الأربعاء، 10 يوليو 2013

الى محمد بابا فال ولد ممدو

في برهة من الزمن وبينما الناس تثبت عيونها على مشاهدة التلفزيون الموريتاني الشقيق ، تفاجأنا ببرنامج الفضاء الثقافي وهو يستضيف السيد محمد بابا فال ولد ممدو ، فاجأنا هذا الأخير بخرجات مذهلة لتشويه الكثير من الحقائق تخص القضية الصحراوية ، بل ومزجها بالكثير من “الكذب الأحمر ” والذي قد يكبر السماء بقليل ، وهو يسترسل في تزوير المعلومات حول النزاع الذي زج به الصحراويون والموريتانيون في حقبة مظلمة من تاريخ الاشقاء.
فالحديث عن الحروب حديث قد يتجاوز الموضوعية إذا ما عالجناه بعاطفة السذج ، في حين ان قراءة التاريخ أمر يستدعي التعقل والحكمة وتمحيص الأشياء ، لكنه يستدعي أيضا الصدق والصفاء والذي لم يكن من شيمة السيد محمد بابا فال ولد ممدو في مقابلته .
ان الحرب يا سيدي الفاضل زمن مقتطع من معاناة شعبينا الشقيقين ، لكنها أيضا جرح لا يجب علينا النبش فيه اليوم ، والغوص في الحديث بتلذذ عن صفحة محزنة طويناها نحن وانتم وليس من مصلحة احد اذكاءها والضغط على الذاكرة المتعبة للشعبين لاجترار الماضي الحزين.
فتاريخ الاسر وان كان الاسوأ في تلك الحقبة ،فانه لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يقفز على نفسه ، ومهما كانت سيكولوجية الاسير وما عاناه ،فانه عليه ايضا ان يكون موضوعيا على الاقل كي يصدقه الاخرون .
لقد انكر السيد ولد ممدو وجود اسرى صحراويين عند موريتانيا اثناء تلك الحرب التي شكل فيها هذا البلد الشقيق الحلقة الاضعف وكبش فداء لظلم وتوسع الاحتلال المغربي ، فهل يعلم السيد ولد ممدو ان عدد الاسرى الصحراويين انذاك قد تجاوز الخمسمائة أسير صحراوي ؟ وهل بإمكاننا اليوم نبش جرح الأسرى الصحراويين كي “يدموا” قلوب الصحراويين والموريتانيين من منطلق ان ما يفرحهم وما يبكيهم واحد ؟ أو تريدنا أن نطلب من ذاكرة الاسرى الصحراويين في سجون موريتانيا ان تتذكر ما عانوه من تعذيب وهم الذين يحجمون عن سرد تلك المرحلة حتى لأبنائهم ، حتى لا يتركون لسكاكين الاشقاء ان تغور في الجسد من جديد ؟، إنها طريقة رائعة ادعوك للتعلم منها لتجاوز عقد الماضي وجراحه .
لأنه بتجنيك على شعب بأكمله ، يعطيك فرصة مجانية او مدفوعة لخدمة اجندة خاصة تتحول بك من اسير حرب الى أسير دعاية رخيصة ، وبهذا لا يصدقك احد حتى في أقسى لحظات الجموع التماسيحية وأنت تختار فصلا من تراجيديا الأحزان عندما ” كبللت ” في ابنتك الصغيرة واستفقت على وهم إطلاق سراحك ، سبحان الله هل يتجرأ احد على قتل قيم الاخوة والدين ليمثل وبشكل مخجل على قناة موريتانيا الرسمية وفي فضاء ثقافي لا يمت للسياسة و لا للحرب بصلة ،ونحن كما اسلفت نعمل على دفن الماضي وتجاوز جراحه حتى لا نبصق على اسوار مستقبل شعبينا الشقيقين ، وهنا أؤكد انه ليس من مصلحة قناة رسمية خدمة اغراض دنيئة لا تخدم مصلحة موريتانيا التي وقعت اتفاق سلام مع البوليساريو عام 1978 ، ومهما يكن موضوع الحلقة ومناقشة لمذكرات الرئيس محمد خونا ولد هيدالة ، فانه من الاهمية بمكان القول ان الرئيس ولد هيدالة كان رجلا صادقا مع نفسه ومع التاريخ ، كما أن الشعب الصحراوي بثقله التاريخي والسياسي هو حقيقة لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها ، وان الانحياز لرؤيا المخزن المغربي التوسعية لن يخدم مصالح موريتانيا الشقيقة ،والتي لا تزال في نظر التوسعيين المغاربة لقمة طرية وكيانا لا يستحق الحياة ، بل وجزء يجب استعادته كلما ساءت احوال طقس السياسة او تلبدت سماء البلد بغيوم الخلاف او سوء التفاهم.

بقلم: محمود خطري.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

الاكثر تصفح خلال الاسبوع

 
Design by التغيير - | صوت التعبير الحر