الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

... ام بحجم امة ،اميمينة منت احميدة....

كانت تجاعيد العمر،وانحناء الظهر وحرقة البشرة،ووهن العظم،والنحافة البادية على جسدها، ينبئك قبل ان تسال بحجم التضحيات والمجهودات التي بذلتها في خدمة شعبها،وانت تسير بخطا متعثرة بين اكوام الطوب المتناثرة في حي 2 من دائرة المحبس،لتلتقي بهذه الجوهرة النادرة ،التي افحمتها سنين العمر ،وصعوبة الظروف وتلاحق نكبات الدهر في تناسي تام،ومخزي لمن وهبت لهم حياتها ردحا من الزمن،وفي عز عطائها،كنت اسير لاداء واجب ،الصلة والاطمئنان،على انسانة لطالما احتلت جزا كبيرا من ذ اكرة الطفولة ،فجئة يلوح في خاطري ودون سابق انذار ،مجموعة من صور الصباء وايام الطفولة تتشكل وتترابط خيوطها ، لتظهر كفيلم وثائقي تفننت المزارة في اخراجه بارجاعنا الى،ايام الحبو الاولى وخطانا المترنحة في معترك هذه الحياة،كانت الجبهة في اوج عطائها ،حيث الانتصارات في جبهات القتال المتتالية ،تعطي القوة وارادة الحياة ،لمن هم في الخلف من القاعدة الشعبية،وتمنحهم التشجيع في بناء المؤسسات،والاستثمار في العنصر البشري،في ا لتاطير والتنظيم،من خلايا ولجان وعراف،كانت ميمونة منت احميدة احد العارفات المكدة والمخلصة والمجدة في عملها،كانت مكلفة بلجنة التربية ،هي مدركة بحجم الامانة الملقاة على عاتقها،فهي موكلة بتربية النشء ،رجال الغد،وخزان الشعب،وذخيرة المشروع الوطني،والضامن لاسترجاع حق شعبنا،في الكرامة والحرية والعيش الكريم،كانت تعلم ان هذا الجيل هو من سوف يتكفل بارجاع اللاجئات،وكفكفت دموع الثكالة،والارامل،والايتام،جيل العلم والمعرفة ،جيل الرقي والازدهار بالفكر،مفعم بحب الوطن والحرص على تنميته ورفاهيته،وتنقيته من شوائب الجهل والامية،وما يعلق من ترسبات ،المحسوبية ،والفساد والاتكال والنهب والقمع والدكترة،على حساب الشعب،كانت تتجول بين الخيم لتوقظ الاطفال للمدرسة وتحمل من لم يستطع او تكاعس،وتسهر على ضمان حضورهم الى ،نظام المراجعة الذي يقام بالمناوبة بين خيم التلاميذ،كانت امي من المحظوظات بالتعليم والكتابة،فقد كانت كاتبة لها ،وكانت تحرص ميمونة على تغذيتي وحملي وتحزمني على ظهرهالاسكاتي ،لكي تضمن لامي صفاء ذهنا ،واسترخاء بالها لتقوم ،بالكتابة وتدوين الملاحظات،من غياب للافراد عن المهرجانات،وحالة المرض،والمعوزين من من يجب الاعتناء بهم،اذكرها جيدا بكل تفاصيلها تلك الايام والليالي الطوال التي تبقى معنا ،وهي تاركة ورائها ابنائها واحفادها يواجهون صعوبات الحياة اليومية ،وهم الاربع حفظهم الله لها،تمر كل هذه السنين وتتقاعد اميمينة وتنزوي بجسدها الخائر في خيمتها المتواضعة انيسها الحديث عن الانجازات ومراحل الثورة الفتية التي كانة ايقونتها في دائرة المحبس،تكبر الاجيال ،وتصبح خريجين واكاديمين،واساتذة وموظفين،امهات واباء،تجار ومسؤولين،دون ان يلتفت احدا لتقيم مجهوداتها الجبارة،صحيح ان هذا الرصيد من الخريجين هو اكبر تقيم وتثمين لانها لم تخيب امالها،لكن التقيم الاخلاقي يجب ان ياتي منا ،كانسانة وهبت حياتها ،للاجيال وحان لهم ان يخلدوها في سجل الخالدين في حياتها وقبل مماتها،اطال الله في عمر اميمينة منت احميدة ،وجزاها الله عنا كل خير،فقد كانت بحق ام بحجم امة، تخلى عنها الرفاق فهل يتذكرها الحال
بقلم: مجيدي عبد الصمد

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر