
في البداية نشكر موقع المثقف الصحراوي على هذه الاستضافة. اولا اتحفظ على كلمة "ثوار الامة الصحراوية" لاننا جميعا ثوار بحكم اننا لازلنا في مشوار التحرر عن الاحتلال المغربي. لكن يمكن ان نقول ان هناك مجموعة من الشباب الصحراوي كان لها الفضل في إحداث نقلة نوعية وإحداث حراك سلمي في الساحة السياسية بغرض اسداء النصح للنظام الحاكم في الجبهة بما يخدم القضية الوطنية الصحراوية. اما عن الاولويات فاعتقد بانه طالما ان هناك خلل في طرق تسيير الدولة الصحراوية وطالما لم يسارع النظام الى اصلاح هذا الخلل فان اولويات مشروع اصلاح مسار الثورة الصحراوية او مايمكن ان نسميه بانقاذ مكتسبات الشعب الصحراوي لازالت قائمة. لكن في كل مرة تفرض الظروف تغيير الاساليب المتبعة من اجل اتمام عملية الاصلاح التي اصبحت ضرورة اكثر مما هي خيار
نجاح تجربة المستقبل الصحراوي باعتبارها اول مجلة صحراوية مستقة تأسست عام 1999 يعود بالاساس الى اسلوب العمل الجماعي لهيئة التحرير التي اخذت على عاتقها تحدي كل الصعاب وعلى رأسها صعوبة تقبل اي وسيلة اعلامية خارج الاطار الرسمي. حيث ان هناك من يشككون في نوايا اي وسيلة اعلامية مستقلة يصل احيانا الى غاية التشكيك في اهدافها وحتى في وطنية القائمين عليها، وهذا التشكيك هو من قبل اناس اعطوا لانفسهم شرعية خاصة تسمح لهم بتحديد المناضل من غير المناضل، ولكن الحمد لله ان اصحاب هذا الرأي اصيبوا بخيبة أمل بعد ان اصبح الاعلام المستقل أمر واقع، خاصة بعد ان اصبح له متابعيه في القاعدة الشعبية. وفي اعتقادي ان النظرة الشمولية المترسبة لدى بعض ممن هم في دائرة صناعة القرار هي التي رسمت ذلك. والعامل الأخر الذي كان وراء هذا النجاح هو هامش الحرية التي يتمتع بها الاعلام المستقبل مقارنة بالاعلام العمومي او الاعلام الرسمي. فالاعلام المستقتل وبعكس النظرة السائدة هو مكمل للاعلام الرسميوليس بديلا او منافسا له، ولاننسى ان الاعلام الرسمي له حدود معروفة اضافة الى عدم قدرته على التحرك في الوقت المناسب والسرعة المناسبة بسبب الاملاءات الفوقية، وظهر هذا جليا في سرعة الرد على الاكاذيب التي تروج لها الآلة الدعائية المغربية. بعد محاولتها تسريب وثيقة مزورة للتشويش على المؤتمر الشعبي العام الثالث عشر وكان الفضل للمستقبل الصحراوي في الرد على هذه الوثيقة وتكذيبها، ونفس القضية تكررت مع الوثيقة المزعومة لاعضاء الامانة الوطنية بالمناطق المحتلة والتي تم الترويج لها بغرض النيل من سمعة المناضلين بالمناطق المحتلة. وكان الرد وبالدليل القاطع بمجلة المستقبل الصحراوي. ونتأسف انه في القضية الاخيرة كان هناك رد من قبل رئاسة الجمهورية رغم انه من غير المنطقي ان تقوم الرئاسة بالرد على جريدة اليكترونية مخابراتية مغربية، وهنا تبرز اهمية وجود إعلام مستقل بامكانه الرد في الوقت المناسب على الاكاذيب المغربية دون ان يسبب ذلك اي حرج للهيئات العليا في الدولة الصحراوية.
ينضاف الى هذا تغطية الاحداث الوطنية ومنها انتفاضة الداخلة في نهاية العام 2011 وغيرها من المحطات النضالية. والهدف من كل هذا هو محاولة وضع الصورة بشكلها الكامل امام المواطن الصحراوي دون الخضوع لاي رقابة قد تحذف ماتراه غير مناسب من وجهة نظرها خدمة لاغراض سياسية معينة، وهو ما قد يسبب ارتباك لدى المواطن الصحراوي. وخير دليل هو الارتباك الذي حصل في الاخبار المتعلقة بقضية اختطاف المتعاونين الاجانب من مخيمات اللاجئين الصحراويين نهاية العام 2011 وماخلفته من تضارب في الاراء بين الرسمي وغير الرسمي اضافة الى اكاذيب الدعاية المغربية لذا كان على الاعلام الصحراوي المستقل ان يتحرك من اجل تنوير الرأي العام ووضعه في الصورة الصحيحة حول حقيقة القضية.
القضية يمكن النظر لها من زاوية بعيدة عن صراع الثقافة والسياسة اي من زاوية ان هناك ضرورية يفرضها التطور الطبيعي للمجتمع الصحراوي، ففي منتصف السبعينات حدث هناك تطور نوعي بمؤتمر عين بنتيلي عندما سلم قدماء المجتمع الصحراوي المشعل للجيل الجديد، بينما الآن نرى ان نفس جيل الشباب "سابقا" لازال يرفض تسليم المشعل للاجيال اللاحقة، ونتائج هذا ستكون وخيمة على مستقبل الشعب الصحراوي، لانه من غير المعقول ان نفس الجيل الذي اسس الثورة والدولة قبل اكثر من 37 سنة لازال هو المهيمن على كل مفاصل الفعل السياسي. بمبررات عدة. لكن لا احد يفكر في انعكاسات ذلك مستقبلا. لذا كان من الواجب تنوير الرأي العام الصحراوي بهذه القضية التي قد لانرى انعكاساتها السلبية في الامد القريب. والتركيز هنا يكون على اساس ابراز ان القضية هي قضية شعب بعيدا عن حسابات القيادة السياسية التي قد تدفعها في بعض الاحيان "انانيتها" الى تقديم مصالحها الشخصية على حساب المصلحة العامة.
الى جانب أنك صحفيا وكاتبا فانت كذلك ناشطا فيسبوكيا بامتياز . هل تعتقد أن الصحراويين إكتشفوا "الدور المذهل" الذي قد تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في التعريف بقضيتهم؟
لعب القيسبوك دورا كبيرا في الثورات التي شهدها العالم العربي وارى ان الشعب الصحراوي لم يستفد بما فيه الكفاية من ثورة المعلومات وهذا راجع لعدة اسباب. منها توظيف العدو لاموال ضخمة من اجل دعم حضوره على شبكة الانترنت ونشره لاكاذيبه باعتبار ان شبكة الانترنت هي الوسيلة الاسرع تطورا بالمقارنة مع وسائل الاعلام الكلاسيكية. اضافة الى ان السلطات الرسمية الصحراوية لم تولي اي اهتمام لهذا القطاع وكل المبادرات الموجودة على شبكة الانترنت إما انها مبادرات شخصية او جماعية لكنها بعيدة عن اي اطار الرسمية
نظامنا وللاسف لازال بعيد عن الاصلاح وعندما نقول انه بعيد عن الاصلاح فهذا يعني ان الباب سيبقى مشروعا امام المفسدين الذين يعتبر الاصلاح اكبر عدو لهم. وكان هناك امل في اصلاح النظام في المؤتمر الاخير لكن خيبة الامل كانت كبيرة خاصة بعد اجهاض عملية الاصلاح من قبل الرئيس الذي وقف حجر عثرة امام اي اصلاح للنظام. وفي اعتقادي ان مبرر الاستثناء الذي يرفعه النظام في وجه دعات الاصلاح كان عليه ان يرفع نفس المبرر امام حماة الفساد، واذا كان البعض يقول للمصلحين لما لاتتركوا افكاركم الاصلاحية الى مابعد الاستقلال على هؤلاء كذلك ان يقولوا للمتسببين في الفساد انه عليهم ترك الفساد او على الاقل التقليل منه الى مابعد الاستقلال. وبالتالي الاصلاح والفساد متلازمتان، واعتقد انه من المنطقي بالنسبة لخصوصية الحالة الصحراوية ان نطالب رموز الفساد بالكف عن فسادهم قبل كيل التهم ونشر الاشاعات ضد دعات الاصلاح
الفساد المستشري في النظام الحاكم اصبح حديث العام والخاص وعندما تستمع الى احاديث المواطنين في الندوات او المؤتمرات او حتى في الجولات الرئاسية التي يراد منها دائما امتصاص الغضب الجماهيري نرى ان كل المتدخلين يجمعون على وجود فساد في المؤسسات الصحراوية وبالتالي علينا ان نسأل : هل نصدق النظام ام نصدق القاعدة الشعبية
قضية اصلاح البوليساريو ستبقى مطروحة مادام الفساد موجود في مفاصل التنظيم السياسي، لان البوليساريو كحركة تحرير اكبر من ان يتم اختزالها في شخص او اشخاص، اما عمن سيفرض الاصلاح ففي اعتقادي ان الاصلاح يفرض من جهتين اما جهة داخلية او خارجية وفي حالة استحالة الاصلاح الداخلي فالباب يبقى مفتوحا لتدخل قوى خارجية لفرض الاصلاح داخل الدولة الصحراوية.
النظام السياسي في البوليساريو قائم على اساس نظام المؤتمرات الشعبية والمؤتمرات الشعبية وبالرجوع الى التجربة الليبية يستحيل اجراء اي تغيير من داخلها، وهذا بسبب السلطات المطلقة للزعيم التي لاتختلف في شيء عن سلطات الملك. وبالتالي من اجل اتمام عملية الاصلاح يجب إعادة النظر في النظام السياسي، هذا ان كانت هناك نية في اصلاح النظام الصحراوي، لان الطريقة التي تسير بها المؤسسات لاتبشر بالخير خاصة لمستقبل الاجيال القادمة التي قد تطر الى اعادة تأسيس نظام سياسي من نقطة الصفر خاصة بعد ان نتفاجأ بان نظام الشخص الواحد يتنافى مع المعايير الديمقراطية
هناك صورة مغلوطة عن المعارض في البيئة الصحراوية . فالمعارض يتم تقديمه من قبل النظام الحاكم بانه شخص ضد الدولة والقضية وكأن القيادة هي الدولة وهي القضية. وبالتالي لايتم النظر الى الوجه الآخر من الصورة وهي ان المعارضة مسألة ايجابية هدفها ارشاد النظام الحاكم إلى الطريق الصحيح وانتقاد عثراته من اجل تفاديها مستقبلا. لكن للاسف ان القيادة الصحراوية لازالت وبسبب عزلة المخيمات عن العالم الخارجي تتصرف وكأنها مجموعة من الملائكة معصومة من الاخطاء الادمية. وهذا مايتناقض مع مسيرتهم في الساحتين الداخلية والخارجية. اما عن قضية خصوصية المجتمع الصحراوي ففي اعتقادي هو عذر اقبح من ذنب لان مستقبل الدول يجب ان يبنى على اساس المؤسسات لاعلى الاشخاص، بعيدا عن الفكرة البالية والسائدة لدى الغالبية والتي مفادها ان هذه القيادة هي القيادة المناسبة وانه لايوجد اي بديل لها في الساحة السياسية الداخلية. نذكر هنا ان الشعب الصحراوي استطاع ان يضمن استمرار كفاحه النضالي رغم فقدانه لاعز ابنائه وعلى رأسهم الفقيد بصيري والشهيد الولي
اولا كلمة البولياسريو لاتعني القيادة السياسية لوحدها وهذا خطأ شائع لدى كثيرين لان البوليساريو اذا كانت تعني القيادة السياسة الحالية فعلينا الترحم عليها بعد عقدين او ثلاثة، اما اذا كانت تعني كل المؤمنين بعدالة القضية الصحراوية فهذا يعني انها لن تنتهي الا بابادة الشعب الصحراوي. اي انه لايمكن اعتبار القيادة هي البوليساريو لانه حينها لاندري كيف سنصنف انفسنا. والانجازات التي تحدثت عنها انجزها كل الصحراويين، واذا مارجعنا الى التاريخ سنرى ان المواطن العادي كان له الفضل في تلك الانجازات اكثر من القيادي.
مشكلة تشخيص الانجازات وحتى محاولة تزوير التاريخ الصحراوي الحديث وتقديمه للمواطن بصورة انتقائية هي السبب في هذا اللبس الحاصل في تعريف البوليساريو. لان البوليساريو تعني الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب، وتحقيق هذا الهدف غير مرتبط لابمحمد ولابزيد ولا بعمر. لانه هدف كل الصحراويين من دون استثناء
موقع اليوتوب مثله مثل الفيسبوك وتويتر وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي هو فضاء من اجل التعبير عن مختلف الافكار السياسية والثقافية وغيرها . وغالبا ماتلجأ الناس الى هذه الوسائل بعد انسداد الافق امامها، وبما ان وسائل اعلام الجبهة لاتسمح لاي كان بانتقاد القيادة والتعبير عن رّأيه بطريقة ديمقراطية كان لابد للمواطن العادي ان يبحث عن وسيلة للتعبير عن رأيه والكثيرون وجدوا في الانترنت خاصة موقع اليوتوب ضالتهم. وقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل ملفت تزامنا مع المؤتمر الثالث عشر للجبهة ويمكن ان تعود هذه الظاهرة في اي وقت، ولو ان الحصار الاعلامي الذي فرض على المؤتمر جاء خوفا من الحرج الذي سببته ثورة اليوتوب. لان التعبير عن طريق اليوتوب هو رسالة مفادها ان النظام اذا كان باستطاعته ان يمنع المواطنين من التعبير داخل المخيمات او في الندوات او الملتقيات فان المواطن وعن طريق اليوتوب يمكن ان يوصل صوته الى قارات العالم في ظرف وجيز وهو ماسيزيد من احراج النظام الصحراوي
فكرة اعتماد ممثلين الى جانب البوليساريو ليست بالجديدة وشخصيا اعارض وجود اي ممثل الى جانب البوليساريو لان ذلك سيؤدي الى اضعاف الطرف الصحراوي وسيكون المستفيد الاول هو المحتل المغربي . لكن استمرار الفساد داخل النظام الصحراوي ورفضه للاعتراف بالرأي الأخر داخل الجبهة، "والرأي الأخر داخل الجبهة هو الرأي الذي يخالف النظام في سياساته وافكاره واستراتيجياته لكنه يتحد معه فيما يتعلق بثوابت القضية الوطنية" ، وتقاعسه عن الاصلاح وانعدام الافق في المستقبل كل ذلك قد يشجع البعض على الخروج عن النظام الذي اصبحت تساورنا شكوك في مواقفه من القضية.
لان نظامنا الحاكم قام بتقسيم ثروات الشعب الصحراوي دون استشارة احد. ووقع على وقف اطلاق النار دون ان يستشير احد، واعلن انه سيقبل بنتيجه اي استفتاء حتى ولو كانت النتيجة الانضمام الى المحتل المغربي دون ان يستشير اي كان في ذلك.
وهذا التفرد بمصير الشعب الصحراوي دون الرجوع الى الانسان الصحراوي الذي هو مصدر القرار الاول والاخير قد تكون له انعكاسات وخيمة على مستقبل الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي.
ولكن علينا جميعا كقيادة وكمعارضة ان نحتكم الى العقل بعيدا عن الحسابات الضيقة وان نتذكر ان اكبر انجاز حققه الشعب الصحراوي في مساره النضالي كان اعلان الوحدة الوطنية التي من واجبنا جمبعا الحفاظ عليها وعلى تماسكها وعدم القبول بوجود اي طرف الى جانب الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي
0 التعليقات:
إرسال تعليق