لقد كان ما حدث للثورة بعد إستشهاد الولي شيء رهيب.. لقد أصيبت حيوية السلطة في الثورة، بعده، بنوع من الركود الرهيب، أو تصلب الشرايين المبكر. جعلت الدم لايتجدد في الدماغ عند الرأس وداخله. فبإسم مطلب سيطرة التنظيم، سيطرت القيادة، وتحت شعار الديمقراطية المركزية، ديمقراطية التنظيم، إستطاعت القيادة أن تملك نواصي الأمور. فقد كانت تختار مرشحي التنظيم إبتداءا من الخلايا واللجان الشعبية في الدوائر، إلى المكتب السياسي والحكومة... هكذا ساد نظام يتسم بالجمود. رفضته مجموعة من المناضلين الأوائل، كنت من بينهم، تم وضعهم على الهامش، أو تصفيتهم أو إتهامهم بالإندساس وتعرضهم للإختفاء القسري في دهاليز سجن الرشيد الرهيب... إن هذه السيطرة لمجموعة قليلة من الأفراد على السلطة في الثورة أدى إلى ظهور رأي داخل التنظيم، لكنه رأي محسوس دون أن تكون له القدرة على فرض إرادته. لهذا كانت مختلف إجتماعات التنظيم السياسي على مختلف مستوياتها تبدأ بالإستماع إلى الراي، رأي الشارع. وأصبح الراي عنوانا في كل التقارير الأمنية والسياسية والتنظيمية... هذا الرأي هو شيء يشبه القلق والتذمر في دوائر التنظيم. لكن القرار يبقى في النهاية بيد القيادة، والقيادة مصرة على التمسك بالقمة، وليس هنناك سبيل إلى تغييرها إلا بالموت أو المؤامرة. المؤامرة لاتصلح لنا بحكم ظروف الثورة واللجوء والقلة العددية. ويكفينا ما كلفتنا مؤامرة الصراع على السلطة سنة 1988. والموت بيد الله...
فالملفت للنظر أن قيادتنا هي مجموعة أفراد لم تتغير منذ أكثرمن ثلاثين سنة.. وإن تبدلت فرتوش للتجميل ليس إلا. فمحمد عبد العزيز، أصبح بعد موت ملك المغرب،والقذافي أقدم رئيس في شمال غرب إفريقيا، بل أقدم رئيس في العالم. فكيف تريدون من ثورة لم يتجدد الدم في دماغها وداخل راسها، طيلة اكثر من ثلاثين سنة، أن لاتصاب بالشلل...؟ وهكذا تحولت المسؤولية بعد الولي، من تكليف إلى تشريف. فكل واحد من القيادة له خيمة في المخيم. ولكن المسؤولية لها مسكن رسمي في الربوني مكيف الهواء.. المسؤولية لها سائق، وطباخ وحاشية، المسؤولية لها سيارات وتليفونات وتيليفيزيونات ملونة وفيديو وبارابوليك وخدم... المسؤولية لها دوشات ساخنة وتشرب الشاي على ماء أسعيدة او بئر لعواتك. المسؤولية لها طعام فاخر ومقاعد في مدارس بالخارج. المسؤولية لها تسهيلات لجوازات السفر والفيزا ومبالغ من العملة الصعبة. وزيارات للعلاج واستجمام بالخارج..
ومن الذي يستطيع بالطبيعة البشرية، غير العبقري الولي، أن يترك هذه الإمتيازات التي توفرها المسؤولية ويذهب للنضال والإستشهاد.. وإنها لصعبة إلا على المناضلين والوطنيين المخلصين... وإنها لكبيرة إلا على الذين هدى الله.
بقلم المحجوب السالك.
الأربعاء، 22 أغسطس 2012
الاكثر تصفح خلال الاسبوع
-
الجزء الاول زيارة المتحف الوطني للمقاومة بالشهيد الحافظ شيئ ممتع ومفيد، لكن الكتابة والتحقيق عته امر صعب وشاق, ذلك ان الموضوع يتعلق ب...
-
في استفسار وردنا من رئيس جمعية ابصار الخير للمعاقين بالصحراء الغربية جاء فيه : بعد التحية و الا حترام ايها الا خوة الرفاق المناضلين و الا...
-
قام يوم الجمعة 28 مارس/آذار بشرايا حمودي بيون عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو وممثلها بإسبانيا، برفقة فاطمة محمد سالم الممثل الج...
-
بدعوة من مدرسة موسكو للتربية المدنية يشارك ممثل جبهة البوليساريو في روسيا الدكتور علي سالم محمد فاضل في ورشات العمل العلمية، التي تنظمها...
-
شعور بالاسى والحسرة إنتاب المواطن الصحراوي وهو يتابع وعلى المباشر حفل افتتاح الالعاب الاولمبية بلندن والذي شاركت فيه 204 دولة في غياب بارز ل...
-
تمر اليوم اربعة و أربعون سنة على انتفاضة 17 يونيو1970 بحي الزملة وسط مدينة العيون - الحدث الذي يعتبر نقطة تحول "مفصلية" في تار...
-
تعيش ولاية السمارة هذه الايام حالة عطش غير مسبوقة منذ بداية الصيف وتعود اسباب الازمة الى عطل اصاب أنابيب نقل المياه الى الخزان الخاص بال...
-
تتوجه أنظار العرب والألمان إلى البرازيل يوم الاثنين حيث تقام مباراة حاسمة للمرور إلى الدور الربع نهائي بين الجزائر وألمانيا. فهل ينجح ثع...
-
ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة التي يطرح فيها سؤال جوهري يتعلق بالذاكرة الجماعية للشعب الصحراوي، هذه الذاكرة التي يفترض ان تكون ملك ...
-
انطلقت بولاية السمارة بمخيمات اللاجئين الصحراويين حملة نظافة واسعة تهدف الى تطهير المحيط من الاوساخ ووقاية المواطنين من الامراض. الحملة ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق