لا المملكة المغربية وبلورتها وفق منظور ممثله الشرعي والوحيد المعول عليه في السير بسفينة الحرية نحو الطريق الآمان، بغض النظر عن اقتناع الأمين العام الأممي السابق -البيروفي المولد والمنشأ-بالمنظور الواقعي الذي لا يولي أهمية للدولة الصحراوية المستقلة، لأن المدرسة الواقعية وإن تعددت تياراتها تعتمد بالدرجة الأولى القوة كأساس لبناء الدولة ووجودها إلى جانب عناصر الاعتراف الكلاسيكية المتمثلة في الأرض والشعب والقيادة السياسية في الدرجة الثانية، وهو ما سار على نهجه مبعوث الأمين العام السابق الهولندي بيتر فان فالسوم حين اعتبر استقلال الصحراء الغربية غير واقعي اعتقادا منه أن مؤهلات قوة الدولة الصحراوية غير كافية لحماية المحيط الإقليمي من المخاطر الأمنية المحدقة بأوروبا وعلى رأسها الإرهاب والهجرة غير الشرعية، لكون جبهة بوليساريو لا تملك القدرة على تغطية مساحة الصحراء الغربية الشاسعة -وفق منظور المدرسة الواقعية دائما-، مستدلا بذلك على أن نسبة 20%فقط هي المجال الوحيد الذي تتحرك فيه جبهة بوليساريو مسقطا أحد العناصر الأساسية كلاسيكيا لوجود الدولة، ألا وهي البقعة الجغرافية بمجالها الجوي والبحري إلى جانب البري الذي يسيطر المغرب على نسبة 80% منه.
إن المنظور الواقعي الذي فرض شروطه وأساليبه على الشعب الصحراوي طيلة عقدين من خلال التعاطي والتنازل عن بعض الثوابت وإظهار المزيد من حسن النية، أدى بالمغرب لنهج سياسة الأفعى بدل النعامة التي كنا نضلل عقولنا بها ونوهم أنفسنا بما حققته من انتصارات وردية، بحيث بات واضحا أن تلك النعامة التي تخفي رأسها في الأرض وتحاول تغطية الشمس بالغربال هي مجرد وصفات تهديئية جعلت الشعب الصحراوي عامة ومثقفيه خصوصا، يتجرع سم الأفعى بوعي واقعي منهم وبدون وعي عاطفي منا، إلى ان وصل به الحد نخر حِسّنَا العاطفي وببطء في العمق وفي اتجاه تصعيدي يعمد إلى قتل ذكورة الشعب الصحراوي ونخوته وعزته وأنفته العاطفية المنطقية لإنسانيته التي منحه الله إياها.
ليس العيب في أن نستفيد من أخطائنا والوقوف عند علتها لتقويمها، لكن العيب في العار الذي قد ينجم عن اعتبارها خطوة نحو النصر سيرا على نهج المدرسة الواقعية غير المنطقية التي جلبت للشعب الصحراوي المعاناة المتلاحقة وتسعى لتشبعه بشروطها الاحتقارية، إذ يمكن استدراك ذلك من خلال استراتيجية حازمة لا تنفصل عنها خطط تكتيكية تعيد للشعب الصحراوي ثقته في قدراته المتواضعة التي رفعت من مكانته طيلة سنوات العاطفة العجاف في هذا العالم المترامي الأطراف والمتعدد المصالح (الواقعية)...
ببساطة، ليس بالعودة للكفاح المسلح في هذه الظرفية لأن في ذلك انتحار حتمي للشعب الصحراوي لكون الوضعيتين الإقليمية والدولية لا تسمحان بالمغامرة في هذا الاتجاه، وليس أيضا بوقف المفاوضات عبثا حتى لا يُضْرَبَ عرض الحائط ما حققته تلك السنوات الحافلة بالانتصارات الميدانية عسكريا وسياسيا، ولكن بالتخطيط المحكم المبني على أسس علمية وموضوعية تغوص في عمق حلقات التاريخ الوطني وفق منظومة إجرائية تلازم ردود فعل المغرب الفجائية على كافة المستويات، وبخاصة منها السياسة الخارجية والمجال الإعلامي لما لهما من أهمية متوازية في الفعل الذي يحدد ما إن كانت هناك قدرة على الشجاعة في التفاعل مع الفعل أم العكس، وبالتالي تحديدي الكيفيات التي يمكن بها الضغط على المنتظم الدولي تأسيسا على الفطرة العاطفية وبعيدا عن أي تشبع بالمنظور الواقعي، ولعل أبسط ما يمكن فعله هو تحريك الآلة الدبلوماسية والأجهزة التمثيلية في كل أرجاء تواجد علم الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وراية الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، ليس للتنديد والشجب بل بالحضور الفعلي في الساحات الميدانية الحكومية وغير الحكومية بغض النظر عن قابليتهم أو عدم قابليتهم لذلك، والتعبير عن المعاناة الحقيقية للشعب الصحراوي بعيدا عن الأوصاف النمطية والأحكام اليوتوبية في المنتديات والإعلام الدولي والعربي باستمرار دائم، شرط عدم التقليد أو استحضار أمثلة غير ذات صلة بمحطات كفاح الشعب الصحراوي التاريخية، على أساس أن يتم إبراز الحدث كما هو لا كما يراد له أن يكون، والوقوف عند مجرياته كما هي في الواقع لا أن يُلائم وفق تيارات المدرسة الواقعية التي تجعل الشعب الصحراوي في غرفة الإنعاش إلى ما شاء الله.
نأسف لكوننا عاطفيين أكثر مما نحن واقعيين...ولكن إذا ما شاهدتم بإمعان كيف تنتهك حرمات المرأة الصحراوية، ستدركون مليا أن لعبة الأفعى (سياسة المغرب) في سياقاتها المنفصلة قد حققت مبتغاها بواقعية يقايض بها مصير إخوانهن وأبنائهن اللائي عبرن عن استيائهن مما طالهم من أحكام عسكرية، إلى حد تجليه في المناظر المرفقة في الرابط أسفله. فاعذرونا لأننا نحاول أن ننبه البعض لجذور عاطفتنا الإنسانية التي ارتكز عليها كفاحنا المرير:
http://www.youtube.com/watch?v=jHf2bK3yT7I&feature=share
بقلم : مولاي أحمد

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

اربعون سنة من الشتات و تلاعب دول الجوار بنا ! و في أخر المطاف ظهر عيب قيادتنا و اصبحت عالة هرمة مصابة بتخمر فكري ولم تعد ترى الا حلا ً واحد وهو البقاء في سناء رابوني تندوف !مثل ماوقع للفلسطنيين مشردين في دول الشرق الاوسط ! لا كرامة لهم و لا حقوق ! خذ العبرة
مصائب قوم عند قوم فوائد !! الكل مستفيد من خيراتنا و مصائبنا ؛ الصديق مرتاح لوضعنا !!! الجار مستفاد من الصدقة التي تهب لنا !!! و العدو ينهب في خيراتنا وقيادتنا تشاركهم في اللعبة الوسخة !!! و لا من متكلم ؟ الى متى هذا الصمت.........يا أبناء الساكٌية الا يكفي !!!! تلاعباً بنا مند أربعينة سنة و نهايتها اصبحت في سناء رابوني تندوف

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر