الأحد، 21 يوليو 2013

رمضانيات القيادة: وقفة مع تاريخ منسي؟ أم إجترار للتاريخ من أجل الإبتزاز و المصالح الضيقة



أيها القارئ الصحراوي الصائم، نثلج صدرك ضمن سلسلة جديدة نسلط الضوء فيها على عمل القيادة الذي يكاد يكون معدوما خاصة مع دخول الصيف و رمضان وهما أفضل فصول القيادة في السياحة و التجارة و قضاء أمتع الأوقات مع عائلاتهم في أوروبا و الخارج بعيدا عن تحمل أمانة الشعب و الوفاء لروح الشهداء.
وقد إستوقفنا في التغيير يوم السبت الذي خصصته أمانة الفروع برأسة أمينها العام البشير مصطفى السيد لما أسماه " وقفة تذكر"، تحت شعار"دماء شهدائنا رقيب اعمالنا"، المنعقدة بوزارة الثقافة الصحراوية التي لا تقبل أن يعقد إجتماع في مقر سواها، و إن كان لنزلاء قاعة الثقافة ما يبرر حضورهم ظاهريا بحجة قاعتها المكيفة في حر الصيف، و هنا يطرح السؤال نفسه : أين قاعة الفروع و لما لا يخصص لكل وزارة قاعة محاضرات مكيفة؟.
هذه الوقفة التي نقلت تفاصيلها وسائل إعلام مستقلة، عنونتها بوقفة تذكر مع التاريخ، نبه فيها البشير أن يوم 20 يوليو 1972 معطى تاريخي منسي، إجتمع فيه مجموعة من الشباب الصحراوي بمدينة الطنطان، رفقة الشهيد الولي و لم يذكر من كان في ذلك الإجتماع الذي نقش فيه كيفية إعلان الثورة في الساقية الحمراء و واد الذهب، و إلى هنا قد لا يستغرب القارئ الحدث، لكن الإستغراب يطرح نفسه في غياب القيادة عن حدث مثل هذا، و يتجدد الإستغراب إذا ما شاهدت قائمة المحاضرين الذين خصصوا محاضراتهم لفكر الشهيد الولي، وكأن البشير مصطفى السيد كما خلصت أكثر الأراء يريد أن يظهر في ثوب جديد ظاهره رمز للتغيير و باطنه الإبتزاز السياسي المعهود، وإجترار التاريخ في قضية تعزز اللإنتماء القبيلي و المصالح الضيقة و أثارها السلبية.
كلنا يعي تماما أهمية التاريخ الوطني و الحاجة إلى رسمه و مدى الحساسية التي تحيط بما أصبح يعرف بكتابة التاريخ، هذه الحساسية لا تنصرف إلى حدث بعينه أو تاريخ يجب الإعتراف به بعيدا عن النفي أو الجحدان، و الدولة مطالبة بإتخاذ كافة التدابير للتجاوب مع كتابة التاريخ و حفظه من مصادره و أعينه الحية،و ليس من منظار العين العوراء، التي لن تبخل في توظيفه لخدمة أغراض منافية للمصالح العليا للشعب.
إن القيادة التي لها تاريخ مشين في محاولة كتابة التاريخ و كتابة أبرز الأحداث الوطنية بروح الصدق و الحياد و طابع الحقيقة، ما يطرح مشاكل خطيرة أمام كتابة التاريخ الصافي، كتابة ينقسم حولها إتجاهات القيادة إنقساما شديدا ما بين مكذب و رافض لأحداث و ما بين مثبت بشكل مطلق لتلك الأحداث واصفا غيرها من الروايات بالعنصرية و القبلية، و ما بين متحفظ يصنف أكثر الأحداث التاريخية في إطار الصراع السياسي داخل النظام و الذي لم يتورع عن توظيف كل تاريخ يهمه في هذا الصراع، فضلا عن أصوات شعبية و أخرى مغيبة ترى في جانب هذه القضية طمس لتاريخ شعب عصي على النسيان.
و المهم هنا ليس إقرار أو مساندة أو رفض تاريخ بعينه ضد أخر، ذلك أننا كصحراويين نمر بلحظات حساسة من تطورنا السياسي و التاريخي و الإجتماعي، و أمام هذا الوعي الذي يدفع بقوة الشلال الهائل إلى كتابة التاريخ الذي قد يكون هاما لكنه خطير بنفس القدر و يثير من الخوف المشروع ضعف ما يثير من الفرح المشروع، ما لم يشرك الشعب في كتابة تاريخيه الصحيح.
و إذا كانت قضية التاريخ قضية ذات بعد وطني عام، على الدولة وتمشيا مع منطق دولة الحق والقانون أن تفتح هذا الملف أمام أطراف وطنية عديدة وليس أمام الطرف الحكومي فقط، و استحداث آلية جديدة أهم من كل القطاعات تسمح لكل المعنيين بالمصلحة الوطنية بالمشاركة في كتابة التاريخ، وقبل هذا وبعده لابد من وضع هذه الآلية تحت الوصاية الفعلية للشعب و موروثه التاريخي من أصحابه و كل شاهد عليه، لكتابته كتابة سليمة وليس أي جهة أخرى، ضمن مسعى وطني عام يروم التعجيل، بهذا تعالج هذه المسألة الحيوية والهامة والحساسة في نطاق رسمي ومجتمعي وقانوني واضح، بعيدا عن الارتهان لمناطق الظل، والمصالح الخاصة و السطحية والمؤقتة، فحقيقة النفس الواحدة كالأنفس الكثيرة في الإسلام كما في الصحراء الغربية، لكن التوظيف السياسي، والأجندات التدميرية لدى البعض ممن أصبحت السلطة تعيره سمعها واهتمامها، هي ماسيحاول استثمار فوضى التاريخ إلى أقصى حد ممكن لتعظيم أرباحه وتخسيرالوطن.
والمهم هنا يا صناع القرار أن تعالج الأحداث بحس ننية و حزم ورشد وعدل ورحمة، وبناء المستقبل جنبا إلى جنب وليس تلهيب قضايا ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر